محمود حسن
يقول بهجت الأباصيري (عادل إمام) لمرسي الزناتي (سعيد صالح) في مسرحية مدرسة المشاغبين معاتبًا: "عاملي فيها أنا المخ وأنت العضلات". هذه الجملة، ورغم أنها مرت في سياق كوميدي، إلا أنها حددت فيما بعد من هو مخّ الكوميديا في مصر، ومن هو عضلاتها!
فالمواجهة والنقد اللاذع والسخرية المطعمة بنكهة سياسية صارت ملازمة لسعيد صالح، في أكثر من عمل وفي مناسبات عدة، وأدت إلى سجنه ثلاث مرات. ورغم تلفيق العديد من التهم له، إلا أنه لا يمكن تجاهل الدافع السياسي وراء احتجازه. بينما انفرد عادل إمام بكوميديا متفق عليها ومجازة من السلطة، وأحيانًا بدفع منها، قادت إلى تربعه على عرش الكوميديا في مصر لسنوات طويلة تمتد حتى يومنا هذا.
يقلل كثير من النقاد والمتابعين لسيرة حياة سعيد صالح الفنية من جدية المسار الذي اتبعه صالح في توظيف الكوميديا للتعبير عن موقفه السياسي، ويرجعون ذلك إلى مصادفات غريبة أدت إلى سجنه، وأن الأمر برمته لا يعدو كونه سوء فهم لجسارته، وتسرعًا من سلطة متحفزة ذات حساسية مفرطة تجاه الترميز والإسقاط، لكن المآلات التي انتهت إليها سيرته الفنية تخبرنا بعكس ذلك، فالمقارنة المستمرة بين إمكانيات سعيد صالح مقابل إمكانيات عادل إمام ظلت ملازمة للنجمين الكوميديين منذ ظهورهما سويًا على خشبة المسرح لأول مرة، وربما حتى يومنا هذا.
من هو كوميديان مصر؟ من هو صاحب الأدوات الأكثر تنوعًا وفرادة في خلق الإضحاك؟ الإجابة لا تخضع فقط للذائقة واختلافاتها المحصنة بحق كل متلقٍّ في التفضيل، لكنها إجابة مشتبكة مع بعد سياسي وتسويقي، وإعلامي تكريسي. فالكوميديا التي ينتهجها عادل إمام هي كوميديا "الإفيه"، وهي صنعة ترفيهية مدروسة ومنسقة ومنضبطة إلى حد بعيد، درج عليها كبار كوميديانات مصر أمثال محمد نجم ونجاح الموجي ووحيد سيف، وهي حرفة حقيقية لها شروطها وقواعدها وأخلاقياتها، وتعتمد على مصطلحي "الرمي" و"الفرش"، حيث يقوم الكوميديان بالاتفاق على رمي "إفيه"، ويفرش له بقية الممثلين لتعزيزه وإثارة الضحك من خلاله.
ازدادت كوميديا "الإفيه" صرامة وانضباطًا حين ارتبطت بمفهوم النجم الأوحد. إذ أصبحت كل عناصر المشهد في خدمة الإفيه، وليس الممثلين وحسب، وهذه المدرسة لها حضور كبير في المسرح، وفي السينما من بعده.
يرى النقاد أن كوميديا عادل إمام في سياق مقارنته بسعيد صالح متمسكة بشدة بهذه المدرسة، بينما يرون أن كوميديا سعيد صالح هي كوميديا مشاغبة، كوميديا الشخصية، كوميديا الخروج عن النص والتمرد على الصنعة، وهي بهذا المعنى كوميديا العضلات، كوميديا تعيش لكنها لا تدوم، لأنها خارجة عن تقاليد الإضحاك في مصر.
يصف محمود السعدني في كتابه "المضحكون" سعيد صالح وصفًا جميلًا واستثنائيًا، إذا يقول عنه: "يستطيع إضحاك الطوب بحركة منه، فهو الولد الأهبل المنشرح الصدر صاحب الغفلة الحلوة المنبهج بكل ما يحدث في الحياة وكأنه يحدث لأول مرة".
