كورني (بيير)كاتب مسرحي فرنسي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • كورني (بيير)كاتب مسرحي فرنسي

    كورني (بيير) Corneille (Pierre-) - Corneille (Pierre-)
    كورني (بيير ـ)

    (1606 ـ 1684)




    بيير كورني Pierre Corneille كاتب مسرحي فرنسي، ولد في مدينة روان Rouen وتوفي في باريس. حصّل تعليمه لدى اليسوعيين في مسقط رأسه، ثم أكمل دراسة الحقوق ليعمل في برلمان المدينة عام 1642. اشترى بعد ذلك منصب ممارسة مهنة المحاماة ـ كما كانت العادة في ذلك الوقت ـ وبرع فيها. لكن ما لبث أن شدّه الأدب فبدأ محاولاته الشعرية الأولى في عام 1625، ثم انصرف بعدها لكتابة المسرح، وكانت «ميليت» Mélite التي عُرضت على مسرح الماريه Théâtre du Marais في باريس أول ملهاة (كوميديا) كتبها، وتلتها مأساة (تراجيديا) «كليتاندر» Clitandre التي قدمت في موسم عام 1631ـ 1632، ثم «الأرملة» (1631) La Veuve و«رواق القصر» (1632) La Galerie du Palais. ولمّا كان رئيس الوزراء الكاردينال ريشليو[ر] Richelieu معروفاً بتشجيعه الفن والمسرح فقد سمع بالكاتب الشاب الموهوب وسرعان ما ضمّه إلى مجموعة المؤلفين الخمسة الذين كان يرعاهم. إلا أن كورني لم يبقَ طويلاً في هذه المجموعة لكنه تابع كتابة المسرح. ففي عام 1635 كتب مأساة «ميديا» Médée وبعدها ملهاة «الإيهام المسرحي» (1636) L’Illusion comique، وتراجيكوميديا «السِيد» Le Cid التي قُدمت على الخشبة في نهاية عام 1636 وبداية عام 1637 ونالت نجاحاً كبيراً.

    كانت الأوساط الأدبية والفنية في تلك المرحلة منشغلة بمبدأ تقليد القدماء L’imitation des anciens الذي كان قد بدأ يفرض نفسه معياراً للكتابة الجيدة، وكانت القواعد التي وضعها أرسطو[ر] قد بدأت تخضع للتفسير والتحليل حتى صارت مُلزمة وأساسية، وأمام النجاح الجماهيري الواسع لمسرحية «السِيد» بدأ بعض النقاد وأعضاء الأكاديمية يهاجمون كورني لعدم التزامه تماماً بتلك القواعد. وقد نشر شـابلان Chapelain في عام 1638 كتيباً بعنوان «مشـاعر الأكـاديمية حـول مسرحية السِيد» Le Sentiment de l’Académie sur le Cid فصّل فيه النقاط التي لم يحترم فيها كورني قواعد القدماء في التراجيديا، فردّ عليه كورني شارحاً رؤيته لتلك القواعد وطريقته في الالتزام بها. وقد أُطلق على ذلك الجدل الأكاديمي اسم «معركة السِيد» La Querelle du Cid التي تُعدّ حداً فاصلاً ما بين تقاليد الباروك[ر] التي كانت سائدة في المسرح منذ نهاية القرن السادس عشر حتى فترة كورني وبين المسرح الكلاسيكي الذي تبلورت قواعده بسبب تلك الآراء المكتوبة حول هذه المسرحية.

    أحسن كورني الدفاع عن مسرحيته، ولم يلبث أن أبدى التزاماً كاملاً بقواعد التراجيديا الصارمة في أعماله اللاحقة، كما هي الحال في مسرحيات «هوراس» (1640) Horace، و«سينّا» (1641) Cinna و«بوليوكت» (1641 - 1642) Polyeucte و«موت بومبيه» (1642/1643) La Mort de Pompée و«رودوغون» (1644/1645) Rodogune، و«تيودورا عذراء وشهيدة» (1645/1646) Théodore, vierge et martyre و«هيراكليوس» (1646) Héraclius، و«أندروميد» (1650) Andromède و«نيكوميد» (1651) Nicomède.

