كيمياء كهرباييه Electrochemistry - Electrochimie
الكيمياء الكهربائية
الكيمياء الكهربائية électrochimie (أو الكهركيمياء)، فرع من فروع الكيمياء الفيزيائية، فالتآثرات الكيمياوية جميعها كهربائية بطبيعتها أساساً. وعلى كل، فالكيمياء الكهربائية، بمعناها الضيق، تعنى بدراسة محاليل الإلكتروليتات (الكهرليتات) والتآثرات التي تتم على الإلكترودات (المساري) electrodes المغموسة في هذه المحاليل، أي دراسة التفاعلات الكيمياوية المولِّدة لتيار كهربائي أو الناجمة عنه.
أدى نشوء الكيمياء الكهربائية إلى بروز الكيمياء الفيزيائية علماً مستقلاً متميزاً. فالمجلة الأولى في الكيمياء الفيزيائية Die Zeitschrift fur physikalische chemie أسسها فلهم أوستفالد Wilhelm Ostwald عام 1887 وقد خصِّصَت الأعداد الأولى منها لأبحاث أوستفالد، وفانت هوف، وكولراوش Kohlrausch، وأرينوس وغيرهم وكانت جميعها في حقل الكيمياء الكهربائية.
كانت تجربة فولطا[ر] Volta من أهم مراحل تطور هذا العلم عملياً، إذ صنع «بيله» المشهور ذلك البيل (أو الخلية) الذي يتألف من عدد كبير من صفائح فضة وصفائح زنك متوالية مغموسة في قطعة قماش مبلّلة بمحلول ملحي. وعندما وصل نهايتي البيل بسلك معدني مرّ تيار كهربائي في ذلك السلك، وكان لهذا الكشف وقع كبير على باحثي ذلك العصر[ر. الخلية الجافة، خلية الحمض - رصاص، خلية دانييل، خلية الزئبق، خلية الليثيوم، خلية النيكل - حديد، خلية الوقود].
فكّك نيكلسون وكرليل الماء إلى هدروجين وأكسجين بإمرار تيار كهربائي بمحلول ملحي فانطلق الأكسجين عند أحد قطبي البيل والهدروجين عند القطب الآخر. وتم بعد ذلك تفكيك محاليل الأملاح المختلفة. وفي العام 1806-1807، استعمل الكيميائي الإنكليزي همفري ديڤي Davy خليةً لعزل الصوديوم من هدروكسيده والبوتاسيوم من هدروكسيده[ر. التحليل الكهركيميائي]. وقد عزَّزت هذه التجارب النظريةَ القائلة إن الذرات في مركب يتماسك بعضها مع بعض بفعل التجاذب بين الشحنات المتعاكسة الشحنة، مثال ذلك في ملح الطعام NaCl حيث تتجاذب الأيونات (الشوارد) الموجبة Na+ مع الأيونات السالبة Cl-.
وفي عام 1813 ذهب الكيميائي والفيزيائي الإنكليزي مايكل فارادي Michael Faraday، وكان في الثانية والعشرين من العمر، إلى المعهد الملكي ليعمل مساعداً مخبرياً لديڤي. وفي السنوات التالية، قام بنفسه بأبحاث بنيت عليها أسس الكيمياء الكهربائية والكهرمغنطيسية. ويعود له الفضل باكتشاف القوانين الكمية للتحليل الكهركيمياوي.
ناقلية المحاليل الكهرليتية
يتأكسد العنصر أو المركب عندما يخسر عدداً من الإلكترونات، ويُرجَع (يختَزل) العنصر أو المركب عندما يربح عدداً من الإلكترونات. وبما أنه لابد من آخذ عندما يحصل منح فإن عمليتي الأكسدة والإرجاع متلازمتان.
وبما أن تفاعلات الأكسدة والإرجاع تقتصر على انتقال الإلكترونات من مادة إلى أخرى، فيمكن اجراؤها من دون أن يحصل تماس مباشر بين المواد المتفاعلة. ويكفي في هذه الحالة أن يحصل الاتصال بوساطة مادة ناقلة للكهرباء. وفي الواقع فإن هذا هو مبدأ الخلايا.
ينتقل التيار الكهربائي، عادة، عبر سلك أو قضيب معدني مثل الزنك أو قضيب من الفحم، بحركة الإلكترونات. وتصنع الإلكترودات عادة من هذه المواد الناقلة. أما في الإلكتروليت فتقوم الأيونات السالبة والأيونات الموجبة بهذه المهمة على أن تكون حرة الحركة؛ كأن تكون على شكل مصهور أو على شكل محلول، مثال ذلك كلوريد الصوديوم (ملح الطعام) الذي يحوي محلوله المائي أيونات Na+ الموجبة وأيونات كلوريد Cl- السالبة وكذلك مصهوره. أما ملح الطعام الصلب فغير ناقل للتيار الكهربائي لعدم حرية الأيونات في الحركة. وتفاعلات الكيمياء الكهربائية هي تفاعلات أكسدة - إرجاع تتم نتيجة لتبادل الإلكترونات بين المساري والأيونات.
