سواء أطلقنا المركبات الفضائية أو حاولنا اكتشاف كوكب خارجي يشبه الأرض، فإننا نعتمد على القوانين الفيزيائية والنظريات لتساعدنا.
فلدى العلماء طرائق عديدة متاحة تمكنهم من محاولة شرح كيفية عمل الكون والطبيعة، وغالبًا ما يتوصلون للقوانين والنظريات أولًا.
حسنًا، كيف يمكن للقوانين العلمية أن تعبر عن الكون والطبيعة؟ يمكن اختصار القوانين العلمية التي تصف الطبيعة في عبارة رياضية؛ مثال قانون E=Mc². حيث C: سرعة الضوء في الفراغ.
دائمًا ما تسعى النظرية العلمية لإيجاد دليل أو ملاحظات لظواهر معينة. عمومًا -وليس دائمًا- تعد تلك الدلائل والملاحظات طريقةً قويةً خاضعةً للاختبار لمعرفة كيفية عمل الطبيعة، إذ إنه لا يمكنك اختصار الطبيعة فقط في النظريات العلمية والمعادلات الرياضية، ولكن تظل شيئًا أساسيًا لكيفية عمل الطبيعية.
تعتمد كل من النظريات والقوانين على عناصر البناء العلمي؛ كما يلي:
خلق الفرضية، ثم اختبارها، ثم إيجاد (أو عدم إيجاد) دليل تجريبي، وأخيرًا تضمين الاستنتاجات.
في النهاية يجب على العلماء الآخرين أن يكونوا قادرين على تكرار النتائج إذا آلت التجربة إلى أن تصبح أساسًا لنظرية أو قانون.
وفي هذا المقال، نقدم 10 قوانين ونظريات علمية يجدر بنا معرفتها. ونبدأ بالانفجار العظيم، مرورًا بالقوانين الرئيسة للكون، نهايةً بالتطور. ونلقي نظرة عن قرب إلى بعض المواضع المهمة، حيث يمكننا أن نتعمق قليلًا في الفيزياء الكمية.
10- نظرية الانفجار العظيم
إذا كنت بصدد تقديم نظرية علمية واحدة، فعليك بنظرية تشرح كيفية تطور الكون وصولًا إلى حالته الحالية. بفضل جهود كل من إدوين هابل وجورجيس لوميتر وألبرت أينشتاين وآخرين، أصبح لدينا نظرية الانفجار العظيم، التي تقر بحدوث انفجار كبير في بداية الكون منذ 14 مليار عام. في ذلك الوقت، كان الكون مكدسًا في نقطة واحدة، متضمنة كل المادة في الكون، وظل أثر ذلك الانفجار يمضي قدمًا حتى الآن، إذ مازال الكون يتمدد إلى يومنا هذا.
لاقت تلك النظرية قبولًا واسعًا في المجتمع العلمي تحديدًا بعد اكتشاف الخلفية الكونية المكروية بوساطة أرنو بنزياس وروبرت ويلسون عام 1965. وباستخدام التليسكوبات الرادوية، استطاع العالمان تحديد بقايا الانفجار الذي لم يختفِ عبر الوقت. وبالتعاون مع روبرت ديك الباحث في جامعة برينستون، تأكد بنزياس وويلسون من فرضية ديك التي تقول إن وجود الإشعاع ذي المستويات المنخفضة المنتشرة في أرجاء الكون يرجع سببه إلى الانفجار العظيم.
9- قانون هابل لتمدد الكون
ساعدنا قانون هابل على حساب كمية الحركة للمجرات في الكون.
دعنا نقف عند ما صنعه إدوين هابل للحظة. في عام 1920 عندما كان العالم يمر بأزمة الكساد العظيم، كان إدوين هابل يجري أبحاثًا فلكيةً رائدةً.
لم يبرهن هابل على وجود مجرات أخرى بجانب مجرة درب التبانة فقط، بل اكتشف أن تلك المجرات كانت تزاح عنا في حركة تُسمى بتأثير دوبلر.
من أجل تحديد سرعة تلك المجرات، اقترح هابل قانونه للتوسع الكوني، والمعروف باسم قانون هابل: وهي معادلة نصت على الآتي: السرعة= H × المسافة؛ تتمثل السرعة في انزياح المجرات، أما H فهو ثابت هابل أو المعامل الذي يشير إلى معدل تمدد الكون، والمسافة هي المسافة الواقعة بين المجرة والمجرة التي تقارن بها.
