كتاتيب -- - --
الكتاتيب
الكتاتيب Katatib، هي الأمكنة التي يتعلم فيها الأطفال القرآن الكريم ومبادئ التربية الإسلامية. والكتّاب بناء بسيط لا يتعدى، في معظم الأحيان، حجرة واحدة متسعة ملحقة بمسجد ليستفاد من مرافقه وتجهيزاته، تفرش أرضيتها بحصير يجلس فوقه المعلم ويتحلق حوله المتعلمون، ويستخدم فيه من الأدوات لوح خشبي صغير وأداة للكتابة مما توفره البيئة، ويقوم المتعلم بكتابة الدرس على اللوح، ثم يمحوه بعد أن يتأكد من حفظه ليكتب مكانه درساً جديداً.
يتبع التعليم في الكتّاب طرقاً متنوعة من أهمها:
ـ طريقة التعلم الذاتي، فيتولى كل متعلم حفظ الحصة التي حددها له معلمه، ثم يقدم حصيلة عمله في اليوم التالي ليقوِّمها المعلم، فيعاقبه إن هو أهمل شيئاً منها.
ـ طريقة التعلم الفردي، فلكل متعلم برنامجه الخاص يسير فيه بحسب قدراته وطاقته.
ـ طريقة التعلم المتبادل، فيقوم المتفوقون من المتعلمين بعد انتهاء واجباتهم بتعليم زملائهم الصغار.
يذهب الأطفال إلى الكتاب وأعمارهم بين الخامسة والسابعة، ويبقون فيه حتى سن الرابعة عشرة، إذا كانوا من أسر ذات يسر، أما غيرهم من أبناء الفقراء فلا يبقون أكثر من سنتين أو ثلاث سنوات.
يستغرق العمل في الكتّاب أيام الأسبوع كلها من طلوع الشمس حتى آذان العصر، ولا يتوقف إلا بعد ظهر يوم الخميس وصباح يوم الجمعة و أيام الأعياد. ويسمح، في بعض الأحيان، لأبناء الصناع بالتغيب ابتداء من ظهر يوم الأربعاء ليلتحقوا بحرف الصناعة يتعلمون فيها إحدى الحرف، ويبقى غيرهم لتعلم مواد علمية وفنية.
يجري اختيار معلمي الكتّاب من أهل العلم والصلاح من الحاصلين على إجازات تعليمية تشهد لهم بالقدرة على التعليم، وكثيراً ما كان المعلم يتهيأ للعمل على يد معلم ماهر يشرف على تكوينه وتدريبه. ويبقى للقاضي والمحتسب قدر كبير في مراقبة الكتّاب ومتابعة عمل المعلمين.
لقد أصبحت الكتاتيب المكان الرئيس لتعليم القرآن ومواد أخرى، وقد أوصى الإمام الغزالي: «أن يتعلم الطفل في الكتّاب القرآن الكريم وأحاديث الأخبار، وحكايات الأبرار وأحوالهم ثم بعض الأحكام الدينية فالشعر على أن يحفظ الطفل بعض الأشعار». ويضيف ابن مسكويه إلى هذه المواد مبادئ الحساب وقليلاً من قواعد اللغة العربية.
عرف العرب جميعهم، بدوهم وحضرهم، الكتاتيب ودور العلم في الجاهلية. وينقل عبد الحي الكتابي عن الماوردي في كتابه «أدب الدنيا والدين» عن ابن قتيبة أن العرب كانت تعظم أمر الخط، وقد كان للنبي[ كتبة بلغ عددهم الأربعين وكان أكثرهم من شباب المدينة، وقد تعلموا الخط والقراءة وما إليهما في بعض كتاتيب المدينة ومكة قبل الإسلام.
يرى محمد أسعد طلس في كتابه «التربية والتعليم في الإسلام» أن الكتاتيب كان معروفة بكثرة في بلاد الشام ومصر وفارس والعراق قبل الإسلام، فلا غرابة إذا نقل القرشيون ذلك عنهم في رحلاتهم التجارية، وأن الجاليات النصرانية واليهودية في الجزيرة كانت تعلم أبناءها في الكتاتيب، وليس بعيداً أن يكون جيرانهم قد أفادوا من ذلك.
