سأل الصبح عن أخيه المفدّى
أيّها الصبح لن تشاهد سعدا
غيّب الدّهر من سيوف نعدّ
مشرفيّا حمى وزان معدّا
كلّما عارضوا الصّوارم فيه
كان امضى شبا و أصفى فرندا
حاسنوا غرّة الصباح بسعد
فعلمنا أيّ الصباحين أهدى
طلعة تفرح العيون و تسبيها
و تغزو القلوب كبرا و مجدا
و حديث كأنّه قطع الروض
تنوّعن أقحوانا و وردا ....
بدعة الظرف و الأناقة يرضيك
دعابا عفا و يرضيك جدّا
تنهل العين من بشاشة سعد
ريّها و العيون تروى و تصدى
الحضارات في شمائل سعد
إذا سمته الهوان تبدّى
مترف في رجولة و اعتداد
راع زيّا و راع وجها و قدّا
زعم الخصم أنّه مستبد
حبّذا الحكم عادلا مستبدّا
إنّ شرّ الأمور ظلم الجماهير
و أهون بالظلم إن كان فردا
من كسعد و للشباب هواه
قدرة تتعب الخيال و زهدا
يا صفيّ الأحزان تسقي البرايا
كأسها مرّة و تسقيك شهدا
رضيت نفسك الهموم رفيقا
اريحيّا على الشدائد جلدا
بورك الهمّ عبقريّا جوادا
لا كهمّ أعطى قليلا و أكدى
قل لمن يحسد العظيم ترفّق
إنّ خلف الأمجاد همّا و سهدا
من كسعد الملاحم جنّت
و تلقّى حدّ من الهول حدّا
و على راية الشام كميّ
يقحم الدرعين أشقر نهدا
هتكوا حرمة العرين فهاجوا
أسدا دامي البراثن وردا
حشدوا جندهم و أقبل سعد
يحشد البأس و العقيدة جندا
ضاحك الثغر و الضحى مكفهرّ
روّعوه قصفا و برقا و رعدا
و التقينا لا و إيمان سعد
ما تحدّوا بالموت إلاّ تحدّى
ضرب الظلم ضربة رنّحته
فتداعى مزمجرا فتردّى
زعموا أنّه جلاء و ما كان
جلاء بل كان خزيا و طردا
ما على العبد أن يسوّد عار
بدعة العار أن ترى الحرّ عبدا
من كسعد و للنديّ احتدام
جمرة الحرب عنفوانا و وقدا
حمم كالجحيم مستعرات
ردّها حلمه سلاما و بردا
ما حملت الجراح داء ملحّا
بل حملت الجراح غدرا و صدّا
حزّ في قلبك الوفيّ صديق
صار في الندوة الخصيم الألدّا
من يهزّ النديّ بعدك بالخطبة
عصماء تحشد البأس حشدا
ملهم حاضر البديهة تغريه
بأحلى ممّا اصطفى و أعدّا
مترف الفكر و البيان غنيّ
بالآلي يصوغ عقدا فعقدا
يجمع الحقّ و البيان على الخصم
فلمّا تملّك الأمر شدّا
يطعن الطّعنة العفيفة لا
تدمي و لكنّه أباد و أردى
برّأ الله قلب سعد من الحقد
وفاء للكبرياء و حمدا
خدع الحقد أهله فهو ذلّ
نكّروا وجهه و سمّوه حقدا
و بنات الصدور يتعبها الذ
لّ خفاء عن العيون و وأدا
و القويّ النبيل يحنو على الدنيا
و يسمو بها وفاء و ودّا
حنّت الغوطة الرؤوم لسعد
و رواح له عليها و مغدى
طالما باكر الرياحين فيها
و سقاها الندى حنينا و وجدا
و شكى همّه فيا لك شكوى
نوّرت في الرّبى أقاحا و رندا
قال لي و الرّبيع غاف على الزّهر
يذيع الأحلام عطرا و ندّا
و الغروب النديّان في الغوطة المعطار
يحنو على الظلال فتندى
و قطيع من الشياه و رعيان
و أغنّية ترقّ فتردى
ما أحبّ الحياة في غوطة الشام
و أفجع الموت هجرا و فقدا
أيّ ورد للحسن تشتفّه عيني
و يبقى بقدرة الله وردا ..
