كوبا (مسرح في) Cuba - Cuba
المسرح في كوبا
أدى احتلال الإسبان المبكر لجزيرة كوبـا إلى ظهور العروض المسـرحية فيها قبل قضاء المحتلين على حضارتي الإنكا Inca والأزتيك Aztek. فمنذ عام 1520 قُدِّمت في كوبا عروض مسرحية دينية من نوع «قربان الجسد» Autossacramentales في الهواء الطلق، وبعد ذلك بنصف قرن ظهرت العروض الدنيوية، ولاسيما الملهاة. وفي عام 1730 نُشر في سيفيللا Sevilla أول نص مسرحي كوبي بعنوان «الأميرُ بستانياً وكلوريدانو المزيف» El principe jardinero y fingido Cloridano للكاتب سَنتياغو بيتا إي بورّوتو Santiago Pita y Borroto.
كانت الملهاة الكوبية حتى القرن (19) واقعة تحت تأثير مباشر لكتّاب العصر الذهبي الإسبان، ولكن بأساليب تعبير محض كوبية. وفي عام 1775 شُيد في هافانا أول بناء مسرحي، أطلق عليه اسم «إلكوليسيو» El coliseo، تلاه عام 1838 مسرح «تاكون» Tácon، إلى جانب عدد من دور العرض المختلفة في بقية المدن؛ حيث كانت تعرض المسرحيات الإسبانية التقليدية التي تلائم الذوق البرجوازي لمنتجي السكر، أما النصوص الكوبية فلم تتح لها فرص العرض إلا نادراً إلى أن ظهر الممثل الكوبي فرنسيسكو كوباروبياس (1775 - 1850) Francisco Covarrubias الذي عمل على مواجهة المنافسة الإسبانية بأن اقتبس بعض المسرحيات الشعبية الإسبانية بما ينسجم مع البيئة الكوبية، وكتب نصوصه الخاصة منطلقاً من الواقع الكوبي الشعبي بلغته وأدوات تعبيره. وابتكر عام 1812 شخصية الزنجي «نغريتو» Negrito التي كان يؤديها ممثل أبيض بمكياج أسود، وقد مهدت نصوصه لظهور حركة «المسرح الشعبي الهزلي» Teatro Buffo ذي الخصوصية الكوبية، وذلك نحو عام 1868. ويعد الكاتب خوسيه خاثينتو ميلانِس (1814-1863) José Jacinto Milanés مؤسس الدراما الرومنسية الكوبية، ولاسيما بمسرحيته «حاكم ألاركوس» El conde Alarcos التي عرضت في هافانا عام 1838، و«شاعر في البلاط» Un poeta en la corte التي منعتها الرقابة من العرض. أما غِرتروديس غومِث دي أبيّانيدا Gertrudis Gómez de Avellaneda فقد عالجت في مسرحياتها وضع المرأة في المجتمع الإسباني، ولاقت نجاحاً في مسارح مدريد. في حين عالج خوسيه أغوستين ميلان José Agustin Milan في اقتباساته من المسرح الإسباني المجتمع الكوبي وهوسه بالغنى بأي طريقة كانت. وتمثل مسرحية «مغامرة أو الطريق الأقصر» Una aventura o El camino más corto ذروة نجاحاته. ومنذ عام 1860 أخذت فرق المسرح الموسيقي في جنوب الولايات المتحدة بتقديم عروضها في كوبا، وهي تعتمد على ممثلين بيض يؤدون أدواراً زنجية من الأجواء الشعبية، كانت رافداً جديداً في تطوير «المسرح الشعبي الساخر» في قالب موسيقي جديد. وقد اعتمدت هذه العروض النقدية الاجتماعية على أنماط ثابتة مثل «الزنجي الطيب»، و«الخلاسية» التي تمثل الروح الشعبية الجميلة، والإسباني الإمعة، والطفيلي المتبطل.
استمرت تقاليد «تياترو بوفو» حتى عام 1930 في «مسرح الحمراء» Teatro Alhambra ولكن مع تراجع في راهنيته السياسية والاجتماعية. وفي عام 1910 تأسست «جمعية تشجيع المسرح» التي عملت على دعم الدراما المحلية والتعريف بالأشكال المسرحية الأوربية غير الإسبانية، وعارضت تسطيح مضامين المسرح الشعبي. وكان أشهر كتّاب الثلث الأول من القرن العشرين خوسيه أنطونيو راموس (1885-1945) José Antonio Ramos الذي عالج في مسرحه المتأثر بإبسن Ibsen[ر] و«الحركة الطبيعية» Naturalism مشكلات الريف الكوبي. أما فِرجيلو بينيرو (1912-1980) Virgilio Piñero فقد أشار في مسرحياته إلى انهيار الأسرة البرجوازية في المدن الكبرى.
