غرونتفيغ (نيكولاي)
Grundtvig (Nikolai-) - Grundtvig (Nikolai-)
غرونتڤيغ (نيكولاي ـ)
(1783ـ 1872)
ولد الكاتب والمصلح الاجتماعي والديني نيكولاي غرونتڤيغ Nikolai Grundtvig في بلدة أودبي Udby جنوبي جزيرة شيلَّند Sjælland الدنماركية، وكان والده كاهناً. درس اللاهوت في جامعة كوبنهاغن، وصار هو الآخر كاهناً لوثرياً، وأولى دراسة التاريخ والأساطير الاسكندناڤية جزءاً كبيراً من اهتمامه. استُبعد عن الكنيسة عام 1826 بسبب توجهاته غير التقليدية، إلا أنه عاد إليها عام 1839 وصار أسقفاً عام 1861. توفي في كوبنهاغن بعد حياة طويلة وقفها للدراسة والكتابة والإصلاح والإسهام في تطوير الحياة الروحية والثقافية في بلاده.
وجد غرونتڤيغ في قصائد الإدَّا Edda والأساطير الاسكندناڤية إرثاً ثقافياً يعادل في أهميته الموروث الديني المسيحي، فحاول التوفيق بين الاثنين. فقد رأى أن الديانة الوثنية القديمة وآلهتها أودين Oden وبالدر Balder وتور Tor، وأن فكرة الصراع بين الخير والشر والمواجهة الأخيرة بينهما Ragnarök ما هي إلا أوجه أخرى للديانة المسيحية، وضمَّن هذه الآراء كتابه «ميثولوجيا الشمال» Nordens mytologi ت(1808). عاش غرونتڤيغ بعد ذلك أزمة دينية أدت إلى صحوة فكرية فكتب «حولية العالم» Verdens krønike ت(1812) عبرَّ فيها عن رؤيته للإله والكون والفلسفة والتاريخ. انصرف إلى الأدب والترجمة فكتب «قوافي روسكيلدِه» Roskilde - riim ت(1814) و«مواعظ إنجيلية» Bibelska prædikener ت(1816)، ثم انصرف إلى البحث في الأدب الأنغلوسكسوني، فترجم إلى اللغة الدنماركية ملحمة «بيوولف» Beowulf التي تحكي أسطورة البطل الاسكندنافي ومغامراته. ومع استبعاده عن الكنيسة فقد استمر في الكتابة في موضوعات لاهوتية كما في «مواعظ مسيحية»Christelige prædikener ت(1827- 1830) في ثلاثة مجلدات، وموضوعات تاريخية كما في «المنجد في تاريخ العالم» Handboog i verdenshistorien ت(1833- 1843) أيضاً في ثلاثة مجلدات. وكان غرونتڤيغ قد ترجم كتاب ساكسو غراماتيكوس Saxo Grammaticus «أعمال الدنماركيين» Gesta danorum ت(1818) عن اللاتينية، وكتاب سنورّي ستورلَسن Snorri Sturluson «مدار العالم» Heimskringla عن الإيسلندية القديمة حول تاريخ ملوك النروج القدماء.
كانت إسهامات غرونتڤيغ على الصعيد التربوي ذات أثر بالغ في الدنمارك والبلدان الاسكندناڤية. فقـد طـرح فـي كتابه «مدارس للحياة» Skolen før livet ت(1838) آراءه ونظرياته التربوية التي حدد فيها أسس التعليم وطرقه وأهدافه، ورأى أن التمكن من اللغة الأم والتاريخ المحلي هما السبيل للمحافظة على الهوية القومية، وعارض التربية التقليدية النخبوية القائمة على تنمية القدرات الحفظية لدى الأطفال، في حين أن السن المثلى للتعليم هي ما بعد سن الرشد. ومن هنا نشأت فكرة إقامة معهد شعبي عالٍ Folkhøjskole حيث يشارك طلاب راشدون، على اختلاف انتماءاتهم الطبقية، في تثقيف أنفسهم والآخرين. وتقوم هذه المنهجية في التعليم أيضاً على مبدأ الشفاهة من أجل تحقيق التواصل بين المشاركين، وعلى إدراك أن التعليم هو الغاية في ذاته وليس النجاح في امتحان ما. وقد افتتح أول هذه «المعاهد» عام 1844، ولاتزال ظاهرتها موجودة حتى الوقت الحاضر في البلدان الاسكندناڤية، وبصورة مختلفة في بعض بلدان أوربا.
أعاد غرونتڤيغ كتابة «ميثولوجيا الشمال» عام 1832 وضمنَّه مفهومه للحرية وخاصة الحرية الفكرية، وكان قد كتب بعضاً من سيرته الذاتية في قصيدته الطويلة «صباح أول يوم في السنة» Nyaars – morgen ت(1824). كتب أيضاً «أغان للكنيسة الدنماركية» Sangværk till den danske kirke، وهي ترانيم في خمسة مجلدات نشرها بين أعوام 1837ـ 1881، ضمت نحو 1600 ترنيمة، منها ما هو مقتبس من اليونانية واللاتينية والأنغلوسكسونية ومنها ما هو أصيل، ولاتزال تغنى في الكنائس البروتستنتية.
