غريغوري (غناء)
Gregorian chant - Chant grégorien
الغريغوري (الغناء ـ)
الغناء الغريغوري Gregorian chant غناء ديني رومي (نسبة إلى روما) ذو ألحان في الكتاب المقدس للموسيقى الكنسية اللاتينية. وهو فن موسيقي غنائي جاد، ذو سير لحني منفرد (أحادي الصوت) Monophony غير مرافق بآلات موسيقية.
يرتكز الغناء الغريغوري على ثمانية سلالم موسيقية [ر. الموسيقى]، أربعة منها أساسية Autentique، وهي: ره ـ مي ـ فا ـ سول، والأخرى تابعة لها تدعى Plagale، وهي في بعد رباعي[ر. الموسيقى] تحت الأساسية: لا ـ سي ـ دو ـ ره، وهذه القاعدة كانت سائدة في القرنين الثامن والتاسع الميلاديين، وهي مستوحاة من الموسيقى البيزنطية[ر]. وأما الإيقاع فكان حراً إذ لم يكن هناك زمن محدد لكل صوت موسيقي، فقد كان يتبع حركات كلمات النص الغنائي.
يتألف الغناء الغريغوري من مجموعة أغانٍ أكثرها مجهول الهوية تربو على ثلاثمئة أغنية دينية مختلفة الأجناس. وتاريخ هذا الغناء قديم يعود إلى المسيحيين الأوائل الذين جاؤوا من أصقاع مختلفة الأوطان والثقافات، حاولوا إيجاد غناء ديني خاص بهم. ولما كانت روما على علاقة وطيدة بالكنائس الشرقية، في القرون الأولى للمسيحية ولاسيما الكنيسة الإغريقية، اتخذت الكنيسة الرومية اللغة اليونانية لغة رسمية في طقوسها الدينية، واستخدمت كذلك التراتيل اليونانية القديمة. إلا أنه في نهاية القرن التاسع الميلادي، صارت العبادة في الكنائس الرومية تؤدى باللاتينية. ولما تكوَّن بالتدريج غناء ديني جديد خاص ذو معالم موسيقية مختلفة، نوعاً ما، عن الأصل، تكوّن غناء ديني ذو ملامح إغريقية وبيزنطية أطلق عليه «الغناء الرومي القديم» Antico Romano، غدا فيما بعد أساساً للغناء الغريغوري.
رأى البابا غريغوريو الكبير (540ـ 605)، قبل أن يعتلي كرسي البابوية عام 590، تشذيب الغناء الكنسي اللاتيني وتهذيبه؛ فجمع الأغاني الدينية الأصيلة ونظمها في كتاب «ترديد غنائي تجاوبيّ» Antifonarius Cento صار مرجعاً غنائياً كنسياً، واتخذت الألحان اسمه «الغناء الغريغوري». وقد استخدم هذا الغناء بهذا الاسم للمرة الأولى في المراسم والطقوس الكنسية في نهاية القرن الثامن. وكانت تلك التراتيل الأولى أساساً للغناء الكنسي الذي شاع في معظم البلاد المسيحية الأوربية بوساطة الرهبان المؤمنين اللاتينيين.
بدأ شارلمان (شارل الكبير ملك فرنسا وامبراطور الفرنجة) في فرنسا بتحديد الأغاني الدينية وتوحيدها بغية انتشار الغناء الغريغوري، فألغى الغناء «الغاليكاني» Gallicane (نوع من الغناء الديني الفرنسي)، والغناء «المستعرب» Mozarabe (غناء ديني إسباني قديم للمستعربين الذين خضعوا للحكم العربي) من الطقوس الدينية، واتخذ الغناء الغريغوري أساساً في كثير من الأديرة الأوربية المختلفة.
في نهاية القرن التاسع، ومع بداية ابتكار التدوين الموسيقي، كانت الأغاني الدينية تتناقل سماعياً متأثرة ببعض الألحان المحلية. كما كان لأغاني الشعراء الجوالين (التروبادور)، وانتشار الموسيقى البوليفونية Polyphony (متعددة الأصوات) أثر واضح في الغناء الغريغوري منذ القرن الحادي عشر.
ومنذ بداية القرن السادس عشر، عانى الغناء الغريغوري الانحطاط والجمود؛ إذ تشوهت الأغاني الكنسية المرافقة للمناسبات الدينية السنوية. مما جعل رؤساء بعض أديرة الرهبان الإيطاليين، في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، يهتمون بعلاج هذا الركود. فبدؤوا بتنقيح الغناء الغريغوري ورده إلى أصوله بعد تدوينه. ففي عام 1889 بُدئ بطباعة المجموعة الغنائية الدينية المقررة ونشرها حسب «علم قراءة النصوص الموسيقية القديمة» Paléographie musicale. ودعت الحاجة بذلك إلى تصنيف الأغاني الكنسية الأصيلة وتوحيدها، وإزالة الشوائب منها. وبدأت إدارة كنيسة الفاتيكان، منذ عام 1905، طباعة الأغاني الغريغورية المقررة في الطقوس الدينية، في مجموعة «منشورات الفاتيكان» والمسجلة حسب التدوين الموسيقي القديم في المدرج الموسيقي [ر. الموسيقى] ذي السطور الأربعة Tetragramma، ورؤوس العلامات الموسيقية مربعة الشكل، ومايزال هذا التدوين الموسيقي قيد الاستخدام ـ كنسياً ـ حتى اليوم.
