عروس المجد
يا عروس المجد تيهي واسحبي
فـي مـغانينا ذيـول الـشهب
لـن تـري حـفنة رمل فوقها
لـم تـعطر بدما حـر أبـيّ
درج الـبـغي عـليها حـقبة
وهــو ى دون بـلوغ الأرب
وارتـمى كـبر الـليالي دونها
لـين الـناب كـليل الـمخلب
لا يـموت الـحق مهما لطمت
عـارضيه قـبضة المغتصب
مـن هـنا شـق الهدى أكمامه
وتـهادى مـوكبا فـي موكب
وأتـى الـدنيا فـرقت طـربا
وانـتشت مـن عبقه المنسكب
وتـغـنت بالمروءات الـتي
عـرفتها فـي فـتاها العربي
أصـيدٌ ضـاقتْ به صحراؤه
فـأعـدَّتهُ لأفــقٍ أرحــبِ
هـبَّ لـلفتح فـأدمى تـحته
حـافرُ الـمهر جـبينَ الكوكبِ
وأمـانيه انـتفاض الأرض من
غـيهب الـذلِّ وذلِّ الـغيهب
وانـطلاق الـنور حتى يرتوي
كـل جـفن بـالثرى مختضب
حـلم ولـى ولـم يُـجرح به
شـرفُ المسعى ونبلُ المطلب
يـا عروسَ المجد طالَ الملتقى
بـعدما طـال جوى المغترب
سـكرت أجـيالنا فـي زهوها
وغـفت عـن كـيد دهر قُلّبِ
وصـحـونا فــإذا أعـناقنا
مـثـقلات بـقيود الأجـنبي
فـدعوناكِ فـلم نـسمع سوى
زفـرة مـن صـدرك المكتئب
قـد عـرفنا مـهرك الغالي فلم
نـرخص الـمهر ولم نحتسب
فـحـملنا لك إكـليل الـوفا
ومـشينا فـوق هـام النوبِ
وأرقـنـاها دمــاء حــرة
فاغرفي ما شئت منها واشربي
وامـسحي دمع اليتامى وابسمي
والمسي جرح الحزانى واطربي
نـحن مـن ضـعف بنينا قوة
لــم تـلن لـلمارد الـملتهب
كـم لـنا مـن ميسلون نفضت
عـن جـناحيها غـبار التعب
كـم نـبت أسـيافنا في ملعب
وكـبت أفـراسنا فـي ملعب
مـن نـضال عاثر مصطخب
لـنـضال عـاثر مـصطخب
شرف الوثبة أن ترضي العلى
غُـلِبَ الـواثبُ أم لـم يُغْلَبِ
فـالتفِت من كوّةِ الفردوسِ يا
فيصلَ العلياءَ وانظرْ واعجبِ
أترى كيفَ اشتفى الثأرُ من
الــفاتـحِ المسترقِ المستلبِ ؟
و طوى ما طالَ من راياته
في ثنايا نجمهِ المحتجـبِ
ما نسينا دمعـةً عاصيتَها
في وداعِ الأمـلِ المرتقـبِ
رجفتْ بالأمسِ سكرى ألمٍ
فأسلها اليومَ سكرى طربِ !
يا لنعمى خفَّ في أظلالها
ما حملنا في ركابِ الحقبِ
أينما جالَ بنا الطرفُ انثنى
وطيوفُ الزهوِ فوقَ الهدبِ
هذه تربتُنا، لـن تزدهـي
بسوانا مـن حُماةٍ نُـدُبِ
فلنصنْ مَن حَرَمَ الملكَ لها
منبرَ الحقـدِ وسيفَ الغضبِ
و لنُسلْ حنجرةَ الشدوِ بها
بينَ أطلالِ الضحايا الغيّـبِ
ضلّت الأمّةُ إن أرختْ على
جرحِ ماضيها كثيفَ الحجبِ !
مـا بلـغنا بعدُ من أحلامنا
ذلكَ الحلـمَ الكـريمَ الذهبي
أينَ في القدسِ ضلوعٌ غضّةٌ
لم تلامسها ذنابى عقـربِ؟
وقفَ التاريـخُ في محرابها
وقفةَ المرتجـفِ المضطـربِ
كم روى عنها أناشيدَ النّهى
في سماعِ العالمِ المستغـربِ؟
أيُّ أنشودةِ خزيٍ غصَّ في
بثّها بينَ الأسى والكـربِ
من لأبناءِ السـبايا ركبـوا
للأماني البيضِ أشهى مركـبِ
و متى هزّوا علينا رايـةً
ما انطوتْ بينَ رخيصِ السَّلَبِ؟
ومَنِ الطاغي الذي مدَّ لهم
من سرابِ الحقِّ أوهى سببِ؟
أو مـا كنّا لـه في خطبـهِ
معقلَ الأمن ِ وجسرَ الهربِ؟
مـا لنا نلمـحُ فـي مشيتهِ
مخلبَ الذئـبِ وجلدَ الثعلبِ؟
يا لذلِّ العهدِ إن أغضى أسىً
فوقَ صدرِ الشرفِ المنتحـبِ!
يا روابي القدسِ يا مجلى السّنا
يا رؤى عيسى على جفنِ النبي
دونَ عليائكِ في الرحبِ المدى
صهلةُ الخيلِ ووهجُ القضـُبِ !
لـمّتِ الآمـالُ مـنّا شملنا
ونمـتْ ما بيننا من نسـبِ
فإذا مصـرُ أغـاني جلّـقٍ
وإذا بغـدادُ نجـوى يثـربِ
ذهبـتْ أعلامُها خافـقـةً
والتقـى مشـرقُها بالمغـربِ
كلّما انقضَّ عليها عاصـفٌ
دفنتـهُ في ضلـوعِ السّحـبِ
بوركَ الخطبُ، فكم لفَّ على
سهمهِ أشتاتَ شعـبٍ مغضبِ
يا عروسَ المجدِ حسبي عزّةً
أن أرى المجدَ انثنى يعتـزُّ بي
أنا لولاهُ لمـا طوّفـتُ فـي
كـلِّ قفـرٍ مترامٍ مجـدبِ
ربَّ لحنٍ سالَ عن قيثارتي
هزَّ أعطافَ الجهادِ الأشـيبِ
لبـلادي ولـروّادِ الـسّـنا
كـلُّ ما ألهمـتِني من أدبِ