هنا خمسة من أهم أعمال سعيد صالح وأكثرها تأثيرًا في صناعة نجوميته.
1- مسرحية العيال كبرت
ميزة مسرحية "العيال كبرت"، المنتجة سنة 1979، أنها كانت مساحة أكثر رحابة لإبراز أدوات سعيد صالح كممثل كوميدي، وأنها رسمت ملامح كوميديان من نوع خاص، لديه صنعته الخاصة في الإضحاك. هذه السمات التي كانت تحاول التفلت في مسرحية مدرسة المشاغبين، تشع أحيانًا وتحتجب أحيانًا أخرى، بفعل تشاركية البطولة بين مجموعة من الممثلين كعادل إمام ويونس شلبي.
سمات الكوميديان الخاص تجلت في هذه المسرحية، وصالح أظهر أدواته براحة وانسيابية جعلت منه سيد أسلوبيته المتفردة في الإضحاك، ووضعته في خانة خاصة عند الحديث عن نجوم الكوميديا في مصر. خفة ظله وتلقائيته وطاقته المتجددة في التمثيل خلال زمن العرض كله، جعلت هذه المسرحية واحدة من أكثر المسرحيات مشاهدة في الثلاثين سنة الماضية، ومازلت تحظى بشعبية واسعة، وإشادات متجددة بأداء سعيد صالح الفريد.
2- فيلم المشبوه
مع فيلم "المشبوه"، وبالشراكة مع صديق العمر عادل إمام، بيّن سعيد صالح قدرته على استخلاص الكوميديا من الشخصية الدرامية، فهو يرى أن الكوميديا ليس لها وقت مثالي، ولا فرضيات معينة، يمكن أن تظهر الكوميديا في أحلك الظروف، ويمكن أن تأتي من أكثر الشخصيات درامية، وهذا ما يقربها أكثر من الحياة. إنها الكوميديا الآتية من الحياة نفسها، وليست الكوميديا التي تعلق على مواقف في الحياة.
وعلى الرغم من أن "المشبوه" لم يكن يقع ضمن مصنفات الكوميديا، بل ضمن التصنيف الدرامي، لكن سعيد صالح استطاع استنتاجها من خلال سياق خط فعل الشخصية المتصل، فكان توظيف الكوميديا عاملًا حاسمًا في تأصيل وتعزيز مزاياها الدرامية.
شارك سعيد صالح في هذا الفيلم إلى جانب عادل إمام وسعاد حسني وفاروق الفيشاوي، وهو واحد من العلامات الفارقة في تاريخ الصناعة السينمائية المصرية، في حكايته البسيطة، التي تتبع سيرة رجل يحاول الخروج من عالم الجريمة، وبناء حياة بسيطة وآمنة، لكن حياة الجريمة والماضي يلاحقانه ويمنعانه من أن يفوز بحبيبته ويستقر معها.
الفيلم أنتج عام 1981 وهو من تأليف إبراهيم الموجي وإخراج سمير سيف.
3_ مسرحية كعبلون
تعتبر مسرحية "كعبلون" ثاني مواجهات سعيد صالح مع السلطة، إذ كانت المرة الأولى في مسرحية "لعبة اسمها الفلوس" حيث سجن لمدة ستة أشهر بسبب جملة ارتجلها، ولم يكن وقعها لطيفًا على إذن السلطة، إذا قال "أمي اتجوزت ثلاث مرات، الأول أكلنا المش، والتاني علمنا الغش، والتالت لا بيهش ولا بينش". وفُهمت هذه العبارة بأنها إسقاط رمزي على رؤساء مصر الثلاثة؛ عبد الناصر والسادات ومبارك.
أما مسرحية كعبلون، فكانت مسرحية سياسية بامتياز، وأظهرت توجه سعيد صالح السياسي والفكري المعارض، ليس بسبب موضوع المسرحية وحسب، بل أيضًا من خلال تعاونه مع أحمد فؤاد نجم، الشيوعي العتيق، كابوس الرؤساء الثلاثة آنفي الذكر.
