كيمياء Chemistry - Chimie
الكيمياء
يبحث علم الكيمياء chemistry في بنية المواد وخواصها وتفاعلاتها وتأثيرها في توليد الطاقة أو استهلاكها. وقد سجل الإنسان ملاحظاته حول التغيرات الكيمياوية وتوقعاته عن أسبابها منذ القدم. وقاد تطور هذه المفاهيم إلى نشوء علم الكيمياء الحديث؛ أي عندما بدأ الاعتماد على التجربة والواقع في اكتشاف الحقائق والقوانين الكيمياوية. ويمكن القول: إن علم الكيمياء الحديث بدأ في أواخر القرن الثامن عشر على يد عدد من العلماء التجريبيين، أمثال شيله Scheele وبريستلي Priestley ولافوازييه Lavoisier.
سمح اكتشاف النار بملاحظة أول العمليات الكيمياوية التي استخدمها الإنسان القديم في تدبير أمور طعامه والإنارة، واستخدمها الحرفيون في بلاد ما بين النهرين ومصر والصين في معالجة الذهب والنحاس، التي توجد أحياناً حرة في الطبيعة، فتعلموا سريعاً كيف يصهرون الخامات المعدنية، وبصفة رئيسة الأكاسيد وضروب الكبريتيد، بتسخينها مع الحطب أو الفحم للحصول على المعدن metal. دعى الآثاريون العصور السابقة حسب تقدم صناعة المعادن: الحجري، الحديدي البرونزي. كما نشأت تكنولوجيا كيمياوية بدائية، إذ أوجد الصبّاغون طرقاً لتثبيت الأصبغة على أنواع مختلفة من القماش، وتعلم الفخّارون عملية التزجيج ومن ثم صناعة الزجاج.
العلم اليوناني
كانت الحضارة اليونانية القديمة أول حضارة نظرت إلى هذه الظواهر نظرة علمية، من خلال رؤية فلسفية وتوقعات منطقية. فقد افترض تالس (640-546ق.م)، أن أصل جميع المواد هو الماء، الذي يتجمد فيصبح تراباً أو يتبخر فيصبح هواء. وطور تلامذته هذه النظرية، بأن هناك أربعة عناصر تكوِّن المادة، وهي التراب والماء والهواء والنار. وعدّ ديموقريطس، أن هذه العناصر تتكون من دقائق صغيرة تتحرك في الفراغ سمّاها الذرات.
ومن ثم ذكر أرسطو أن هنالك أربع صفات توجد في الطبيعة هي الحرارة والبرودة والرطوبة والجفاف، وأن لكل من العناصر الأربعة زوجاً من هذه الصفات، فالنار ساخنة وجافة، والماء بارد ورطب، والهواء ساخن ورطب، والتراب بارد وجاف ولم تكن جميع النظريات اليونانية مستندة إلى شيء من الواقع، وإنما كانت مجرد أفكار فلسفية يفتخر أصحابها بابتعادها عن المادة وسموها في عالم التفكير المجرد.
انتقلت هذه الأفكار إلى الإسكندرية بعد 300ق.م، واعتقد المفكرون ومن ثم الحرفيون أن المادة يمكن أن تسير نحو الكمال وبالتالي تتحول إلى ذهب، وظهرت كتب تبحث في «الفن المقدس» وبدأ استعمال كلمة كيميا chemeia نحو عام 250م. سيطرت هذه الفكرة على عقول جميع الذين انهمكوا في تحويل المعادن الخسيسة إلى ذهب بسرية يحيط بها السحر والتي دعيت السيمياء alchemy، ويعتقد، على الأغلب، أن هذه الكلمة اشتقت من الكلمة khem وتعني «أسود» باللغة المصرية أو من الكلمة اليونانية cheo وتعني «أنا أصب أو أصنع قالباً» والكلمة تعني «الفن الأسود». أو حسب النظرية الثانية تعني عمليات «التعدين» metallurgy التي كان يقوم بها الكيميائيون الأوائل. أما البادئة al فهي أل التعريف.
وعلى الرغم من أنه لم ينجح أحد في صنع الذهب، غير أنه تم اكتشاف عدد من العمليات الكيمياوية في أثناء البحث عنه.
الكيمياء عند العرب
انتقلت هذه الأفكار الإغريقية إلى العرب عند قيام دولتهم العربية الإسلامية وبدأت الكتب تُتَرجم من اليونانية إلى العربية ونشطت هذه الحركة في بغداد في القرن الثامن للميلاد. وظهرت في هذا الدور نظرية مفادها أن المعادن تتشكل في باطن الأرض من اتحاد الكبريت والزئبق؛ فالذهب والفضة مؤلفان من زئبق نقي وكبريت نظيف، أحمر اللون في الذهب وأبيضه في الفضة. أما المعادن الأخرى فتتألف من كبريت غير نظيف، إذن من الممكن تحويل المعادن الخسيسة كالنحاس إلى معادن ثمينة بتغيير نسب الزئبق والكبريت وبإضافة مادة تنظف هذا العنصر الأخير. هذه المادة المنظفة كانت تدعى أحياناً باسم حجر الفلاسفة وتوصف أحياناً بأنها مسحوق أحمر.
