مروي
Meroe - Méroé
مروى
مروى Meroe عاصمة أكبر مملكة قامت في بلاد النوبة. مازالت آثارها ماثلة للعيان ما بين الشلال الخامس والسادس، على الضفة الشرقية لنهر النيل. وقد امتد تاريخ هذه العاصمة من بداية القرن السادس قبل الميلاد إلى القرن الرابع بعد الميلاد. ومن الجدير بالذكر أن تاريخ هذه العاصمة قد ارتبط ارتباطاً وثيقاً بتاريخ مصر الفرعونية، وتأثر بكل الأحداث العظيمة التي سادت مصر، وينطبق هذا المبدأ على حضارة المملكة المروية. ساد المملكة المروية عدة أجناس من البشر، ولكن المؤرخين يشيرون إلى شعبين رئيسين برزا في الفترة الواقعة بين القرنين الثالث والسادس الميلاديين، الأول شعب «البليمز» والثاني «النوباتي».
تاريخ المملكة المروية:
- الهجرة إلى نباتا Napata: رفض كهنة آمون الاعتراف بسلطة الملك شاشانق Sheshonk - ذي الأصول الليبية - على مصر، ولذلك فرّ كثير منهم إلى السودان، حيث أسسوا أسرة ملكية واتخذوا من نباتا عاصمة لهم. ومن نباتا أرسل الملك بعنخي جيشاً أنقذ مصر من الفوضى التي كانت تسودها ووحدها تحت سلطته (750- 656ق.م).
- فترة الاحتلال الآشوري: غزا الآشوريون مصر واحتلوها في عهد الملك آشور بانيبال (669 -631ق.م)، ولكنهم طُردوا منها في عهد الملك المصري بسمتيك الأول (664-610ق.م). ولم يكتف الملك بسمتيك الثاني Psammetik II ت(595-589ق.م) بتحرير مصر وحسب، بل سعى إلى السيطرة على المملكة النباتية، وتم له ذلك. وبسبب هذا الاحتلال، نقل النوبيون عاصمة مملكتهم جنوباً إلى مروى، وبقيت نباتا العاصمة الدينية للمملكة.
- محاولة الفرس احتلال مروى: حاول قمبيز الملك الفارسي احتلال النوبة وعاصمتها مروى، فسار على رأس جيش من مصر إلى النوبة عام 525 ق.م، أخفق إخفاقاً ذريعاً، بسبب عدم الاستعداد الكافي، وسوء إدارة التموين، وعاد قمبيز إلى مصر بعد أن هلك الجزء القسم من جيشه في صحراء النوبة.
- العصر البطليمي ـ الروماني:
ازدهرت مملكة مروى في العصر البطليمي (323-30ق.م) وامتدت سلطتها شمالاً حتى جزيرة فيله الواقعة جنوبي أسوان، وسادت علاقاتها الطيبة مع مصر البطلمية حتى موت كليوباترا عام 30ق.م حين أصبحت مصر ولاية رومانية، وتأثرت مروى بالواقع الجديد، فكانت علاقاتها متذبذبة مع الرومان، فمرة تمتد سلطة المملكة المروية إلى أسوان، ومرة أخرى يهزمها الرومان ويحتلون نباتا العاصمة الدينية للمملكة، ونتج من هذه الحروب أن تلاشت سلطة المرويين وأقفرت المدن والقرى، وأصبحت مناطق كثيرة من البلاد غير آهلة بالسكان.
- نهاية المملكة المروية: يرجح بعض الباحثين أن النوباتي وهم فرع من قبائل النوبة الذين انتقلوا من كردفان (وطنهم الأصلي) إلى الشمال قبل بداية العصر المسيحي بقليل، استقروا في الواحة الخارجة تاركين الجزء الأكبر من جنسهم يغزو منطقة المملكة المروية ويقضي عليها في القرن الرابع الميلادي.
مظاهر الحضارة المروية:
كان لمظاهر الحضارة الفرعونية مكانة متميزة في مملكة مروى، وذلك نتيجة للجوار والعلاقات التجارية والدينية والسياسية بين مصر وبلاد النوبة، ولكن هذه المظاهر تقهقرت بسب ضعف مصر وتعرضها للغزو الأجنبي أكثر من مرة في الألف الأول قبل الميلاد، وحلّ محلها حضارة سمّاها الأثريون باسم العاصمة الجديدة «مروى»، فالكتابة الهيروغليفية فسدت ولم تُفهم إلا من الكهنة وبصعوبة وتغيّرت الأشكال تدريجياً، وظهر مكانها كتابة هيروغليفية مروية مكتوبة بخط مختصر، أصبحت فيما بعد الكتابة المعتمدة للغة أهل المنطقة. وقد بذل عدة علماء جهوداً كبيرة لحلَّ رموزها، لكنها لم تزل غير معروفة لأنها كُتبت للغة غير معروفة أيضاً.
- الحياة بعد الموت: آمن المروي بالحياة بعد الموت مثلما في مصر، ولذلك بنى مقبرة للمتوفى، وزودها بكل الأدوات التي كان يستخدمها في حياته. وكانت مقابر الأغنياء تختلف عن مقابر الفقراء من حيث اتساعها وأثاثها الجنزي. وتعد الأهرامات (مقابر ملوك مروى) من أعظم الآثار في هذه العاصمة ، فقد عثر الباحثون على ثلاث مجموعات هرمية، مازال كثير منها يحتفظ بالأجزاء العلوية من مبناه، ومتوسط ارتفاعها بين 12-20 متراً مبنية بالحجر وبعضها باللبن.
