كنيس Synagogue - Synagogue
الكنيس
الكنيس لفظ مُصحَّف (محرَّف لفظاً) عن الكلمة العبرية «كنيسِت»، وتعني مكان الاجتماع عامة. يقابلها في اليونانية كلمة «سوناغوغِه» συναγωγη التي انتقلت إلى اللاتينية وغيرها بلفظ synagoga أو synagoge بمعنى: مكان الاجتماع والصلاة والدراسة عند اليهود تحديداً. ومع تطور الديانة اليهودية صار الكنيس يقوم بثلاث مهمات: بيت الاجتماع bet ha-kneset، وبيت الصلوات (العبادة) bet ha-tefilla، وبيت الدراسة bet ha-midrash.
وكلمة كنيسة التي تشير في العربية إلى دار العبادة عند المسيحيين تعود إلى المصدر العبري نفسه. وفي اللغة العبرية الحديثة أطلق على البرلمان الإسرائيلي تسمية «كنيسِت» أي مكان الاجتماع، تيمناً بالمعنى التراثي، لكنها تُلفظ Knesset أو Knesseth.
ويعد الكنيس المعبد الرئيسي لليهودية Judaism، ويعتقد أنه عندما تعرض يهود فلسطين للسبي في القرن السادس قبل الميلاد بعد تدمير هيكلهم في بيت المقدس سنة 587ق.م على أيدي البابليين، بقي الموقع مهجوراً إلى أن أعاد اليهود القدامى بناءه بعد نحو 70 سنة بإذن من الملك الفارسي. وقد كان المعبد حسب التقاليد اليهودية، يدل على الهيكل الأول بالقدس (الهيكل بالعبرية بيت هَمِقْدَش bet ha-mikdash - بيت المقدس) الذي ينسب بناؤه إلى النبي سليمان بن داود u سنة 950ق.م، وكان في محرابه أو قدس أقداسه تابوت العهد، رمز وجود الرب يهوا Yahweh. ولهذا كانت بعض الجماعات اليهودية، خاصةً اليهودية الإصلاحية Reform Judais، وبعض المحافظين في الولايات المتحدة الأمريكية يسمون معبدهم «الهيكل»، في حين يسمي كثير من اليهود الأصوليين (الأرثوذكس) واليهود المحافظين في البلاد الأنغلوسكسونية معبدهم بالكنيس، أما الماسونيون فيسمون أماكن اجتماعهم الهيكل.
وكان للكنس اليهودية المبكرة ضرورة كبرى للمنفيين بغية متابعة نشاطهم الديني، وأدت دوراً مهماً خاصة بعد تخريب الهيكل الثاني في سنة 70م على أيدي الرومان، حيث أصبح الكنيس المكان الرئيسي للعبادة والدراسة، وهدفه الرئيس إقامة الصلاة العامة المشتركة. فملأ بذلك الفراغ الذي تركه غياب المركز الديني الوحيد وطقوس التضحية (الهيكل)، كما ساعد أيضاً على حفظ وحدة اليهود وتعزيز رباطهم الديني.
والكنيس مؤسسة عامة ليس لها وظائف كهنوتية، يديرها مجموعة من المصلين ينتخبون لهذا المنصب، ويرأس الكنيس النموذجي، خاصة في أمريكا الشمالية وفي أوربا، قيادة ثنائية: الأولى علمانية تضم لجنة من أعضاء عدة ورئيس تنتخبه اللجنة، والثانية إرشادية روحية تعيّنها القيادة العلمانية. أما وجود الحاخام rabbi فلم يكن ضرورياً، ومهمة قيادة الصلاة في الكنيس اليهودي (المحافظ والإصلاحي) فيعهد بها خاصة في أيام السبت والأعياد لموظف رسمي متفرغ مأجور يدعى الكانتور cantor.