    كان لدى كورني ميل كبير إلى الكوميديا التي يقوم الإضحاك فيها على تعقد المواقف والأحداث. ويعود الفضل إليه في رفع قيمة الكوميديا بعد أن كانت تُعد نوعاً شعبياً لا أهمية له؛ مما مهد الطريق أمام موليير[ر]. ومن أعماله في هذا المجال «الكـاذب» (1643) Le Menteur، و«مـا يلي الكاذب» (1643/1644) La Suite du Menteur، و«دون سـانش داراغون» (1650) Don Sanche d’Aragon.

    انتخب كورني عضواً في الأكاديمية الفرنسية عام 1647 وعُدَّ من أهم الكتاب المسرحيين في عصره، لكن مسرحيته «بيرتاريت» Pertharite التي قدمها في نهاية عام 1651 أخفقت إخفاقاً ذريعاً مما جعله يتوقف عن الكتابة للخشبة مدة سبع سنوات.

    عاد كورني بعد ذلك إلى المسرح، وكتب سلسلة جديدة من المسرحيات مثل «أوديب» (1659) Oedipe، و«الجـزة الذهبية» (1661) La Toison d’or و«سـيرتوريوس» (1662) Sertorius و«سـوفونيسب» (1663) Sophonisbe و«أوتون» (1664) Othon و«أتّيلا» (1667) Attila. لكن تغير الذائقة لدى الجيل الجديد وبروز اسم الكاتب جان راسين[ر]Jean Racine كانا سبباً أساسياً في خفوت شهرة كورني. وقد تبدّت المنافسة بين الكاتبين في سنة 1670 حين قدم كورني مسرحية «تيت وبيرينيس» Tite et Bérénice في الأسبوع نفسه الذي كانت تُعرض فيه مسرحية راسين التي تحمل الاسم نفسه «بيرينيس» Bérénice، وكانت النتيجة لمصلحة راسين، فتوقفت مسرحية كورني بعد عشرين عرضاً فقط. بعد تلك التجربة قدم كورني مسرحيتين أخيرتين هما «بولشيري» (1672) Pulchérie و«سورينا» (1674) Suréna، ثم توقف عن الكتابة للمسرح نهائياً، ليتفرغ لنشر أعماله المسرحية التي صدرت نسختها الكاملة في عام 1682.

    تتميز مسرحيات كورني بتنوع موضوعاتها وفرادة المواقف التي تجعل الحدث فيها يتوثب ولا يكاد يخمد حتى يعود وينطلق من جديد؛ مما يشد انتباه المتفرج حتى الخاتمة. أما الشخصيات لديه فهي مرسومة ببراعة فائقة ولاسيما أنها تقع دائماً في مواجهة خيار صعب لإثبات مصداقيتها والحفاظ على قيمها البطولية. ولعل هذا الجانب، إضافة إلى جمال الشعر الذي كُتبت فيه تلك المسرحيات، هو ما جعل المدارس والجامعات تدرج كورني في مناهجها الدراسية نموذجاً للكتابة الكلاسيكية الخالصة.

    وعلى الرغم من أن شهرة كورني لم تخبُ أبداً كاتباً تراجيدياً ملتزماً بالقواعد الكلاسيكية، وعلى الأخص بقاعدة المصداقية ومشابهة الحقيقة وقاعدة الوحدات الثلاث، إلا أنه يبدو أكثر حيوية في الأنواع التي لا تتقيد تماماً بشكل الكتابة الكلاسيكية مثل التراجيكوميديا والكوميديا، وهذا ما يبرّر القراءة الجديدة اليوم لأعماله، والتي تبرزه كاتباً باروكياً ممتعاً متجدداً، وتسلط الضوء على مؤلفات، مثل «الإيهام المسرحي» و«الكاذب»، لم ترَ النور إلا اليوم.

    حنان قصاب حسن
يعمل...
X