وقد يكون التأين في المذيب (المُحِلِّ) تاماً أو جزئياً، فإذا كان التأين تاماً، مثل حالة HCl أو حالة NaCl في الماء، دعي الإلكتروليت قوياً، وإذا كان تأينه جزئياً دعي الإلكتروليت ضعيفاً، مثال ذلك حمض الخل بالماء. فمحلول مول واحد من HCl في الماء يحوي مولاً واحداً من أيونات H+ ومولاً واحداً من أيونات Cl-. أما في محلول حمض الخل[ر. الحموض والأسس] الإلكتروليت الضعيف فيحصل التوازن الآتي:
k: ثابت تأين حمض الخل (الأسيتيك).
[CH3COO-] تركيز أيون الخلات مول/لتر.
[H3O+] تركيز أيون الهدروجين H+ مقدراً بالمول/لتر.
كما يمكن قياس k بدلالة درجة التأين α، وα هي النسبة بين ما يتأين من الحمض إلى عدد الجزيئات الكلي:
فعند التوازن يكون تركيز أيون H+ = تركيز أيون αc = CH3COO-
ويكون تركيز جزيئات حمض الخل غير المتأينة c-a −α c = c (1- α) =[CH3COOH]
أي:
ويسعى α إلى الواحد حين يسعى التركيز نحو الصفر (أي المحلول شديد التمديد).
تقاس المقاومة الكهربائية R لمحلول تجريبياً وتقدّر بواحدة قياس المقاومة وهي الأوم، أما الناقلية L فهي مقلوب المقاومة وتساوي:
وهي تقاس بالأوم-1. والناقلية تتوقف على المقطع العرضي A لخلية النقل الواصلة بين الإلكتروديْن وعلى طولها 1. فالمقاومة R، مثل مقاومة السلك المعدني:
ρ المقاومة النوعية، وهي مقاومة خلية مقطعها واحدة السطح، وطولها واحدة الطول. والناقلية L
γ هي الناقلية النوعية، وتقدر، عادة، في جملة الواحدات السغثية بالأوم-1 سم-1. فالناقلية النوعية هي ناقلية مكعب محلول إلكتروليتي طول ضلعه يساوي سنتمتراً واحداً. وعادة تحسب الناقلية المكافئة للمحلول الإلكتروليتي وهي ناقلية خلية يبعد الإلكترودان فيها عن بعضهما بمقدار واحدة المسافة ومقطعها حيث يكون حجم المحلول بين المسريين، يحوي مكافئاً غرامياً من الإلكتروليت. والمكافئ الغرامي من الإلكتروليت هو كمية الإلكتروليت التي تعطي فيما لو تأيّنت تأيناً تاماً عدداً كلياً من الشحنات الموجبة والسالبة يساوي +e π و-e π، حيث e هي شحنة الإلكترون، وπ هي عدد أفوغادرو. فالمكافئ الغرامي من NaCl يساوي وزن مول منه لأن المول يتفكك في المحلول ويعطي عدد أفوغادرو من أيون Na+ ومثلها من Cl-، والمكافئ الغرامي من كبريتات المغنزيوم MgSO4 يساوي وزن نصف مول منه لأن المول منه يعطي عدد أفوغادرو من أيونات Mg2+ وعدداً مساوياً من أيونات:
فالناقلية المكافئة A هي مقياس لقابلية مكافئ غرامي من المنحل على نقل التيار.
إن التأثير المتبادل بين الأيونات في أثناء حركتها يجعل الناقلية المكافئة مرتبطة بالتركيز، وهي تختلف في الإلكتروليتات القوية مثل KCl عن الالكتروليتات الضعيفة كحمض الخل، وبحسب تجارب كولراوش عام 1900 تخضع الناقلية المكافئة في حالة المحاليل المنخفضة التركيز للعلاقة:
حيث A ثابت، وΛ0 هي الناقلية المكافئة الحدية والتي يحصل عليها تجريبياً من رسم Λ بدلالة :
وتمديد المستقيم الناتج نحو التركيز المعدوم (أي التركيز صفر).
من ناحية أخرى يسمح استقلال الناقلية المكافئة الحدية للأيونات عن بعضها بكتابتها كمجموع حدين للأيون السالب والموجب أي:
الترموديناميك الكهركيميائي
يدرس هذا العلم التوازنات الحاصلة بين ناقل إلكتروني للتيار الكهربائي وناقل أيوني له، فعند غمس معدن في محلول إلكتروليتي ينتقل قسم من أيونات المعدن الموجبة إلى المحلول تاركاً وراءه إلكترونات حرة تمنح معدن الإلكترود شحنة سالبة، فتنجذب الأيونات نحوه مشكّلة طبقة أيونية ثنائية وفرقاً في الكمون الكهربائي عند السطح الفاصل بين المسرى المعدني والمحلول.
إضافة إلى فرق الكمون الكهربائي السابق، يوجد أيضاً فرق في الكمون الكيميائي بين مادتي الإلكترود والمحلول، ومحصلة هذين الفرقين هو فرق في الكمون الكهركيميائي اصطُلح على تسميته كمون الإلكترود. هذا الكمون غير قابل للقياس، وإنما يمكن قياس القوة المحركة الكهربائية المؤلَّفة من إلكترودين، وبما أن كمون الإلكترود الهدروجين العياري مساوياً للصفر يمكن التعبير عن كمونات الإلكترودات الأخرى ومزدوجات الأكسدة - إرجاع بعلاقة نرنست [ر. الأكسدة والإرجاع] Nernst:
حيث E0 الكمون العياري للإلكترود، R ثابت الغازات ويساوي 8.314 فلط كولون/درجة مطلقة/مول وT درجة الحرارة المطلقة (كلفن) تساوي tﹾ + ت 273 ْس، وn عدد الإلكترونات المشتركة بالتفاعل، وF الفارادي ويساوي 96493 كولون، | O x| تركيز المؤكسِد، |Re d | تركيز المرجِع.