ثم أصبح الكتّاب بعد ظهور الإسلام المكان الرئيس للتعليم، دعت إلى ظهوره حاجات التوسع في نشر الدين وانتقال العرب من حال البداوة إلى حال الحضارة. وعرف المسلمون نوعين من الكتاتيب:
ـ كتّاب خاص بتعليم القراءة والكتابة، يقوم في منازل المعلمين غالباًَ.
ـ كتّاب تعليم القرآن الكريم ومبادئ الدين الإسلامي ومكانه في المسجد.
وقد أوضح ابن خلدون في مقدمته في فصل «تعليم الولدان واختلاف الأمصار الإسلامية في طرقه» أن ثمة اختلافاً في منهج تعليم الأطفال في الكتّاب تبعاً لاختلاف الأمكنة، فقد مزج أهل الأندلس في كتاتيبهم بين تعليم القرآن الكريم ورواية الشعر والترسل وقواعد اللغة العربية وتجويد الخط، وجمع أهل إفريقيا في كتاتيبهم بين تعليم القرآن الكريم والحديث الشريف، وكذلك فعل أهل المشرق أيضاً.
وفي بلاد المغرب، ظهر الكتّاب القرآني بعد الفتح الإسلامي مباشرة، فتوافدت على البلاد بعثات تعليمية بقصد إقامة نظام تعليمي جديد أساسه الدين الإسلامي واللغة العربية.
وهكذا لم يمض القرن الأول للهجرة حتى ساد المغرب نظام تعليمي إسلامي بُني على ركيزة أساس تتمثل في الكتّاب القرآني الذي اضطلع بتثبيت العقيدة الإسلامية ونشر الثقافة العربية وتقويم الروح الوطنية، فبلغ إشعاعها أقصى مدى في إفريقيا والأندلس.
وعُرفت الكتاتيب في بعض المجتمعات بمسميات مختلفة، فقد أطلق عليها في الصومال «الدكس» وذلك وفقاً للغتهم المحلية، وجعله أهل الصومال مكاناً لتحفيظ القرآن تطبيقاً للرأي الشائع: إن تعليم القرآن يقطع الحرام على ألسنة الأولاد.
وفي موريتانيا، عُرفت الكتاتيب في القرن السادس الهجري باسم «المحاضر»، فقد أنشئت من أجل ترسيخ الإسلام الصحيح وأحكامه في نفوس المسلمين وتدريس القرآن الكريم وحفظه وتجويده، وهي إما أهلية يقوم أولياء الأمور بتسديد نفقات تعليم أبنائهم لأصحاب المحضرة، أو يسهم الموسرون والأستاذ في نفقتها. ثم أضيف إليها دراسة مجمل التراث الحضاري الإنساني، الذي شكلت الحضارة الإسلامية في ذلك الوقت ذروته وخلاصته معاً. ولكنها لم تتبلور ويشتد عودها إلا بتاريخ متأخر.
وفي السودان قامت الخلوة مقام الكتّاب القرآني، فكانت مقراً لعدد من الدراسات أولها حفظ القرآن الكريم ثم الفقه والتوحيد والنحو. رافقت ذلك تخصصات كثيرة تلقاها طالبو العلم في مختلف المساجد في السودان ولم يكن من اليسير أن يجد الطالب بغيته في مسجد واحد أو عند معلم واحد بل كان يتجول في المساجد ويتسقط أخبار العلماء فيرتحل في طلبهم، كما كان الشأن في كل تاريخ الإسلام. وتتميز خلاوي المهاجرين بدارفورـ غربي السودان ـ من غيرها، فقد بدأت كحركة لتعليم القرآن والكتابة والقراءة، وكان طالبو العلم فيها من الجنسين، وقد أقيمت تطبيقاً لمقولة مضمونها: إن الطفل لا يستطيع أن يتعلم الكتابة والقراءة وحفظ القرآن الكريم إلا في خلوة قرية أخرى غير قرية والده، وأن تعلم الكتابة والقراءة وحفظ القرآن الكريم واجب على كل طفل.
وليس هناك سن بعينها في خلاوي السودان للدخول أو التخرج، وغالباً ما تكون هذه السن بين السابعة والخامسة والعشرين وقد تزيد أو تنقص.