انتشار المسيحية: بعد صراع مرير مع المسيحية والرومان دعاة الدين الجديد، اهتدى ملك الشعب النوباتي عام 450م إلى اعتناق الدين المسيحي وكذلك فعل البليمز، وبهذا اختفت تعاليم العقيدة الفرعونية واختفت معها بعض المظاهر الحضارية الفرعونية كبناء الأهرامات.
محمود عبد الحميد أحمد
Meroe - Méroé
مروى
تاريخ المملكة المروية:
- الهجرة إلى نباتا Napata: رفض كهنة آمون الاعتراف بسلطة الملك شاشانق Sheshonk - ذي الأصول الليبية - على مصر، ولذلك فرّ كثير منهم إلى السودان، حيث أسسوا أسرة ملكية واتخذوا من نباتا عاصمة لهم. ومن نباتا أرسل الملك بعنخي جيشاً أنقذ مصر من الفوضى التي كانت تسودها ووحدها تحت سلطته (750- 656ق.م).
- فترة الاحتلال الآشوري: غزا الآشوريون مصر واحتلوها في عهد الملك آشور بانيبال (669 -631ق.م)، ولكنهم طُردوا منها في عهد الملك المصري بسمتيك الأول (664-610ق.م). ولم يكتف الملك بسمتيك الثاني Psammetik II ت(595-589ق.م) بتحرير مصر وحسب، بل سعى إلى السيطرة على المملكة النباتية، وتم له ذلك. وبسبب هذا الاحتلال، نقل النوبيون عاصمة مملكتهم جنوباً إلى مروى، وبقيت نباتا العاصمة الدينية للمملكة.
- محاولة الفرس احتلال مروى: حاول قمبيز الملك الفارسي احتلال النوبة وعاصمتها مروى، فسار على رأس جيش من مصر إلى النوبة عام 525 ق.م، أخفق إخفاقاً ذريعاً، بسبب عدم الاستعداد الكافي، وسوء إدارة التموين، وعاد قمبيز إلى مصر بعد أن هلك الجزء القسم من جيشه في صحراء النوبة.
- العصر البطليمي ـ الروماني:
ازدهرت مملكة مروى في العصر البطليمي (323-30ق.م) وامتدت سلطتها شمالاً حتى جزيرة فيله الواقعة جنوبي أسوان، وسادت علاقاتها الطيبة مع مصر البطلمية حتى موت كليوباترا عام 30ق.م حين أصبحت مصر ولاية رومانية، وتأثرت مروى بالواقع الجديد، فكانت علاقاتها متذبذبة مع الرومان، فمرة تمتد سلطة المملكة المروية إلى أسوان، ومرة أخرى يهزمها الرومان ويحتلون نباتا العاصمة الدينية للمملكة، ونتج من هذه الحروب أن تلاشت سلطة المرويين وأقفرت المدن والقرى، وأصبحت مناطق كثيرة من البلاد غير آهلة بالسكان.
الأبنية القديمة في مروى شاهد على حضارات غابرة |
مظاهر الحضارة المروية:
كان لمظاهر الحضارة الفرعونية مكانة متميزة في مملكة مروى، وذلك نتيجة للجوار والعلاقات التجارية والدينية والسياسية بين مصر وبلاد النوبة، ولكن هذه المظاهر تقهقرت بسب ضعف مصر وتعرضها للغزو الأجنبي أكثر من مرة في الألف الأول قبل الميلاد، وحلّ محلها حضارة سمّاها الأثريون باسم العاصمة الجديدة «مروى»، فالكتابة الهيروغليفية فسدت ولم تُفهم إلا من الكهنة وبصعوبة وتغيّرت الأشكال تدريجياً، وظهر مكانها كتابة هيروغليفية مروية مكتوبة بخط مختصر، أصبحت فيما بعد الكتابة المعتمدة للغة أهل المنطقة. وقد بذل عدة علماء جهوداً كبيرة لحلَّ رموزها، لكنها لم تزل غير معروفة لأنها كُتبت للغة غير معروفة أيضاً.
- الحياة بعد الموت: آمن المروي بالحياة بعد الموت مثلما في مصر، ولذلك بنى مقبرة للمتوفى، وزودها بكل الأدوات التي كان يستخدمها في حياته. وكانت مقابر الأغنياء تختلف عن مقابر الفقراء من حيث اتساعها وأثاثها الجنزي. وتعد الأهرامات (مقابر ملوك مروى) من أعظم الآثار في هذه العاصمة ، فقد عثر الباحثون على ثلاث مجموعات هرمية، مازال كثير منها يحتفظ بالأجزاء العلوية من مبناه، ومتوسط ارتفاعها بين 12-20 متراً مبنية بالحجر وبعضها باللبن.
انتشار المسيحية: بعد صراع مرير مع المسيحية والرومان دعاة الدين الجديد، اهتدى ملك الشعب النوباتي عام 450م إلى اعتناق الدين المسيحي وكذلك فعل البليمز، وبهذا اختفت تعاليم العقيدة الفرعونية واختفت معها بعض المظاهر الحضارية الفرعونية كبناء الأهرامات.
محمود عبد الحميد أحمد