تأتي هذه العلاقة من دراسات ترموديناميكية نظرية تم اثباتها تجريبياً، وهي تنطبق على جمل في حالة توازن، حيث لا يمر أي تيار كهربائي عبر الإلكترود المقاس.
ففي الخلية التي يتم فيها نصفا التفاعل:
يكون الكروم هو المرجِع والأيون Ni2+ هو المؤكسِد أي:
ويكون الكمون العياري لهذه الخلية: -0.25- (-0.74) = 0.49 فلط
أما إذا كان [Ni2+] ت =1.0× 10-4 مول/لتر، و [Cr3+] ت = 2.0× 10-3 مول/لتر فيكون الكمون (الجهد الكهربائي) مساوياً E الذي يصبح:
يتعلق الكمون بطبيعة المُحلاّت المستخدمة، فكمونات المزدوجات تعطى عموماً في المحاليل المائية، وهذا هو الاستخدام الشائع، إلا أن لكل مزدوجة كموناً يختلف من مُحل لآخر. وللمُحلات العضوية استقرار ترموديناميكي كهركيميائي أوسع من الماء، فمجال استقرار الماء يبلغ نحو 1.23 فلط، في حين يبلغ في كربونات البروبيلن أكثر من 3.5 فلط، مما يسمح باستخدامها في دراسة مواد غير مستقرة في الماء مثل المعادن القلوية، وفي إنتاج بطاريات ذات قوة محركة كهربائية مرتفعة (نحو 3.2 فلط) وقابلة لإعادة الشحن مثل بطاريات الليثيوم.
الحركية الكهركيميائية
تؤلف الخلية الكهركيميائية بطارية ذات قوة محركة كهربائية تخضع في غياب التيار الكهربائي لقوانين الترموديناميك، أي إن قانون نرنست ينطبق على كلا الإلكترودين. وعند مرور التيار الكهربائي تنشأ عند الإلكترودات ظواهر الأكسدة والإرجاع، حيث تختلف المراحل الفيزيائية-الكيميائية بحسب الجملة الكهركيميائية المدروسة. وخلافاً للتفاعل المتجانس العادي الذي يجري في كل نقاط المحلول التي توجد فيها المواد المتفاعلة، فإن التفاعل الكهركيميائي غير متجانس لأنه يجري عند الحد الفاصل بين الإلكترود والمحلول. من هنا ينتج أن هذا التفاعل يتم على عدة مراحل متعاقبة. ففي حالة مزدوجة كهركيميائية مغموسة بطرفيها في الماء، تقترب المواد الأولية من الإلكترود، ثم تحدث عملية نقل الإلكترونات عبر الحد الفاصل للطورين، وأخيراً تغادر نواتج التفاعل السطح مخلّية المكان لعينة جديدة من المواد المتفاعلة، ويعدّ هذا النمط من أبسط أشكال التفاعلات الكهركيميائية.
تصبح هذه المراحل أكثر تعقيداً حين يكون أحد طرفي المزدوجة صلباً مثل Cu2+/Cu، فالنحاس يمر عند ترسيبه بمرحلة التبلور، وتفقد أيونات النحاس المميهة جزيئات الماء المحيطة بها؛ مما يجعل النحاس يمر بعدة مراحل في أثناء إرجاع أيوناته، وهي معاكسة تماماً لمراحل أكسدة النحاس المعدني كهركيميائياً.
تتضمن آلية التفاعل عموماً مرحلتين رئيسيتين هما انتقال المادة من سطح الإلكترود أو انتقالها إليه، والتبادل الإلكتروني بين المادة المتفاعلة وهذا السطح. أما المراحل الأخرى الممكنة فمنها التبلور، والامتصاص على السطح [ر. التمزز]، وتشكل طبقة عازلة (أكسيد مثلاً).
توجد عدة وسائل تقنية لدراسة الحركية الكهركيميائية، أهمها قياسات الفلط - أمبير الخطية أو الحلقية Voltampérométrie linéaire ou cyclique. والطريقة الأخرى الأكثر تعقيداً هي مطيافية الممانعة الكهركيميائية Spectroscopie d impédance électrochimique.
تؤدي دراسة الحركية الكهركيميائية إلى فهم آلية التفاعل، والتحكم بها حيث تقدم النواتج المطلوبة في الصناعة وبأفضل مردود. وتعرّف سرعة التفاعل الكيميائي كناتج لمرور التيار الكهربائي عبر واحدة السطوح من الإلكترود، وهي تتعلق بعوامل عدة، أهمها تركيز المادة المتفاعلة عند سطح الإلكترود، وثابت سرعة التفاعل، وطبيعة سطح الإلكترود الملامس للمحلول ولمساحته وفرق الكمون المطبق.
الكهركيمياء العضوية
علم يدرس تفاعلات المركبات العضوية باستخدام التحليل الكهربائي. فالأكسدة والإرجاع الكيمياويان من الوسائل الشائعة في مراحل الاصطناع العضوي، ونظرياً من الممكن استبدال جميع هذه التفاعلات الكيمياوية بتفاعلات كهركيمياوية.
