كيالي (عبد رحمن) Al-Kayali (Abdul Rahman-) - Al-Kayali (Abdul Rahman-)
الكيالي (عبد الرحمن ـ)
(1887 ـ 1969)
عبد الرحمن بن عبد القادر بن طه ابن علي الكيالي أو الكيالي الرفاعي، طبيب ورجل سياسة وكاتب، يتحدر من أسرة اشتهرت بالعلم والإرشاد، وتعود أصولها إلى مدينة واسط في العراق. وهو حلبي المولد والوفاة. تلقى علومه الأولية وقواعد اللغة العربية وختم القرآن الكريم وتعلم تجويده في مدرسة الأشرفية للشيخ محمد العريف، ثم دخل المدرسة العصروية الرسمية سنة 1897، وأنهى دراسته الابتدائية فيها. والتحق بعد ذلك بالمدرسة القرناصية لتحصيل العلوم الشرعية والعربية، وأكمل تعليمه بعدها في المدرسة السلطانية. وفي عام 1905 دخل الكلية السورية الإنجيلية (الجامعة الأمريكية اليوم) في بيروت، فأتم دراسته العلمية، وتابعها بدراسة الطب فيها وتخرج عام 1914.
وفي أثناء الحرب العالمية الأولى (1914 ـ 1918) التحق بخدمة الجيش العثماني، فأشرف على الشؤون الصحية للقطعة العسكرية المرابطة في قرية الحمراء القريبة من بلدة السلمية، وتولى معها طبابة مستشفى حماة العسكري طوال زمن الحرب، وسمي بعدها رئيساً لأطباء المستشفى الوطني في حلب، وبقي في منصبه هذا حتى عام 1920. وانتخب عام 1919 عضواً للمؤتمر الوطني في عهد الملك فيصل بن الحسين. ولم يدم ذلك طويلاً إذ انتهى بدخول الجيش الفرنسي إلى دمشق بعد وقعة ميسلون، واحتلال بقية أجزاء سورية. وقد نفاه الفرنسيون - مع آخرين من رفاقه الوطنيين - سنة 1926 إلى جزيرة أرواد. وفي عام 1928 انتخب نائباً عن حلب للمجلس التأسيسي الذي وضع أول دستور للجمهورية السورية، كما انتخب عام 1936 نائباً في المجلس النيابي. وفي تلك الحقبة أرسلته الحكومة السورية مع وفد إلى جنيف لحضور جلسات عصبة الأمم والدفاع عن حق سورية في لواء الإسكندرونة. وفي أثناء وجوده في جنيف سمي وزيراً للعدل والمعارف (التربية اليوم). وبقي عبد الرحمن الكيالي يشغل هذين المنصبين حتى عام 1939؛ حينما قام المفوض السامي الفرنسي بحل المجلس النيابي وتعليق الدستور. وفي عام 1943 انتخب ثانية نائباً في المجلس النيابي، وسمي وزيراً للعدل والأشغال العامة والأوقاف، وبقي في هذه المراكز حتى عام 1945.
كان عبد الرحمن الكيالي من أبرز مؤسسي حزب الكتلة الوطنية وعضو مكتبها الدائم، وقد شغل منصب رئيس الحزب الوطني زمناً بعد انحلال الكتلة الوطنية. وتولى إضافة إلى هذه المناصب السياسية رئاسة جمعية العاديات مدة ثلاث عشرة سنة، ونيابة رئاسة نقابة الأطباء، كما أسهم في تأسيس الشركة السورية للغزل والنسيج بحلب، وانتخب عضواً مراسلاً في المجمع العلمي العربي بدمشق (مجمع اللغة العربية اليوم) عام 1945.
بدأ عبد الرحمن الكيالي ينخرط في العمل العام سنة 1907 حينما راسل بعض الصحف، ونشر فيها مقالات، كما اشترك - حينما كان طالباً مع بعض رفاقه من خريجي الجامعة الأمريكية - في تأسيس مدرسة «دار العلوم» في بيروت، فدرّس فيها الرياضيات والتاريخ والفيزياء، واستمر في ذلك حتى سنة 1914. كما درّس علم طبقات الأرض (الجيولوجيا) في المدرسة الفاروقية التجهيزية في حلب سنة 1922.