وقد أسهم العرب إسهاماً كبيراً في تقدم أساليب الكيمياء، فكانوا أول من وصف عملية التقطير والحصول على الزيوت العطرية وغير ذلك من العمليات الكيمياوية. وازدهرت في عهدهم صناعة الورق الذي أصبح يستحصل من الخرق البالية، كما أن شهرتهم في صناعة السيوف وسقايتها لاتزال باقية حتى اليوم في عالم الغرب.
انتقلت المؤلفات العربية إلى الأندلس حيث كان يفد طلاب العلم من إيطاليا وغيرها من الدول الأوربية. ولم يكن الطب في ذلك الحين منفصلاً عن الكيمياء وعلم الأدوية، فكان الطبيب يقوم بأبحاثه الكيمياوية لاكتشاف «أكسير الحياة» سعياً وراء إطالة حياة الأمير، كما كان يفتش عن «حجر الفلاسفة» سعياً وراء الغنى والثروة.
أثارت فكرة تحويل المعادن إلى ذهب العلماءَ العرب، وكان لهم باع طويل في ذلك من خلال البحث عن الإكسير أو حجر الفلاسفة في مخابرهم، يحاولون إخراجه إلى الواقع من خلال التجربة العملية، فرسّخوا علم التجربة الكيمياوية، وهكذا ظهرت أصالة البحـث العلمي عند العـرب. وبرز عدد كبيـر من المشتغلين في الكيميـاء، وربما كـان أشهرهم جـابر بن حيـان (728-817م)، وقد ترك آثاراً في الكيمياء لم يترك أحد قبله أو بعده مثيلاً لها.
جاد الزمان بعبقرية أخرى هو أبو بكر الرازي (864-925م) وكان له باع طويل في الطب والكيمياء، وعدّ التجربة والملاحظات الدقيقة أساساً لصحة التدابير الكيمياوية. ومن الكيميائيين العرب: الكندي والبيروني وابن سينا والجلدكي.
الكيمياء التقنية والثورة الكيمياوية
انتقلت صنعة الكيمياء إلى أوربا عن طريق الأندلس. وعندما بدأ عصر النهضة في أوربا بدأ العلماء يدرسون العلم للعلم لا للحصول على المال والذهب. وقد شك العلماء في كل ما هو قديم وأخضعوه للتجربة. وكان على رأس هذا المذهب فرنسيس بيكونFrancis Bacon مابين (1626-1651) الذي أوضح الطريقة العلمية الجديدة واستنادها أولاً إلى الملاحظة وإلى التجربة الدقيقة، ثم جمْع الحقائق العلمية وتفسيرها بقوانين تعود هي بدورها فتكشف عن حقائق جديدة. وقد تقدم علم الكيمياء على يد روبرت بويل Robert Boyle الذي بيَّن خطأ نظرية العناصر الأربعة وعرَّف العنصر بأنه المادة التي لا يمكن تحليلها إلى ما هو أبسط منها.
ظهرت بعد ذلك في القرن السابع عشر نظرية تقول إن هنالك مادة تدعى الفلوجستون تنطلق من الأجسام عندما تحترق: معدن - فلوجستون = رماد
فالفحم غني بالفلوجستون الذي ينطلق منه عند احتراقه، ولذلك فإنه إذا مزج مع رماد معدني (أكسيد) اتحد فلوجستون الفحم مع الرماد وظهر المعدن من جديد. وإذا احترقت مادة في مكان مغلق انتشر الفلوجستون فأشبع المكان مما يؤدي إلى توقف عملية الاحتراق. وقد فسرت هذه النظرية بعض الحقائق التي كانت معروفة في ذلك الحين ونالت تأييد معظم كيميائيي ذلك العصر.
وانطلقت علوم الكيمياء مع بداية القرن الثامن عشر، إذ درست الألفة النسبية للمواد بالنسبة إلى بعضها بعضاً، مما أدى إلى اكتشاف معادن جديدة ومركباتها وتفاعلاتها وبدأت طرق التحليل الكيمياوي الكيفي والكمي، وأصبحت دراسة الغازات ذات أهمية، فتم عزل الهدروجين؛ ودرس بريستلي (1733-1804) مجموعة من الغازات وعزلها وأهمها الأكسجين وفسر به عملية الاحتراق.
