دمى راقصة وهيدروجين أخضر
تكمن أهمية الهيدروجين المتولد من التحليل الكهربائي للماء في أنه يقطع مع الحاجة إلى الوصل المستمر بشبكة كهرباء.
انشرWhatsAppTwitterFacebook
محركات الهيدروجين الأخضر صارت أقرب إلى الواقع أكثر من أي وقت مضى
عاد ابني من اليابان بدميتين صغيرتين تستمران في الحركة والتلويح طالما هناك ضوء يلامس خلاياهما الشمسية. الدميتان طريفتان وتنتميان إلى رسوم فنّيْ المانغا والأنيمي اليابانيّيْن. هذان النوعان من فنون الرسم هما ما دفع ابني إلى قضاء ثلاثة أسابيع في بلد يعشق الكوميكس. كل صباح، ومع شروق الشمس، تدب الحركة في الدميتين. تكاد تراهما تتحركان بصعوبة في المساء على ضوء المصابيح. مع تراجع شدة الإضاءة، تنخفض الفولتية المتولدة ومعها كمية التيار الكهربائي المار في محرك الدمية. قبل اشتداد الإضاءة الطبيعية القادمة من الشمس، ومع ميل الشمس نحو الغروب، تكون هناك كمية من الطاقة المتولدة، ولكنها أضعف من أن تُحْدِث الفارق. الخلايا الشمسية لا تزال أقل كفاءة في التعامل مع الطاقة مقارنةً بأوراق الأشجار، التي تأقلمت على مدى ملايين السنين لتحويل الضوء إلى طاقة مخزنة.
الطاقة الشمسية محور مهم الآن في مشاريع الطاقة المتجددة. هناك وجهان لهذه الطاقة. الأول مباشر، أي أن تزود المحطات الشمسية شبكات الكهرباء بالطاقة. هذه المساهمة ملموسة من محطات مترامية الأطراف في المناطق التي تأخذ حصصا مضاعفة من أشعة الشمس، أي بلداننا. الوجه الثاني، وهو الأهم حسب رأيي، هو تحويل هذه الطاقة إلى وقود يمكن نقله وتخزينه، أي الهيدروجين الأخضر. الطاقة المتولدة من حرق الهيدروجين نظيفة ولا علاقة لها بالمتآمر الأول على البيئة، أي الوقود الأحفوري الكربوني. الطاقة القادمة من الخلايا الشمسية تستخدم في التحليل الكهربائي للماء إلى أوكسجين وهيدروجين. نعم، الأمر بهذه البساطة التي تذكرنا بأول تجربة أجريناها في مختبرات العلوم والكيمياء في بدايات المرحلة الثانوية.
تكمن أهمية الهيدروجين المتولد من التحليل الكهربائي للماء في أنه يقطع مع الحاجة إلى الوصل المستمر بشبكة كهرباء. تقف عند محطة وقود تبيع الهيدروجين، مثلما تفعل مع محطة وقود بنزين أو ديزل. لا حاجة إلى ربط سيارتك الكهربائية بنقطة تغذية لساعات لكي تقلك إلى نصف المسافة التي تقطعها حين تملأ خزان الوقود بالبنزين أو الديزل. عقدة شحن السيارات الكهربائية ستستمر وقتا طويلا لحين الوصول إلى بطارية يمكن شحنها بنفس سرعة ملء خزان الوقود. المحرك البيئي الجديد يعمل بالهيدروجين، بلا تأثير كبير على البيئة.”عبي” الخزان بهيدروجين أخضر وانطلق.
ثمة مشكلة صغيرة لكنها مهمة؛ أن عملية التحليل الكهربائي للماء إلى هيدروجين وأوكسجين تحتاج إلى نسبة فولتية معينة، وإلا تتوقف أو تتراجع كفاءتها بشكل كبير. إذا كانت أشعة الشمس ضعيفة، فإن الفولتية المتولدة ستكون واطئة؛ أي ستتوقف الدمية عن التلويح لنا، وتتوقف عملية توليد الهيدروجين الأخضر كوقود للسيارات. يقول علماء في جامعة سيتي يونيفرسيتي في هونغ كونغ إنهم تمكنوا من صناعة سبيكة مغذاة بالفوسفات ستجعل التحليل الكهربائي يقترب من 100 في المئة حتى بفولت واحد و80 في المئة عند 0.6 من الفولت. هذا قريب جدا من الجهد الكهربائي الذي يتولد حين تكون أشعة الشمس ضعيفة أو يكون الجو غائما. هذه كفاءة مهمة وتقترب من كفاءة نباتات الظل الداخلية التي تحافظ على خضرتها ونظارتها رغم أنها تتلقى الحد الأدنى من الطاقة الضوئية.
إنجاز علمي صغير ولم يسترع الكثير من الانتباه. لكننا بسببه قد نكون على موعد مع ثورة في الطاقة الخضراء. الدمى ستبقى تلوح وتتوقف إلى حين العثور على خلايا شمسية أكثر كفاءة. لكن محركات الهيدروجين الأخضر صارت أقرب إلى الواقع أكثر من أي وقت مضى.