حفلت الكنس اليهودية (الأصولية والمحافظة) بأداء الخدمات والعبادات الدينية والصلوات المفروضة (ثلاث مرات يومياً حسب تعاليم الحلقة[ر: التلمود] Halakha)، تتخللها دروس من تعاليم المِشْنا Mishna، إضافة إلى القيام ببعض الطقوس الواجبة في أيام السبت والأعياد ومناسبات أخرى خاصة. وكانت الكنس الكبرى (خاصة الأصولية) تقيم طقوساً وخدمات دينية متزامنة في قاعات مختلفة، وتخصص أوقاتاً إضافية مساءً لأدائها بغية استيعاب أكبر عدد ممكن من اليهود، خاصة الشباب الناشئ والأسر والأطفال. في حين كانت الصلوات لدى اليهود الإصلاحيين تؤدى مرة أو مرتين كل أسبوع، ما عدا المهرجانات والمناسبات الدينية الخاصة الأخرى. وكان الكنيس محفلاً لكثير من المناسبات اليهودية، كمآدب التكريم وأعياد البلوغ والفصح وحفلات الأعمال الخيرية التي يدعمها أعضاء نادي الكنيس وجمعية الأخوات، ومناسبات اجتماعية وعلمية للبالغين.
لم يتميز تصميم الكنيس المعماري بمخطط خاص، فقد كانت الأشكال الهندسية الخارجية والتصاميم الداخلية للكنس اليهودية تتباين كثيراً، وتتأثر بالعمران الديني المحلي والثقافة الإقليمية المحيطة. لكن غالباً ماكان الكنيس التقليدي يأخذ شكل هيكل القدس المخرب، إلى أن أدخلت الحركة الإصلاحية الألمانية التي ظهرت في بداية سنة 1800 بعض التغييرات على التصميم التقليدي الخارجي له، فظهر الكنيس الإصلاحي الأول الذي افتتح في هامبورغ عام 1811 بنموذج بدا وكأنه كنيسة، حتى في طقوسه فقد أدخل جوقة موسيقية لمرافقة الصلاة، وخصص رداء كهنوتياً لحاخام الكنيس. أما الحركة اليهودية المحافظة التي تطورت في أوربا وأمريكا في مستهل القرن التاسع عشر فقد رفضت كلاً من النموذج الإصلاحي والأصولي، ومع هجرة يهود الإصلاح الألمان إلى أمريكا في منتصف القرن التاسع عشر، تغير الشكل الخارجي للكنيس اليهودي. فقد بنى اليهود الأثرياء كنساً كبيرة على نمط الكنائس، ونافست في تصميمها أعظم الكاتدرائيات في أوربا مثل «هيكل عمانويل» الإصلاحي الذي أسس في مدينة نيويورك سنة 1845 على الطراز المغربي بجدران كلسية شاهقة، وبني داخله جدران مقوسة بنوافذ زجاجية ملونة، وقاعات ضخمة احتوت على 2500 مقعد وأخرى صغيرة لا تتجاوز 350 مقعداً. أما الكنس الإصلاحية التي بنيت في المدن الأمريكية الأخرى فقد اتخذت الطراز الروماني والبيزنطي للكنائس نموذجاً لها، وبلغ عدد الكنس الإصلاحية اليوم في الولايات المتحدة نحو 900، والمحافظة 750.
ويحتوي الكنيس داخله على قاعات كبيرة للصلاة وأخرى صغيرة نسبياً للدراسة. ويميز قاعة الصلاة وجود قوس أو خزانة في الجدار المواجه للقدس (المحراب)، تحفظ فيها لفائف مخطوط الأسفار الخمسة Pentateuch (التوراة)، وفي مركزها رصيف مرتفع يواجه «المحراب المقدس» الذي يحوي رمزاً لتابوت العهد، ومصباحاً مضاء باستمرار ومنبراً تتلى منه الأسفار، ويقف فيه الكانتور للموعظة وقيادة الصلاة، وتحيط به مقاعد المصلين حيث يكون اتجاههم في أثناء الصلاة نحو «المحراب». وتجلس النساء في الكنيس الأصولي منفصلات عن الرجال، أما في المعابد اليهودية المحافظة والإصلاحية فيجلس الجنسان معاً.
من أهم الكنس اليهودية وأقدمها في العالم: الكنيس اليهودي في فلوريدا، وكنيس ماركس في لندن، والكنيس اليهودي المخرب في مسعدة في فلسطين الذي يعود إلى القرن الأول الميلادي.