عجزت نظرية الفلوجستون التي كانت سائدة آنذاك عن تفسير النتائج التجريبية جميعها. وقد قضي على هذه النظرية تماماً بتجارب لافوازييه الفرنسي (1743-1794). فقد بيّن هذا الكيميائي أن الاحتراق هو عملية اتحاد أكسجين الهواء مع المعدن، وأن الرماد الناتج هو أكسيد المعدن. ومنذ ذلك الحين بدأت الكيمياء الحديثة فلا عجب بعدئذ إذا أطلق عليه اسم «أبو الكيمياء الحديثة».
اقترح بعده العالم السويدي برزليوس Berzelius إعطاء رموز للعناصر الكيمياوية بالحرف الأول من اسمها أو بزوج من الأحرف. ساعد تطور الكيمياء التحليلية على بيان أن المركبات البسيطة تحوي كميات ثابتة من مكوناتها من العناصر. ثم جاءت نظرية دَلْتون Dalton مابين (1766-1844) الذرية التي بينت أن الذرات ترتبط بعضها ببعض بنسب ثابتة، وبينت دراسات لاحقة أن أصغر وحدة في مادة كيمياوية هي الجزيء، فمثلاً يضم جزيء الماء ذرة أكسجين وذرتي هدروجين تجمعهما قوة كهربائية تدعى الرابطة الكيمياوية. وضع الكيميائي الإيطالي أفوغادرو فرضية مفادها أن الحجوم المتساوية من غازات مختلفة، بالشروط نفسها من حرارة وضغط، تحوي العدد نفسه من الدقائق particles. وقد اعتقد في بادئ الأمر أن هذه الدقائق هي ذرات، ولكن تبيّن فيما بعد أن هذه الدقائق تتألف، في معظم الحالات، من مجموعات صغيرة من الذرات تدعى الجزيئات. وإذا حوى الجزيء ذرات مختلفة، مثل جزيء الماء الذي يتكون من ذرتي هدروجين وذرة أكسجين، فالدقيقة تكون مركباً كيمياوياً.
أفادت هذه الفرضية في تعيين الأوزان الذرية للعناصر. فالعناصر الأولى التي عُيِّنت أوزانها الذرية كانت الغازات. وقد كان كل ما احتاج إليه العلماء لهذا الغرض تعيين أوزان حجوم متساوية من كل غاز في شروط الضغط والحرارة نفسها.
وفسرت الألفة الكيمياوية من خلال الكيمياء الكهربائية[ر]، وتم اكتشاف البطارية التي ساعدت على الكشف عن الصوديوم والبوتاسيوم.
وقبل أن يولد علم الكيمياء العضوية الحديثة مرت قرون طويلة عرف الإنسان فيها منافع كثير من المواد المستخلصة من النباتات والحيوانات. وقد استقر في أذهانهم أن هذه المواد لا تصنع إلا في داخل الكائن الحي بتدخل من قوة حيوية vital force، ولذلك أطلقوا عليها وصف «العضوية» organic. ومن نتيجة ذلك أنهم انصرفوا بأذهانهم عن محاولة إنتاج المواد العضوية في المختبرات وآمنوا باستحالة ذلك. إلا أن العالم السويدي شيله في عام 1776 قام بمعالجة السكر بحمض الآزوت وحصل على حمض عضوي، فقال: إنه يمكن إنتاج المواد العضوية في المختبر. وفي عام 1777 قام لافوازييه بتجارب تحليلية أوصلته إلى أن الجزء الأكبر من أي مادة عضوية يتألف من كربون وهدروجين وأكسجين. وكانت الضربة الرئيسة في كيان النظرية القديمة تجارب فردريك فوهلر (1800-1882) wöhler عام 1828؛ فقد بخَّرَ محلولاً مائياً لأحد أملاح النشادر (المركب غير عضوي) فتكوّنت مادة البولة urea، المركب العضوي الذي درج الكيميائيون على استخلاصه من بول الحيوانات اللبونة. واتضح من هذه التجارب أنه يمكن تحضير المركبات العضوية في المختبر، ونما مفهوم جديد للمادة العضوية يُقصد به تكوينها وبناؤها لأصلها.
ونشأ كثير من الصناعات الكيمياوية، وتقدمت النظرية الحركية، كما بدأت دراسة الغرويات والكيمياء الضوئية، وبرز علم جديد بعد اكتشاف النشاط الإشعاعي، وظهرت أيضاً دراسة الكيمياء الحيوية بعد تحليل سوائل الجسم.
ميّز عدد من الكيميائيين التشابه في الخواص الكيمياوية لعناصر مختلفة مما يوحي بدورية في الخواص، نظمها مندليف Mendeleev في الجدول الدوري في أعمدة وسطور[ر: الجدول الدوري].
قام بور Bohr عام 1912 بتوضيح بنية الذرة؛ إذ افترض أن الإلكترونات تنتظم طبقات على مسافة محددة من النواة حيث يساوي عدد هذه الإلكترونات العدد الذري للعنصر، والغازات النادرة (الخاملة) لها طبقة إلكترونية مغلقة.
