جدري
Variola / Smallpox - Variole
الجدري
الجدري variola (smallpox) يعرف باسم الجدري الكبير variola major، أو الجدري الحقيقي variola vera وهو مرض خمجي وبائي اندفاعي معدٍ سببه فيروسة جدرية، من نوع الدنا DNA، وهي كبيرة الحجم وتتكاثر داخل الخلايا ولا تتأثر بالحرارة المحيطية ولا بالتجميد، كما أنها تقاوم الجفاف وبعض العوامل الكيمياوية.
لمحة تاريخية
عرف الجدري منذ القديم، ووصفه أعلام الطب اليونانيون والعرب. لكنهم خلطوا بينه وبين الأمراض الجلدية ذات الاندفاعات الحمامية والبثرية المتعممة. غير أن الطبيب العربي أبا بكر محمد بن زكريا الرازي
(251-313هـ/865-925م) كان أول من فرق بين الجدري والحصبة[ر]، وميزهما، ووصفهما وصفاً دقيقاً في كتابه الشهير «كتاب في الجدري والحصبة».
والجدري مشهور بعدواه الشديدة، وخطورته الكبيرة، وكان، حتى عهد قريب، يهدد الناس جميعاً، في جميع أنحاء العالم، لذا كان يخضع لرقابة دولية صارمة لمنع انتقاله بوساطة المسافرين، براً أو بحراً أو جواً، من أماكن استيطانه في جنوب شرقي آسيا، إلى شتى أصقاع العالم.
وقد قضي على الجدري، في الوقت الحاضر، قضاء مبرماً. وآخر جائحة وبائية ظهرت له في العالم كله كانت في الصومال عام 1977. وآخر حالة أخبر عنها كانت في المملكة المتحدة، في برمنغهام، عام 1978، ولكنها كانت حادثة مخبرية فقط.
وفي عام 1980 أعلنت ثلاث وعشرون هيئة صحية عالمية استئصال الجدري من العالم كله.
كذلك أعلنت منظمة الصحة العالمية انقراضه التام، وألغت القيود التي كانت تفرضها بوجوب التلقيح الإجباري ضد الجدري، وصار هذا المرض المخيف من الأمراض التاريخية.
غير أنه من الضروري أن يشار إليه، باختصار، لتمييز اندفاعاته الجلدية الحويصلية من الاندفاعات المشابهة، وخاصة الحماق[ر] المتعمم، والأمراض الحويصلية أو الفقاعية الأخرى.
المظاهر السريرية
يمر الجدري بطور حضانة خفي يقدر باثني عشر يوماً، لا يشعر خلالها المصاب به بأي عرض، ثم تظهر، فجاءة، الأعراض والعلامات السريرية الآتية: توعك شديد وصداع وعرواء وترفع حروري (قد يبلغ 40 ْ) وآلام قطنية وإقياء (في بعض الحالات).
وبعد ثلاثة أيام أو أربعة، تتحسن الحالة السريرية، وتهبط الحرارة إلى37ْ، ويرافق ذلك، فجاءة، وبهجمة واحدة، اندفاع جلدي غزير جداً يعم البدن كله.
يتألف هذا الاندفاع من لطاخات حمر، تتحول بسرعة إلى حطاطات papules ثم إلى حويصلات تغطي الوجه والجذع والأطراف، بما في ذلك راحة الكفين وأخمص القدمين (وهذه علامة هامة في التشخيص التفريقي لتمييز الجدري من الحماق).
وبعد خمسة أيام من ظهور الاندفاع الجلدي، تتحول الحويصلات إلى بثرات مسررة وصفية تطغى على اللحف والأغشية المخاطية كلها، بلا استثناء، ثم تجف البثرات وتتحول إلى جلبات crusts سمر (قشور سمر)، تدوم ما يقارب الشهر، ثم تتساقط مخلفة ندبات عميقة ودائمة، وأهمها ندبات الوجه المعيبة.
المضاعفات
كانت مضاعفات الجدري، فيما مضى، مهمة جداً وخطيرة، غير أنها صارت، بفضل الصادات والعناية الصحية، نادرة وتاريخية.
من هذه المضاعفات ما هي جلدية مخاطية سطحية كالتقيحات الجلدية الواسعة وخراجات الحلق والتهابات القرنية والملتحمة وتقيح العين واضمحلالها (العمى التام). ومنها ما هي حشوية عميقة كخمج الدم والتهاب الرئة والقصبات والتهاب العظام والنقي والتهاب المفاصل والتهاب العضلة القلبية والتهاب الكبد والتهاب الكلية والتهاب الخصية والتهاب السحايا والتهاب الدماغ.
التشخيص
يتحرى عن الفيروس في البثرات أو الجلبات (القشور) الجلدية أو في المفرزات الأنفية والبلعومية، بالمجهر الإلكتروني، في المختبرات المختصة، كما يمكن زرع الفيروس على الأغشية الحية.
المعالجة
لا يوجد علاج نوعي للجدري، غير أن الصادات المختلفة تفيد كثيراً في معالجة التقيحات الجلدية، وفي الوقاية من حدوث المضاعفات العامة الخطيرة.
كما يمكن استعمال الغاماغلوبولين ومضادات الفيروسات الحديثة (مشتقات التيوسيميكاربازون thiosemicarbazone).
الوقاية
يتوقى من هذا المرض الشديد العدوى، باللقاح المضاد للجدري الذي كان إجبارياً، حتى عام 1980 وكانت تطبقه كل دول العالم، وكان ملزماً للناس جميعاً، صغاراً وكباراً، مقيمين في أوطانهم، أو مسافرين خارجها.
