"عتمة مؤقتة".. فيلم يشرح واقع دمشق المهمش
الفيلم السوري يراهن على طاقات الشباب لرسم ملامح الواقع الجديد.
محاولة للتأقلم مع الواقع الجديد
تتشعب حياة الناس في المدن إلى الكثير من التفاصيل اليومية، التي تخلق منها دفقا كبيرا من الحكايات. دمشق، مسرح لأحداث فيلم، يقدم مآلات لقاء عفوي جمع شخصيتين هاربتين من ماض مؤلم وقاس، يجمعهما عالم سفلي. فيعيشان معا تفاصيل مختلفة تجمعهما ببعضهما وبمحيطهما. فيلم “عتمة مؤقتة” يقدم تناولا إنسانيا جوانيا لطبيعة حياة الناس الذين يحيون على الهامش.
"عتمة مؤقتة" فيلم روائي طويل تنتجه المؤسسة العامة للسينما في دمشق. سيناريو وإخراج فراس محمد في أول تجاربه السينمائية في مجال الفيلم الروائي الطويل.
تتلاقى في الفيلم شخصيات عانت ثقل الحياة في ماضيها، مخلفة لها الكثير من القسوة والتعب ودفع أثمان المغامرة والحرب، لكن أمل الحياة والسعي نحو امتلاك فرص جديدة يجعل هؤلاء قادرين على فرض شيء من إراداتهم على مسار الحياة.
شخصيات من الهامش
الفيلم يشرح طبيعة علاقات في مدينة تغمرها ملامح القسوة وهامشها متسع وعالمها السفلي غني ومليء بالحكايات
في الفيلم حكاية عن شخصيات قليلة، لكنها أصيلة وتمثل شرائح عريضة. فهو يعرض عوالم شخصيات تقدم مهنا معروفة كاللحام والمقاول وغيرهما، لكنه من خلال يوميات حيواتها ومطامحها يبين لنا أنها تسعى لتكريس حضورها على مشهد الحياة.
يقول مؤلف ومخرج الفيلم فراس محمد لـ”العرب” عن ذلك “في الفيلم حديث عن شريحة المهمشين، وتحديدا عن الهامش الموجود في مدينة دمشق وعن كونه من مفرزات هامش حرب، ولكن ذلك يكون بشكل غير مباشر”.
ويضيف “يركز الفيلم على الهامش في دمشق باعتبارها مدينة كبرى في سوريا. ويقدم شخصيتين، تخلق الصدف وجودهما في تقاطع يجمعهما، وهما اللذان كانا في حالة وصارا في حالة ثانية. فالشاب سرح من الجيش بعد تسع سنوات من الغياب ومتاعبه، وهو يحاول أن يتأقلم مع الجو الجديد الذي وصل إليه، إضافة إلى الفتاة التي عادت إلى أهلها بعد أن كانت قد هربت منهم سابقا. كلاهما يحاول مجددا السيطرة على حياته والتأقلم مع الواقع الجديد الذي خلفته الحرب”.
ويتابع محمد “الفيلم لا يقدم ذلك بشكل صريح، كما أن التصور البصري للفيلم لا يمكنه أن يلغي واقع الحرب. شكل العودة القسري للشخصيات أوجد حالة خاصة فيما بينها فتحولت كل شخصية إلى ملجأ للشخصية الأخرى. يريد الفيلم أن يصل في النهاية إلى تشريح طبيعة علاقات مدينة فيها ملامح القسوة وهامشها متسع والعالم السفلي فيها غني ومليء بالحكايات”.
قدم فراس محمد العديد من الأفلام القصيرة سابقا، من خلال المؤسسة العامة للسينما، كما قدم فيلما وثائقيا قصيرا حمل عنوان “الناس يلي فوق” وهو إنتاج خاص، نال عنه التانيت الذهبي في أيام قرطاج السينمائية في الدورة الأحدث. وهو بفيلمه “عتمة مؤقتة” يقدم أول تجاربه السينمائية في مجال الفيلم الروائي الطويل.
يقول عن ذلك “عتمة مؤقتة هو فيلمي الروائي الطويل الأول، اكتشفت من خلاله وبشكل تدريجي أنه تجربة مختلفة تماما عن تنفيذ فيلم روائي قصير، سواء بالنسبة إلى كتابة السيناريو بالشكل الكلاسيكي المتعلق بالتعاطي مع الشخصيات أو الحكاية وضرورة حدوث تطور درامي ومحاولة التقاط الحياة داخل هذه الحكاية، أو من خلال التصور البصري لهذه الحكاية. الفرق كبير والذهنية مختلفة تماما بين الفيلم الروائي القصير والطويل”.
عوالم جديدة
عن التجربة الجديدة وكيفية تعاطي فريق العمل في مرحلة التنفيذ وكذلك عن الظروف التي أحاطت به بشكل عام يقول محمد “كان الفريق جديا في العمل، وقدم أعلى طاقة ممكنة. ولا بد من شكر المؤسسة العامة للسينما ومديرها العام مراد شاهين للفرصة التي أتاحوها لي بإخراج الفيلم. خاصة بعد نيلي التانيت الذهبي في أيام قرطاج السينمائية. هذه التجربة المختلفة التي بسببها عرفت معنى طريقة التعاطي مع السينما من جانب، والجانب الثاني المختلف هو التعاطي مع الكاست أو فريق العمل”.
