السينما في سورية
سبقت سورية الكثير من دول العالم في التعامل مع فن السينما، عروضاً ونتاجاً. وكان لها بهذا دور ريادي. فقد شهد الجمهور في سورية عروضاً سينمائية في مدينة حلب عام 1908، عندما جاء المدينة جماعة من الأجانب عن طريق تركيا, وعرضت الصور المتحركة بوساطة آلة متنقلة تتحرك فيها الصور أفقياً, علماً أن العرض السينمائي الأول في العالم أقيم في باريس في عام 1895.
كانت البداية الرسمية للعروض السينمائية في سورية في عام 1912, في دمشق, وفي مقهى بساحة المرجة يمتلكه حبيب الشماس, إذ تم عرض صور متحركة بآلة كانت تدار باليد, وكان الضوء فيها يتولد من مصباح يعمل بغاز الإسيتيلين. واستخدمت بعد ذلك صالات للعروض السينمائية احترق بعضها في البداية لعدم توفر الخبرة الفنية في استخدام آلات العرض. وكان من الصالات التي أنشئت خصيصاً للعرض السينمائي في دمشق صالة (جناق قلعة) عام 1919, وصالة (زهرة دمشق), وصالة (الإصلاح خانة), و(سينما النصر). وكانت هذه الصالات تعرض أفلاماً أمريكية وفرنسية.
ثم تتالى افتتاح صالات أخرى في دمشق بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى مثل صالة (الكوزموغراف) التي صارت فيما بعد (سينما أمية), ودار سينما (جنينة الأفندي), وصالة (اللونا بارك), وسينما الرشيد الصيفي، قبل أن تبدأ مرحلة دور السينما الحديثة التي بدأت تعرض الأفلام الناطقة. وفي حلب أقيمت في الفترة ذاتها دور للعرض السينمائي عدة وهي: (كوزموغراف), و(الاتحاد والترقي), و(باتيه) Pathé, و(رويال). وكان أول من أدخل السينما الناطقة إلى دور العرض الشركاء شماس وقطان وحداد, وذلك في ملهى العباسية عام 1934.
الإنتاج الروائي السينمائي
بعد عام واحد من بداية الإنتاج الروائي السينمائي في مصر (فيلم «ليلى» عام 1927) سجل, عام 1928, ولادة أول إنتاج سينمائي روائي سوري, وكان فيلم «المتهم البريء» الذي حققه أيوب بدري مع أحمد تللو ومحمد المرادي, وهم من الشباب الهواة المتحمسين للسينما، إذ استوردوا جهازاً صغيراً للتصوير السينمائي قياس 35 ميليمتر صوروا به الفيلم في ظروف صعبة.
وعلى امتداد خمسة وثلاثين عاماً، أي بين إنتاج أول فيلم سوري وتأسيس المؤسسة العامة للسينما عام 1963، لم تنتج سورية سوى سبعة أفلام، تمثل مرحلة ذات صفات خاصة ينسحب عليها وصف المغامرات الفنية، والمبادرات الفردية، والمحاولات الجريئة وهي:
«المتهم البريء» (1928) إخراج أيوب بدري, و«تحت سماء دمشق» (1931) إخراج إسماعيل أنزور, و«نداء الواجب» (1936) إخراج أيوب بدري, و«نور وظلام» (1948) إخراج نزيه الشهبندر، وهو أول فيلم سوري ناطق, و«عابر سبيل» (1950) إخراج أحمد عرفان, و«الوادي الأخضر» (1961) إخراج زهير الشوا, و«لعبة الشيطان» (1966) إخراج زهير الشوا. كما حقق بعض السينمائيين الهواة في هذه المرحلة من أمثال نور الدين رمضان, ويوسف فهدة, وجلال سيوطي عدداً من الأفلام القصيرة والأفلام الإخبارية والوثائقية.
