قصيدة ثكل الأمومة - بدوي الجبل

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • قصيدة ثكل الأمومة - بدوي الجبل

    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	images (1).jpg 
مشاهدات:	2 
الحجم:	8.9 كيلوبايت 
الهوية:	123079
    ما للمنيّة أدعوها و تبتعد

    أمرّ من كل حتف بعض ما أجد

    ظمآن أشهد ورد الموت عن كثب

    و الواردون أحبّائي و لا أرد

    علّلت بالصبر أحزاني فيا لأسى

    بالجمر من نفحات الجمر يبترد

    دعوت خدنيّ من دمع و من جلد

    فأسعف الدمع لكن خانني الجلد

    أصبحت أعزل و الهيجاء دائرة

    لا السيف ردّ الأذى عنّي و لا الزرد

    أردّ رشق الظبى عن مهجتي بيد

    و تمسح الدمع من نزف الجراح يد

    أبا جميل سلام الله لا كتب

    إليك تحمل أشواقي و لا برد

    و العبقريّ غريب في مواطنه

    يدور حيث يدور الحقد و الحسد

    و حاملين رسالات مقدّسة

    توحّدوا بالجهاد السمح و انفردوا

    مشتّتين بعصف الرّيح و لا وطن

    يلمّ أشتات بلواهم و لا بلد

    معارك الحقّ من أجسادهم مزق

    على ثراها و من مرّانهم قصد

    و ربّ شاك فساد العصر يظلمه

    لم يفسد العصر لكن أهله فسدوا

    أذاكر لي على صيداء هانئة

    من الزّمان عليها نعمة ودد

    يمشي بك المجد في أفياء وارفة

    من الأمانيّ لا تلوي بما تعد

    فيها صباك عطور عبقريّة

    و لي شباب طريف العمر متّئد

    و نحن بين الدّروب الحاليات يد

    تضمّها في ظلال البرتقال يد

    و أستعيدك شعري حين تنشده

    حتّى يقوّم في إنشاده الأود

    حبّ أبوك تولاّه و دلّله

    و راح يكرم الإرث الوالد الولد

    يا مبدع السحر إلاّ أنّه كلم

    و ساقي الرأي إلاّ أنّه شهد

    يا ناقدا ، حبّه يملي فرائده

    حتّى ليندى حنانا حين ينتقد

    يا مانح النّور من تاهت دروبهم

    و مانح الحبّ و الغفران من حقدوا

    يفنى المزوّر من مجد و من خدعت

    به الشعوب و تبقى أنت و الأبد

    لن يعدم القبر لا ريّا و لا عبقا

    فلي جفون نديّات و لي كبد

    أحنو على دمك المطلول ألثمه

    أزكى من الورد ما جادت به الورد

    دماء قلبك إيمان و غالية

    فليس ينكرها بدر و لا أحد

    دماء قلبك ما من قطرة نزفت

    إلاّ تمنّت سناها نجمة تقد

    يا من نحبّ و لولا الحبّ لا لعس

    و لا لمى عبق السقيا و لا غيد

    سهرت في زحمة الجلّى و مزّقني

    أنّي شهدتهم أغفوا و ما سهدوا

    و في ضناي و في أحزاني ازدلفوا

    يحرّضون عليّ الدّهر و اتحدوا

    حتى بكت محنتي من ظلمهم و غدت

    بالدّمع تنهش من قلبي و تزدرد

    أمّاه ، دمعك تبكي من مواجعه

    شمّ البواذخ و الأفلاك ترتعد

    أمّاه لم يبق لي روح فأغدقه

    على أساك و لا دمع و لا كبد

    تطوف عينك في الزوار سائلة

    عن الحبيب الذي ولّى و تفتقد

    و طاف ثكلك في عدن فهل سألت

    مساحب النّور أين النّور و الرّغد

    ثكل الأمومة في التسعين حين بكى

    عند الملائك في جنّانهم سجدوا

    ثكل الأمومة عند الله حرمته

    كحرمة الحقّ لا ستر و لا بعد

    ثكل الأمومة عند الله فاتحة

    من الكتاب و إيمان و معتقد

    ثكل الأمومة حفّ الأنبياء به

    يهدهدون من الآلام و احتشدوا

    يدعو فتفتح أبوا ب السماء له

    و يمسح الدمعتين الواحد الأحد

    و أنت أمّ جميل أيّ نازلة

    لم تبق رفدا لحزن جاء يرتفد

    ما قبل يومك يوم رحت أشهده

    له لواء على الأحزان منعقد

    لبنان أين ربيع كنت أيكته

    يبكي الرّبيع إذا جافى و يفتقد

    لا الشمّ كالعهد فيه لهفة و قرى

    على النسور و لا الأمواج و الزبد

    لا الأرز بعد نوانا مائس عطر

