تحدث مغالطة الالتماس للأرقام عندما يُصبح العدد الكبير للأشخاص الموافقين على شيء ما سببًا لتوافق عليه، وتعده سائدًا وعامًا. أو عندما ترى أن اتفاق معظم الناس على ادعاء بشأن موضوع ما، يجعل الادعاء صحيحًا (عادةً يكون هذا افتراضًا غير مصرح به بوضوح)، مثلًا: إن الادعاء X يتفق عليه معظم الناس، فالادعاء X صحيح.
يمكن الاعتماد على مغالطة الالتماس للأرقام بوصفها نهجًا مباشرًا حين يخاطب المتحدث حشدًا، ويحاول متعمدًا إثارة مشاعرهم لحملهم على قبول ما يقوله. وهذا نوع متطور من «عقلية الغوغاء»، إذ يتماشى الناس مع ما يسمعونه لأنهم يرون آخرين يتماشون معه أيضًا، ومن الواضح أن هذا تكتيك شائع في الخطابات السياسية.
ويمكن أن تُتخذ هذه المغالطة أيضًا نهجًا غير مباشر، عندما يبدو المتحدث وكأنه يخاطب شخصًا واحدًا، مع التركيز على بعض السمات التي تربط الفرد مع مجموعات أو حشود أكبر.
أمثلة ومناقشة حول مغالطة الالتماس للأرقام
إحدى التسميات الشائعة لهذه المغالطة هو (التشبه بالأكثرية)، ويعتمد المجادل هنا في حججه على رغبة الناس في الاندماج بالجمع وأن يكونوا جزءًا منه؛ ليتماشوا مع الآخرين الفائزين من هذا الاندماج.
ومن الواضح أن هذا أسلوب شائع في الإعلانات، فمثلًا:
- شخصان من كل ثلاثة أشخاص يفضل استخدام المنتج المقدم من شركتنا، بدلًا من العلامة التجارية المنافسة.
- كان هذا الفلم الأفضل مدة ثلاثة أسابيع على التوالي.
- كان هذا الكتاب على قائمة (نيويورك تايمز) بين أكثر الكتب مبيعاً مدة 64 أسبوعًا.
- أكثر من أربعة ملايين شخص انتقلوا إلينا بدلًا من شركات التأمين التي كانوا يستخدمونها، فماذا تنتظر؟.
في جميع الحالات المذكورة، يجري إخبارك أن الكثير من الأشخاص الآخرين يفضلون منتجًا معينًا، ففي المثال الأول يخبرك إلى أي درجة يعد المنتج أفضل من أقرب منافس، ويقدم المثال الرابع نداءً صريحًا لك للحاق بالجموع، أما الأمثلة الأخرى فكان هذا النداء ضمنيًا.
نجد هذه الحجة مستخدمة في الدين أيضًا، فمثلًا: مئات الملايين من الناس كانوا مسيحيين يعتنقون الدين بإخلاص بل ويموتون في سبيله، فكيف يكون هذا ممكنًا إذا لم تكن المسيحية صحيحة؟.
من جديد نجد الحجة القائلة إن عدد الأشخاص الذين يقبلون ادعاءً ما، هو أساس جيد للاعتقاد بصحة هذا الادعاء، ولكننا نعلم الآن أن مثل هذا مجرد ادعاء خادع، فقد يكون مئات الملايين من الناس ببساطة مخطئين، حتى المسيحيين الذين يقدمون الحجة المذكورة أعلاه يجب أن يعترفوا بذلك؛ لأن العديد من الناس على الأقل قد اعتنقوا ديانات أخرى بإخلاص.
الحالة الوحيدة التي لا تكون فيها مثل هذه الحجة خاطئة هي عندما يكون الإجماع هو نفسه أحد الإثباتات الفردية، ولذلك فإن الحجة الفردية تفي بالمعايير الأساسية المطلوبة للحجة العامة. مثلًا: الجدل حول طبيعة سرطان الرئة بناءً على الآراء المنشورة لمعظم الباحثين في مجال السرطان سيكون حقيقيًا لا خاطئًا مثل الاعتماد على إثباتات من مصادر ليست ذات صلة.
مع ذلك، غالبًا، لا تكون الحجة الفردية صحيحة تمامًا، مما يجعل الحجة الجماعية خاطئة، وفي أحسن الأحوال قد تكون بمثابة سمة ثانوية تكميلية في الحجة كلها، ولكن لا يمكن أن تكون بديلًا عن الحقائق والبيانات الحقيقية.
هناك طريقة أخرى شائعة تسمى «الالتماس إلى الغرور»:
في هذه المغالطة تُربط بعض المنتجات أو الأفكار بشخص أو مجموعة تحظى بإعجاب الآخرين، والهدف هو جعل الناس يتبنون المنتج أو الفكرة؛ لأنهم يريدون أن يكونوا مثل هذا الشخص أو المجموعة، وهذا شائع في الإعلانات، ولكنه أيضًا في السياسة، فمثلًا:
- أكثر رجال الأعمال نجاحًا في البلاد يقرؤون صحيفة (وول ستريت جورنال)، ألا يجب أن تقرأها أنت أيضًا؟.
- بعض أكبر النجوم في هوليوود يدعمون قضية الحد من التلوث، ألا تريدون مساعدتنا أيضًا؟.
يريد الكثير من الناس أن يُنظر إليهم على أنهم «نخبة» بطريقة أو بأخرى، سواء كان ذلك بما يعرفونه، أو بمن يعرفون من أشخاص، أو بما لديهم من ممتلكات، وعندما تلتمس حجة ما هذه الرغبة، فإنها تكون بمثابة نداء للنخبة، أو «نداء التكبر».
غالبًا ما يُستخدم هذا في الإعلان، عندما تحاول شركة ما أن تجعلك تشتري شيئًا بناءً على فكرة أن المنتج أو الخدمة مستخدمة من قبل شريحة معينة ونخبة من المجتمع، والمعنى الضمني هو أنه إذا استخدمته انت أيضًا، فربما تعد نفسك جزءًا من هذه الفئة، فمثلًا:
- أغنى مواطني المدينة يتناولون الطعام في فندق (الريتز) منذ أكثر من 50 عامًا، لمَ لا تجربه؟.
- بنتلي هي سيارة من لديهم أذواق مميزة، إذا كنت من القلة المختارة الذين يقدرون مثل هذه السيارة، فلن تندم أبدًا على قرار امتلاك واحدة.