تحاول العناصر التي لا تملك التوزع الإلكتروني لغاز نادر، أن تصل إلى هذا التوزع الإلكتروني من خلال التفاعلات الكيمياوية، ويتم ذلك بربح أو خسارة إلكترونات، لتشكل دقائق مشحونة تدعى بالأيونات (الشوارد)، والمشحونة منها إيجاباً تدعى الكاتيونات (الشوارد الموجبة)، والشوارد ذات الشحنة السالبة تدعى الأنيونات (الشوارد السالبة). وتحدث الرابطة المشتركة[ر: الرابطة الكيمياوية] عندما تتشارك ذرتان في واحد أو أكثر من الأزواج الإلكترونية لمحاولة ملء الطبقة الإلكترونية الخارجية وجعلها أكثر ثباتاً مشكِّلة الجزيء.
يعبر عن المكونات الذرية لمركب برموز العناصر مع أرقام في الجانب اليمين الأسفل منها، تشير إلى العدد النسبي لذرات كل عنصر. ويعبر عن التفاعلات الكيمياوية بمعادلات تشبه معادلات الرياضيات، حيث تظهر المواد المتفاعلة على اليسار والمواد الناتجة على اليمين وفيما بينها سهم، ويجب أن يظهر العدد نفسه من الذرات في طرفي المعادلة. هناك أنواع عدة من التفاعلات هي الترسيب، والأكسدة - الإرجاع، وتشكيل معقدات، وتفاعلات تشكيل مركبات ذات روابط مشتركة.
فروع الكيمياء
قسّم الكيميائيون الكيمياء إلى فروع عدة، ليس بينها حدود واضحة وتتطابق أحياناً مع علوم أخرى مثل الفيزياء والجيولوجيا والعلوم الحيوية. وهذه الفروع:
الكيمياء العضوية: تدرس مركبات الكربون - عدا الكربونات والأكاسيد - وتفاعلاتها. توجد مواد كثيرة، مثل الأدوية والڤيتامينات والبلاستيك والألياف الصنعية والكربوهيدرات والبروتينات والدهون، جميعاً تتألف من جزيئات عضوية.
الكيمياء اللاعضوية: تدرس بنية العناصر الكيمياوية ومركباتها وخواصها وتفاعلاتها، ولها إسهامات كبيرة في مختلف مجالات الحياة منها الأسمدة الصنعية التي زادت إنتاج المحاصيل، ورقاقة السيليكون التي أطلقت عصر المعلوماتية، كذلك استخدمت السبائك في صناعة السيارات والطائرات لجعلها أخف وأمتن.
الكيمياء الفيزيائية: تهتم بدراسة الخواص الفيزيائية للمادة مثل ضغط البخار والتوتر السطحي واللزوجة قرينة الانكسار والكثافة وحالة التبلور، وما يدعى سلوك الجملة مثل الخواص الحرارية والتوازن وسرعة التفاعل وآلية التفاعل وظاهرة التأين.
الكيمياء الحيوية: تدرس المواد التي توجد في العضويات الحية وتفاعلاتها الكيمياوية التي تتحكم بعملية الحياة وتهدف بصفة رئيسية إلى فهم بنية الجزيء الحيوي وسلوكه.
الكيمياء التحليلية: من الفروع الرئيسية للكيمياء الحديثة، تقسم إلى تحليل كيفي يحدد المكونات غير المعروفة للمادة، وتحليل كمي يهتم بتعيين كميةِ كل من مكونات المادة، وتستخدم إما الطريق التقليدية من طرق التحليل الحجمي أو الوزني أو الطرق الآلية وهي كثيرة كما هي الحال في الكروماتوغرافيا، والطرق الطيفية، والكهربائية، والإشعاعية. وتؤدي دوراً مهماً في الاقتصاد لتحديد مواصفات المواد الأولية والناتجة، وفي مراقبة الجودة وضبطها، وفي تحديد الملوثات، وتدعم كثيراً من العلوم والتقانات.
تتشعب هذه الفروع إلى شعب كثيرة متنوعة، كما نشأت الهندسة الكيمياوية والكيمياء التطبيقية بهدف الاصطناع الكيمياوي لإيجاد مواد كيمياوية جديدة أو لتطوير طرق أفضل وأقل كلفة لاصطناع مواد معروفة. لقد صنف أكثر من أحد عشر مليون مركب كيمياوي، إذ يُصّنع نحو 2000 مركب جديد كل يوم، ويدخل 6000 مركب في الإنتاج التجاري، ويصل السوق ثلاثمئة منتج جديد كل عام، تدخل جميعاً في جميع مجالات حياة الإنسان في الزراعة والصناعة والطب والأدوية والطاقة ومواد التنظيف وغيرها، وتنشأ من أجلها الصناعات الكيمياوية.
