جيد (اندريه)
Gide (André-) - Gide (André-)
جيد (أندريه ـ)
(1869ـ1951)
أندريه جيد André Gide كاتب فرنسي، ولد وتوفي في باريس. كان والده رجل قانون بروتستنتي المذهب، وأمه كاثوليكية. بدأ نشاطه الأدبي بنشره في عام 1891 «دفاتر أندريه والتر» Cahiers d’André Walter، ثم «دراسة حول نرسيس» Traité du Narcisse متبنياً موقف المدرسة الرمزية[ر] في نهاية القرن التاسع عشر، إذ كان جيد أحد أولئك الشباب مع فاليري[ر] وكلوديل[ر]، المتطلعين لأن يكونوا كتاباً وفنانين، وكانوا أكثر تأثراً بأبحاث مالارميه[ر] الفنية منهم بأناتول فرانس[ر] في أوج شهرته.
يرتبط تميز جيد بنشره كتيّب «الأغذية الأرضية» (1897) Les Nourritures terrestres بعد «المحاولة العاشقة» (1893) La Tentative amoureuse، و«سِباخ» (1895) Paludes، الذي كتب فيه: «لا يكفيني أن أقرأ أن رمال الشواطئ ناعمة، أريد أن تحس قدماي العاريتان ذلك. وكل معرفة لم يسبقها إحساس عديمة النفع عندي». وصُنّف جيد عقب هذا الكتاب، مؤقتاً، على أنه من أتباع مذهب الطبيعة naturiste. ويرى بعض النقاد أن هذا العمل، الذي يمجد الرغبة لذاتها، سيبقى في نظر المستقبل المبدأ الأساسي في دعوته لانعتاق الفرد وامتلاك الحياة. وفعلاً، قدر للكتاب أن يكون من المؤلفات التي تسبق زمنها، واستغرق وقتا ليفرض نفسه، إلا أن تأثيره كان عميقاً ومستمراً.
كانت اهتمامات جيد الأدبية متشعبة ومركبة، وازدادت جلاء باطراد، مستخدماً في ذلك الأشكال الأدبية الأكثر تنوعاً. فبعد «برومثيوس غير محكم القيد» (1899) Prométhée mal enchaîné وهي حكاية فلسفية، أصدر «رسائل إلى آنجيل» (1900)، ثم «اللاأخلاقي» (1902) L’immoraliste، وهو أحد مؤلفاته الأكثر دلالة، تقول فيه مارسولين لزوجها ميشيل: «عقيدتك تقضي على الضعفاء»، فيزل لسانه بالجواب على الفور: «وهذا ما يجب». والكتاب نيتشوي[ر. نيتشه] بأكثر من وجه. وهو يروي سيرة تحرر شاب طهراني النشأة، وإنكاره تدريجياً الأعراف المستقرة، وصولاً إلى اعتزازه بلا ـ أخلاقيته ذاتها.
نشر جيد في الأعوام التالية عدداً من المسرحيات، مثل «الملك كاندول»، و«شاوُل» (1903) Saül، ومجموعة دراسات جمعها تحت عنوان «ذرائع» (1903)، وقصة «الباب الضيق» (1909) La Porte étroite، ومؤلفاته: «عودة الابن الضال» (1909) Le Retour de l’enfant prodigue، و«إيزابيل» (1911) Isabelle، و«ذكريات من محكمة الجنايات» (1913) Souvenirs de la cour d’assises، وأخيراً «أقبية الفاتيكان» (1914) Les Caves du Vatican الذي يندرج تحت نوع أدبي يدعى (سوتي) sotie تمييزاً من الرواية التي تردّى شأنها، فأشاح الشبابُ عنها لصالح الشعر، ونبذها أبولينير[ر] خارج دائرة الفن، وناهضها السرياليون[ر] حتى الثلاثينات من القرن العشرين. والسوتي جنس مشهدي ساخر من جذور شعبية احتفالية يعود إلى احتفالات القرنين الرابع عشر والخامس عشر، يعتمد على الهجاء الاجتماعي والسياسي. نشر جيد في عام 1919، رواية إنسانية مؤثرة بعنوان «السمفونية الرعوية» La Symphonie pastorale، ونشر ما بين 1920 و1924 مذكراته تحت عنوان «إذا لم تمت البذرة» Si le grain ne meurt، التي عرّضته لانتقادات عنيفة، لأنه لم يخف فيها قط أهواءه الشاذة، التي عبّر عنها في كتاب صغير ظل طويلاً سرياً هو «كوريدون» (1911-1924) Corydon.
