النبع المسحور
عدد الابيات : 63
بردك فوق الخصر جار الرؤى
فخلفه تطفر جنّيّتان
شيطانتان اصطفتا جنّة
قد تؤنس الجنّة شيطانتان
دارت على الظمأى حميّاهما
فاللهو في الجنّة طلق العنان
يدنيهما الشوق و لم تدنوا
فهل هما نهدان أم نجمتان
تموج ألحان الصبا فيهما
كأنّما نهداك أغرودتان
عشّان لا للطّير بل للهوى
عشّان ، بل للمسك قاروتان
عندي طيوب لك أعددتها
عطر لباناتي و عطر البيان
رشّا على حسنك ريّاهما
فهل درى عطراي ما يفعلان
حسنك عطر العطر في جنّتي
على غناها و لبان اللبان
فاغدي على الرمل و روحي يضع
ورد و يفرش طيبه أقحوان
عيناك بحر حين أغفى انحنت
فلملمت أحلامه الضفّتان
تغفو بعينيك طيوف المنى
عيناك للأشواق أرجوحتان
قلبي و قرطاك حليفا ضنى
ألم يئن أن يتعب الخافقان
و خصلتان ارتاحتا في يدي
من الدجى المخمور مسكوبتان
شذاهما باق و إن غابتا
كأنّما فرعاك ريحانتان
تغامزين البدر في موعد
فغرت لمّا التقت الغمزتان
ينمنم الأحلام فضّيّة
و تنسج الشمس لك الأرجوان
و ملكك البدر و شمس الضحى
و ما يصوغان و ما يغزلان
قد باح جفناك بسرّ الدجى
جفناك من سرّ الدجى مترعان
تضحك عيناك و إن جدّتا
لا سحر في عينين لا تضحكان
تنطق عيناك و لم تنطقي
و قد تطيلان و قد توجزان
و لم تضيقا بمعاني الهوى
ألا تلومان ألا تتعبان
رشيقة الأحزان و القدّ . هل
ينبت في جمر الغضا غصن بان
نزلت قلبي سدرة المنتهى
ما أرز لبنان و ما الغوطتان
و بيننا قربى الشذى للشذى
ألحسن و الشعر رضيعا لبان
ترشف من نهديك إغفاءتي
كأسين قد أترعتا بنت حان
طافت بك الكأس فرنّحتها
و جنّ لمّا شمّك الزعفران
نبع الصبا المسحور يشتفّه
قلبي و السمراء و الفرقدان
نشتفّه حتّى ثمّالاته
فنحن لا نفنى و يفنى الزمان
نشتفّه حتّى يعود الصبا
و اللّمّة السوداء و العنفوان
و بيننا في ربوة سمحة
حلو السفوح الخضر ، حلو الرعان
و غابة يغفو الضحى عندها
و شمسها تغرب قبل الأوان
قبورنا فيها بلا وحشة
يؤنسها في الوحدة السنديان
و قبّة تحرس كنز الدجى
كأنّها في الغابة الديدبان
و النبع و القبّة في هدأة
يسرع دهر و هما وانيان
ما هزّت الدنيا أناتيهما
فتغرب الدنيا و لا يدهشان
و لوّحت من بعض أفيائنا
كفّان بالحنّاء مخضوبتان
حضنت في السمراء دنيا المنى
حين التقينا كبّر العالمان
جزنا حدودو الكون ، لا مشرقان
في جلوة النّور ، و لا مغربان
جزنا حدود الكون ، حتّى التقى
كلّ مغيب عندنا بالعيان
و عاد للأنجم ما ضاع من
أضوائها و اعتنق الأزهران
و اختصر الدنيا شذا مسكر
أو لهفة عذراء أو قبلتان
بحت بأسراري فعبّوا الشذى
فضّت عن الراح العتيق الدنان
نا غاب عن أعراسنا أهلنا
ألشمس و الأنجم في المهرجان
و الناس لا تعرف أحزاننا
يرثى لنا الشوق و يبكي الحنان
يرفعني الموج . إلى شاهق
و حطّني .. لا تهدأ الكفّتان
زلزلت الأمواج زلزالها
و احتضنتها دجنة من دخان
قد رجّها العاصف حتى طغى
لؤلؤها – طوع يدي و الجمان
و محنة طالت و أكرمتها
بالصبر حتّى ملّ دهر فلان
لا يقنط الحرّ و لا يشتكي
لكلّ بحر هائج شاطئان
فتّشت عن خوفي فلم ألفه
كيف أرى الخوف و أنت الأمان
قرّبنا الله ففوق الزمان
نحن مع النور و فوق المكان
يضوّئ الظلمة إيماننا
و يسكر الفجر رحيق الأذان
نحن و قلبانا و أسرارنا
شوق إلى الله و أغنيّتان
أوجهها أم بيته قبلتي
أستغفر الله فلي قبلتان
نريد جمرا لبخور الهوى
في النار هذا الجمر لا في الجنان
صلاتنا النور فمن وهجها
شعّ الضحى و أتلق النيّران
من وردنا الأفلاك تسبيحة
و الصبح و النجمة تكبيرتان
تغمزني الشمس عناق الهوى
فلفّني من فرعها خصلتان
وجهي – و لم تخدع أساريره
و القلب مرآتان مجلوّتان
كتبت ( بسم الله ) فالطرس من
عدن ( و بسم الله ) حوريّتان
لم يعنني عسر و لا شدّة
الله و السمراء لي المستعان
عرّيت فقري عند بابيهما
و تعذّب الشكوى و يحلو الهوان