بعد الثورة الكوبية أُنشىء كثير من المؤسسات لدعم المسرح وتطويره، مثل: دار النشر المركزية لترويج المطبوعات المسرحية، وتنظيم مسابقات النصوص المسرحية، واتحاد الكتاب الذي دعم المسابقات المسرحية. وفي عام 1961 تأسس «المجلس الثقافي الوطني» الذي أشرف فرع المسرح والموسيقى والرقص فيه على الفعاليات المسرحية في جميع أنحاء كوبا، وصارت أولى مهمات الكتّاب المسرحيين تصفية الحساب مع الماضي البرجوازي للبلد، وهنا قام أسلوب بينيرو بدور فعال بوصفه النزاع القائم صراع أجيال ضمن العائلة الواحدة. فقام مجموعة من الكتّاب أمثال أنطون عرفات (1935- ) Antón Arrafat، وأبلارادو إستورينو (1925- ) Abelarado Estorino، وخوسيه تريانا (1931- ) José Triana بتأليف نصوص تُبيِّن ضرورة قيام الثورة، وذلك باستعراض مصائر أفراد مختلفين من حيث انتماءاتهم الاجتماعية. وقد عُرف تريانا عالمياً بمسرحيته «ليلة القتلة» La noche de los Asesinos. ومن بين الكتّاب البارزين في أواخر القـرن العشرين هناك فريدي أرتيلِِس (1946 - ) Fredy Artiles، ونيكولاس دورّ (1946 - ) Nicolás Dorr، وهكتور كينتيرو (1942 - ) Hector Quintero الذي أحيا تقاليد «تياترو بوفو» بمسرحيته «السعر البخس» El premio flaco. وفي عام 1969 تألفت الفرقة المسرحية «إسكامبري» Escambray التي سيصير أسلوب عملها نموذجاً لتطور المسرح الكوبي، وقوامها مجموعة من الممثلين الشباب الذين غادروا العاصمة إلى المنطقة الجبلية كي يعيشوا؛ ويعملوا في المسرح معتمدين على مجموعة من الدراسات التحليلية الاجتماعية والاستبيانات في تطوير نصوص مسرحية تضمن مشاركة الجمهور في العروض. وكان من أشهر عروضها «الفترينة» (نافذة العرض) (1971) La Vitrina، و«الجنة المستعادة» (1973) El paradiso recobrado للكاتب باث هرناندِث Paz Hernandez. كما طورت «فرقة سَنتياغو المسرحية» تقانات العرض المسرحي الشارعي الإفرو-كوبي الذي يعود إلى القرن التاسع عشر؛ والذي جذب إلى المسرح عدداً أكبر من الأطفال واليافعين في أثناء العقدين الأخيرين من القرن العشرين.
نبيل الحفار
المسرح في كوبا
أدى احتلال الإسبان المبكر لجزيرة كوبـا إلى ظهور العروض المسـرحية فيها قبل قضاء المحتلين على حضارتي الإنكا Inca والأزتيك Aztek. فمنذ عام 1520 قُدِّمت في كوبا عروض مسرحية دينية من نوع «قربان الجسد» Autossacramentales في الهواء الطلق، وبعد ذلك بنصف قرن ظهرت العروض الدنيوية، ولاسيما الملهاة. وفي عام 1730 نُشر في سيفيللا Sevilla أول نص مسرحي كوبي بعنوان «الأميرُ بستانياً وكلوريدانو المزيف» El principe jardinero y fingido Cloridano للكاتب سَنتياغو بيتا إي بورّوتو Santiago Pita y Borroto.
كانت الملهاة الكوبية حتى القرن (19) واقعة تحت تأثير مباشر لكتّاب العصر الذهبي الإسبان، ولكن بأساليب تعبير محض كوبية. وفي عام 1775 شُيد في هافانا أول بناء مسرحي، أطلق عليه اسم «إلكوليسيو» El coliseo، تلاه عام 1838 مسرح «تاكون» Tácon، إلى جانب عدد من دور العرض المختلفة في بقية المدن؛ حيث كانت تعرض المسرحيات الإسبانية التقليدية التي تلائم الذوق البرجوازي لمنتجي السكر، أما النصوص الكوبية فلم تتح لها فرص العرض إلا نادراً إلى أن ظهر الممثل الكوبي فرنسيسكو كوباروبياس (1775 - 1850) Francisco Covarrubias الذي عمل على مواجهة المنافسة الإسبانية بأن اقتبس بعض المسرحيات الشعبية الإسبانية بما ينسجم مع البيئة الكوبية، وكتب نصوصه الخاصة منطلقاً من الواقع الكوبي الشعبي بلغته وأدوات تعبيره. وابتكر عام 1812 شخصية الزنجي «نغريتو» Negrito التي كان يؤديها ممثل أبيض بمكياج أسود، وقد مهدت نصوصه لظهور حركة «المسرح الشعبي الهزلي» Teatro Buffo ذي الخصوصية الكوبية، وذلك نحو عام 1868. ويعد الكاتب خوسيه خاثينتو ميلانِس (1814-1863) José Jacinto Milanés مؤسس الدراما الرومنسية الكوبية، ولاسيما بمسرحيته «حاكم ألاركوس» El conde Alarcos التي عرضت في هافانا عام 1838، و«شاعر في البلاط» Un poeta en la corte التي منعتها الرقابة من العرض. أما غِرتروديس غومِث دي أبيّانيدا Gertrudis Gómez de Avellaneda فقد عالجت في مسرحياتها وضع المرأة في المجتمع الإسباني، ولاقت نجاحاً في مسارح مدريد. في حين عالج خوسيه أغوستين ميلان José Agustin Milan في اقتباساته من المسرح الإسباني المجتمع الكوبي وهوسه بالغنى بأي طريقة كانت. وتمثل مسرحية «مغامرة أو الطريق الأقصر» Una aventura o El camino más corto ذروة نجاحاته. ومنذ عام 1860 أخذت فرق المسرح الموسيقي في جنوب الولايات المتحدة بتقديم عروضها في كوبا، وهي تعتمد على ممثلين بيض يؤدون أدواراً زنجية من الأجواء الشعبية، كانت رافداً جديداً في تطوير «المسرح الشعبي الساخر» في قالب موسيقي جديد. وقد اعتمدت هذه العروض النقدية الاجتماعية على أنماط ثابتة مثل «الزنجي الطيب»، و«الخلاسية» التي تمثل الروح الشعبية الجميلة، والإسباني الإمعة، والطفيلي المتبطل.