أصدر جيد روايته «المزيِّفون» (1925) Les Faux-Monnayeurs التي عدّها بعض النقاد أفضل ما كتب. وقد وصفها جيد نفسه بأنها «أول رواية» له تمييزاً لها من القصص، مثل «الباب الضيق»، ومن السوتي، مثل «أقبية الفاتيكان». وهذه الرواية عمل مركب، مؤلف في آن معاً من سرد مغامرات، ومن عرض لمأسوية «جوهر الوجود»، ومن مذكرات روائي يدعى إدوار. ويقع هذا العمل الفريد من حيث بنيته المعمارية في الأدب الأوربي ما بين «الممسوسون» لدستويفسكي[ر]، و«لحن طباقي» Contrepoint لألدوس هَكسلي[ر] Aldous Huxley.
وفي المرحلة اللاحقة تعاظمت عند جيد معالجة المسائل الاجتماعية. فمن رحلة طويلة في إفريقية عاد بكتابي «رحلة إلى الكونغو» (1927) Voyage au Congo، و«العودة من تشاد» (1928) Le Retour du Tchad اللذين هاجم فيهما الشركات الكبرى وأحدثا دوياً كبيراً.
ونشر في غضون هذه المرحلة «مدرسة النساء» (1929) L’Ecole des femmes، و«روبير» (1930) Robert، «أوديب» (1931) Oedipe، ثم «الأغذية الأرضية الجديدة» (1936) Les Nouvelles Nourritures، و«جنفييف» (1937) Geneviève.
وانجذاباً منه إلى المثل الشيوعية، منحها انتسابه المعنوي. لكنه سرعان ما أنكرها، بعد إقامة له في روسيا السوفييتية رأى فيها ميدانياً مقدار انحراف الواقع الملموس عما حلم به، فسجل بكل شجاعة هذه التجربة الأليمة والأسباب الملزمة التي قضت بضرورة ابتعاده عن الشيوعية في كتابيه «العودة من الاتحاد السوفييتي» (1936) Retour de l’U.R.S.S، و«تنقيح العودة من الاتحاد السوفييتي» (1937).
نشر جيد في عام 1939 يومياته التي ثابر على تدوينها بدءاً من عام 1889، واستكملها لاحقاً في 1946، ثم في عام 1950. ونشر في عام 1946 رواية «تيزيه» Thésée معبراً مرة أخرى عن إيمانه بالإنسان. ولعل آخر نشاط له كان اقتباسه من «أقبية الفاتيكان» مسرحية نشرت وعرضت عام 1951، حين نشر أيضاً آخر أعماله ذات الطابع الذاتي بالعنوان اللاتيني et nunc manet in te أي «والآن تبعث الروح»، وهو بمثابة وثيقة ذاتية في غاية الصراحة على الصعد كافة.
على الرغم من تعدد مسرحيات جيد في سياق مراحل إبداعه، إلا أنه لم يحتل مكانة مهمة في تاريخ المسرح، حتى إن قاموس المسرح الفرنسي المعاصر الذي أصدرته مؤسسة لاروس لم يورد اسمه. وواقع الحال أن جيد في مسرحياته التي جمعت ونشرت في ثمانية مجلدات إنما كان يعبر عن حساسيته وخواطره التي عرضها في أعماله الأخرى، ولم يهتم بالوسائل الفنية التي تجعل هذا الأدب المسرحي صالحاً للعرض.