احتُسب ثابت هابل بقيم مختلفة على مر الزمن، ولكن في وقتنا الحالي تأكدت قيمته التي تبلغ 70 كيلو مترًا في الثانية لكل فرسخ فلكي (وحدة قياس المسافة في الفضاء)، ولكن لا يهمنا هذا حاليًا، ما نصبوا إليه حقًا شيء أكثر أهمية من ذلك، إذ زودنا قانون هابل ذاك بطريقة مختصرة وأكيدة لقياس سرعة المجرات نسبةً لمجرتنا. والأكثر أهمية من ذلك أن القانون أخبرنا إن تلك المجرات مستمرة في الحركة نظرًا إلى حدوث انفجار كبير في الماضي أدى إلى استمرارية تمدد الكون.
8- قانون كيبلر لحركة الكواكب
دار الجدل حول مدارات الكواكب عقودًا، لا سيما حول ما إذا كانت تدور حول شمسنا من الأساس، وضع كوبرنيكوس في القرن الرابع عشر مفهومه المثير للجدل حول نظام شمسي تقع الشمس في مركزه، إذ تدور الكواكب حول الشمس بدلًا من الأرض. ولكن سيتطلب ذلك أعمال جوهانس كيبلر وتايكو براهي وآخرين لوضع بناء علمي ذي أساس واضح لحركة الكواكب.
شرح قانون كيبلر الثالث لحركة الكواكب -الصادر في أوائل القرن السابع الميلادي- حركة الكواكب حول الشمس، ينص القانون الأول الذي يُسمى أيضًا قانون المدارات أن الكواكب تدور حول الشمس متخذةً الشكل الإهليجي، أما القانون الثاني فكان مختصًا بالمناطق ومتعلقًا بالسرعة التي تتحرك بها الكواكب، إذ نص على أن سرعة الكواكب تختلف في دورانها حول الشمس تبعًا لبعدها عنها، فإذا كان الكوكب قريبًا يدور بسرعة أكبر، وكلما زاد بعده قلَّت سرعة دورانه.
أما عن القانون الثالث، فإنه قانون الفترات؛ إذ يسمح لنا بإنشاء علاقة واضح تربط مدارات الكواكب حول الشمس وبعدهم عنها. بفضل هذا القانون أصبحنا ندرك أن الأرض قريبةً نسبيًا من الشمس؛ مثل كوكب الزهرة، إذ يمتلك مثل كوكب الأرض فترات مدارية صغيرة مقارنةً بالكواكب الأبعد عن الشمس؛ مثل كوكبي نيبتون وأورانوس.
7- قانون الجاذبية
بفضل قانون نيوتن للجاذبية، يمكننا معرفة القوة الجاذبة بين أي جسمين.
ربما أصبح الأمر مؤكدًا لنا الآن، ولكن قبل 300 عام، اقترح العالم إسحاق نيوتن فكرةً ثوريةً نصَّت على أن كل جسمين أيًا كانت كتلتيهما سينجذبان إلى بعضهما. تمثلت تلك الفكرة في معادلة الجاذبية الشهيرة التي يدرسها العديد من طلبة الفيزياء في المراحل الثانوية؛ F=G×[(m1m2)/r2]، إذ تشيرF إلى قوة الجذب بين الجسمين التي تقاس بالنيوتن، وM1 وM2 تعني كتل الجسمين، وr تمثل المسافة بينهما، وG ثابت الجاذبية الذي يقدر 6.672 × 10^-11 N.M^2.kg^-2.
تتمثل الفائدة الرائعة العائدة إلينا من معرفة قوانين الجاذبية في استطاعتنا حساب قوة السحب بين أي جسمين. تلك القدرة مفيدة خاصةً عندما يخطط العلماء لإطلاق أقمار صناعية في مدار الأرض أو وضع مسار لمركباتٍ فضائية صوب القمر أو حوله.
6- قوانين الحركة لنيوتن
قانون نيوتن الثاني للحركة.
بذكر واحد من أعظم العلماء الذين وطئت أقدامهم الأرض، دعنا ننتقل إلى أحد أهم قوانين نيوتن، قوانينه الثلاثة للحركة التي تشكل أحد أساسيات الفيزياء الحديثة. ومثل العديد من القوانين الفيزيائية تعد بسيطة وأنيقة جدًا.
أول تلك القوانين الثلاثة ينص على أن الجسم المتحرك يظل متحركًا ما لم تؤثر فيه قوة خارجية. مثال: إذا قمنا بدحرجة كرة على الأرض فإن احتكاك الكرة بالأرض يمثل قوة خارجية تؤثر في حركة الكرة.
يتمثل القانون الثاني في العلاقة بين كتلة الأجسام وتسارعها، المعبر عنه في معادلة: F=m×a حيث F تعني القوة وتقاس بالنيوتن، التي تعد أيضًا متجهة وهذا يعني أن لها مركبة اتجاه؛ أي بسبب تسارع الكرة المتدحرجة على الأرض أصبح لها اتجاه معين تتحرك فيه، يحسب على أساس قوتها.