هل رأت هذه الخمائل فبلي
من رآها عينا و ثغرا و خدّا
هي عندي شمائل و عطور
و قلوب تهوى و دلّ يفدّى
أعشق الحسن دوحة و غديرا
و بيانا سمحا و فجرا مندّى
ما رأى السقم قبل سعد حنانا
و حياء من السّقام و رفدا
كبقايا السيف اطمأنّت إلى الجفن
و راحت تبلى الهويني و تصدا
روعة الشمس في الغروب و لا أعشق
للشمس عنفوانا و رأدا
رنّح الشعر و الكريم طروب
ذكر سعد لا يبعد الله سعدا
و حدونا به المعاني فحنّت
حنّة العيس بالأغاريد تحدى
ما لسعد في الموت يزداد قربا
من فؤادي ما ازداد هجرا و بعدا
و إذا رفّ طيفه في خيالي
رفّ ريحانة من الله تهدى
أنت في خاطري و عيني و قلبي
و على الهجر لا أرى منك بدّا
صور لو ينال من حسنها النّور
لكانت بنور عينيّ تفدى
و أصون الطيوف بين جفوني
لو تطيق الجفون للطّيف ردّا
و أنا الصاحب الوفيّ فما خنت
حبيبا و لا تناسيت عهدا
لم يرعك الزّمان في حالتيه
و تحدّيته و عيدا و وعدل
ما وفيناك بعض حقّك فاعذر
إنّ عذر الكريم أسمى و أجدى
إنّ دين العظيم في كلّ شعب
لا يوفّى و حقّه لا يؤدّى ...
شغل الناس بالعظيم و أرضوا
نزوات النفوس هدما و نقدا
حسدوه على المزايا فكان الـ
موت بين الأهواء و الحقّ حدّا
إنّ من ينكرونه و هو حيّ
ربّما ألهوه رمزا و لحدا
عيّروا بالمشيب إخواني الصيد
سفاها و هل عن الشيب معدى
أيّ لوم على الكهول و خاضوا
غمرات العلى شبولا و أسدا
ما لأبنائنا تجنّوا علينا
و غفرنا ما كان سهوا و عمدا
أنكرونا على المشيب كأنّا
لم نكن قبلهم غرانيق مردا
حاسبونا على هنات المعالي
ثمّ غالوا بها حسابا و عدّا
نحن روّادكم طلعنا الثنايا
و زحمنا الصعاب غورا و نجدا
و بنينا لكم و نعلم أنّا
لن نملّى به بقاء و خلدا
أيّها النازل المقيم تعهّد
بالرضى و الحنان ركبا مجدّا
قل لشكري العظيم أشرقت في
السدّة يمنا و كبرياء و رشدا
يا أبا الدّولة الفتيّة تبنيها
و يلقى الباني عناء و جهدا
إن حضنت استقلالها و هو في
المهد فما اختار غير نعماك مهدا
لا تخف عثرة عليه و وهنا
بلغ الطفل في حماك الأشدّا
يا وريث الشموس من عبد شمس
ملكوا العالمين روما و هندا
بفتوح هنّ الملوك من العزّ
و بعض الفتوح غرثى عبدّى
أسلم القدس من يحجّ إلى القدس
و يتلو الإنجيل وردا فوردا
إن يناموا عنها نبّه الثأر
على الغوطتين أروع نجدا
مدن القدس كالعذارى سبوها
و أرادوا لكلّ عذراء وغدا
كالسّبايا لطمن خدّا و مزّقن
شفوف الحرير بردا فبردا
ضجّ سوق الرقيق في ندوة القوم
و نخّاسه طغى و استبدّا
يعرضون الشعوب عرض الجواري
عرّيت للعيون نحرا و نهدا
غيرة الله ! أين قومي و عهدي
بهم ينهدون للشرّ نهدا
نعشق القدّ للعوالي و أحببنا
لهنديّة الصوارم هندا
و دفنّا الكنوز يوم دفنّا
في ثراها الآباء جدّا فجدّا
رضي الله عن أخ لك كالسيف
المحلّى يروع نضلا و غمدا
أين سعد ؟ و لا ألوم اللّيالي
و هب الدّهر غاليا و استردّا
أيّ بدع إذا بكيت لسعد
إن بكى السيف حدّه ما تعدّى
لو رأى هذه الدّموع الغوالي
لبكى رحمة وحيّا و فدّى
غاب سعد عن العيون و ما
غاب ضياء يهدي القلوب فتهدى
ثورة في الحياة و الموت جلّت
ثورة الحقّ أن تقرّ و تهدأ