وخلاوي المهاجرين هي قرى قائمة بذاتها تعرف بقرى المهاجرين، تُبنى على شكل دائري، يقع منزل الفقيه وشجرة الاجتماعات في مركزها. ويتفاوت عدد القطاطي (الأكواخ) من قرية إلى أخرى، فيزيد في بعضها على المئة ويقل عن ذلك في بعضها الآخر، تبعاً لتواجد طالبي العلم أو قلتهم.
وقد غدت هذه الخلاوي بنيات أساس في نظام التعليم العام وفي مجال محو الأمية وتعليم الكبار، ومما يزيد في أهميتها قلّة تكاليفها واعتمادها في تسيير معظم شؤونها المعيشية والتعليمية على المصادر المحلية والعون الشعبي الطوعي.
كان أكبر حدث أثر في نظام الكتّاب هو ما حصل نتيجة ظروف من أبرزها:
ـ تبني الدول العربية لاستراتيجيات تربوية قوامها: تعميم التعليم وتعريبه وتوحيده، فبرزت المدرسة الوطنية الحديثة الموحدة، التي استمدت أهدافها من الأصالة والتفتح على الحياة، والاستفادة من المستجدات التي عرفها العالم في سنواته الأخيرة.
ـ التحاق الآلاف من معلمي الكتاتيب القرآنية بالتعليم الرسمي الحديث الذي فتح أبوابه لاستقبال المتعلمين المحرومين منه.
ـ تحول بعض الكتاتيب المتطورة إلى مدارس أهلية حديثة قائمة بذاتها.
ومع كل ذلك، فإن الكتّاب القرآني لم يغلق أبوابه كمؤسسة تعليمية أصيلة واكبت عصوراً مختلفة وقامت برسالتها خير قيام، فكانت تحرص على تحفيظ القرآن الكريم خارج أروقة المدرسة الحديثة، وتمثل مدارس الأسد لتحفيظ القرآن الكريم في سورية تطوراً حافظ على المهمة الرئيسة للكتاتيب.
عدنان أبو عمشة
الكتاتيب
الكتاتيب Katatib، هي الأمكنة التي يتعلم فيها الأطفال القرآن الكريم ومبادئ التربية الإسلامية. والكتّاب بناء بسيط لا يتعدى، في معظم الأحيان، حجرة واحدة متسعة ملحقة بمسجد ليستفاد من مرافقه وتجهيزاته، تفرش أرضيتها بحصير يجلس فوقه المعلم ويتحلق حوله المتعلمون، ويستخدم فيه من الأدوات لوح خشبي صغير وأداة للكتابة مما توفره البيئة، ويقوم المتعلم بكتابة الدرس على اللوح، ثم يمحوه بعد أن يتأكد من حفظه ليكتب مكانه درساً جديداً.
يتبع التعليم في الكتّاب طرقاً متنوعة من أهمها:
ـ طريقة التعلم الذاتي، فيتولى كل متعلم حفظ الحصة التي حددها له معلمه، ثم يقدم حصيلة عمله في اليوم التالي ليقوِّمها المعلم، فيعاقبه إن هو أهمل شيئاً منها.
ـ طريقة التعلم الفردي، فلكل متعلم برنامجه الخاص يسير فيه بحسب قدراته وطاقته.
ـ طريقة التعلم المتبادل، فيقوم المتفوقون من المتعلمين بعد انتهاء واجباتهم بتعليم زملائهم الصغار.
يذهب الأطفال إلى الكتاب وأعمارهم بين الخامسة والسابعة، ويبقون فيه حتى سن الرابعة عشرة، إذا كانوا من أسر ذات يسر، أما غيرهم من أبناء الفقراء فلا يبقون أكثر من سنتين أو ثلاث سنوات.
يستغرق العمل في الكتّاب أيام الأسبوع كلها من طلوع الشمس حتى آذان العصر، ولا يتوقف إلا بعد ظهر يوم الخميس وصباح يوم الجمعة و أيام الأعياد. ويسمح، في بعض الأحيان، لأبناء الصناع بالتغيب ابتداء من ظهر يوم الأربعاء ليلتحقوا بحرف الصناعة يتعلمون فيها إحدى الحرف، ويبقى غيرهم لتعلم مواد علمية وفنية.