عبد المجيد شيخ حسين
الكيمياء
يبحث علم الكيمياء chemistry في بنية المواد وخواصها وتفاعلاتها وتأثيرها في توليد الطاقة أو استهلاكها. وقد سجل الإنسان ملاحظاته حول التغيرات الكيمياوية وتوقعاته عن أسبابها منذ القدم. وقاد تطور هذه المفاهيم إلى نشوء علم الكيمياء الحديث؛ أي عندما بدأ الاعتماد على التجربة والواقع في اكتشاف الحقائق والقوانين الكيمياوية. ويمكن القول: إن علم الكيمياء الحديث بدأ في أواخر القرن الثامن عشر على يد عدد من العلماء التجريبيين، أمثال شيله Scheele وبريستلي Priestley ولافوازييه Lavoisier.
سمح اكتشاف النار بملاحظة أول العمليات الكيمياوية التي استخدمها الإنسان القديم في تدبير أمور طعامه والإنارة، واستخدمها الحرفيون في بلاد ما بين النهرين ومصر والصين في معالجة الذهب والنحاس، التي توجد أحياناً حرة في الطبيعة، فتعلموا سريعاً كيف يصهرون الخامات المعدنية، وبصفة رئيسة الأكاسيد وضروب الكبريتيد، بتسخينها مع الحطب أو الفحم للحصول على المعدن metal. دعى الآثاريون العصور السابقة حسب تقدم صناعة المعادن: الحجري، الحديدي البرونزي. كما نشأت تكنولوجيا كيمياوية بدائية، إذ أوجد الصبّاغون طرقاً لتثبيت الأصبغة على أنواع مختلفة من القماش، وتعلم الفخّارون عملية التزجيج ومن ثم صناعة الزجاج.
العلم اليوناني
كانت الحضارة اليونانية القديمة أول حضارة نظرت إلى هذه الظواهر نظرة علمية، من خلال رؤية فلسفية وتوقعات منطقية. فقد افترض تالس (640-546ق.م)، أن أصل جميع المواد هو الماء، الذي يتجمد فيصبح تراباً أو يتبخر فيصبح هواء. وطور تلامذته هذه النظرية، بأن هناك أربعة عناصر تكوِّن المادة، وهي التراب والماء والهواء والنار. وعدّ ديموقريطس، أن هذه العناصر تتكون من دقائق صغيرة تتحرك في الفراغ سمّاها الذرات.
ومن ثم ذكر أرسطو أن هنالك أربع صفات توجد في الطبيعة هي الحرارة والبرودة والرطوبة والجفاف، وأن لكل من العناصر الأربعة زوجاً من هذه الصفات، فالنار ساخنة وجافة، والماء بارد ورطب، والهواء ساخن ورطب، والتراب بارد وجاف ولم تكن جميع النظريات اليونانية مستندة إلى شيء من الواقع، وإنما كانت مجرد أفكار فلسفية يفتخر أصحابها بابتعادها عن المادة وسموها في عالم التفكير المجرد.
انتقلت هذه الأفكار إلى الإسكندرية بعد 300ق.م، واعتقد المفكرون ومن ثم الحرفيون أن المادة يمكن أن تسير نحو الكمال وبالتالي تتحول إلى ذهب، وظهرت كتب تبحث في «الفن المقدس» وبدأ استعمال كلمة كيميا chemeia نحو عام 250م. سيطرت هذه الفكرة على عقول جميع الذين انهمكوا في تحويل المعادن الخسيسة إلى ذهب بسرية يحيط بها السحر والتي دعيت السيمياء alchemy، ويعتقد، على الأغلب، أن هذه الكلمة اشتقت من الكلمة khem وتعني «أسود» باللغة المصرية أو من الكلمة اليونانية cheo وتعني «أنا أصب أو أصنع قالباً» والكلمة تعني «الفن الأسود». أو حسب النظرية الثانية تعني عمليات «التعدين» metallurgy التي كان يقوم بها الكيميائيون الأوائل. أما البادئة al فهي أل التعريف.
وعلى الرغم من أنه لم ينجح أحد في صنع الذهب، غير أنه تم اكتشاف عدد من العمليات الكيمياوية في أثناء البحث عنه.
الكيمياء عند العرب
انتقلت هذه الأفكار الإغريقية إلى العرب عند قيام دولتهم العربية الإسلامية وبدأت الكتب تُتَرجم من اليونانية إلى العربية ونشطت هذه الحركة في بغداد في القرن الثامن للميلاد. وظهرت في هذا الدور نظرية مفادها أن المعادن تتشكل في باطن الأرض من اتحاد الكبريت والزئبق؛ فالذهب والفضة مؤلفان من زئبق نقي وكبريت نظيف، أحمر اللون في الذهب وأبيضه في الفضة. أما المعادن الأخرى فتتألف من كبريت غير نظيف، إذن من الممكن تحويل المعادن الخسيسة كالنحاس إلى معادن ثمينة بتغيير نسب الزئبق والكبريت وبإضافة مادة تنظف هذا العنصر الأخير. هذه المادة المنظفة كانت تدعى أحياناً باسم حجر الفلاسفة وتوصف أحياناً بأنها مسحوق أحمر.