تدور أحداث المسرحية حول دولة متخيلة اسمها كعبلون، وهي دولة قمعية كل شيء فيها ممنوع. يدخل حمدون السايح إلى هذه الدولة، ويستعرض كل ما فيها بعقلية السائح، ويسخر من كل بنيتها بذات العقلية، ثم يجد نفسه في خضم لعبة تطلقها ابنة سيد الكل، حاكم كعبلون، التي تعرض الزواج بها مقابل أن يجيب على سؤال واحد: "أين عقل الإنسان؟".
هذا السؤال ومحاولة الإجابة عليه، قولًا وفعلًا، تفكك مفهوم الدولة البوليسية التي يمنع فيها كل شيء، ويُسجن فيها المرء بسبب كلمة.
وربما من أشهر مشاهد المسرحية هي أغنية "الممنوعات" التي كتبها فؤاد نجم وأداها سعيد صالح. المسرحية أنتجت عام 1985، وخلال أيام عرض المسرحية احترق المسرح الذي يعرضها، وتشير بعض المصادر أنه حريق مفتعل من قبل سلطة حسني مبارك.
4- فيلم سلام يا صاحبي
على الرغم من المقارنة الدائمة بين موهبة عادل إمام وسعيد صالح، ومحاولة ترجيح إحداها على الأخرى من قبل المختصين والمشاهدين على حد سواء، إلا أن ذلك لم يجرف النجمين إلى هذه المساحة وبقيا صديقين حتى آخر أيام سعيد صالح.
في سياق هذه المقارنة، أخذ كثر على صالح قبوله العمل كشخصية ثانية في هذا الفيلم، وهو الموهبة الكبيرة في التمثيل التي توازي وتتجاوز أحيانًا موهبة عادل إمام، لكن سعيد صالح لم يلتفت لذلك وقبل بلعب دور بركات معللًا ذلك بأن عادل إمام كان له الأسبقية في لعب دور البطولة المطلقة، فهو لم ير نفسه "سنيد" بقدر ما نظر إلى نفسه كممثل.
يعتبر الدور من أجمل أدوار سعيد صالح السينمائية ذات السمات الميلودرامية التي كانت رائجة فترة الثمانينيات في مصر.
تدور أحداث الفيلم حول صديقين جمعها عالم السرقة والسطو والجريمة، لكنهما قررا ترك هذا العالم وبناء نفسيهما من جديد بنزاهة وانضباط، واختارا العمل مع بائعة متجولة تبيع البطيخ لعبت دورها الممثلة سوسن بدر. تتعرض "بطة"، البائعة الجوالة، للتحرش من بعض رجال سوق الفاكهة التابعين للمعلم بلائسي فيتصدى لهم الصديقان، ثم تتشابك الأحداث أكثر ويحصلان على مكانة في السوق، فيكيد لهم بلائسي ويطلق النار عليهما في حفل زفاف بركات من بطة. يُقتل بركات، ويمضي مرزوق في طريق الانتقام من قتلة صديق عمره. الفيلم أنتج عام 1987.
5- فيلم المشردان
"المشردان" فيلم من بطولة سعيد صالح ويحيى الفخراني وشريهان. تدور أحداثه حول مسعود وحامد اللذين تلاحقهما الديون وسوء الحظ في كل مكان، وتوقعهما في الكثير من المشاكل، إلى الحد الذي يجعلهما منبوذَين.
وتحت ضغط الدائنين وصاحبة الشقة التي يقطنانها، يغادران إلى حي آخر للبحث عن عمل، لكن سوء الحظ يبقى قرينًا لهما، إلى اليوم الذي تأتي فيه رسالة من عم مسعود المغترب في أستراليا تفيد بحصوله على مبلغ مليون جنيه كورثة، لكن الصديقين لا يعلمان بهذا الأمر لأنهما ملاحقان من الشرطة بسبب سرقة مسعود لدجاجة. وحين تتقطع بهم السبل وتُسد أمامها الأبواب، يقرران العودة إلى حيهما ليفاجأ الاثنان بتبدل معاملة سكان الحي كلهم لهما وسط استغرابهما من الأمر، إلى أن يكتشفا حقيقة الورثة في لحظة مشحونة وصاخبة. الفيلم للكاتب فيصل ندا، ومن إخراج السعيد مصطفى.