ترك عبد الرحمن الكيالي عدداً من المؤلفات؛ منها الاجتماعي، ومنها السياسي، طُبع عدد منها، وما زال الباقي مخطوطاً. ومن مؤلفاته التي طبعت «رسالة عن الإمام جعفر الصادق» و«شريعة حمورابي» (1958) الذي استهله بلمحة عن تاريخ بابل السياسي وعلاقة سورية ببابل والساميين، ووصف البيئة التي سُنت لأجلها هذه الشريعة، ثم ذكر الشريعة نفسها معتمداً في ترجمتها على أصول غربية بما فيها ما استغلق فهمه على أرباب الدراسات من الغربيين. كما وضع كتاب «أضواء وآراء» الذي أخرجه بجزأين (1960)، وهو مجموعة مقالات نشرها ومحاضرات ألقاها، وفيهما يبحث في علم النفس وسنن الاجتماع وفلسفة التربية وحفظ الصحة. وقد ذكر تاريخ نشوء هذه العلوم والأطوار التي مرت بها حتى بلوغها عصره. ومما فصله تاريخ الأديان وما كان منها وحياً سماوياً وما كان وضعاً إنسانياً. ومن الكتب السياسية التي نشرها «رد الكتلة الوطنية على بيان المفوض السامي الفرنسي أمام عصبة الأمم»؛ وهو أول كتاب طبعه. ومن المؤلفات التي اشتهر بها كتاب «المراحل» الذي أخرجه بأربعة أجزاء، وفيه قدم فيضاً من المعلومات عن حركة المقاومة السياسية والمسلحة التي قابل بها السوريون الاحتلال الفرنسي. ويعطي هذا الكتاب صورة دقيقة عن ذاك الزمان ورجاله، ويُعدّ سجلاً صادقاً للوقائع والأحداث السياسية في سورية بين سنتي 1918 و1939. ولهذا المؤلَّف أجزاء غير مطبوعة تتصل بالفترة الواقعة بين عامي 1939 و1958. وألّف عبد الرحمن الكيالي أيضاً كتاب «الجهاد السياسي» (1947) الذي يعرض فيه آراءه السياسية في أثناء مرحلة النضال الوطني في سورية، ويقيّم رفاقه من قادة الحركة الوطنية تقييماً صادقاً.
ومن الكتب التي لم تطبع إضافة إلى أجزاء «المراحل» المتبقية «الفلسفة الطبيعية» و«أصول التمثيل بين الأمم» و«ثمار العلم».
كان عبد الرحمن الكيالي يتقن التركية والإنكليزية إلى جانب العربية، وكان ولوعاً بالآثار واقتناء الكتب في شتى العلوم والآداب.
عدنان تكريتي
الكيالي (عبد الرحمن ـ)
(1887 ـ 1969)
عبد الرحمن بن عبد القادر بن طه ابن علي الكيالي أو الكيالي الرفاعي، طبيب ورجل سياسة وكاتب، يتحدر من أسرة اشتهرت بالعلم والإرشاد، وتعود أصولها إلى مدينة واسط في العراق. وهو حلبي المولد والوفاة. تلقى علومه الأولية وقواعد اللغة العربية وختم القرآن الكريم وتعلم تجويده في مدرسة الأشرفية للشيخ محمد العريف، ثم دخل المدرسة العصروية الرسمية سنة 1897، وأنهى دراسته الابتدائية فيها. والتحق بعد ذلك بالمدرسة القرناصية لتحصيل العلوم الشرعية والعربية، وأكمل تعليمه بعدها في المدرسة السلطانية. وفي عام 1905 دخل الكلية السورية الإنجيلية (الجامعة الأمريكية اليوم) في بيروت، فأتم دراسته العلمية، وتابعها بدراسة الطب فيها وتخرج عام 1914.
وفي أثناء الحرب العالمية الأولى (1914 ـ 1918) التحق بخدمة الجيش العثماني، فأشرف على الشؤون الصحية للقطعة العسكرية المرابطة في قرية الحمراء القريبة من بلدة السلمية، وتولى معها طبابة مستشفى حماة العسكري طوال زمن الحرب، وسمي بعدها رئيساً لأطباء المستشفى الوطني في حلب، وبقي في منصبه هذا حتى عام 1920. وانتخب عام 1919 عضواً للمؤتمر الوطني في عهد الملك فيصل بن الحسين. ولم يدم ذلك طويلاً إذ انتهى بدخول الجيش الفرنسي إلى دمشق بعد وقعة ميسلون، واحتلال بقية أجزاء سورية. وقد نفاه الفرنسيون - مع آخرين من رفاقه الوطنيين - سنة 1926 إلى جزيرة أرواد. وفي عام 1928 انتخب نائباً عن حلب للمجلس التأسيسي الذي وضع أول دستور للجمهورية السورية، كما انتخب عام 1936 نائباً في المجلس النيابي. وفي تلك الحقبة أرسلته الحكومة السورية مع وفد إلى جنيف لحضور جلسات عصبة الأمم والدفاع عن حق سورية في لواء الإسكندرونة. وفي أثناء وجوده في جنيف سمي وزيراً للعدل والمعارف (التربية اليوم). وبقي عبد الرحمن الكيالي يشغل هذين المنصبين حتى عام 1939؛ حينما قام المفوض السامي الفرنسي بحل المجلس النيابي وتعليق الدستور. وفي عام 1943 انتخب ثانية نائباً في المجلس النيابي، وسمي وزيراً للعدل والأشغال العامة والأوقاف، وبقي في هذه المراكز حتى عام 1945.