وقد أسهم العرب إسهاماً كبيراً في تقدم أساليب الكيمياء، فكانوا أول من وصف عملية التقطير والحصول على الزيوت العطرية وغير ذلك من العمليات الكيمياوية. وازدهرت في عهدهم صناعة الورق الذي أصبح يستحصل من الخرق البالية، كما أن شهرتهم في صناعة السيوف وسقايتها لاتزال باقية حتى اليوم في عالم الغرب.
انتقلت المؤلفات العربية إلى الأندلس حيث كان يفد طلاب العلم من إيطاليا وغيرها من الدول الأوربية. ولم يكن الطب في ذلك الحين منفصلاً عن الكيمياء وعلم الأدوية، فكان الطبيب يقوم بأبحاثه الكيمياوية لاكتشاف «أكسير الحياة» سعياً وراء إطالة حياة الأمير، كما كان يفتش عن «حجر الفلاسفة» سعياً وراء الغنى والثروة.
أثارت فكرة تحويل المعادن إلى ذهب العلماءَ العرب، وكان لهم باع طويل في ذلك من خلال البحث عن الإكسير أو حجر الفلاسفة في مخابرهم، يحاولون إخراجه إلى الواقع من خلال التجربة العملية، فرسّخوا علم التجربة الكيمياوية، وهكذا ظهرت أصالة البحـث العلمي عند العـرب. وبرز عدد كبيـر من المشتغلين في الكيميـاء، وربما كـان أشهرهم جـابر بن حيـان (728-817م)، وقد ترك آثاراً في الكيمياء لم يترك أحد قبله أو بعده مثيلاً لها.
جاد الزمان بعبقرية أخرى هو أبو بكر الرازي (864-925م) وكان له باع طويل في الطب والكيمياء، وعدّ التجربة والملاحظات الدقيقة أساساً لصحة التدابير الكيمياوية. ومن الكيميائيين العرب: الكندي والبيروني وابن سينا والجلدكي.
الكيمياء التقنية والثورة الكيمياوية
انتقلت صنعة الكيمياء إلى أوربا عن طريق الأندلس. وعندما بدأ عصر النهضة في أوربا بدأ العلماء يدرسون العلم للعلم لا للحصول على المال والذهب. وقد شك العلماء في كل ما هو قديم وأخضعوه للتجربة. وكان على رأس هذا المذهب فرنسيس بيكونFrancis Bacon مابين (1626-1651) الذي أوضح الطريقة العلمية الجديدة واستنادها أولاً إلى الملاحظة وإلى التجربة الدقيقة، ثم جمْع الحقائق العلمية وتفسيرها بقوانين تعود هي بدورها فتكشف عن حقائق جديدة. وقد تقدم علم الكيمياء على يد روبرت بويل Robert Boyle الذي بيَّن خطأ نظرية العناصر الأربعة وعرَّف العنصر بأنه المادة التي لا يمكن تحليلها إلى ما هو أبسط منها.
ظهرت بعد ذلك في القرن السابع عشر نظرية تقول إن هنالك مادة تدعى الفلوجستون تنطلق من الأجسام عندما تحترق: معدن - فلوجستون = رماد
فالفحم غني بالفلوجستون الذي ينطلق منه عند احتراقه، ولذلك فإنه إذا مزج مع رماد معدني (أكسيد) اتحد فلوجستون الفحم مع الرماد وظهر المعدن من جديد. وإذا احترقت مادة في مكان مغلق انتشر الفلوجستون فأشبع المكان مما يؤدي إلى توقف عملية الاحتراق. وقد فسرت هذه النظرية بعض الحقائق التي كانت معروفة في ذلك الحين ونالت تأييد معظم كيميائيي ذلك العصر.
وانطلقت علوم الكيمياء مع بداية القرن الثامن عشر، إذ درست الألفة النسبية للمواد بالنسبة إلى بعضها بعضاً، مما أدى إلى اكتشاف معادن جديدة ومركباتها وتفاعلاتها وبدأت طرق التحليل الكيمياوي الكيفي والكمي، وأصبحت دراسة الغازات ذات أهمية، فتم عزل الهدروجين؛ ودرس بريستلي (1733-1804) مجموعة من الغازات وعزلها وأهمها الأكسجين وفسر به عملية الاحتراق.