المؤسسة العامة للسينما
في مقدمة الإنجازات التي حققتها ثورة آذار في مجال النهوض الثقافي، وفي مرحلة مبكرة، تأسيس المؤسسة العامة للسينما، وكانت خطوة متقدمة ومنعطفاً كبيراً في مسيرة السينما السورية. ففي نهاية عام 1963, صدر عن المجلس الوطني لقيادة الثورة مرسوم تأسيسي للمؤسسة العامة للسينما تنص مادته الأولى كما يلي:
تنشأ مؤسسة عامة تسمى مؤسسة السينما، وتربط بوزارة الثقافة والإرشاد القومي، ويكون لها الشخصية الاعتبارية والاستقلال الإداري والمالي ومقرها مدينة دمشق.
وتنص المادة الثانية على أغراض المؤسسة وهي:
1- النهوض بالصناعة السينمائية في الجمهورية العربية السورية.
2- دعم الإنتاج السينمائي السليم في القطاع الخاص.
3- توجيه الإنتاج السينمائي في خدمة الثقافة والعلم والقضايا القومية.
وللمؤسسة في سبيل تحقيق هذه الأغراض أن تعمل على:
- إيجاد الوسائل الفنية من استديوهات وأجهزة وفنيين واختصاصيين وكل ما يلزم لتحقيق أغراضها.
- إنتاج وشراء واستئجار واستثمار الأفلام القصيرة من تعليمية ووثائقية، والأفلام الطويلة ذات الصفة القومية أو التي تساعد على رفع المستوى الفني والخلقي والثقافي للشعب.
- تشجيع البحوث والتأليف والترجمة والمحاضرة في فنون السينما بالوسائل المادية والمعنوية، وتنظيم دورات تدريبية في فنونها المختلفة.
- إنشاء معاهد للدراسات السينمائية, وتخريج المختصين بفنونها أو المساهمة في تمويلها والإشراف عليها.
- السعي مع المصارف والجهات الأخرى لإقراض المشتغلين بالصناعة السينمائية، ويجوز أن تتم هذه القروض بكفالة المؤسسة.
- المساهمة، عند الاقتضاء، في رؤوس أموال الشركات الخاصة بنسبة لا تتجاوز الـ25% من رأسمال تلك الشركات, أو في إنتاج سينمائي يقوم به الأفراد أو الشركات.
أربعون عاماً وأربعون فيلماً
في عام 2003 احتفلت المؤسسة العامة للسينما في سورية بالعيد الماسي (1928-2003) لإنتاج أول فيلم روائي. وقد تزامن هذا الاحتفال مع مناسبتين أُخريَين هما مرور أربعين سنة على تأسيس المؤسسة العامة للسينما، والدورة الثالثة عشرة لمهرجان دمشق السينمائي الدولي.
أنتجت المؤسسة خلال هذه العقود الأربعة, أربعين فيلماً روائياً فقط، وهو إنتاج ضعيف من حيث الكم. ومع ذلك, كانت متميزة بمستواها العالي والجاد, فنالت استحسان النقاد, وحازت جوائز عديدة في المهرجانات العربية والدولية بحيث ظلت المعقل الوحيد لسينما القطاع العام في الوطن العربي, مع الإشارة إلى أن عدداً كبيراً من الأفلام التي أنتجتها المؤسسة كانت عن القضية الفلسطينية. ونذكر على سبيل المثال لا الحصر عدداً من الأفلام التي أنتجتها المؤسسة:
«رجال تحت الشمس» ثلاثية من إخراج محمد شاهين [ر], ومروان مؤذن, ونبيل المالح, و«الفهد» إخراج نبيل المالح, و«المخدوعون» إخراج توفيق صالح, و«كفر قاسم» إخراج برهان علوية, و«بقايا صور» إخراج نبيل المالح, و«الشمس في يوم غائم» إنتاج محمد شاهين, و«الترحال» إخراج ريمون بطرس, و«تراب الغرباء» إخراج سمير ذكرى, و«صندوق الدنيا» إخراج أسامة محمد, و«رؤى حالمة» إخراج واحة الراهب, و«ما يطلبه المستمعون» إخراج عبد اللطيف عبد الحميد.