يجري اختيار معلمي الكتّاب من أهل العلم والصلاح من الحاصلين على إجازات تعليمية تشهد لهم بالقدرة على التعليم، وكثيراً ما كان المعلم يتهيأ للعمل على يد معلم ماهر يشرف على تكوينه وتدريبه. ويبقى للقاضي والمحتسب قدر كبير في مراقبة الكتّاب ومتابعة عمل المعلمين.
لقد أصبحت الكتاتيب المكان الرئيس لتعليم القرآن ومواد أخرى، وقد أوصى الإمام الغزالي: «أن يتعلم الطفل في الكتّاب القرآن الكريم وأحاديث الأخبار، وحكايات الأبرار وأحوالهم ثم بعض الأحكام الدينية فالشعر على أن يحفظ الطفل بعض الأشعار». ويضيف ابن مسكويه إلى هذه المواد مبادئ الحساب وقليلاً من قواعد اللغة العربية.
عرف العرب جميعهم، بدوهم وحضرهم، الكتاتيب ودور العلم في الجاهلية. وينقل عبد الحي الكتابي عن الماوردي في كتابه «أدب الدنيا والدين» عن ابن قتيبة أن العرب كانت تعظم أمر الخط، وقد كان للنبي[ كتبة بلغ عددهم الأربعين وكان أكثرهم من شباب المدينة، وقد تعلموا الخط والقراءة وما إليهما في بعض كتاتيب المدينة ومكة قبل الإسلام.
يرى محمد أسعد طلس في كتابه «التربية والتعليم في الإسلام» أن الكتاتيب كان معروفة بكثرة في بلاد الشام ومصر وفارس والعراق قبل الإسلام، فلا غرابة إذا نقل القرشيون ذلك عنهم في رحلاتهم التجارية، وأن الجاليات النصرانية واليهودية في الجزيرة كانت تعلم أبناءها في الكتاتيب، وليس بعيداً أن يكون جيرانهم قد أفادوا من ذلك.
ثم أصبح الكتّاب بعد ظهور الإسلام المكان الرئيس للتعليم، دعت إلى ظهوره حاجات التوسع في نشر الدين وانتقال العرب من حال البداوة إلى حال الحضارة. وعرف المسلمون نوعين من الكتاتيب:
ـ كتّاب خاص بتعليم القراءة والكتابة، يقوم في منازل المعلمين غالباًَ.
ـ كتّاب تعليم القرآن الكريم ومبادئ الدين الإسلامي ومكانه في المسجد.
وقد أوضح ابن خلدون في مقدمته في فصل «تعليم الولدان واختلاف الأمصار الإسلامية في طرقه» أن ثمة اختلافاً في منهج تعليم الأطفال في الكتّاب تبعاً لاختلاف الأمكنة، فقد مزج أهل الأندلس في كتاتيبهم بين تعليم القرآن الكريم ورواية الشعر والترسل وقواعد اللغة العربية وتجويد الخط، وجمع أهل إفريقيا في كتاتيبهم بين تعليم القرآن الكريم والحديث الشريف، وكذلك فعل أهل المشرق أيضاً.
وفي بلاد المغرب، ظهر الكتّاب القرآني بعد الفتح الإسلامي مباشرة، فتوافدت على البلاد بعثات تعليمية بقصد إقامة نظام تعليمي جديد أساسه الدين الإسلامي واللغة العربية.
وهكذا لم يمض القرن الأول للهجرة حتى ساد المغرب نظام تعليمي إسلامي بُني على ركيزة أساس تتمثل في الكتّاب القرآني الذي اضطلع بتثبيت العقيدة الإسلامية ونشر الثقافة العربية وتقويم الروح الوطنية، فبلغ إشعاعها أقصى مدى في إفريقيا والأندلس.
وعُرفت الكتاتيب في بعض المجتمعات بمسميات مختلفة، فقد أطلق عليها في الصومال «الدكس» وذلك وفقاً للغتهم المحلية، وجعله أهل الصومال مكاناً لتحفيظ القرآن تطبيقاً للرأي الشائع: إن تعليم القرآن يقطع الحرام على ألسنة الأولاد.