عجزت نظرية الفلوجستون التي كانت سائدة آنذاك عن تفسير النتائج التجريبية جميعها. وقد قضي على هذه النظرية تماماً بتجارب لافوازييه الفرنسي (1743-1794). فقد بيّن هذا الكيميائي أن الاحتراق هو عملية اتحاد أكسجين الهواء مع المعدن، وأن الرماد الناتج هو أكسيد المعدن. ومنذ ذلك الحين بدأت الكيمياء الحديثة فلا عجب بعدئذ إذا أطلق عليه اسم «أبو الكيمياء الحديثة».
اقترح بعده العالم السويدي برزليوس Berzelius إعطاء رموز للعناصر الكيمياوية بالحرف الأول من اسمها أو بزوج من الأحرف. ساعد تطور الكيمياء التحليلية على بيان أن المركبات البسيطة تحوي كميات ثابتة من مكوناتها من العناصر. ثم جاءت نظرية دَلْتون Dalton مابين (1766-1844) الذرية التي بينت أن الذرات ترتبط بعضها ببعض بنسب ثابتة، وبينت دراسات لاحقة أن أصغر وحدة في مادة كيمياوية هي الجزيء، فمثلاً يضم جزيء الماء ذرة أكسجين وذرتي هدروجين تجمعهما قوة كهربائية تدعى الرابطة الكيمياوية. وضع الكيميائي الإيطالي أفوغادرو فرضية مفادها أن الحجوم المتساوية من غازات مختلفة، بالشروط نفسها من حرارة وضغط، تحوي العدد نفسه من الدقائق particles. وقد اعتقد في بادئ الأمر أن هذه الدقائق هي ذرات، ولكن تبيّن فيما بعد أن هذه الدقائق تتألف، في معظم الحالات، من مجموعات صغيرة من الذرات تدعى الجزيئات. وإذا حوى الجزيء ذرات مختلفة، مثل جزيء الماء الذي يتكون من ذرتي هدروجين وذرة أكسجين، فالدقيقة تكون مركباً كيمياوياً.
أفادت هذه الفرضية في تعيين الأوزان الذرية للعناصر. فالعناصر الأولى التي عُيِّنت أوزانها الذرية كانت الغازات. وقد كان كل ما احتاج إليه العلماء لهذا الغرض تعيين أوزان حجوم متساوية من كل غاز في شروط الضغط والحرارة نفسها.
وفسرت الألفة الكيمياوية من خلال الكيمياء الكهربائية[ر]، وتم اكتشاف البطارية التي ساعدت على الكشف عن الصوديوم والبوتاسيوم.
وقبل أن يولد علم الكيمياء العضوية الحديثة مرت قرون طويلة عرف الإنسان فيها منافع كثير من المواد المستخلصة من النباتات والحيوانات. وقد استقر في أذهانهم أن هذه المواد لا تصنع إلا في داخل الكائن الحي بتدخل من قوة حيوية vital force، ولذلك أطلقوا عليها وصف «العضوية» organic. ومن نتيجة ذلك أنهم انصرفوا بأذهانهم عن محاولة إنتاج المواد العضوية في المختبرات وآمنوا باستحالة ذلك. إلا أن العالم السويدي شيله في عام 1776 قام بمعالجة السكر بحمض الآزوت وحصل على حمض عضوي، فقال: إنه يمكن إنتاج المواد العضوية في المختبر. وفي عام 1777 قام لافوازييه بتجارب تحليلية أوصلته إلى أن الجزء الأكبر من أي مادة عضوية يتألف من كربون وهدروجين وأكسجين. وكانت الضربة الرئيسة في كيان النظرية القديمة تجارب فردريك فوهلر (1800-1882) wöhler عام 1828؛ فقد بخَّرَ محلولاً مائياً لأحد أملاح النشادر (المركب غير عضوي) فتكوّنت مادة البولة urea، المركب العضوي الذي درج الكيميائيون على استخلاصه من بول الحيوانات اللبونة. واتضح من هذه التجارب أنه يمكن تحضير المركبات العضوية في المختبر، ونما مفهوم جديد للمادة العضوية يُقصد به تكوينها وبناؤها لأصلها.
ونشأ كثير من الصناعات الكيمياوية، وتقدمت النظرية الحركية، كما بدأت دراسة الغرويات والكيمياء الضوئية، وبرز علم جديد بعد اكتشاف النشاط الإشعاعي، وظهرت أيضاً دراسة الكيمياء الحيوية بعد تحليل سوائل الجسم.
ميّز عدد من الكيميائيين التشابه في الخواص الكيمياوية لعناصر مختلفة مما يوحي بدورية في الخواص، نظمها مندليف Mendeleev في الجدول الدوري في أعمدة وسطور[ر: الجدول الدوري].
قام بور Bohr عام 1912 بتوضيح بنية الذرة؛ إذ افترض أن الإلكترونات تنتظم طبقات على مسافة محددة من النواة حيث يساوي عدد هذه الإلكترونات العدد الذري للعنصر، والغازات النادرة (الخاملة) لها طبقة إلكترونية مغلقة.