بدأ هذا العلم عام 1854 مع دراسة كولب Kolbe لأكسدة الحموض الكربوكسيلية[ر] كهركيمياوياً وتشكيل ألكانات:
ثم أجريت دراسات أخرى في بداية القرن العشرين حول إرجاع مركبات النتروبنزن والكيتونات والألدهيدات وأكسدة الفحوم الهدروجينية العطرية[ر].
للكهركيمياء العضوية مزايا عدة مقارنة مع الكيمياء العضوية، أهمها :
ـ الطريقة الكهركيميائية أكثر نوعية، فإذا كان الجزيء العضوي يحوي عدة زمر فعالة وقابلة للأكسدة أو للإرجاع فمن الممكن اختيار كمون العمل المناسب كهركيمياوياً لإجراء التفاعل الذي يؤثر في زمر معينة فقط.
ـ ناتج التفاعل سهل العزل وأقل كلفة عموماً لأن وسط التفاعل لا يحتوي على مؤكسِد أو مرجِع كيمياوي.
ـ تسمح الكهركيمياء العضوية بفهم آلية تفاعل الأكسدة والإرجاع الكيمياويين.
وفي المقابل، لهذا العلم حدوده أيضاً منها:
ـ التفاعلات الكهركيمياوية سطحية تتم على السطح الفاصل بين الإلكترود والمحلول، مما يستدعي استخدام إلكترودات مسامية ذات سطح حجمي أو كتلي فعال واسع.
ـ مجال الكمون المطبق محدود (± 3 فولط)، فغالباً ما يحصل تحلل كهربائي للمذيب خارج هذا المجال. وهذا يعني أن التفاعلات التي تحتاج إلى طاقة أكبر غير ممكنة عملياً بالطريقة الكهركيميائية.
تطبيقات الكهركيمياء
للكهركيمياء تطبيقات واسعة - مثل إنتاج الهدروجين والأكسجين وهدروكسيد الصوديوم وغاز الكلور وتنقية النحاس، وبعض المعادن كالألمنيوم والمعادن القلوية[ر. القلويات]، أو القلوية الترابية[ر. القلويات الترابية] التي تتصف بكمون أكسدة/إرجاع منخفض جداً، فلا يمكن إنتاجها كيمياوياً وتكون الوسيلة الوحيدة هي إرجاعها كهركيميائياً من أملاحها المصهورة.
للكهركيمياء العضوية تطبيقات خاصة في إنتاج عدد من المركبات الوسيطة الصناعية، من أهمها اصطناع بعض المواد الأولية للنايلون، وإنتاج مركبات فلورية (ومنها مادة التيفلون المعروفة) ورابع ألكيل الرصاص الذي يضاف إلى وقود السيارات.
تشكل البطاريات والمدخرات تطبيقاً واسعاً للكهركيمياء في الحياة اليومية، ويكمن الفرق بينها في إمكانية إعادة الشحن، فبينما يمكن شحن المدخرة وتفريغها مئات المرات نتيجة لعكوسية تفاعلاتها الداخلية، لا تقبل البطارية إعادة الشحن ولا يمكن عكس جهة تفاعلاتها الكهركيميائية.
تعدّ المدخرة الرصاصية من أشهر أنواع المدخرات وهي موجودة عملياً في كل سيارة، إلا أن ثقل وزنها حدَّ من إمكانية استعمالها في سيارة المستقبل الكهربائية وشجَّع الأبحاث نحو تطوير خلايا الوقود.
تكمن ميزة خلايا الوقود في أن المواد الفعالة كهركيميائياً لا توضع مسبقاً عند تحضير الإلكترودات كما هي الحال في البطاريات العادية وإنما تقدم عند استهلاكها، وهذا يؤمن نظرياً عمل الخلية في زمن طويل جداً. مبدأ خلايا الوقود هو تحويل قدر مهم من الطاقة الحرة لتفاعل أكسدة بين الهدروجين أو مركب عضوي بسيط من جهة وأكسجين الهواء من جهة أخرى إلى طاقة كهربائية بمردود عال مقارنة مع احتراق هذه المركبات في محركات الاحتراق الداخلي. يعطي الهدروجين أفضل النتائج، ولا ينتج من أكسدته سوى الماء مما يجعله وقود المستقبل، إلا أن صعوبة تخزينه ما تزال أهم عائق تقني في الوقت الحاضر.
الطلاء الكهركيمياوي (الطلاء الغلفاني): هو عملية ترسيب طبقة معدنية بهدف حماية أجسام مرغوب بالحفاظ عليها من التآكل والحصول على خصائص للسطح، مثل تحسين مظهره وتعزيز مقاومته للمواد الأكّالة والاحتكاك، وذلك باستخدام التيار الكهربائي وأملاح منحلة للمعدن وإلكترودين أحدهما هو الجسم المطلوب طلاؤه (المهبط في الغالب).
فصل الأيونات باستخدام التحليل الكهربائي ثنائي الغشاء électrodialyse ـ تحلية المياه: تُستعمل هذه الطريقة في الصناعة الحديثة خاصة في تحلية ماء البحر أو معالجة المياه الملوثة وهي تسمح بفصل الأيونات من المحاليل المائية والمركبات العضوية، وتعتمد على إجبار الأيونات على المرور عبر أغشية تبادل شاردي بتطبيق فرق كمون كهربائي بين الإلكترودات التي تفصلها هذه الأغشية.