حسني الحريري
Gregorian chant - Chant grégorien
الغريغوري (الغناء ـ)
الغناء الغريغوري Gregorian chant غناء ديني رومي (نسبة إلى روما) ذو ألحان في الكتاب المقدس للموسيقى الكنسية اللاتينية. وهو فن موسيقي غنائي جاد، ذو سير لحني منفرد (أحادي الصوت) Monophony غير مرافق بآلات موسيقية.
يرتكز الغناء الغريغوري على ثمانية سلالم موسيقية [ر. الموسيقى]، أربعة منها أساسية Autentique، وهي: ره ـ مي ـ فا ـ سول، والأخرى تابعة لها تدعى Plagale، وهي في بعد رباعي[ر. الموسيقى] تحت الأساسية: لا ـ سي ـ دو ـ ره، وهذه القاعدة كانت سائدة في القرنين الثامن والتاسع الميلاديين، وهي مستوحاة من الموسيقى البيزنطية[ر]. وأما الإيقاع فكان حراً إذ لم يكن هناك زمن محدد لكل صوت موسيقي، فقد كان يتبع حركات كلمات النص الغنائي.
يتألف الغناء الغريغوري من مجموعة أغانٍ أكثرها مجهول الهوية تربو على ثلاثمئة أغنية دينية مختلفة الأجناس. وتاريخ هذا الغناء قديم يعود إلى المسيحيين الأوائل الذين جاؤوا من أصقاع مختلفة الأوطان والثقافات، حاولوا إيجاد غناء ديني خاص بهم. ولما كانت روما على علاقة وطيدة بالكنائس الشرقية، في القرون الأولى للمسيحية ولاسيما الكنيسة الإغريقية، اتخذت الكنيسة الرومية اللغة اليونانية لغة رسمية في طقوسها الدينية، واستخدمت كذلك التراتيل اليونانية القديمة. إلا أنه في نهاية القرن التاسع الميلادي، صارت العبادة في الكنائس الرومية تؤدى باللاتينية. ولما تكوَّن بالتدريج غناء ديني جديد خاص ذو معالم موسيقية مختلفة، نوعاً ما، عن الأصل، تكوّن غناء ديني ذو ملامح إغريقية وبيزنطية أطلق عليه «الغناء الرومي القديم» Antico Romano، غدا فيما بعد أساساً للغناء الغريغوري.
رأى البابا غريغوريو الكبير (540ـ 605)، قبل أن يعتلي كرسي البابوية عام 590، تشذيب الغناء الكنسي اللاتيني وتهذيبه؛ فجمع الأغاني الدينية الأصيلة ونظمها في كتاب «ترديد غنائي تجاوبيّ» Antifonarius Cento صار مرجعاً غنائياً كنسياً، واتخذت الألحان اسمه «الغناء الغريغوري». وقد استخدم هذا الغناء بهذا الاسم للمرة الأولى في المراسم والطقوس الكنسية في نهاية القرن الثامن. وكانت تلك التراتيل الأولى أساساً للغناء الكنسي الذي شاع في معظم البلاد المسيحية الأوربية بوساطة الرهبان المؤمنين اللاتينيين.
بدأ شارلمان (شارل الكبير ملك فرنسا وامبراطور الفرنجة) في فرنسا بتحديد الأغاني الدينية وتوحيدها بغية انتشار الغناء الغريغوري، فألغى الغناء «الغاليكاني» Gallicane (نوع من الغناء الديني الفرنسي)، والغناء «المستعرب» Mozarabe (غناء ديني إسباني قديم للمستعربين الذين خضعوا للحكم العربي) من الطقوس الدينية، واتخذ الغناء الغريغوري أساساً في كثير من الأديرة الأوربية المختلفة.
في نهاية القرن التاسع، ومع بداية ابتكار التدوين الموسيقي، كانت الأغاني الدينية تتناقل سماعياً متأثرة ببعض الألحان المحلية. كما كان لأغاني الشعراء الجوالين (التروبادور)، وانتشار الموسيقى البوليفونية Polyphony (متعددة الأصوات) أثر واضح في الغناء الغريغوري منذ القرن الحادي عشر.
ومنذ بداية القرن السادس عشر، عانى الغناء الغريغوري الانحطاط والجمود؛ إذ تشوهت الأغاني الكنسية المرافقة للمناسبات الدينية السنوية. مما جعل رؤساء بعض أديرة الرهبان الإيطاليين، في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، يهتمون بعلاج هذا الركود. فبدؤوا بتنقيح الغناء الغريغوري ورده إلى أصوله بعد تدوينه. ففي عام 1889 بُدئ بطباعة المجموعة الغنائية الدينية المقررة ونشرها حسب «علم قراءة النصوص الموسيقية القديمة» Paléographie musicale. ودعت الحاجة بذلك إلى تصنيف الأغاني الكنسية الأصيلة وتوحيدها، وإزالة الشوائب منها. وبدأت إدارة كنيسة الفاتيكان، منذ عام 1905، طباعة الأغاني الغريغورية المقررة في الطقوس الدينية، في مجموعة «منشورات الفاتيكان» والمسجلة حسب التدوين الموسيقي القديم في المدرج الموسيقي [ر. الموسيقى] ذي السطور الأربعة Tetragramma، ورؤوس العلامات الموسيقية مربعة الشكل، ومايزال هذا التدوين الموسيقي قيد الاستخدام ـ كنسياً ـ حتى اليوم.
حسني الحريري