عبد الكريم شحادة
Variola / Smallpox - Variole
الجدري
الجدري variola (smallpox) يعرف باسم الجدري الكبير variola major، أو الجدري الحقيقي variola vera وهو مرض خمجي وبائي اندفاعي معدٍ سببه فيروسة جدرية، من نوع الدنا DNA، وهي كبيرة الحجم وتتكاثر داخل الخلايا ولا تتأثر بالحرارة المحيطية ولا بالتجميد، كما أنها تقاوم الجفاف وبعض العوامل الكيمياوية.
لمحة تاريخية
(251-313هـ/865-925م) كان أول من فرق بين الجدري والحصبة[ر]، وميزهما، ووصفهما وصفاً دقيقاً في كتابه الشهير «كتاب في الجدري والحصبة».
والجدري مشهور بعدواه الشديدة، وخطورته الكبيرة، وكان، حتى عهد قريب، يهدد الناس جميعاً، في جميع أنحاء العالم، لذا كان يخضع لرقابة دولية صارمة لمنع انتقاله بوساطة المسافرين، براً أو بحراً أو جواً، من أماكن استيطانه في جنوب شرقي آسيا، إلى شتى أصقاع العالم.
وقد قضي على الجدري، في الوقت الحاضر، قضاء مبرماً. وآخر جائحة وبائية ظهرت له في العالم كله كانت في الصومال عام 1977. وآخر حالة أخبر عنها كانت في المملكة المتحدة، في برمنغهام، عام 1978، ولكنها كانت حادثة مخبرية فقط.
وفي عام 1980 أعلنت ثلاث وعشرون هيئة صحية عالمية استئصال الجدري من العالم كله.
كذلك أعلنت منظمة الصحة العالمية انقراضه التام، وألغت القيود التي كانت تفرضها بوجوب التلقيح الإجباري ضد الجدري، وصار هذا المرض المخيف من الأمراض التاريخية.
غير أنه من الضروري أن يشار إليه، باختصار، لتمييز اندفاعاته الجلدية الحويصلية من الاندفاعات المشابهة، وخاصة الحماق[ر] المتعمم، والأمراض الحويصلية أو الفقاعية الأخرى.
المظاهر السريرية
يمر الجدري بطور حضانة خفي يقدر باثني عشر يوماً، لا يشعر خلالها المصاب به بأي عرض، ثم تظهر، فجاءة، الأعراض والعلامات السريرية الآتية: توعك شديد وصداع وعرواء وترفع حروري (قد يبلغ 40 ْ) وآلام قطنية وإقياء (في بعض الحالات).
وبعد ثلاثة أيام أو أربعة، تتحسن الحالة السريرية، وتهبط الحرارة إلى37ْ، ويرافق ذلك، فجاءة، وبهجمة واحدة، اندفاع جلدي غزير جداً يعم البدن كله.
يتألف هذا الاندفاع من لطاخات حمر، تتحول بسرعة إلى حطاطات papules ثم إلى حويصلات تغطي الوجه والجذع والأطراف، بما في ذلك راحة الكفين وأخمص القدمين (وهذه علامة هامة في التشخيص التفريقي لتمييز الجدري من الحماق).
وبعد خمسة أيام من ظهور الاندفاع الجلدي، تتحول الحويصلات إلى بثرات مسررة وصفية تطغى على اللحف والأغشية المخاطية كلها، بلا استثناء، ثم تجف البثرات وتتحول إلى جلبات crusts سمر (قشور سمر)، تدوم ما يقارب الشهر، ثم تتساقط مخلفة ندبات عميقة ودائمة، وأهمها ندبات الوجه المعيبة.
المضاعفات
كانت مضاعفات الجدري، فيما مضى، مهمة جداً وخطيرة، غير أنها صارت، بفضل الصادات والعناية الصحية، نادرة وتاريخية.
من هذه المضاعفات ما هي جلدية مخاطية سطحية كالتقيحات الجلدية الواسعة وخراجات الحلق والتهابات القرنية والملتحمة وتقيح العين واضمحلالها (العمى التام). ومنها ما هي حشوية عميقة كخمج الدم والتهاب الرئة والقصبات والتهاب العظام والنقي والتهاب المفاصل والتهاب العضلة القلبية والتهاب الكبد والتهاب الكلية والتهاب الخصية والتهاب السحايا والتهاب الدماغ.
التشخيص
يتحرى عن الفيروس في البثرات أو الجلبات (القشور) الجلدية أو في المفرزات الأنفية والبلعومية، بالمجهر الإلكتروني، في المختبرات المختصة، كما يمكن زرع الفيروس على الأغشية الحية.
المعالجة
لا يوجد علاج نوعي للجدري، غير أن الصادات المختلفة تفيد كثيراً في معالجة التقيحات الجلدية، وفي الوقاية من حدوث المضاعفات العامة الخطيرة.
كما يمكن استعمال الغاماغلوبولين ومضادات الفيروسات الحديثة (مشتقات التيوسيميكاربازون thiosemicarbazone).
الوقاية
يتوقى من هذا المرض الشديد العدوى، باللقاح المضاد للجدري الذي كان إجبارياً، حتى عام 1980 وكانت تطبقه كل دول العالم، وكان ملزماً للناس جميعاً، صغاراً وكباراً، مقيمين في أوطانهم، أو مسافرين خارجها.
عبد الكريم شحادة