أحمد الفرا
الكيمياء الكهربائية
الكيمياء الكهربائية électrochimie (أو الكهركيمياء)، فرع من فروع الكيمياء الفيزيائية، فالتآثرات الكيمياوية جميعها كهربائية بطبيعتها أساساً. وعلى كل، فالكيمياء الكهربائية، بمعناها الضيق، تعنى بدراسة محاليل الإلكتروليتات (الكهرليتات) والتآثرات التي تتم على الإلكترودات (المساري) electrodes المغموسة في هذه المحاليل، أي دراسة التفاعلات الكيمياوية المولِّدة لتيار كهربائي أو الناجمة عنه.
أدى نشوء الكيمياء الكهربائية إلى بروز الكيمياء الفيزيائية علماً مستقلاً متميزاً. فالمجلة الأولى في الكيمياء الفيزيائية Die Zeitschrift fur physikalische chemie أسسها فلهم أوستفالد Wilhelm Ostwald عام 1887 وقد خصِّصَت الأعداد الأولى منها لأبحاث أوستفالد، وفانت هوف، وكولراوش Kohlrausch، وأرينوس وغيرهم وكانت جميعها في حقل الكيمياء الكهربائية.
كانت تجربة فولطا[ر] Volta من أهم مراحل تطور هذا العلم عملياً، إذ صنع «بيله» المشهور ذلك البيل (أو الخلية) الذي يتألف من عدد كبير من صفائح فضة وصفائح زنك متوالية مغموسة في قطعة قماش مبلّلة بمحلول ملحي. وعندما وصل نهايتي البيل بسلك معدني مرّ تيار كهربائي في ذلك السلك، وكان لهذا الكشف وقع كبير على باحثي ذلك العصر[ر. الخلية الجافة، خلية الحمض - رصاص، خلية دانييل، خلية الزئبق، خلية الليثيوم، خلية النيكل - حديد، خلية الوقود].
فكّك نيكلسون وكرليل الماء إلى هدروجين وأكسجين بإمرار تيار كهربائي بمحلول ملحي فانطلق الأكسجين عند أحد قطبي البيل والهدروجين عند القطب الآخر. وتم بعد ذلك تفكيك محاليل الأملاح المختلفة. وفي العام 1806-1807، استعمل الكيميائي الإنكليزي همفري ديڤي Davy خليةً لعزل الصوديوم من هدروكسيده والبوتاسيوم من هدروكسيده[ر. التحليل الكهركيميائي]. وقد عزَّزت هذه التجارب النظريةَ القائلة إن الذرات في مركب يتماسك بعضها مع بعض بفعل التجاذب بين الشحنات المتعاكسة الشحنة، مثال ذلك في ملح الطعام NaCl حيث تتجاذب الأيونات (الشوارد) الموجبة Na+ مع الأيونات السالبة Cl-.
وفي عام 1813 ذهب الكيميائي والفيزيائي الإنكليزي مايكل فارادي Michael Faraday، وكان في الثانية والعشرين من العمر، إلى المعهد الملكي ليعمل مساعداً مخبرياً لديڤي. وفي السنوات التالية، قام بنفسه بأبحاث بنيت عليها أسس الكيمياء الكهربائية والكهرمغنطيسية. ويعود له الفضل باكتشاف القوانين الكمية للتحليل الكهركيمياوي.
ناقلية المحاليل الكهرليتية
يتأكسد العنصر أو المركب عندما يخسر عدداً من الإلكترونات، ويُرجَع (يختَزل) العنصر أو المركب عندما يربح عدداً من الإلكترونات. وبما أنه لابد من آخذ عندما يحصل منح فإن عمليتي الأكسدة والإرجاع متلازمتان.
وبما أن تفاعلات الأكسدة والإرجاع تقتصر على انتقال الإلكترونات من مادة إلى أخرى، فيمكن اجراؤها من دون أن يحصل تماس مباشر بين المواد المتفاعلة. ويكفي في هذه الحالة أن يحصل الاتصال بوساطة مادة ناقلة للكهرباء. وفي الواقع فإن هذا هو مبدأ الخلايا.
ينتقل التيار الكهربائي، عادة، عبر سلك أو قضيب معدني مثل الزنك أو قضيب من الفحم، بحركة الإلكترونات. وتصنع الإلكترودات عادة من هذه المواد الناقلة. أما في الإلكتروليت فتقوم الأيونات السالبة والأيونات الموجبة بهذه المهمة على أن تكون حرة الحركة؛ كأن تكون على شكل مصهور أو على شكل محلول، مثال ذلك كلوريد الصوديوم (ملح الطعام) الذي يحوي محلوله المائي أيونات Na+ الموجبة وأيونات كلوريد Cl- السالبة وكذلك مصهوره. أما ملح الطعام الصلب فغير ناقل للتيار الكهربائي لعدم حرية الأيونات في الحركة. وتفاعلات الكيمياء الكهربائية هي تفاعلات أكسدة - إرجاع تتم نتيجة لتبادل الإلكترونات بين المساري والأيونات.