    و لا الغصون عليها الطائر الغرد

    جيرانك الأنجم الزهراء عاتبة

    و كلّ نجم حزين ثاكل حرد

    يطلّ فيك دم للنور بعد دم

    و لا حماة و لا ثأر و لا قود

    لي فيك شعر رواه العطر فازدحمت

    منك السّفوح على ريّاه و النجد

    لبنان فيك قبور للسّيوف حمى

    هان ففي كلّ قبر صارم فرد

    تألّقوا في سماء المجد ما خمدت

    رغم العواصف ذكراهم و ما خمدوا

    حتّى إذا ضفرت غارا لمفرقهم

    أنامل الخلد زان الخلد من خلدوا

    أبا جميل .. و قربى بيننا اتّصلت

    إلى الجنان .. فدان و هو مبتعد

    عدنان عندك في النعمى و لي كبد

    عليه بالجمر و الأحزان يتّقد

    أحبابنا في جنان الله قد نعموا

    لقد شقينا بهم لكنّهم سعدوا

    هشّوا إلى ابن أخيهم و هو بينهم

    بحاليات صباه كوكب يقد

    يا للنجوم قديمات السنى نزلت

    على قراها نجوم طلّع جدد

    حمّلت عدنان أطياب الحنين فهل

    أدّى أمانة ما أشكو و ما أجد

    لم أرثه و هو روحي فارقت جسدي

    و كيف يبكي و يرثي روحه الجسد

    ألمّ بالقبر أغليه و ألثمه

    و حولي الساخران : الغيب و الأبد

    أحبّتي كلّما غامت طيوفهم

    هتفت : لا تبتعدوا عنّي و قد بعدوا

    روح الشهيد كنور الله ما همدت

    لبث قليلا الظلاّم قد همدوا

    حرب على الكفر و الطغيان يضرمها

    رأي على الحجّة الزّهراء يعتمد

    رموك غدرا و لو صالوا مجابهة

    لمزّق الصائدين الضيغم الحرد

    سلاحك النّور و الإسلام وحدهما

    و منهما العون عند الفتح و المدد

    رسالة من أبي الزهراء خالدة

    عديدك الفاتح المنصور و العدد

    حتّى إذا انهزمت شتّى فلولهم

    و مرّغ الجبن زهو الحقّ و الصيد

    أشرفت و الدم شمس – راح يحجبها

    بكفّه و يواري وجهها الرّمد

    لا يخدعنّك زهو الظالمين و إن

    تاهت على الفلك الأبراج و العمد

    ثلاثة لهوان الدّهر قد خلقوا

    ألظالمون و عير الحيّ و الوتد

    تكبّر الحقّ أن تلقاه مضطهدا

    ألظلم في عنفوان الظلم مضطهد

    شمائل الصّيد من قومي معطّرة

    بمترف الحق لا غالوا و لا جحدوا

    سمحاء لم تدر تهريجا و لا عقدا

    فكيف شوّهها التهريج و العقد

    تنكرّوا لقديم المجد و هو ضحى

    يؤذي العيون و لا يؤذي الضحى الرمد

    خطوبهم لا خطوب الدّهر ضاربة

    على العروبة إن حلّوا و إن عقدوا

    ألهانئون بسلم لا حماة له

    فداء من زحموا الجلّى و من نهدوا

    القدس سيناء لحد هبّ منتفضا

    به الكمأة و خيل الحقّ تطّرد

    و رمل سيناء لحد هبّ منتفضا

    بكلّ من سقطوا غدرا و ما لحدوا

    يصيح ألف صدى في الرّمل منتظرا

    أن يستثير الصحارى فارس نجد

    أرى الأذلاّء و الهيجاء ساخرة

    توعّدوا بالوغى لكنّهم وعدوا

    ردّ الأباة على الطغيان غارته

    و لم يسلّموا ظبى لكنّهم حقدوا

    و كيف أرضى بقوم ألّهوا صنما

    و كفّروه و ذمّوا بعد أن حمدوا

    حتى إذا راع قصف الرّعد من سمعوا

    و راع برق الدّجى أحلام من شهدوا

    تكشّف النقع عن أشلاء طاغية

    و راح يخطر في غاباته الأسد

    أبا جميل أناجي فيك حالية

    من الشمائل أغليها و أفتقد

    تحوّلت أفقا غير الذي عرفوا

    و أنجما في الدّجى غير التي رصدوا

    فسلّم الفلك الأسمى على فلك

    فيه الكواكب و الأسحار و الرأد

    هذي السماء كتاب من شتيت رؤى

    فكلّ نجم بها رأى و معتقد

    لي عالم يغمر الدنيا و تغمره

    و عالم عطر الأسرار منفرد

    تخفّ روحي لحاقا في حتوفكم

    و يحكم القدر العاتي فتتّئد

    ألعيش بعدكم لغو فلا طرب

    فيه و لا أمل هان و لا كمد

    فيا شقاء فتى آماله رجعت

    لأمسه و انطوى يوم و مات غد
يعمل...
X