كان غرونتڤيغ شخصاً استثنائياً نادى بالتجديد على الصعد كافة، وعارض كل ما هو نمطي وتقليدي في الكنيسة والأدب والتعليم الأساسي والجامعي، ونادى أيضاً بفصل المدرسة عن الكنيسة، وعمل من أجل تحرير المرأة وتوسيع مشاركتها في مشارب الحياة كلها، ووضع الإنسان والكلمة قبل كل شيء.
طارق علوش
Grundtvig (Nikolai-) - Grundtvig (Nikolai-)
غرونتڤيغ (نيكولاي ـ)
(1783ـ 1872)
وجد غرونتڤيغ في قصائد الإدَّا Edda والأساطير الاسكندناڤية إرثاً ثقافياً يعادل في أهميته الموروث الديني المسيحي، فحاول التوفيق بين الاثنين. فقد رأى أن الديانة الوثنية القديمة وآلهتها أودين Oden وبالدر Balder وتور Tor، وأن فكرة الصراع بين الخير والشر والمواجهة الأخيرة بينهما Ragnarök ما هي إلا أوجه أخرى للديانة المسيحية، وضمَّن هذه الآراء كتابه «ميثولوجيا الشمال» Nordens mytologi ت(1808). عاش غرونتڤيغ بعد ذلك أزمة دينية أدت إلى صحوة فكرية فكتب «حولية العالم» Verdens krønike ت(1812) عبرَّ فيها عن رؤيته للإله والكون والفلسفة والتاريخ. انصرف إلى الأدب والترجمة فكتب «قوافي روسكيلدِه» Roskilde - riim ت(1814) و«مواعظ إنجيلية» Bibelska prædikener ت(1816)، ثم انصرف إلى البحث في الأدب الأنغلوسكسوني، فترجم إلى اللغة الدنماركية ملحمة «بيوولف» Beowulf التي تحكي أسطورة البطل الاسكندنافي ومغامراته. ومع استبعاده عن الكنيسة فقد استمر في الكتابة في موضوعات لاهوتية كما في «مواعظ مسيحية»Christelige prædikener ت(1827- 1830) في ثلاثة مجلدات، وموضوعات تاريخية كما في «المنجد في تاريخ العالم» Handboog i verdenshistorien ت(1833- 1843) أيضاً في ثلاثة مجلدات. وكان غرونتڤيغ قد ترجم كتاب ساكسو غراماتيكوس Saxo Grammaticus «أعمال الدنماركيين» Gesta danorum ت(1818) عن اللاتينية، وكتاب سنورّي ستورلَسن Snorri Sturluson «مدار العالم» Heimskringla عن الإيسلندية القديمة حول تاريخ ملوك النروج القدماء.
كانت إسهامات غرونتڤيغ على الصعيد التربوي ذات أثر بالغ في الدنمارك والبلدان الاسكندناڤية. فقـد طـرح فـي كتابه «مدارس للحياة» Skolen før livet ت(1838) آراءه ونظرياته التربوية التي حدد فيها أسس التعليم وطرقه وأهدافه، ورأى أن التمكن من اللغة الأم والتاريخ المحلي هما السبيل للمحافظة على الهوية القومية، وعارض التربية التقليدية النخبوية القائمة على تنمية القدرات الحفظية لدى الأطفال، في حين أن السن المثلى للتعليم هي ما بعد سن الرشد. ومن هنا نشأت فكرة إقامة معهد شعبي عالٍ Folkhøjskole حيث يشارك طلاب راشدون، على اختلاف انتماءاتهم الطبقية، في تثقيف أنفسهم والآخرين. وتقوم هذه المنهجية في التعليم أيضاً على مبدأ الشفاهة من أجل تحقيق التواصل بين المشاركين، وعلى إدراك أن التعليم هو الغاية في ذاته وليس النجاح في امتحان ما. وقد افتتح أول هذه «المعاهد» عام 1844، ولاتزال ظاهرتها موجودة حتى الوقت الحاضر في البلدان الاسكندناڤية، وبصورة مختلفة في بعض بلدان أوربا.
أعاد غرونتڤيغ كتابة «ميثولوجيا الشمال» عام 1832 وضمنَّه مفهومه للحرية وخاصة الحرية الفكرية، وكان قد كتب بعضاً من سيرته الذاتية في قصيدته الطويلة «صباح أول يوم في السنة» Nyaars – morgen ت(1824). كتب أيضاً «أغان للكنيسة الدنماركية» Sangværk till den danske kirke، وهي ترانيم في خمسة مجلدات نشرها بين أعوام 1837ـ 1881، ضمت نحو 1600 ترنيمة، منها ما هو مقتبس من اليونانية واللاتينية والأنغلوسكسونية ومنها ما هو أصيل، ولاتزال تغنى في الكنائس البروتستنتية.
كان غرونتڤيغ شخصاً استثنائياً نادى بالتجديد على الصعد كافة، وعارض كل ما هو نمطي وتقليدي في الكنيسة والأدب والتعليم الأساسي والجامعي، ونادى أيضاً بفصل المدرسة عن الكنيسة، وعمل من أجل تحرير المرأة وتوسيع مشاركتها في مشارب الحياة كلها، ووضع الإنسان والكلمة قبل كل شيء.
طارق علوش