سينما القطاع الخاص
تزامن إنتاج سينما القطاع الخاص مع إنتاج المؤسسة العامة للسينما، وامتد حتى عقد التسعينات من القرن العشرين حيث توقف عن الإنتاج. وقد أنتج خلال العقود الثلاثة التي نشط فيها أكثر من مئة فيلم, أي ثلاثة أضعاف ما أنتجه القطاع العام من حيث العدد. وقد تكونت سينما القطاع الخاص في مناخ غير صحي, إذ كانت تقليداً للأفلام التجارية المصرية، أي كانت سينما للتسلية فقط. وكانت نتيجةً لتعاون غير مدروس وبجهود فردية بين المنتجين السوريين وبعض كتاب السيناريو أو المخرجين أو الممثلين المصريين واللبنانيين. وفشلت تلك السينما وتوقف الإنتاج فيها تماماً. ونذكر من تلك الأفلام على سبيل المثال لا الحصر:
«عقد اللولو»، إخراج يوسف المعلوف, و«الشريدان» إخراج رضا ميسر, و«عاريات بلا خطيئة» إخراج كوستانوفا, و«فندق الأحلام» إخراج ألبير نجيب, و«غرام في استانبول» إخراج سيف الدين شوكت, و«النصابين الثلاثة» إخراج نيازي مصطفى, و«خياط للسيدات» إخراج عاطف سالم [ر], و«امرأة تسكن وحدها» إخراج نجدي حافظ, و«قطط شارع الحمراء» إخراج سمير الغصيني, و«زوجتي من الهيبيز» إخراج عاطف سالم.
مهرجان دمشق السينمائي الدولي
أقيمت الدورة الأولى للمهرجان عام 1979، وكان عام 2003 موعد الحلقة الثالثة عشرة لهذا المهرجان الذي غدا دولياً منذ دورته الثانية عشرة. وهو يقام مرة كل عامين, وقد أعلنت أهدافه كما يلي:
1- تطوير السينما الوطنية العربية والنهوض بها ودعم اتجاه السينما الشابة الملتصقة بواقع الجماهير والمعبرة عن قضاياها وتطلعاتها الأساسية.
2- تدعيم الاتجاهات الجادة في السينما الآسيوية خصوصاً، وسينما العالم الثالث عموماً والتعريف بها.
3- خلق علاقة متجددة مشتركة بين السينما والسينمائيين من جهة، والجمهور من جهة أخرى.
4- بناء جسور ثقافية وفكرية بين السينمائيين العرب, وبينهم وبين السينمائيين في بلدان العالم الثالث والعالم من جهة أخرى.
5- تنفيذ مهمات ثقافية وفنية وتربوية والإسهام في نشر الثقافة السينمائية.
وقد حقق المهرجان عبر دوراته الثلاث عشرة الكثير من هذه الأهداف، حتى نال الصفة الدولية. وكان من إنجازاته الإعلان في إحدى دوراته عن تأسيس اتحاد السينمائيين العرب.
مرحلة متطورة
كان عقد السبعينات من القرن العشرين, مرحلة مزدهرة للسينما السورية، إذ أُنتج فيه عدد كبير من الأفلام. ثم تعرضت هذه السينما ولاسيما في عقد التسعينات، ولأسباب عديدة، إلى كبوات إنتاجية أدت إلى ما يمكن أن يكون مراوحة في المكان، ولكن أفلامها - على قلتها- ظلت في المستوى العالي الذي بدأت واستمرت فيه. وقد تنادى السينمائيون السوريون مؤخراً إلى تدارس وضع هذه السينما لتتجاوز مرحلة الركود والانتقال إلى مرحلة نوعية متطورة, ووضعوا ورقة عمل تفصيلية بهذا الشأن استجاب لها المسؤولون، وشكلت لجنة وزارية لتدارسها، واتخذت عدة إجراءات منها:
- إلغاء حصر استيراد الأفلام بالمؤسسة العامة للسينما.