وقد يكون التأين في المذيب (المُحِلِّ) تاماً أو جزئياً، فإذا كان التأين تاماً، مثل حالة HCl أو حالة NaCl في الماء، دعي الإلكتروليت قوياً، وإذا كان تأينه جزئياً دعي الإلكتروليت ضعيفاً، مثال ذلك حمض الخل بالماء. فمحلول مول واحد من HCl في الماء يحوي مولاً واحداً من أيونات H+ ومولاً واحداً من أيونات Cl-. أما في محلول حمض الخل[ر. الحموض والأسس] الإلكتروليت الضعيف فيحصل التوازن الآتي:
k: ثابت تأين حمض الخل (الأسيتيك).
[CH3COO-] تركيز أيون الخلات مول/لتر.
[H3O+] تركيز أيون الهدروجين H+ مقدراً بالمول/لتر.
كما يمكن قياس k بدلالة درجة التأين α، وα هي النسبة بين ما يتأين من الحمض إلى عدد الجزيئات الكلي:
فعند التوازن يكون تركيز أيون H+ = تركيز أيون αc = CH3COO-
ويكون تركيز جزيئات حمض الخل غير المتأينة c-a −α c = c (1- α) =[CH3COOH]
أي:
ويسعى α إلى الواحد حين يسعى التركيز نحو الصفر (أي المحلول شديد التمديد).
تقاس المقاومة الكهربائية R لمحلول تجريبياً وتقدّر بواحدة قياس المقاومة وهي الأوم، أما الناقلية L فهي مقلوب المقاومة وتساوي:
وهي تقاس بالأوم-1. والناقلية تتوقف على المقطع العرضي A لخلية النقل الواصلة بين الإلكتروديْن وعلى طولها 1. فالمقاومة R، مثل مقاومة السلك المعدني:
ρ المقاومة النوعية، وهي مقاومة خلية مقطعها واحدة السطح، وطولها واحدة الطول. والناقلية L
γ هي الناقلية النوعية، وتقدر، عادة، في جملة الواحدات السغثية بالأوم-1 سم-1. فالناقلية النوعية هي ناقلية مكعب محلول إلكتروليتي طول ضلعه يساوي سنتمتراً واحداً. وعادة تحسب الناقلية المكافئة للمحلول الإلكتروليتي وهي ناقلية خلية يبعد الإلكترودان فيها عن بعضهما بمقدار واحدة المسافة ومقطعها حيث يكون حجم المحلول بين المسريين، يحوي مكافئاً غرامياً من الإلكتروليت. والمكافئ الغرامي من الإلكتروليت هو كمية الإلكتروليت التي تعطي فيما لو تأيّنت تأيناً تاماً عدداً كلياً من الشحنات الموجبة والسالبة يساوي +e π و-e π، حيث e هي شحنة الإلكترون، وπ هي عدد أفوغادرو. فالمكافئ الغرامي من NaCl يساوي وزن مول منه لأن المول يتفكك في المحلول ويعطي عدد أفوغادرو من أيون Na+ ومثلها من Cl-، والمكافئ الغرامي من كبريتات المغنزيوم MgSO4 يساوي وزن نصف مول منه لأن المول منه يعطي عدد أفوغادرو من أيونات Mg2+ وعدداً مساوياً من أيونات:
فالناقلية المكافئة A هي مقياس لقابلية مكافئ غرامي من المنحل على نقل التيار.
إن التأثير المتبادل بين الأيونات في أثناء حركتها يجعل الناقلية المكافئة مرتبطة بالتركيز، وهي تختلف في الإلكتروليتات القوية مثل KCl عن الالكتروليتات الضعيفة كحمض الخل، وبحسب تجارب كولراوش عام 1900 تخضع الناقلية المكافئة في حالة المحاليل المنخفضة التركيز للعلاقة:
حيث A ثابت، وΛ0 هي الناقلية المكافئة الحدية والتي يحصل عليها تجريبياً من رسم Λ بدلالة :
وتمديد المستقيم الناتج نحو التركيز المعدوم (أي التركيز صفر).
من ناحية أخرى يسمح استقلال الناقلية المكافئة الحدية للأيونات عن بعضها بكتابتها كمجموع حدين للأيون السالب والموجب أي:
الترموديناميك الكهركيميائي
يدرس هذا العلم التوازنات الحاصلة بين ناقل إلكتروني للتيار الكهربائي وناقل أيوني له، فعند غمس معدن في محلول إلكتروليتي ينتقل قسم من أيونات المعدن الموجبة إلى المحلول تاركاً وراءه إلكترونات حرة تمنح معدن الإلكترود شحنة سالبة، فتنجذب الأيونات نحوه مشكّلة طبقة أيونية ثنائية وفرقاً في الكمون الكهربائي عند السطح الفاصل بين المسرى المعدني والمحلول.
إضافة إلى فرق الكمون الكهربائي السابق، يوجد أيضاً فرق في الكمون الكيميائي بين مادتي الإلكترود والمحلول، ومحصلة هذين الفرقين هو فرق في الكمون الكهركيميائي اصطُلح على تسميته كمون الإلكترود. هذا الكمون غير قابل للقياس، وإنما يمكن قياس القوة المحركة الكهربائية المؤلَّفة من إلكترودين، وبما أن كمون الإلكترود الهدروجين العياري مساوياً للصفر يمكن التعبير عن كمونات الإلكترودات الأخرى ومزدوجات الأكسدة - إرجاع بعلاقة نرنست [ر. الأكسدة والإرجاع] Nernst:
حيث E0 الكمون العياري للإلكترود، R ثابت الغازات ويساوي 8.314 فلط كولون/درجة مطلقة/مول وT درجة الحرارة المطلقة (كلفن) تساوي tﹾ + ت 273 ْس، وn عدد الإلكترونات المشتركة بالتفاعل، وF الفارادي ويساوي 96493 كولون، | O x| تركيز المؤكسِد، |Re d | تركيز المرجِع.