انشرWhatsAppTwitterFacebook
د. هيثم الزبيدي
كاتب من العراق مقيم في لندن
تكمن أهمية الهيدروجين المتولد من التحليل الكهربائي للماء في أنه يقطع مع الحاجة إلى الوصل المستمر بشبكة كهرباء.
انشرWhatsAppTwitterFacebook
محركات الهيدروجين الأخضر صارت أقرب إلى الواقع أكثر من أي وقت مضى
عاد ابني من اليابان بدميتين صغيرتين تستمران في الحركة والتلويح طالما هناك ضوء يلامس خلاياهما الشمسية. الدميتان طريفتان وتنتميان إلى رسوم فنّيْ المانغا والأنيمي اليابانيّيْن. هذان النوعان من فنون الرسم هما ما دفع ابني إلى قضاء ثلاثة أسابيع في بلد يعشق الكوميكس. كل صباح، ومع شروق الشمس، تدب الحركة في الدميتين. تكاد تراهما تتحركان بصعوبة في المساء على ضوء المصابيح. مع تراجع شدة الإضاءة، تنخفض الفولتية المتولدة ومعها كمية التيار الكهربائي المار في محرك الدمية. قبل اشتداد الإضاءة الطبيعية القادمة من الشمس، ومع ميل الشمس نحو الغروب، تكون هناك كمية من الطاقة المتولدة، ولكنها أضعف من أن تُحْدِث الفارق. الخلايا الشمسية لا تزال أقل كفاءة في التعامل مع الطاقة مقارنةً بأوراق الأشجار، التي تأقلمت على مدى ملايين السنين لتحويل الضوء إلى طاقة مخزنة.
الطاقة الشمسية محور مهم الآن في مشاريع الطاقة المتجددة. هناك وجهان لهذه الطاقة. الأول مباشر، أي أن تزود المحطات الشمسية شبكات الكهرباء بالطاقة. هذه المساهمة ملموسة من محطات مترامية الأطراف في المناطق التي تأخذ حصصا مضاعفة من أشعة الشمس، أي بلداننا. الوجه الثاني، وهو الأهم حسب رأيي، هو تحويل هذه الطاقة إلى وقود يمكن نقله وتخزينه، أي الهيدروجين الأخضر. الطاقة المتولدة من حرق الهيدروجين نظيفة ولا علاقة لها بالمتآمر الأول على البيئة، أي الوقود الأحفوري الكربوني. الطاقة القادمة من الخلايا الشمسية تستخدم في التحليل الكهربائي للماء إلى أوكسجين وهيدروجين. نعم، الأمر بهذه البساطة التي تذكرنا بأول تجربة أجريناها في مختبرات العلوم والكيمياء في بدايات المرحلة الثانوية.
تكمن أهمية الهيدروجين المتولد من التحليل الكهربائي للماء في أنه يقطع مع الحاجة إلى الوصل المستمر بشبكة كهرباء. تقف عند محطة وقود تبيع الهيدروجين، مثلما تفعل مع محطة وقود بنزين أو ديزل. لا حاجة إلى ربط سيارتك الكهربائية بنقطة تغذية لساعات لكي تقلك إلى نصف المسافة التي تقطعها حين تملأ خزان الوقود بالبنزين أو الديزل. عقدة شحن السيارات الكهربائية ستستمر وقتا طويلا لحين الوصول إلى بطارية يمكن شحنها بنفس سرعة ملء خزان الوقود. المحرك البيئي الجديد يعمل بالهيدروجين، بلا تأثير كبير على البيئة.”عبي” الخزان بهيدروجين أخضر وانطلق.
ثمة مشكلة صغيرة لكنها مهمة؛ أن عملية التحليل الكهربائي للماء إلى هيدروجين وأوكسجين تحتاج إلى نسبة فولتية معينة، وإلا تتوقف أو تتراجع كفاءتها بشكل كبير. إذا كانت أشعة الشمس ضعيفة، فإن الفولتية المتولدة ستكون واطئة؛ أي ستتوقف الدمية عن التلويح لنا، وتتوقف عملية توليد الهيدروجين الأخضر كوقود للسيارات. يقول علماء في جامعة سيتي يونيفرسيتي في هونغ كونغ إنهم تمكنوا من صناعة سبيكة مغذاة بالفوسفات ستجعل التحليل الكهربائي يقترب من 100 في المئة حتى بفولت واحد و80 في المئة عند 0.6 من الفولت. هذا قريب جدا من الجهد الكهربائي الذي يتولد حين تكون أشعة الشمس ضعيفة أو يكون الجو غائما. هذه كفاءة مهمة وتقترب من كفاءة نباتات الظل الداخلية التي تحافظ على خضرتها ونظارتها رغم أنها تتلقى الحد الأدنى من الطاقة الضوئية.
إنجاز علمي صغير ولم يسترع الكثير من الانتباه. لكننا بسببه قد نكون على موعد مع ثورة في الطاقة الخضراء. الدمى ستبقى تلوح وتتوقف إلى حين العثور على خلايا شمسية أكثر كفاءة. لكن محركات الهيدروجين الأخضر صارت أقرب إلى الواقع أكثر من أي وقت مضى.
انشرWhatsAppTwitterFacebook
د. هيثم الزبيدي
كاتب من العراق مقيم في لندن