نشرت في حياته مراسلاته مع فرانسيس جيمس (1948)، ومع بول كلوديل (1949)، وجرى العمل بعد وفاته على نشر الرسائل التي تبادلها مع ريلكه[ر] (1952)، وفاليري (1955). وحاز على جائزة نوبل للأدب لعام 1947، كما تُرجمت معظم أعماله إلى اللغة العربية.
عبد الله عويشق
Gide (André-) - Gide (André-)
جيد (أندريه ـ)
(1869ـ1951)
يرتبط تميز جيد بنشره كتيّب «الأغذية الأرضية» (1897) Les Nourritures terrestres بعد «المحاولة العاشقة» (1893) La Tentative amoureuse، و«سِباخ» (1895) Paludes، الذي كتب فيه: «لا يكفيني أن أقرأ أن رمال الشواطئ ناعمة، أريد أن تحس قدماي العاريتان ذلك. وكل معرفة لم يسبقها إحساس عديمة النفع عندي». وصُنّف جيد عقب هذا الكتاب، مؤقتاً، على أنه من أتباع مذهب الطبيعة naturiste. ويرى بعض النقاد أن هذا العمل، الذي يمجد الرغبة لذاتها، سيبقى في نظر المستقبل المبدأ الأساسي في دعوته لانعتاق الفرد وامتلاك الحياة. وفعلاً، قدر للكتاب أن يكون من المؤلفات التي تسبق زمنها، واستغرق وقتا ليفرض نفسه، إلا أن تأثيره كان عميقاً ومستمراً.
كانت اهتمامات جيد الأدبية متشعبة ومركبة، وازدادت جلاء باطراد، مستخدماً في ذلك الأشكال الأدبية الأكثر تنوعاً. فبعد «برومثيوس غير محكم القيد» (1899) Prométhée mal enchaîné وهي حكاية فلسفية، أصدر «رسائل إلى آنجيل» (1900)، ثم «اللاأخلاقي» (1902) L’immoraliste، وهو أحد مؤلفاته الأكثر دلالة، تقول فيه مارسولين لزوجها ميشيل: «عقيدتك تقضي على الضعفاء»، فيزل لسانه بالجواب على الفور: «وهذا ما يجب». والكتاب نيتشوي[ر. نيتشه] بأكثر من وجه. وهو يروي سيرة تحرر شاب طهراني النشأة، وإنكاره تدريجياً الأعراف المستقرة، وصولاً إلى اعتزازه بلا ـ أخلاقيته ذاتها.
نشر جيد في الأعوام التالية عدداً من المسرحيات، مثل «الملك كاندول»، و«شاوُل» (1903) Saül، ومجموعة دراسات جمعها تحت عنوان «ذرائع» (1903)، وقصة «الباب الضيق» (1909) La Porte étroite، ومؤلفاته: «عودة الابن الضال» (1909) Le Retour de l’enfant prodigue، و«إيزابيل» (1911) Isabelle، و«ذكريات من محكمة الجنايات» (1913) Souvenirs de la cour d’assises، وأخيراً «أقبية الفاتيكان» (1914) Les Caves du Vatican الذي يندرج تحت نوع أدبي يدعى (سوتي) sotie تمييزاً من الرواية التي تردّى شأنها، فأشاح الشبابُ عنها لصالح الشعر، ونبذها أبولينير[ر] خارج دائرة الفن، وناهضها السرياليون[ر] حتى الثلاثينات من القرن العشرين. والسوتي جنس مشهدي ساخر من جذور شعبية احتفالية يعود إلى احتفالات القرنين الرابع عشر والخامس عشر، يعتمد على الهجاء الاجتماعي والسياسي. نشر جيد في عام 1919، رواية إنسانية مؤثرة بعنوان «السمفونية الرعوية» La Symphonie pastorale، ونشر ما بين 1920 و1924 مذكراته تحت عنوان «إذا لم تمت البذرة» Si le grain ne meurt، التي عرّضته لانتقادات عنيفة، لأنه لم يخف فيها قط أهواءه الشاذة، التي عبّر عنها في كتاب صغير ظل طويلاً سرياً هو «كوريدون» (1911-1924) Corydon.