- دعوة القطاع الخاص لمعاودة الإنتاج ضمن معايير موضوعية يبتعد فيها عن الإنتاج التجاري ليكون رديفاً للقطاع العام.
- إعلان حوافز عملية تشجيعية لأصحاب دور العرض السينمائي لتجديد صالاتهم.
- تخصيص ميزانية مناسبة لإنتاج الأفلام الروائية الطويلة والقصيرة.
- إفساح المجال أمام سينمائيي القطاع الخاص لاستخدام التقانات الموجودة في المؤسسة.
- تسهيل انتقال الفيلم السوري إلى الأقطار العربية الشقيقة.
- تفعيل العمل في المؤسسة وتشغيل كادر المخرجين المتخصصين.
- الانفتاح على الإنتاج المشترك السوري والعربي والعالمي.
- تصنيف صالات العرض بعد إجراء الإصلاحات عليها.
- إعادة النظر في أسعار تذاكر الدخول إلى السينما.
- تنشيط الأندية السينمائية.
- طبع المزيد من الكتب والمنشورات السينمائية (أصدرت المؤسسة العامة للسينما في السنوات القليلة الماضية حوالي مئة كتاب في شؤون وقضايا السينما المحلية والعربية والعالمية، بين مؤلَّف ومترجم).
جان ألكسان
سبقت سورية الكثير من دول العالم في التعامل مع فن السينما، عروضاً ونتاجاً. وكان لها بهذا دور ريادي. فقد شهد الجمهور في سورية عروضاً سينمائية في مدينة حلب عام 1908، عندما جاء المدينة جماعة من الأجانب عن طريق تركيا, وعرضت الصور المتحركة بوساطة آلة متنقلة تتحرك فيها الصور أفقياً, علماً أن العرض السينمائي الأول في العالم أقيم في باريس في عام 1895.
كانت البداية الرسمية للعروض السينمائية في سورية في عام 1912, في دمشق, وفي مقهى بساحة المرجة يمتلكه حبيب الشماس, إذ تم عرض صور متحركة بآلة كانت تدار باليد, وكان الضوء فيها يتولد من مصباح يعمل بغاز الإسيتيلين. واستخدمت بعد ذلك صالات للعروض السينمائية احترق بعضها في البداية لعدم توفر الخبرة الفنية في استخدام آلات العرض. وكان من الصالات التي أنشئت خصيصاً للعرض السينمائي في دمشق صالة (جناق قلعة) عام 1919, وصالة (زهرة دمشق), وصالة (الإصلاح خانة), و(سينما النصر). وكانت هذه الصالات تعرض أفلاماً أمريكية وفرنسية.
ثم تتالى افتتاح صالات أخرى في دمشق بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى مثل صالة (الكوزموغراف) التي صارت فيما بعد (سينما أمية), ودار سينما (جنينة الأفندي), وصالة (اللونا بارك), وسينما الرشيد الصيفي، قبل أن تبدأ مرحلة دور السينما الحديثة التي بدأت تعرض الأفلام الناطقة. وفي حلب أقيمت في الفترة ذاتها دور للعرض السينمائي عدة وهي: (كوزموغراف), و(الاتحاد والترقي), و(باتيه) Pathé, و(رويال). وكان أول من أدخل السينما الناطقة إلى دور العرض الشركاء شماس وقطان وحداد, وذلك في ملهى العباسية عام 1934.
الإنتاج الروائي السينمائي
بعد عام واحد من بداية الإنتاج الروائي السينمائي في مصر (فيلم «ليلى» عام 1927) سجل, عام 1928, ولادة أول إنتاج سينمائي روائي سوري, وكان فيلم «المتهم البريء» الذي حققه أيوب بدري مع أحمد تللو ومحمد المرادي, وهم من الشباب الهواة المتحمسين للسينما، إذ استوردوا جهازاً صغيراً للتصوير السينمائي قياس 35 ميليمتر صوروا به الفيلم في ظروف صعبة.