سوسن بيطار
الكنيس
الكنيس لفظ مُصحَّف (محرَّف لفظاً) عن الكلمة العبرية «كنيسِت»، وتعني مكان الاجتماع عامة. يقابلها في اليونانية كلمة «سوناغوغِه» συναγωγη التي انتقلت إلى اللاتينية وغيرها بلفظ synagoga أو synagoge بمعنى: مكان الاجتماع والصلاة والدراسة عند اليهود تحديداً. ومع تطور الديانة اليهودية صار الكنيس يقوم بثلاث مهمات: بيت الاجتماع bet ha-kneset، وبيت الصلوات (العبادة) bet ha-tefilla، وبيت الدراسة bet ha-midrash.
وكلمة كنيسة التي تشير في العربية إلى دار العبادة عند المسيحيين تعود إلى المصدر العبري نفسه. وفي اللغة العبرية الحديثة أطلق على البرلمان الإسرائيلي تسمية «كنيسِت» أي مكان الاجتماع، تيمناً بالمعنى التراثي، لكنها تُلفظ Knesset أو Knesseth.
ويعد الكنيس المعبد الرئيسي لليهودية Judaism، ويعتقد أنه عندما تعرض يهود فلسطين للسبي في القرن السادس قبل الميلاد بعد تدمير هيكلهم في بيت المقدس سنة 587ق.م على أيدي البابليين، بقي الموقع مهجوراً إلى أن أعاد اليهود القدامى بناءه بعد نحو 70 سنة بإذن من الملك الفارسي. وقد كان المعبد حسب التقاليد اليهودية، يدل على الهيكل الأول بالقدس (الهيكل بالعبرية بيت هَمِقْدَش bet ha-mikdash - بيت المقدس) الذي ينسب بناؤه إلى النبي سليمان بن داود u سنة 950ق.م، وكان في محرابه أو قدس أقداسه تابوت العهد، رمز وجود الرب يهوا Yahweh. ولهذا كانت بعض الجماعات اليهودية، خاصةً اليهودية الإصلاحية Reform Judais، وبعض المحافظين في الولايات المتحدة الأمريكية يسمون معبدهم «الهيكل»، في حين يسمي كثير من اليهود الأصوليين (الأرثوذكس) واليهود المحافظين في البلاد الأنغلوسكسونية معبدهم بالكنيس، أما الماسونيون فيسمون أماكن اجتماعهم الهيكل.
وكان للكنس اليهودية المبكرة ضرورة كبرى للمنفيين بغية متابعة نشاطهم الديني، وأدت دوراً مهماً خاصة بعد تخريب الهيكل الثاني في سنة 70م على أيدي الرومان، حيث أصبح الكنيس المكان الرئيسي للعبادة والدراسة، وهدفه الرئيس إقامة الصلاة العامة المشتركة. فملأ بذلك الفراغ الذي تركه غياب المركز الديني الوحيد وطقوس التضحية (الهيكل)، كما ساعد أيضاً على حفظ وحدة اليهود وتعزيز رباطهم الديني.
والكنيس مؤسسة عامة ليس لها وظائف كهنوتية، يديرها مجموعة من المصلين ينتخبون لهذا المنصب، ويرأس الكنيس النموذجي، خاصة في أمريكا الشمالية وفي أوربا، قيادة ثنائية: الأولى علمانية تضم لجنة من أعضاء عدة ورئيس تنتخبه اللجنة، والثانية إرشادية روحية تعيّنها القيادة العلمانية. أما وجود الحاخام rabbi فلم يكن ضرورياً، ومهمة قيادة الصلاة في الكنيس اليهودي (المحافظ والإصلاحي) فيعهد بها خاصة في أيام السبت والأعياد لموظف رسمي متفرغ مأجور يدعى الكانتور cantor.