تحاول العناصر التي لا تملك التوزع الإلكتروني لغاز نادر، أن تصل إلى هذا التوزع الإلكتروني من خلال التفاعلات الكيمياوية، ويتم ذلك بربح أو خسارة إلكترونات، لتشكل دقائق مشحونة تدعى بالأيونات (الشوارد)، والمشحونة منها إيجاباً تدعى الكاتيونات (الشوارد الموجبة)، والشوارد ذات الشحنة السالبة تدعى الأنيونات (الشوارد السالبة). وتحدث الرابطة المشتركة[ر: الرابطة الكيمياوية] عندما تتشارك ذرتان في واحد أو أكثر من الأزواج الإلكترونية لمحاولة ملء الطبقة الإلكترونية الخارجية وجعلها أكثر ثباتاً مشكِّلة الجزيء.
يعبر عن المكونات الذرية لمركب برموز العناصر مع أرقام في الجانب اليمين الأسفل منها، تشير إلى العدد النسبي لذرات كل عنصر. ويعبر عن التفاعلات الكيمياوية بمعادلات تشبه معادلات الرياضيات، حيث تظهر المواد المتفاعلة على اليسار والمواد الناتجة على اليمين وفيما بينها سهم، ويجب أن يظهر العدد نفسه من الذرات في طرفي المعادلة. هناك أنواع عدة من التفاعلات هي الترسيب، والأكسدة - الإرجاع، وتشكيل معقدات، وتفاعلات تشكيل مركبات ذات روابط مشتركة.
فروع الكيمياء
قسّم الكيميائيون الكيمياء إلى فروع عدة، ليس بينها حدود واضحة وتتطابق أحياناً مع علوم أخرى مثل الفيزياء والجيولوجيا والعلوم الحيوية. وهذه الفروع:
الكيمياء العضوية: تدرس مركبات الكربون - عدا الكربونات والأكاسيد - وتفاعلاتها. توجد مواد كثيرة، مثل الأدوية والڤيتامينات والبلاستيك والألياف الصنعية والكربوهيدرات والبروتينات والدهون، جميعاً تتألف من جزيئات عضوية.
الكيمياء اللاعضوية: تدرس بنية العناصر الكيمياوية ومركباتها وخواصها وتفاعلاتها، ولها إسهامات كبيرة في مختلف مجالات الحياة منها الأسمدة الصنعية التي زادت إنتاج المحاصيل، ورقاقة السيليكون التي أطلقت عصر المعلوماتية، كذلك استخدمت السبائك في صناعة السيارات والطائرات لجعلها أخف وأمتن.
الكيمياء الفيزيائية: تهتم بدراسة الخواص الفيزيائية للمادة مثل ضغط البخار والتوتر السطحي واللزوجة قرينة الانكسار والكثافة وحالة التبلور، وما يدعى سلوك الجملة مثل الخواص الحرارية والتوازن وسرعة التفاعل وآلية التفاعل وظاهرة التأين.
الكيمياء الحيوية: تدرس المواد التي توجد في العضويات الحية وتفاعلاتها الكيمياوية التي تتحكم بعملية الحياة وتهدف بصفة رئيسية إلى فهم بنية الجزيء الحيوي وسلوكه.
الكيمياء التحليلية: من الفروع الرئيسية للكيمياء الحديثة، تقسم إلى تحليل كيفي يحدد المكونات غير المعروفة للمادة، وتحليل كمي يهتم بتعيين كميةِ كل من مكونات المادة، وتستخدم إما الطريق التقليدية من طرق التحليل الحجمي أو الوزني أو الطرق الآلية وهي كثيرة كما هي الحال في الكروماتوغرافيا، والطرق الطيفية، والكهربائية، والإشعاعية. وتؤدي دوراً مهماً في الاقتصاد لتحديد مواصفات المواد الأولية والناتجة، وفي مراقبة الجودة وضبطها، وفي تحديد الملوثات، وتدعم كثيراً من العلوم والتقانات.
تتشعب هذه الفروع إلى شعب كثيرة متنوعة، كما نشأت الهندسة الكيمياوية والكيمياء التطبيقية بهدف الاصطناع الكيمياوي لإيجاد مواد كيمياوية جديدة أو لتطوير طرق أفضل وأقل كلفة لاصطناع مواد معروفة. لقد صنف أكثر من أحد عشر مليون مركب كيمياوي، إذ يُصّنع نحو 2000 مركب جديد كل يوم، ويدخل 6000 مركب في الإنتاج التجاري، ويصل السوق ثلاثمئة منتج جديد كل عام، تدخل جميعاً في جميع مجالات حياة الإنسان في الزراعة والصناعة والطب والأدوية والطاقة ومواد التنظيف وغيرها، وتنشأ من أجلها الصناعات الكيمياوية.
عبد المجيد شيخ حسين