أصدر جيد روايته «المزيِّفون» (1925) Les Faux-Monnayeurs التي عدّها بعض النقاد أفضل ما كتب. وقد وصفها جيد نفسه بأنها «أول رواية» له تمييزاً لها من القصص، مثل «الباب الضيق»، ومن السوتي، مثل «أقبية الفاتيكان». وهذه الرواية عمل مركب، مؤلف في آن معاً من سرد مغامرات، ومن عرض لمأسوية «جوهر الوجود»، ومن مذكرات روائي يدعى إدوار. ويقع هذا العمل الفريد من حيث بنيته المعمارية في الأدب الأوربي ما بين «الممسوسون» لدستويفسكي[ر]، و«لحن طباقي» Contrepoint لألدوس هَكسلي[ر] Aldous Huxley.
وفي المرحلة اللاحقة تعاظمت عند جيد معالجة المسائل الاجتماعية. فمن رحلة طويلة في إفريقية عاد بكتابي «رحلة إلى الكونغو» (1927) Voyage au Congo، و«العودة من تشاد» (1928) Le Retour du Tchad اللذين هاجم فيهما الشركات الكبرى وأحدثا دوياً كبيراً.
ونشر في غضون هذه المرحلة «مدرسة النساء» (1929) L’Ecole des femmes، و«روبير» (1930) Robert، «أوديب» (1931) Oedipe، ثم «الأغذية الأرضية الجديدة» (1936) Les Nouvelles Nourritures، و«جنفييف» (1937) Geneviève.
وانجذاباً منه إلى المثل الشيوعية، منحها انتسابه المعنوي. لكنه سرعان ما أنكرها، بعد إقامة له في روسيا السوفييتية رأى فيها ميدانياً مقدار انحراف الواقع الملموس عما حلم به، فسجل بكل شجاعة هذه التجربة الأليمة والأسباب الملزمة التي قضت بضرورة ابتعاده عن الشيوعية في كتابيه «العودة من الاتحاد السوفييتي» (1936) Retour de l’U.R.S.S، و«تنقيح العودة من الاتحاد السوفييتي» (1937).
نشر جيد في عام 1939 يومياته التي ثابر على تدوينها بدءاً من عام 1889، واستكملها لاحقاً في 1946، ثم في عام 1950. ونشر في عام 1946 رواية «تيزيه» Thésée معبراً مرة أخرى عن إيمانه بالإنسان. ولعل آخر نشاط له كان اقتباسه من «أقبية الفاتيكان» مسرحية نشرت وعرضت عام 1951، حين نشر أيضاً آخر أعماله ذات الطابع الذاتي بالعنوان اللاتيني et nunc manet in te أي «والآن تبعث الروح»، وهو بمثابة وثيقة ذاتية في غاية الصراحة على الصعد كافة.
على الرغم من تعدد مسرحيات جيد في سياق مراحل إبداعه، إلا أنه لم يحتل مكانة مهمة في تاريخ المسرح، حتى إن قاموس المسرح الفرنسي المعاصر الذي أصدرته مؤسسة لاروس لم يورد اسمه. وواقع الحال أن جيد في مسرحياته التي جمعت ونشرت في ثمانية مجلدات إنما كان يعبر عن حساسيته وخواطره التي عرضها في أعماله الأخرى، ولم يهتم بالوسائل الفنية التي تجعل هذا الأدب المسرحي صالحاً للعرض.
نشرت في حياته مراسلاته مع فرانسيس جيمس (1948)، ومع بول كلوديل (1949)، وجرى العمل بعد وفاته على نشر الرسائل التي تبادلها مع ريلكه[ر] (1952)، وفاليري (1955). وحاز على جائزة نوبل للأدب لعام 1947، كما تُرجمت معظم أعماله إلى اللغة العربية.
عبد الله عويشق