وفي موريتانيا، عُرفت الكتاتيب في القرن السادس الهجري باسم «المحاضر»، فقد أنشئت من أجل ترسيخ الإسلام الصحيح وأحكامه في نفوس المسلمين وتدريس القرآن الكريم وحفظه وتجويده، وهي إما أهلية يقوم أولياء الأمور بتسديد نفقات تعليم أبنائهم لأصحاب المحضرة، أو يسهم الموسرون والأستاذ في نفقتها. ثم أضيف إليها دراسة مجمل التراث الحضاري الإنساني، الذي شكلت الحضارة الإسلامية في ذلك الوقت ذروته وخلاصته معاً. ولكنها لم تتبلور ويشتد عودها إلا بتاريخ متأخر.
وفي السودان قامت الخلوة مقام الكتّاب القرآني، فكانت مقراً لعدد من الدراسات أولها حفظ القرآن الكريم ثم الفقه والتوحيد والنحو. رافقت ذلك تخصصات كثيرة تلقاها طالبو العلم في مختلف المساجد في السودان ولم يكن من اليسير أن يجد الطالب بغيته في مسجد واحد أو عند معلم واحد بل كان يتجول في المساجد ويتسقط أخبار العلماء فيرتحل في طلبهم، كما كان الشأن في كل تاريخ الإسلام. وتتميز خلاوي المهاجرين بدارفورـ غربي السودان ـ من غيرها، فقد بدأت كحركة لتعليم القرآن والكتابة والقراءة، وكان طالبو العلم فيها من الجنسين، وقد أقيمت تطبيقاً لمقولة مضمونها: إن الطفل لا يستطيع أن يتعلم الكتابة والقراءة وحفظ القرآن الكريم إلا في خلوة قرية أخرى غير قرية والده، وأن تعلم الكتابة والقراءة وحفظ القرآن الكريم واجب على كل طفل.
وليس هناك سن بعينها في خلاوي السودان للدخول أو التخرج، وغالباً ما تكون هذه السن بين السابعة والخامسة والعشرين وقد تزيد أو تنقص.
وخلاوي المهاجرين هي قرى قائمة بذاتها تعرف بقرى المهاجرين، تُبنى على شكل دائري، يقع منزل الفقيه وشجرة الاجتماعات في مركزها. ويتفاوت عدد القطاطي (الأكواخ) من قرية إلى أخرى، فيزيد في بعضها على المئة ويقل عن ذلك في بعضها الآخر، تبعاً لتواجد طالبي العلم أو قلتهم.
وقد غدت هذه الخلاوي بنيات أساس في نظام التعليم العام وفي مجال محو الأمية وتعليم الكبار، ومما يزيد في أهميتها قلّة تكاليفها واعتمادها في تسيير معظم شؤونها المعيشية والتعليمية على المصادر المحلية والعون الشعبي الطوعي.
كان أكبر حدث أثر في نظام الكتّاب هو ما حصل نتيجة ظروف من أبرزها:
ـ تبني الدول العربية لاستراتيجيات تربوية قوامها: تعميم التعليم وتعريبه وتوحيده، فبرزت المدرسة الوطنية الحديثة الموحدة، التي استمدت أهدافها من الأصالة والتفتح على الحياة، والاستفادة من المستجدات التي عرفها العالم في سنواته الأخيرة.
ـ التحاق الآلاف من معلمي الكتاتيب القرآنية بالتعليم الرسمي الحديث الذي فتح أبوابه لاستقبال المتعلمين المحرومين منه.
ـ تحول بعض الكتاتيب المتطورة إلى مدارس أهلية حديثة قائمة بذاتها.
ومع كل ذلك، فإن الكتّاب القرآني لم يغلق أبوابه كمؤسسة تعليمية أصيلة واكبت عصوراً مختلفة وقامت برسالتها خير قيام، فكانت تحرص على تحفيظ القرآن الكريم خارج أروقة المدرسة الحديثة، وتمثل مدارس الأسد لتحفيظ القرآن الكريم في سورية تطوراً حافظ على المهمة الرئيسة للكتاتيب.
عدنان أبو عمشة