رشدي أباظة الشبيه بالعسل

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • رشدي أباظة الشبيه بالعسل

    رشدي أباظة الشبيه بالعسل


    كم هربت الفتيات من ذلك الحلو الآسر الذي كان جذابا بالرغم من أنه لم يكن وسيما دائما.

    انشرWhatsAppTwitterFacebook

    صباح شبهت رشدي أباظة بالعسل قبل أن تتزوج منه

    الحلو عكس المر إذا ما تعلق الأمر بالطعام، غير أن الحلو أيضا هو عكس القبيح إذا ما تعلق الأمر بالجمال. الجميل هو حلو إذا فارق مستواه العادي.

    ليست كل الأشياء في حاجة إلى السكر لكي تكون حلوة. فالعسل حلو من غير سكر. "منه وبيه" يقول العراقيون. "زي لعسل" يقول المصريون. وهم لا يقصدون بذلك مديح الجمال البشري فحسب، بل وأيضا أخلاق الشخص وسلوكه وحديثه ومشية المرأة بأنوثة طاغية.

    يقولون "ينقط سكر"، تعبير يختصر تاريخا من الجنون بالسكر، أما حين يصرخون "يا حلاوة" فإنهم يصعدون بالتعبير إلى أعلى قمم نشوته.

    و"يا حلاوة الدنيا يا حلاوة" التي غنتها فتحية أحمد تشتق مفردة "يا حلولو" وهي الأجمل في التعبير عن الامتزاج بروح الجمال الذي لا ينتهي. فـ"حلولو" دائرية، غير ساكنة ولا محل لها في العربية.

    كانت نادية لطفي هي الحلوة التي غنى من أجلها عبدالحليم حافظ "الحلوة/ برموشها السود الحلوة/ شغلتني ندتني خذتني/ ودتني لبعيد وجابتني"، ثم يضيف “لولا ضحكتها الحلوة/ وعدتني بحاجات حلوة/ الحلوة الحلوة عينيك يا حبيبي".

    من الزعيمة الطلابية إلى المرأة اللعوب في "أبي فوق الشجرة" حين غنى لها عبدالحليم "جانا الهوا جانا" شقت نادية لطفي طرق الجمال المثالي متجاوزة هند رستم الفاتنة المتوترة بكل ما انطوت عليه من إغراء وكأنها مارلين مونرو ومريم فخرالدين التمثال الصامت.

    يمكنني أن أتخيل أن هناك نوعا من الحلويات يُطلق عليه اسم "حلولو" ما دامت هناك حلوى عمانية حين تناولت منها ملعقة واحدة شعرت بأنه سيُغمى علي والأرض تدور من حولي من شدة حلاوتها. غير أن صديقي الرسام العماني حسين عبيد التهم محتويات طاسة كاملة ولم يكتف. وعيناه تطلبان المزيد.

    “يا حلو يا صغير يا مدلل/ لا تصوب رمش العين/ عاشق وقليبي ميتحمل/ بتعذب بين النارين” تقول العراقية مائدة نزهت في محاولة منها للهروب من قدرية الحب بعكس ما ورد على لسانها في وقت لاحق “قالو حلو كل الناس تهواه/ محبوبي ودليلي دوم وياه”.

    ومائدة نزهت هي وارثة الغناء النسوي البغدادي الذي لم يكن يومها قد ضاع وسط بكائيات الغناء الريفي. سبقتها في ذلك سليمة مراد وعفيفة إسكندر.

    ولكل واحدة من الثلاث حلاوة صوت صنعت تاريخا من العاطفة التي وهبت العراقي قدرة استثنائية في التنقل بخفة بين الضحك والبكاء.

    وكم هربت الفتيات من ذلك الحلو الآسر الذي كان جذابا بالرغم من أنه لم يكن وسيما دائما. غير أن صباح لا تهرب من قدرها حين تتساءل بمتعة “الحليوة فين/ ايه جرالو يا عين/ كل ساعة استنى طيفو/ كل يوم أقول حشوفو” وهي التي شبهت رشدي أباظة بالعسل قبل أن تتزوج منه.

    انشرWhatsAppTwitterFacebook

    فاروق يوسف
    كاتب عراقي
يعمل...
X