ويتابع “في الفيلم الروائي الطويل مدة التصوير طويلة، فلا بد أن يكون فريق العمل متبنيا لهذا المشروع وإلا فإن إيقاع تنفيذ العمل سيكون له شكل آخر. فالإيقاع في الفيلم الطويل يجب أن يكون مشدودا، ليس على صعيد القصة والشخصية فحسب، بل حتى على صعيد العمل. كالتنسيق داخل العمل من ناحية التعاطي مع التمثيل بشخصياته الأساسية أو الثانوية أو إدارة التصوير والإضاءة”.
ويقول لـ”العرب”، “كنت محظوظا بفريق عمل محب، يبدأ من إدارة الإنتاج سامر رحال أو إدارة التصوير باسل سراولجي الذي حمل الفيلم على كتفيه، فالفيلم يعتمد على تصوير الكاميرا المحمولة بشكل دائم، وهذا أضاف عبئا جديدا، فإدارة التصوير قدمت كل الجهد ثم الممثلون الذين كانوا مزيجا من الوجوه الشابة والقديمة الخبيرة التي يعرفها الجمهور، والشكر لهم جميعا على الجهد الذي بذلوه”.
ودائما ما تسعى السينما السورية لتقديم طاقات سينمائية شابة في كل مفاصل العمل السينمائي، من الكتابة إلى الإخراج إلى التمثيل مرورا بالعديد من التوصيفات السينمائية. في فيلم “عتمة مؤقتة” جهود فريق من العمل اعتمد بشكل واضح على شريحة الشباب، سواء كانوا من الفريق التقني أو الممثلين.
وحضرت آية محمود في دور أساسي وكذلك كساندرا دياب التي تخرجت حديثا من جامعة المنار وتقدم أول أعمالها الفنية في مجال السينما. كما تشارك الشابة دلع نادر وعلاء زهرالدين و محمد زرزور وأمير برازي. أما من الممثلين الذين رسخوا تجاربهم فيشارك زهير عبدالكريم الذي شارك قبل فترة وجيزة بفيلم “حي المنازل” للمخرج غسان شميط وأمانة والي وعلي قاسم ورنا جمول.
انشرWhatsAppTwitterFacebook
نضال قوشحة
كاتب سوري
الفيلم السوري يراهن على طاقات الشباب لرسم ملامح الواقع الجديد.
محاولة للتأقلم مع الواقع الجديد
تتشعب حياة الناس في المدن إلى الكثير من التفاصيل اليومية، التي تخلق منها دفقا كبيرا من الحكايات. دمشق، مسرح لأحداث فيلم، يقدم مآلات لقاء عفوي جمع شخصيتين هاربتين من ماض مؤلم وقاس، يجمعهما عالم سفلي. فيعيشان معا تفاصيل مختلفة تجمعهما ببعضهما وبمحيطهما. فيلم “عتمة مؤقتة” يقدم تناولا إنسانيا جوانيا لطبيعة حياة الناس الذين يحيون على الهامش.
"عتمة مؤقتة" فيلم روائي طويل تنتجه المؤسسة العامة للسينما في دمشق. سيناريو وإخراج فراس محمد في أول تجاربه السينمائية في مجال الفيلم الروائي الطويل.
تتلاقى في الفيلم شخصيات عانت ثقل الحياة في ماضيها، مخلفة لها الكثير من القسوة والتعب ودفع أثمان المغامرة والحرب، لكن أمل الحياة والسعي نحو امتلاك فرص جديدة يجعل هؤلاء قادرين على فرض شيء من إراداتهم على مسار الحياة.
شخصيات من الهامش
الفيلم يشرح طبيعة علاقات في مدينة تغمرها ملامح القسوة وهامشها متسع وعالمها السفلي غني ومليء بالحكايات
في الفيلم حكاية عن شخصيات قليلة، لكنها أصيلة وتمثل شرائح عريضة. فهو يعرض عوالم شخصيات تقدم مهنا معروفة كاللحام والمقاول وغيرهما، لكنه من خلال يوميات حيواتها ومطامحها يبين لنا أنها تسعى لتكريس حضورها على مشهد الحياة.
يقول مؤلف ومخرج الفيلم فراس محمد لـ”العرب” عن ذلك “في الفيلم حديث عن شريحة المهمشين، وتحديدا عن الهامش الموجود في مدينة دمشق وعن كونه من مفرزات هامش حرب، ولكن ذلك يكون بشكل غير مباشر”.
ويضيف “يركز الفيلم على الهامش في دمشق باعتبارها مدينة كبرى في سوريا. ويقدم شخصيتين، تخلق الصدف وجودهما في تقاطع يجمعهما، وهما اللذان كانا في حالة وصارا في حالة ثانية. فالشاب سرح من الجيش بعد تسع سنوات من الغياب ومتاعبه، وهو يحاول أن يتأقلم مع الجو الجديد الذي وصل إليه، إضافة إلى الفتاة التي عادت إلى أهلها بعد أن كانت قد هربت منهم سابقا. كلاهما يحاول مجددا السيطرة على حياته والتأقلم مع الواقع الجديد الذي خلفته الحرب”.