أما عن القانون الثالث فينص على أن لكل فعل رد فعل مساوٍ له في المقدار ومعاكس له في الاتجاه؛ أي مقابل كل قوة تسري على جسم معين أو سطح ما، فإن ذلك الجسم يدفع بقوة مساوية.
5- قوانين الديناميكا الحرارية
قال الروائي والفيزيائي البريطاني سنو ذات مرة: إن الأشخاص الذين لا يعرفون القانون الثاني للديناميكا الحرارية يشبهون العالم الذي لم يقرأ لشكسبير مطلقًا. وكان المقصود من عبارة سنو الشهيرة التأكيد على أهمية الديناميكا الحرارية وضرورة معرفتها من قبل العامة.
تعد الديناميكا الحرارية في تعريفها المبسط دراسة كيف يمكن للطاقة أن تعمل في نظام، سواء أكان نظامًا متمثلًا في محرك أو لب الأرض. يمكن تلخيصها لعدد القوانين الأساسية وضحها سنو بإيجاز:
- لا يمكنك الفوز.
- لا يمكنك التعادل.
- لا يمكنك الخسارة.
حسنًا دعونا نحل تلك الأحجية، بقول سنو «لا يمكنك الفوز» فإنه يعني بما أن الطاقة والمادة تظل محفوظة في نظام معين، فإنك لا يمكنك الفوز بإحداهما دون التخلي عن الأخرى؛ مثال معادلة E= Mc². ولكن في حدود عالمنا لكي تنتج عملًا بوساطة محرك أو جهاز معين فإنك بالضرورة ستفقد جزءًا من الطاقة المتمثلة في الحرارة، لذلك كل الأنظمة غير المغلقة كليًا ستفقد بعض الطاقة إلى العالم الخارجي، وذلك سيؤدي بك إلى القانون الثاني.
تشير العبارة الثانية «لا يمكنك التعادل» إنه بسبب زيادة ما يُسمى »أنتروبيا» لا يمكنك الرجوع إلى حالة الطاقة نفسها، إذ إن تركيز الطاقة في أحد الأماكن دائمًا ما يقل بالانتشار إلى الأماكن الأخرى التي تحوي تركيزات أقل للطاقة.
وأخيرًا تشير العبارة الثالثة «لا يمكنك إنهاء اللعبة» إلى الصفر المطلق؛ أي أقل طاقة حرارية ممكنة نظريًا، إذ تمثل صفر على مقياس كلفن (سالب 273.15 درجة سيليزية وسالب 459.67 درجة فهرنهايت). عندما يصل النظام إلى درجة حرارة الصفر المطلق، تتوقف حركة جميع الجزيئات؛ أي إنه لن يجد طاقة حركية، إذ يصل الأنتروبيا إلى أقل قيمة ممكنة. ولكن في العالم المادي فإن وصول درجة الحرارة إلى الصفر المطلق حتى في الفضاء يعد أحد الأمور المستحيلة، إذ إنك لا تستطيع إلا الاقتراب منه فقط.
4- مبادئ أرخميدس للطفو
قوانين الطفو تحافظ على كل شيء في المحيط من لعب البط البلاستيكية إلى عائمات المحيطات.
يُزعم أنه بعد اكتشاف العالم اليوناني أرخميدس لمبادئ الطفو ظل يركض صارخًا في المدينة من شدة الفرح. نعم إنه كان اكتشافًا مهمًا جدًا. والطريف في الأمر أن بعض القصص تحكي أن أرخميدس قد وجد إنجازه العظيم عندما لاحظ ارتفاع المياه في الحوض في أثناء نزوله فيه.
وفقًا لمبادئ أرخميدس للطفو، فإن القوة التي تجعل الجسم طافيًا أو مغمورًا أو مغمورًا جزئيًا تعادل وزن السائل الذي يزيحه الجسم. تلك المبادئ البسيطة في ظاهرها ترتبت عليها تطبيقات هائلة وكانت أساسيةً لحساب الكثافة، لا سيما تصميم الغواصات والسفن والأشياء التي تقلها المحيطات والبحار.
3- التطور والانتخاب الطبيعي
والآن بعد أن ألقينا نظرة عن كثب للمفاهيم الفيزيائية التي يعمل بها الكون، بدءًا من كيفية بدء الكون مرورًا بدور الفيزياء في حياتنا اليومية، لننتقل إلى الإنسان بحد ذاته كيف بدأنا وأصبحنا ها هنا الآن. وفقًا لمعظم العلماء، تجمع كل أشكال الحياة سلفًا مشتركًا. ولكن إحداث هذا التنوع الهائل بين الكائنات الحية المختلفة، تطلب رحلةً تطوريةً ضخمةً تطورت فيها بعض الكائنات كثيرًا نسبةً لكائنات أخرى.