استمرت تقاليد «تياترو بوفو» حتى عام 1930 في «مسرح الحمراء» Teatro Alhambra ولكن مع تراجع في راهنيته السياسية والاجتماعية. وفي عام 1910 تأسست «جمعية تشجيع المسرح» التي عملت على دعم الدراما المحلية والتعريف بالأشكال المسرحية الأوربية غير الإسبانية، وعارضت تسطيح مضامين المسرح الشعبي. وكان أشهر كتّاب الثلث الأول من القرن العشرين خوسيه أنطونيو راموس (1885-1945) José Antonio Ramos الذي عالج في مسرحه المتأثر بإبسن Ibsen[ر] و«الحركة الطبيعية» Naturalism مشكلات الريف الكوبي. أما فِرجيلو بينيرو (1912-1980) Virgilio Piñero فقد أشار في مسرحياته إلى انهيار الأسرة البرجوازية في المدن الكبرى.
بعد الثورة الكوبية أُنشىء كثير من المؤسسات لدعم المسرح وتطويره، مثل: دار النشر المركزية لترويج المطبوعات المسرحية، وتنظيم مسابقات النصوص المسرحية، واتحاد الكتاب الذي دعم المسابقات المسرحية. وفي عام 1961 تأسس «المجلس الثقافي الوطني» الذي أشرف فرع المسرح والموسيقى والرقص فيه على الفعاليات المسرحية في جميع أنحاء كوبا، وصارت أولى مهمات الكتّاب المسرحيين تصفية الحساب مع الماضي البرجوازي للبلد، وهنا قام أسلوب بينيرو بدور فعال بوصفه النزاع القائم صراع أجيال ضمن العائلة الواحدة. فقام مجموعة من الكتّاب أمثال أنطون عرفات (1935- ) Antón Arrafat، وأبلارادو إستورينو (1925- ) Abelarado Estorino، وخوسيه تريانا (1931- ) José Triana بتأليف نصوص تُبيِّن ضرورة قيام الثورة، وذلك باستعراض مصائر أفراد مختلفين من حيث انتماءاتهم الاجتماعية. وقد عُرف تريانا عالمياً بمسرحيته «ليلة القتلة» La noche de los Asesinos. ومن بين الكتّاب البارزين في أواخر القـرن العشرين هناك فريدي أرتيلِِس (1946 - ) Fredy Artiles، ونيكولاس دورّ (1946 - ) Nicolás Dorr، وهكتور كينتيرو (1942 - ) Hector Quintero الذي أحيا تقاليد «تياترو بوفو» بمسرحيته «السعر البخس» El premio flaco. وفي عام 1969 تألفت الفرقة المسرحية «إسكامبري» Escambray التي سيصير أسلوب عملها نموذجاً لتطور المسرح الكوبي، وقوامها مجموعة من الممثلين الشباب الذين غادروا العاصمة إلى المنطقة الجبلية كي يعيشوا؛ ويعملوا في المسرح معتمدين على مجموعة من الدراسات التحليلية الاجتماعية والاستبيانات في تطوير نصوص مسرحية تضمن مشاركة الجمهور في العروض. وكان من أشهر عروضها «الفترينة» (نافذة العرض) (1971) La Vitrina، و«الجنة المستعادة» (1973) El paradiso recobrado للكاتب باث هرناندِث Paz Hernandez. كما طورت «فرقة سَنتياغو المسرحية» تقانات العرض المسرحي الشارعي الإفرو-كوبي الذي يعود إلى القرن التاسع عشر؛ والذي جذب إلى المسرح عدداً أكبر من الأطفال واليافعين في أثناء العقدين الأخيرين من القرن العشرين.
نبيل الحفار