يقول بهجت الأباصيري (عادل إمام) لمرسي الزناتي (سعيد صالح) في مسرحية مدرسة المشاغبين معاتبًا: "عاملي فيها أنا المخ وأنت العضلات". هذه الجملة، ورغم أنها مرت في سياق كوميدي، إلا أنها حددت فيما بعد من هو مخّ الكوميديا في مصر، ومن هو عضلاتها!
فالمواجهة والنقد اللاذع والسخرية المطعمة بنكهة سياسية صارت ملازمة لسعيد صالح، في أكثر من عمل وفي مناسبات عدة، وأدت إلى سجنه ثلاث مرات. ورغم تلفيق العديد من التهم له، إلا أنه لا يمكن تجاهل الدافع السياسي وراء احتجازه. بينما انفرد عادل إمام بكوميديا متفق عليها ومجازة من السلطة، وأحيانًا بدفع منها، قادت إلى تربعه على عرش الكوميديا في مصر لسنوات طويلة تمتد حتى يومنا هذا.
يقلل كثير من النقاد والمتابعين لسيرة حياة سعيد صالح الفنية من جدية المسار الذي اتبعه صالح في توظيف الكوميديا للتعبير عن موقفه السياسي، ويرجعون ذلك إلى مصادفات غريبة أدت إلى سجنه، وأن الأمر برمته لا يعدو كونه سوء فهم لجسارته، وتسرعًا من سلطة متحفزة ذات حساسية مفرطة تجاه الترميز والإسقاط، لكن المآلات التي انتهت إليها سيرته الفنية تخبرنا بعكس ذلك، فالمقارنة المستمرة بين إمكانيات سعيد صالح مقابل إمكانيات عادل إمام ظلت ملازمة للنجمين الكوميديين منذ ظهورهما سويًا على خشبة المسرح لأول مرة، وربما حتى يومنا هذا.
من هو كوميديان مصر؟ من هو صاحب الأدوات الأكثر تنوعًا وفرادة في خلق الإضحاك؟ الإجابة لا تخضع فقط للذائقة واختلافاتها المحصنة بحق كل متلقٍّ في التفضيل، لكنها إجابة مشتبكة مع بعد سياسي وتسويقي، وإعلامي تكريسي. فالكوميديا التي ينتهجها عادل إمام هي كوميديا "الإفيه"، وهي صنعة ترفيهية مدروسة ومنسقة ومنضبطة إلى حد بعيد، درج عليها كبار كوميديانات مصر أمثال محمد نجم ونجاح الموجي ووحيد سيف، وهي حرفة حقيقية لها شروطها وقواعدها وأخلاقياتها، وتعتمد على مصطلحي "الرمي" و"الفرش"، حيث يقوم الكوميديان بالاتفاق على رمي "إفيه"، ويفرش له بقية الممثلين لتعزيزه وإثارة الضحك من خلاله.
ازدادت كوميديا "الإفيه" صرامة وانضباطًا حين ارتبطت بمفهوم النجم الأوحد. إذ أصبحت كل عناصر المشهد في خدمة الإفيه، وليس الممثلين وحسب، وهذه المدرسة لها حضور كبير في المسرح، وفي السينما من بعده.
يرى النقاد أن كوميديا عادل إمام في سياق مقارنته بسعيد صالح متمسكة بشدة بهذه المدرسة، بينما يرون أن كوميديا سعيد صالح هي كوميديا مشاغبة، كوميديا الشخصية، كوميديا الخروج عن النص والتمرد على الصنعة، وهي بهذا المعنى كوميديا العضلات، كوميديا تعيش لكنها لا تدوم، لأنها خارجة عن تقاليد الإضحاك في مصر.
يصف محمود السعدني في كتابه "المضحكون" سعيد صالح وصفًا جميلًا واستثنائيًا، إذا يقول عنه: "يستطيع إضحاك الطوب بحركة منه، فهو الولد الأهبل المنشرح الصدر صاحب الغفلة الحلوة المنبهج بكل ما يحدث في الحياة وكأنه يحدث لأول مرة".
هنا خمسة من أهم أعمال سعيد صالح وأكثرها تأثيرًا في صناعة نجوميته.
