أظهرت دراسة حديثة شملت عدة دول، إن الفصول المدرسية الأصغر حجمًا لا تُعَد دائمًا الأفضل للطلاب. في دراسة طويلة الأمد في مجال تعليم الرياضيات والعلوم، أظهر التحليل الإحصائي للبيانات إن الصفوف المدرسية الصغيرة (أي التي تحوي عددًا قليلًا من الطلاب) لا ترتبط دائمًا بأداء أفضل.
يختلف تأثير الصفوف الصغيرة بين البلدان، اعتمادًا على المواضيع الأكاديمية التي تُدرس والمرحلة الدراسية والمهارات الإدراكية المختلفة عند الطلاب، إضافةً إلى عوامل أخرى. تناولت هذه الدراسة ورقةٌ بحثية في مجال التعليم.
تُعَد الصفوف المدرسية الصغيرة مُفضلة عن الكبيرة، خاصةً عند أولياء الأمور. تسهل الصفوف الصغيرة على المعلم الحفاظ على النظام ومنح كل طالب الاهتمام اللازم، لذلك تحدد الكثير من البلدان الحد الأقصى للطلاب في الفصل بنحو 30 طالبًا فقط.
لكن الدراسات التي تخص تأثير عدد طلاب الفصل الدراسي ليست حاسمة، فقد أظهرت بعض الدراسات وجود إيجابيات للفصول الصغيرة، في حين أظهرت دراسات أخرى العكس. إضافةً إلى ذلك نُفذت أكثر هذه الدراسات على نطاق ضيق، واعتمدت أساسًا على مجالي القراءة والرياضيات، دون أن تأخذ بعين الاعتبار التأثير على المهارات غير المعرفية مثل الاهتمام والتركيز والانتباه.
للحصول على نتائج أدق وأوضح، قرر الأستاذان سبيروس كونستانتوبولوس Spyros Konstantopoulos وتينغ شين Ting Shen في جامعة ولاية ميشيغان، تحليل بيانات توجهات الدراسة الدولية للرياضيات والعلومTIMSS . تابعت الدراسة أداء ونتائج طلاب الصف الرابع (9-10 سنوات) والصف الثامن (13-14 سنة) في 50 بلدًا حول العالم، في مجالي الرياضيات والعلوم منذ عام 1995، إذ سجلت قدرات الطلاب الدراسية في هذين المجالين، إضافةً إلى سلوكهم الشخصي واهتماماتهم، مع توضيح عدد طلاب الفصل الدراسي.
ولتسهيل إجراء التحليل الإحصائي، اعتمد الباحثان بيانات جُمعت في أعوام 2003 و2007 و2011 تخص طلاب الصف الثامن في 4 بلدان أوروبية، هي المجر وليتوانيا ورومانيا وسلوفينيا، وجميعها بلدان تحدد العدد الأقصى للفصل الدراسي، ما يجعل النتائج أدق.
شملت البيانات 4,277 طالبًا من 231 فصلًا دراسيًّا في 151 مدرسة، ما يجعلها الدراسة الأكبر في مجال تأثير حجم الفصل الدراسي على التعليم، إضافةً إلى كونها أول دراسة تبحث تأثير عدد طلاب الفصل الدراسي على مواضيع علمية محددة -تشمل علم الأحياء والكيمياء والفيزياء وعلوم الأرض- إضافةً إلى المهارات غير المعرفية.
كشف تحليل البيانات إن الفصول الدراسية الأصغر كان لها تأثير إيجابي في رومانيا وليتوانيا، لكن ليس في المجر أو سلوفينيا.
كان التأثير الأفضل في رومانيا، إذ سُجل فيها أكبر عدد من الإنجازات الأكاديمية في الرياضيات والفيزياء والكيمياء وعلوم الأرض، إضافةً إلى ازدياد شغف الطلاب واستمتاعهم بدراسة الرياضيات.
أما في ليتوانيا فقد ساهم صغر الفصول الدراسية في تحسن المهارات غير المعرفية عند الطلاب، إذ ازداد اهتمامهم بتعلم الأحياء والكيمياء، لكن لم يصاحب ذلك ازدياد إنجازاتهم الأكاديمية في هذين المجالين. أيضًا لم يظهر التحسن إلا في سنوات محددة فقط.
قال البروفيسور كونستانتوبولوس: «إن التأثيرات الإيجابية لصغر حجم الفصول المدرسية منعدمة تقريبًا، ما يبين إن تقليص عدد الطلاب لن يؤدي إلى تحسن أدائهم تلقائيًّا، لكن الكثير من العوامل المدرسية والعملية يجب أن تُطبق للوصول إلى نتائج تضمن نجاح التعليم المدرسي».
يعتقد العلماء إن تقليص حجم الفصل الدراسي كان له تأثيرات إيجابية على الطلاب في رومانيا وليتوانيا لأن المدارس فيهما تمتلك موارد وأدوات أقل.
أضاف كونستانتوبولوس: «تظهر تأثيرات حجم الفصل الدراسي في البلدان ذات الموارد التعليمية المحدودة، أيضًا قد يرتبط ذلك بكون قدرات المعلم أضعف نسبيًّا».