ويتابع محمد “الفيلم لا يقدم ذلك بشكل صريح، كما أن التصور البصري للفيلم لا يمكنه أن يلغي واقع الحرب. شكل العودة القسري للشخصيات أوجد حالة خاصة فيما بينها فتحولت كل شخصية إلى ملجأ للشخصية الأخرى. يريد الفيلم أن يصل في النهاية إلى تشريح طبيعة علاقات مدينة فيها ملامح القسوة وهامشها متسع والعالم السفلي فيها غني ومليء بالحكايات”.
قدم فراس محمد العديد من الأفلام القصيرة سابقا، من خلال المؤسسة العامة للسينما، كما قدم فيلما وثائقيا قصيرا حمل عنوان “الناس يلي فوق” وهو إنتاج خاص، نال عنه التانيت الذهبي في أيام قرطاج السينمائية في الدورة الأحدث. وهو بفيلمه “عتمة مؤقتة” يقدم أول تجاربه السينمائية في مجال الفيلم الروائي الطويل.
يقول عن ذلك “عتمة مؤقتة هو فيلمي الروائي الطويل الأول، اكتشفت من خلاله وبشكل تدريجي أنه تجربة مختلفة تماما عن تنفيذ فيلم روائي قصير، سواء بالنسبة إلى كتابة السيناريو بالشكل الكلاسيكي المتعلق بالتعاطي مع الشخصيات أو الحكاية وضرورة حدوث تطور درامي ومحاولة التقاط الحياة داخل هذه الحكاية، أو من خلال التصور البصري لهذه الحكاية. الفرق كبير والذهنية مختلفة تماما بين الفيلم الروائي القصير والطويل”.
عوالم جديدة
عن التجربة الجديدة وكيفية تعاطي فريق العمل في مرحلة التنفيذ وكذلك عن الظروف التي أحاطت به بشكل عام يقول محمد “كان الفريق جديا في العمل، وقدم أعلى طاقة ممكنة. ولا بد من شكر المؤسسة العامة للسينما ومديرها العام مراد شاهين للفرصة التي أتاحوها لي بإخراج الفيلم. خاصة بعد نيلي التانيت الذهبي في أيام قرطاج السينمائية. هذه التجربة المختلفة التي بسببها عرفت معنى طريقة التعاطي مع السينما من جانب، والجانب الثاني المختلف هو التعاطي مع الكاست أو فريق العمل”.
ويتابع “في الفيلم الروائي الطويل مدة التصوير طويلة، فلا بد أن يكون فريق العمل متبنيا لهذا المشروع وإلا فإن إيقاع تنفيذ العمل سيكون له شكل آخر. فالإيقاع في الفيلم الطويل يجب أن يكون مشدودا، ليس على صعيد القصة والشخصية فحسب، بل حتى على صعيد العمل. كالتنسيق داخل العمل من ناحية التعاطي مع التمثيل بشخصياته الأساسية أو الثانوية أو إدارة التصوير والإضاءة”.
في الفيلم حكاية عن شخصيات قليلة لكنها أصيلة وتمثل شرائح عريضة من المجتمع السوري ما بعد الحرب
ويقول لـ”العرب”، “كنت محظوظا بفريق عمل محب، يبدأ من إدارة الإنتاج سامر رحال أو إدارة التصوير باسل سراولجي الذي حمل الفيلم على كتفيه، فالفيلم يعتمد على تصوير الكاميرا المحمولة بشكل دائم، وهذا أضاف عبئا جديدا، فإدارة التصوير قدمت كل الجهد ثم الممثلون الذين كانوا مزيجا من الوجوه الشابة والقديمة الخبيرة التي يعرفها الجمهور، والشكر لهم جميعا على الجهد الذي بذلوه”.
ودائما ما تسعى السينما السورية لتقديم طاقات سينمائية شابة في كل مفاصل العمل السينمائي، من الكتابة إلى الإخراج إلى التمثيل مرورا بالعديد من التوصيفات السينمائية. في فيلم “عتمة مؤقتة” جهود فريق من العمل اعتمد بشكل واضح على شريحة الشباب، سواء كانوا من الفريق التقني أو الممثلين.
وحضرت آية محمود في دور أساسي وكذلك كساندرا دياب التي تخرجت حديثا من جامعة المنار وتقدم أول أعمالها الفنية في مجال السينما. كما تشارك الشابة دلع نادر وعلاء زهرالدين و محمد زرزور وأمير برازي. أما من الممثلين الذين رسخوا تجاربهم فيشارك زهير عبدالكريم الذي شارك قبل فترة وجيزة بفيلم “حي المنازل” للمخرج غسان شميط وأمانة والي وعلي قاسم ورنا جمول.
انشرWhatsAppTwitterFacebook
نضال قوشحة
كاتب سوري