1- مسرحية العيال كبرت
ميزة مسرحية "العيال كبرت"، المنتجة سنة 1979، أنها كانت مساحة أكثر رحابة لإبراز أدوات سعيد صالح كممثل كوميدي، وأنها رسمت ملامح كوميديان من نوع خاص، لديه صنعته الخاصة في الإضحاك. هذه السمات التي كانت تحاول التفلت في مسرحية مدرسة المشاغبين، تشع أحيانًا وتحتجب أحيانًا أخرى، بفعل تشاركية البطولة بين مجموعة من الممثلين كعادل إمام ويونس شلبي.
سمات الكوميديان الخاص تجلت في هذه المسرحية، وصالح أظهر أدواته براحة وانسيابية جعلت منه سيد أسلوبيته المتفردة في الإضحاك، ووضعته في خانة خاصة عند الحديث عن نجوم الكوميديا في مصر. خفة ظله وتلقائيته وطاقته المتجددة في التمثيل خلال زمن العرض كله، جعلت هذه المسرحية واحدة من أكثر المسرحيات مشاهدة في الثلاثين سنة الماضية، ومازلت تحظى بشعبية واسعة، وإشادات متجددة بأداء سعيد صالح الفريد.
2- فيلم المشبوه
مع فيلم "المشبوه"، وبالشراكة مع صديق العمر عادل إمام، بيّن سعيد صالح قدرته على استخلاص الكوميديا من الشخصية الدرامية، فهو يرى أن الكوميديا ليس لها وقت مثالي، ولا فرضيات معينة، يمكن أن تظهر الكوميديا في أحلك الظروف، ويمكن أن تأتي من أكثر الشخصيات درامية، وهذا ما يقربها أكثر من الحياة. إنها الكوميديا الآتية من الحياة نفسها، وليست الكوميديا التي تعلق على مواقف في الحياة.
وعلى الرغم من أن "المشبوه" لم يكن يقع ضمن مصنفات الكوميديا، بل ضمن التصنيف الدرامي، لكن سعيد صالح استطاع استنتاجها من خلال سياق خط فعل الشخصية المتصل، فكان توظيف الكوميديا عاملًا حاسمًا في تأصيل وتعزيز مزاياها الدرامية.
شارك سعيد صالح في هذا الفيلم إلى جانب عادل إمام وسعاد حسني وفاروق الفيشاوي، وهو واحد من العلامات الفارقة في تاريخ الصناعة السينمائية المصرية، في حكايته البسيطة، التي تتبع سيرة رجل يحاول الخروج من عالم الجريمة، وبناء حياة بسيطة وآمنة، لكن حياة الجريمة والماضي يلاحقانه ويمنعانه من أن يفوز بحبيبته ويستقر معها.
الفيلم أنتج عام 1981 وهو من تأليف إبراهيم الموجي وإخراج سمير سيف.
3_ مسرحية كعبلون
تعتبر مسرحية "كعبلون" ثاني مواجهات سعيد صالح مع السلطة، إذ كانت المرة الأولى في مسرحية "لعبة اسمها الفلوس" حيث سجن لمدة ستة أشهر بسبب جملة ارتجلها، ولم يكن وقعها لطيفًا على إذن السلطة، إذا قال "أمي اتجوزت ثلاث مرات، الأول أكلنا المش، والتاني علمنا الغش، والتالت لا بيهش ولا بينش". وفُهمت هذه العبارة بأنها إسقاط رمزي على رؤساء مصر الثلاثة؛ عبد الناصر والسادات ومبارك.
أما مسرحية كعبلون، فكانت مسرحية سياسية بامتياز، وأظهرت توجه سعيد صالح السياسي والفكري المعارض، ليس بسبب موضوع المسرحية وحسب، بل أيضًا من خلال تعاونه مع أحمد فؤاد نجم، الشيوعي العتيق، كابوس الرؤساء الثلاثة آنفي الذكر.