كان عبد الرحمن الكيالي من أبرز مؤسسي حزب الكتلة الوطنية وعضو مكتبها الدائم، وقد شغل منصب رئيس الحزب الوطني زمناً بعد انحلال الكتلة الوطنية. وتولى إضافة إلى هذه المناصب السياسية رئاسة جمعية العاديات مدة ثلاث عشرة سنة، ونيابة رئاسة نقابة الأطباء، كما أسهم في تأسيس الشركة السورية للغزل والنسيج بحلب، وانتخب عضواً مراسلاً في المجمع العلمي العربي بدمشق (مجمع اللغة العربية اليوم) عام 1945.
بدأ عبد الرحمن الكيالي ينخرط في العمل العام سنة 1907 حينما راسل بعض الصحف، ونشر فيها مقالات، كما اشترك - حينما كان طالباً مع بعض رفاقه من خريجي الجامعة الأمريكية - في تأسيس مدرسة «دار العلوم» في بيروت، فدرّس فيها الرياضيات والتاريخ والفيزياء، واستمر في ذلك حتى سنة 1914. كما درّس علم طبقات الأرض (الجيولوجيا) في المدرسة الفاروقية التجهيزية في حلب سنة 1922.
ترك عبد الرحمن الكيالي عدداً من المؤلفات؛ منها الاجتماعي، ومنها السياسي، طُبع عدد منها، وما زال الباقي مخطوطاً. ومن مؤلفاته التي طبعت «رسالة عن الإمام جعفر الصادق» و«شريعة حمورابي» (1958) الذي استهله بلمحة عن تاريخ بابل السياسي وعلاقة سورية ببابل والساميين، ووصف البيئة التي سُنت لأجلها هذه الشريعة، ثم ذكر الشريعة نفسها معتمداً في ترجمتها على أصول غربية بما فيها ما استغلق فهمه على أرباب الدراسات من الغربيين. كما وضع كتاب «أضواء وآراء» الذي أخرجه بجزأين (1960)، وهو مجموعة مقالات نشرها ومحاضرات ألقاها، وفيهما يبحث في علم النفس وسنن الاجتماع وفلسفة التربية وحفظ الصحة. وقد ذكر تاريخ نشوء هذه العلوم والأطوار التي مرت بها حتى بلوغها عصره. ومما فصله تاريخ الأديان وما كان منها وحياً سماوياً وما كان وضعاً إنسانياً. ومن الكتب السياسية التي نشرها «رد الكتلة الوطنية على بيان المفوض السامي الفرنسي أمام عصبة الأمم»؛ وهو أول كتاب طبعه. ومن المؤلفات التي اشتهر بها كتاب «المراحل» الذي أخرجه بأربعة أجزاء، وفيه قدم فيضاً من المعلومات عن حركة المقاومة السياسية والمسلحة التي قابل بها السوريون الاحتلال الفرنسي. ويعطي هذا الكتاب صورة دقيقة عن ذاك الزمان ورجاله، ويُعدّ سجلاً صادقاً للوقائع والأحداث السياسية في سورية بين سنتي 1918 و1939. ولهذا المؤلَّف أجزاء غير مطبوعة تتصل بالفترة الواقعة بين عامي 1939 و1958. وألّف عبد الرحمن الكيالي أيضاً كتاب «الجهاد السياسي» (1947) الذي يعرض فيه آراءه السياسية في أثناء مرحلة النضال الوطني في سورية، ويقيّم رفاقه من قادة الحركة الوطنية تقييماً صادقاً.
ومن الكتب التي لم تطبع إضافة إلى أجزاء «المراحل» المتبقية «الفلسفة الطبيعية» و«أصول التمثيل بين الأمم» و«ثمار العلم».
كان عبد الرحمن الكيالي يتقن التركية والإنكليزية إلى جانب العربية، وكان ولوعاً بالآثار واقتناء الكتب في شتى العلوم والآداب.
عدنان تكريتي