تأتي هذه العلاقة من دراسات ترموديناميكية نظرية تم اثباتها تجريبياً، وهي تنطبق على جمل في حالة توازن، حيث لا يمر أي تيار كهربائي عبر الإلكترود المقاس.
ففي الخلية التي يتم فيها نصفا التفاعل:
يكون الكروم هو المرجِع والأيون Ni2+ هو المؤكسِد أي:
ويكون الكمون العياري لهذه الخلية: -0.25- (-0.74) = 0.49 فلط
أما إذا كان [Ni2+] ت =1.0× 10-4 مول/لتر، و [Cr3+] ت = 2.0× 10-3 مول/لتر فيكون الكمون (الجهد الكهربائي) مساوياً E الذي يصبح:
يتعلق الكمون بطبيعة المُحلاّت المستخدمة، فكمونات المزدوجات تعطى عموماً في المحاليل المائية، وهذا هو الاستخدام الشائع، إلا أن لكل مزدوجة كموناً يختلف من مُحل لآخر. وللمُحلات العضوية استقرار ترموديناميكي كهركيميائي أوسع من الماء، فمجال استقرار الماء يبلغ نحو 1.23 فلط، في حين يبلغ في كربونات البروبيلن أكثر من 3.5 فلط، مما يسمح باستخدامها في دراسة مواد غير مستقرة في الماء مثل المعادن القلوية، وفي إنتاج بطاريات ذات قوة محركة كهربائية مرتفعة (نحو 3.2 فلط) وقابلة لإعادة الشحن مثل بطاريات الليثيوم.
الحركية الكهركيميائية
تؤلف الخلية الكهركيميائية بطارية ذات قوة محركة كهربائية تخضع في غياب التيار الكهربائي لقوانين الترموديناميك، أي إن قانون نرنست ينطبق على كلا الإلكترودين. وعند مرور التيار الكهربائي تنشأ عند الإلكترودات ظواهر الأكسدة والإرجاع، حيث تختلف المراحل الفيزيائية-الكيميائية بحسب الجملة الكهركيميائية المدروسة. وخلافاً للتفاعل المتجانس العادي الذي يجري في كل نقاط المحلول التي توجد فيها المواد المتفاعلة، فإن التفاعل الكهركيميائي غير متجانس لأنه يجري عند الحد الفاصل بين الإلكترود والمحلول. من هنا ينتج أن هذا التفاعل يتم على عدة مراحل متعاقبة. ففي حالة مزدوجة كهركيميائية مغموسة بطرفيها في الماء، تقترب المواد الأولية من الإلكترود، ثم تحدث عملية نقل الإلكترونات عبر الحد الفاصل للطورين، وأخيراً تغادر نواتج التفاعل السطح مخلّية المكان لعينة جديدة من المواد المتفاعلة، ويعدّ هذا النمط من أبسط أشكال التفاعلات الكهركيميائية.
تصبح هذه المراحل أكثر تعقيداً حين يكون أحد طرفي المزدوجة صلباً مثل Cu2+/Cu، فالنحاس يمر عند ترسيبه بمرحلة التبلور، وتفقد أيونات النحاس المميهة جزيئات الماء المحيطة بها؛ مما يجعل النحاس يمر بعدة مراحل في أثناء إرجاع أيوناته، وهي معاكسة تماماً لمراحل أكسدة النحاس المعدني كهركيميائياً.
تتضمن آلية التفاعل عموماً مرحلتين رئيسيتين هما انتقال المادة من سطح الإلكترود أو انتقالها إليه، والتبادل الإلكتروني بين المادة المتفاعلة وهذا السطح. أما المراحل الأخرى الممكنة فمنها التبلور، والامتصاص على السطح [ر. التمزز]، وتشكل طبقة عازلة (أكسيد مثلاً).
توجد عدة وسائل تقنية لدراسة الحركية الكهركيميائية، أهمها قياسات الفلط - أمبير الخطية أو الحلقية Voltampérométrie linéaire ou cyclique. والطريقة الأخرى الأكثر تعقيداً هي مطيافية الممانعة الكهركيميائية Spectroscopie d impédance électrochimique.
تؤدي دراسة الحركية الكهركيميائية إلى فهم آلية التفاعل، والتحكم بها حيث تقدم النواتج المطلوبة في الصناعة وبأفضل مردود. وتعرّف سرعة التفاعل الكيميائي كناتج لمرور التيار الكهربائي عبر واحدة السطوح من الإلكترود، وهي تتعلق بعوامل عدة، أهمها تركيز المادة المتفاعلة عند سطح الإلكترود، وثابت سرعة التفاعل، وطبيعة سطح الإلكترود الملامس للمحلول ولمساحته وفرق الكمون المطبق.
الكهركيمياء العضوية
علم يدرس تفاعلات المركبات العضوية باستخدام التحليل الكهربائي. فالأكسدة والإرجاع الكيمياويان من الوسائل الشائعة في مراحل الاصطناع العضوي، ونظرياً من الممكن استبدال جميع هذه التفاعلات الكيمياوية بتفاعلات كهركيمياوية.