تدور أحداث المسرحية حول دولة متخيلة اسمها كعبلون، وهي دولة قمعية كل شيء فيها ممنوع. يدخل حمدون السايح إلى هذه الدولة، ويستعرض كل ما فيها بعقلية السائح، ويسخر من كل بنيتها بذات العقلية، ثم يجد نفسه في خضم لعبة تطلقها ابنة سيد الكل، حاكم كعبلون، التي تعرض الزواج بها مقابل أن يجيب على سؤال واحد: "أين عقل الإنسان؟".
هذا السؤال ومحاولة الإجابة عليه، قولًا وفعلًا، تفكك مفهوم الدولة البوليسية التي يمنع فيها كل شيء، ويُسجن فيها المرء بسبب كلمة.
وربما من أشهر مشاهد المسرحية هي أغنية "الممنوعات" التي كتبها فؤاد نجم وأداها سعيد صالح. المسرحية أنتجت عام 1985، وخلال أيام عرض المسرحية احترق المسرح الذي يعرضها، وتشير بعض المصادر أنه حريق مفتعل من قبل سلطة حسني مبارك.
4- فيلم سلام يا صاحبي
على الرغم من المقارنة الدائمة بين موهبة عادل إمام وسعيد صالح، ومحاولة ترجيح إحداها على الأخرى من قبل المختصين والمشاهدين على حد سواء، إلا أن ذلك لم يجرف النجمين إلى هذه المساحة وبقيا صديقين حتى آخر أيام سعيد صالح.
في سياق هذه المقارنة، أخذ كثر على صالح قبوله العمل كشخصية ثانية في هذا الفيلم، وهو الموهبة الكبيرة في التمثيل التي توازي وتتجاوز أحيانًا موهبة عادل إمام، لكن سعيد صالح لم يلتفت لذلك وقبل بلعب دور بركات معللًا ذلك بأن عادل إمام كان له الأسبقية في لعب دور البطولة المطلقة، فهو لم ير نفسه "سنيد" بقدر ما نظر إلى نفسه كممثل.
يعتبر الدور من أجمل أدوار سعيد صالح السينمائية ذات السمات الميلودرامية التي كانت رائجة فترة الثمانينيات في مصر.
تدور أحداث الفيلم حول صديقين جمعها عالم السرقة والسطو والجريمة، لكنهما قررا ترك هذا العالم وبناء نفسيهما من جديد بنزاهة وانضباط، واختارا العمل مع بائعة متجولة تبيع البطيخ لعبت دورها الممثلة سوسن بدر. تتعرض "بطة"، البائعة الجوالة، للتحرش من بعض رجال سوق الفاكهة التابعين للمعلم بلائسي فيتصدى لهم الصديقان، ثم تتشابك الأحداث أكثر ويحصلان على مكانة في السوق، فيكيد لهم بلائسي ويطلق النار عليهما في حفل زفاف بركات من بطة. يُقتل بركات، ويمضي مرزوق في طريق الانتقام من قتلة صديق عمره. الفيلم أنتج عام 1987.
5- فيلم المشردان
"المشردان" فيلم من بطولة سعيد صالح ويحيى الفخراني وشريهان. تدور أحداثه حول مسعود وحامد اللذين تلاحقهما الديون وسوء الحظ في كل مكان، وتوقعهما في الكثير من المشاكل، إلى الحد الذي يجعلهما منبوذَين.
وتحت ضغط الدائنين وصاحبة الشقة التي يقطنانها، يغادران إلى حي آخر للبحث عن عمل، لكن سوء الحظ يبقى قرينًا لهما، إلى اليوم الذي تأتي فيه رسالة من عم مسعود المغترب في أستراليا تفيد بحصوله على مبلغ مليون جنيه كورثة، لكن الصديقين لا يعلمان بهذا الأمر لأنهما ملاحقان من الشرطة بسبب سرقة مسعود لدجاجة. وحين تتقطع بهم السبل وتُسد أمامها الأبواب، يقرران العودة إلى حيهما ليفاجأ الاثنان بتبدل معاملة سكان الحي كلهم لهما وسط استغرابهما من الأمر، إلى أن يكتشفا حقيقة الورثة في لحظة مشحونة وصاخبة. الفيلم للكاتب فيصل ندا، ومن إخراج السعيد مصطفى.