حفلت الكنس اليهودية (الأصولية والمحافظة) بأداء الخدمات والعبادات الدينية والصلوات المفروضة (ثلاث مرات يومياً حسب تعاليم الحلقة[ر: التلمود] Halakha)، تتخللها دروس من تعاليم المِشْنا Mishna، إضافة إلى القيام ببعض الطقوس الواجبة في أيام السبت والأعياد ومناسبات أخرى خاصة. وكانت الكنس الكبرى (خاصة الأصولية) تقيم طقوساً وخدمات دينية متزامنة في قاعات مختلفة، وتخصص أوقاتاً إضافية مساءً لأدائها بغية استيعاب أكبر عدد ممكن من اليهود، خاصة الشباب الناشئ والأسر والأطفال. في حين كانت الصلوات لدى اليهود الإصلاحيين تؤدى مرة أو مرتين كل أسبوع، ما عدا المهرجانات والمناسبات الدينية الخاصة الأخرى. وكان الكنيس محفلاً لكثير من المناسبات اليهودية، كمآدب التكريم وأعياد البلوغ والفصح وحفلات الأعمال الخيرية التي يدعمها أعضاء نادي الكنيس وجمعية الأخوات، ومناسبات اجتماعية وعلمية للبالغين.
لم يتميز تصميم الكنيس المعماري بمخطط خاص، فقد كانت الأشكال الهندسية الخارجية والتصاميم الداخلية للكنس اليهودية تتباين كثيراً، وتتأثر بالعمران الديني المحلي والثقافة الإقليمية المحيطة. لكن غالباً ماكان الكنيس التقليدي يأخذ شكل هيكل القدس المخرب، إلى أن أدخلت الحركة الإصلاحية الألمانية التي ظهرت في بداية سنة 1800 بعض التغييرات على التصميم التقليدي الخارجي له، فظهر الكنيس الإصلاحي الأول الذي افتتح في هامبورغ عام 1811 بنموذج بدا وكأنه كنيسة، حتى في طقوسه فقد أدخل جوقة موسيقية لمرافقة الصلاة، وخصص رداء كهنوتياً لحاخام الكنيس. أما الحركة اليهودية المحافظة التي تطورت في أوربا وأمريكا في مستهل القرن التاسع عشر فقد رفضت كلاً من النموذج الإصلاحي والأصولي، ومع هجرة يهود الإصلاح الألمان إلى أمريكا في منتصف القرن التاسع عشر، تغير الشكل الخارجي للكنيس اليهودي. فقد بنى اليهود الأثرياء كنساً كبيرة على نمط الكنائس، ونافست في تصميمها أعظم الكاتدرائيات في أوربا مثل «هيكل عمانويل» الإصلاحي الذي أسس في مدينة نيويورك سنة 1845 على الطراز المغربي بجدران كلسية شاهقة، وبني داخله جدران مقوسة بنوافذ زجاجية ملونة، وقاعات ضخمة احتوت على 2500 مقعد وأخرى صغيرة لا تتجاوز 350 مقعداً. أما الكنس الإصلاحية التي بنيت في المدن الأمريكية الأخرى فقد اتخذت الطراز الروماني والبيزنطي للكنائس نموذجاً لها، وبلغ عدد الكنس الإصلاحية اليوم في الولايات المتحدة نحو 900، والمحافظة 750.
ويحتوي الكنيس داخله على قاعات كبيرة للصلاة وأخرى صغيرة نسبياً للدراسة. ويميز قاعة الصلاة وجود قوس أو خزانة في الجدار المواجه للقدس (المحراب)، تحفظ فيها لفائف مخطوط الأسفار الخمسة Pentateuch (التوراة)، وفي مركزها رصيف مرتفع يواجه «المحراب المقدس» الذي يحوي رمزاً لتابوت العهد، ومصباحاً مضاء باستمرار ومنبراً تتلى منه الأسفار، ويقف فيه الكانتور للموعظة وقيادة الصلاة، وتحيط به مقاعد المصلين حيث يكون اتجاههم في أثناء الصلاة نحو «المحراب». وتجلس النساء في الكنيس الأصولي منفصلات عن الرجال، أما في المعابد اليهودية المحافظة والإصلاحية فيجلس الجنسان معاً.
من أهم الكنس اليهودية وأقدمها في العالم: الكنيس اليهودي في فلوريدا، وكنيس ماركس في لندن، والكنيس اليهودي المخرب في مسعدة في فلسطين الذي يعود إلى القرن الأول الميلادي.
سوسن بيطار