بدأ هذا العلم عام 1854 مع دراسة كولب Kolbe لأكسدة الحموض الكربوكسيلية[ر] كهركيمياوياً وتشكيل ألكانات:
ثم أجريت دراسات أخرى في بداية القرن العشرين حول إرجاع مركبات النتروبنزن والكيتونات والألدهيدات وأكسدة الفحوم الهدروجينية العطرية[ر].
للكهركيمياء العضوية مزايا عدة مقارنة مع الكيمياء العضوية، أهمها :
ـ الطريقة الكهركيميائية أكثر نوعية، فإذا كان الجزيء العضوي يحوي عدة زمر فعالة وقابلة للأكسدة أو للإرجاع فمن الممكن اختيار كمون العمل المناسب كهركيمياوياً لإجراء التفاعل الذي يؤثر في زمر معينة فقط.
ـ ناتج التفاعل سهل العزل وأقل كلفة عموماً لأن وسط التفاعل لا يحتوي على مؤكسِد أو مرجِع كيمياوي.
ـ تسمح الكهركيمياء العضوية بفهم آلية تفاعل الأكسدة والإرجاع الكيمياويين.
وفي المقابل، لهذا العلم حدوده أيضاً منها:
ـ التفاعلات الكهركيمياوية سطحية تتم على السطح الفاصل بين الإلكترود والمحلول، مما يستدعي استخدام إلكترودات مسامية ذات سطح حجمي أو كتلي فعال واسع.
ـ مجال الكمون المطبق محدود (± 3 فولط)، فغالباً ما يحصل تحلل كهربائي للمذيب خارج هذا المجال. وهذا يعني أن التفاعلات التي تحتاج إلى طاقة أكبر غير ممكنة عملياً بالطريقة الكهركيميائية.
تطبيقات الكهركيمياء
للكهركيمياء تطبيقات واسعة - مثل إنتاج الهدروجين والأكسجين وهدروكسيد الصوديوم وغاز الكلور وتنقية النحاس، وبعض المعادن كالألمنيوم والمعادن القلوية[ر. القلويات]، أو القلوية الترابية[ر. القلويات الترابية] التي تتصف بكمون أكسدة/إرجاع منخفض جداً، فلا يمكن إنتاجها كيمياوياً وتكون الوسيلة الوحيدة هي إرجاعها كهركيميائياً من أملاحها المصهورة.
للكهركيمياء العضوية تطبيقات خاصة في إنتاج عدد من المركبات الوسيطة الصناعية، من أهمها اصطناع بعض المواد الأولية للنايلون، وإنتاج مركبات فلورية (ومنها مادة التيفلون المعروفة) ورابع ألكيل الرصاص الذي يضاف إلى وقود السيارات.
تشكل البطاريات والمدخرات تطبيقاً واسعاً للكهركيمياء في الحياة اليومية، ويكمن الفرق بينها في إمكانية إعادة الشحن، فبينما يمكن شحن المدخرة وتفريغها مئات المرات نتيجة لعكوسية تفاعلاتها الداخلية، لا تقبل البطارية إعادة الشحن ولا يمكن عكس جهة تفاعلاتها الكهركيميائية.
تعدّ المدخرة الرصاصية من أشهر أنواع المدخرات وهي موجودة عملياً في كل سيارة، إلا أن ثقل وزنها حدَّ من إمكانية استعمالها في سيارة المستقبل الكهربائية وشجَّع الأبحاث نحو تطوير خلايا الوقود.
تكمن ميزة خلايا الوقود في أن المواد الفعالة كهركيميائياً لا توضع مسبقاً عند تحضير الإلكترودات كما هي الحال في البطاريات العادية وإنما تقدم عند استهلاكها، وهذا يؤمن نظرياً عمل الخلية في زمن طويل جداً. مبدأ خلايا الوقود هو تحويل قدر مهم من الطاقة الحرة لتفاعل أكسدة بين الهدروجين أو مركب عضوي بسيط من جهة وأكسجين الهواء من جهة أخرى إلى طاقة كهربائية بمردود عال مقارنة مع احتراق هذه المركبات في محركات الاحتراق الداخلي. يعطي الهدروجين أفضل النتائج، ولا ينتج من أكسدته سوى الماء مما يجعله وقود المستقبل، إلا أن صعوبة تخزينه ما تزال أهم عائق تقني في الوقت الحاضر.
الطلاء الكهركيمياوي (الطلاء الغلفاني): هو عملية ترسيب طبقة معدنية بهدف حماية أجسام مرغوب بالحفاظ عليها من التآكل والحصول على خصائص للسطح، مثل تحسين مظهره وتعزيز مقاومته للمواد الأكّالة والاحتكاك، وذلك باستخدام التيار الكهربائي وأملاح منحلة للمعدن وإلكترودين أحدهما هو الجسم المطلوب طلاؤه (المهبط في الغالب).
فصل الأيونات باستخدام التحليل الكهربائي ثنائي الغشاء électrodialyse ـ تحلية المياه: تُستعمل هذه الطريقة في الصناعة الحديثة خاصة في تحلية ماء البحر أو معالجة المياه الملوثة وهي تسمح بفصل الأيونات من المحاليل المائية والمركبات العضوية، وتعتمد على إجبار الأيونات على المرور عبر أغشية تبادل شاردي بتطبيق فرق كمون كهربائي بين الإلكترودات التي تفصلها هذه الأغشية.
أحمد الفرا