حدث ذلك عبر عقود من التطور، إذ طورت العديد من الكائنات الحية صفاتها بطرائق مختلفة عن بعضها، ونأخذ الطفرات مثالًا. تلك الصفات كانت ضرورية للعيش، ونأخذ مثالًا الضفدع الذي يسمح له لونه البني بالتخفي في المستنقع بصورة طبيعية، ما يساهم في إبقائه في مأمن على قيد الحياة، ومن هنا خرج مصطلح الانتخاب الطبيعي.
يمكن التوسع في تلك النظريتين لما هو أعمق من ذلك، ولكن يظلان الأساس لدينا هنا. كان داروين رائده ومستكشفه في القرن التاسع عشر الميلادي. إذن التطور عن طريق الانتخاب الطبيعي يفسر لنا التنوع الكبير بين الكائنات الحية.
2- نظرية النسبية العامة
غيرت نظرية النسبية العامة طريقة فهمنا للكون.
تبقى نظرية النسبية العامة لأينشتاين اكتشافًا هامًا جدًا، إذ إنها غيرت نظرتنا للكون للأبد. يكمن إنجاز أينشتاين العظيم في إدراكه أن المكان والزمان غير مطلقين، والجاذبية ليست تلك القوة البسيطة المؤثرة في الأجسام. بدلًا من ذلك، فإن الجاذبية مرتبطة بأي انحناء تحدثه الكتل في الزمكان حولها.
لتصور هذا، تخيل أنك تسافر عبر الأرض في خط مستقيم، باتجاه الشرق، حيث تبدأ رحلتك من أي مكان في نصف الكرة الشمالي. بعد مدة، إذا كان شخص ما قادرًا على تحديد موقعك على الخريطة، سيكون ذلك بعيدًا عن موقعك الأصلي، حيث سيكون موقعك شرقًا في كلا الاتجاهين بعيدًا عن موقعك الأصلي. وهذا لأن الأرض منحنية، حيث إذا كنت تود السفر إلى الشرق، يجب عليك أخذ انحناء الأرض في اعتبارك منحدرًا قليلًا إلى الشمال. (الخريطة التي نتحدث عنها هنا هي خريطة ورقية مسطحة).
يمكن تطبيق ذلك المثال السابق على الفضاء نفسه إلى حد كبير، إذ إنه نسبةً لركاب مكوك يدور حول الأرض يمكن أن يبدو أنهم مسافرون في خط مستقيم عبر الفضاء. ولكن في الواقع فإن الزمان والمكان انحنى بسبب جاذبية الأرض (والحال كذلك مع أي جسم كبير له كتلة؛ مثل كوكب أو نجم أو ثقب أسود…)، إذ يجعلهم ذلك يسافرون في خط مستقيم نسبةً لهم وفي الوقت نفسه خط منحنٍ نسبةً لسكان الأرض.
كان لنظرية أينشتاين للجاذبية تأثيرًا ضخمًا في مستقبل علم الكونيات والفيزياء الفلكية. عالجت تلك النظرية شذوذًا صغيرًا وغير متوقع في مدار عطارد تعذر علينا فهمه، وأظهرت لنا كيف يمكن لضوء النجوم أن ينحني، ووضعت الأسس النظرية للثقوب السوداء قبل اكتشافها.
1- مبدأ الريبة لهايزنبرج
هل هو جسيم أو موجة أو كلاهما؟
أخبرتنا النسبية العامة لأينشتاين الكثير عن كيفية عمل الكون، وساعدتنا على وضع الأساس لفيزياء الكم، ولكن في المقابل قدمت لنا الأخيرة الكثير من الريبة حول علومنا النظرية. في عام 1927 وبقيادة أحد أعظم من أنجبت الفيزياء، العالِم الألماني ويرنر هايزنبرج، إذ أدرك أحد أغرب المفاهيم العلمية مطلقًا، إنه مبدأ الريبة.
اكتشف هايزنبرج أن من المستحيل معرفة صفتين للجسيم في وقت واحد. بمعنى آخر، لا يمكنك معرفة مكان إلكترون واتجاهه في آن واحد والعكس صحيح.
لاحقًا، اكتشف نيلز بور شيئًا يمكن الاستعانة به في شرح مبدأ هايزنبرج. وجد بور أن الإلكترون يمكن أن يحوي صفات كل من الإلكترون والموجة، عبر عن ذلك بوساطة مفهوم ازدواجية الموجة والجسيم، الذي أصبح حجر أساس الفيزياء الكمية. لذلك عندما نقوم بقياس مكان الإلكترون فإننا نتعامل معه على أنه جسيم في نقطة معينة في الفضاء، بطول موجي غير مؤكد. عندما نقيس اتجاهه فإننا نعامله على أنه موجة، ما يعني أننا يمكننا معرفة سعة طولها الموجي وليس موقعها