وعلى امتداد خمسة وثلاثين عاماً، أي بين إنتاج أول فيلم سوري وتأسيس المؤسسة العامة للسينما عام 1963، لم تنتج سورية سوى سبعة أفلام، تمثل مرحلة ذات صفات خاصة ينسحب عليها وصف المغامرات الفنية، والمبادرات الفردية، والمحاولات الجريئة وهي:
«المتهم البريء» (1928) إخراج أيوب بدري, و«تحت سماء دمشق» (1931) إخراج إسماعيل أنزور, و«نداء الواجب» (1936) إخراج أيوب بدري, و«نور وظلام» (1948) إخراج نزيه الشهبندر، وهو أول فيلم سوري ناطق, و«عابر سبيل» (1950) إخراج أحمد عرفان, و«الوادي الأخضر» (1961) إخراج زهير الشوا, و«لعبة الشيطان» (1966) إخراج زهير الشوا. كما حقق بعض السينمائيين الهواة في هذه المرحلة من أمثال نور الدين رمضان, ويوسف فهدة, وجلال سيوطي عدداً من الأفلام القصيرة والأفلام الإخبارية والوثائقية.
المؤسسة العامة للسينما
في مقدمة الإنجازات التي حققتها ثورة آذار في مجال النهوض الثقافي، وفي مرحلة مبكرة، تأسيس المؤسسة العامة للسينما، وكانت خطوة متقدمة ومنعطفاً كبيراً في مسيرة السينما السورية. ففي نهاية عام 1963, صدر عن المجلس الوطني لقيادة الثورة مرسوم تأسيسي للمؤسسة العامة للسينما تنص مادته الأولى كما يلي:
تنشأ مؤسسة عامة تسمى مؤسسة السينما، وتربط بوزارة الثقافة والإرشاد القومي، ويكون لها الشخصية الاعتبارية والاستقلال الإداري والمالي ومقرها مدينة دمشق.
وتنص المادة الثانية على أغراض المؤسسة وهي:
1- النهوض بالصناعة السينمائية في الجمهورية العربية السورية.
2- دعم الإنتاج السينمائي السليم في القطاع الخاص.
3- توجيه الإنتاج السينمائي في خدمة الثقافة والعلم والقضايا القومية.
وللمؤسسة في سبيل تحقيق هذه الأغراض أن تعمل على:
- إيجاد الوسائل الفنية من استديوهات وأجهزة وفنيين واختصاصيين وكل ما يلزم لتحقيق أغراضها.
- إنتاج وشراء واستئجار واستثمار الأفلام القصيرة من تعليمية ووثائقية، والأفلام الطويلة ذات الصفة القومية أو التي تساعد على رفع المستوى الفني والخلقي والثقافي للشعب.
- تشجيع البحوث والتأليف والترجمة والمحاضرة في فنون السينما بالوسائل المادية والمعنوية، وتنظيم دورات تدريبية في فنونها المختلفة.
- إنشاء معاهد للدراسات السينمائية, وتخريج المختصين بفنونها أو المساهمة في تمويلها والإشراف عليها.
- السعي مع المصارف والجهات الأخرى لإقراض المشتغلين بالصناعة السينمائية، ويجوز أن تتم هذه القروض بكفالة المؤسسة.
- المساهمة، عند الاقتضاء، في رؤوس أموال الشركات الخاصة بنسبة لا تتجاوز الـ25% من رأسمال تلك الشركات, أو في إنتاج سينمائي يقوم به الأفراد أو الشركات.
أربعون عاماً وأربعون فيلماً
في عام 2003 احتفلت المؤسسة العامة للسينما في سورية بالعيد الماسي (1928-2003) لإنتاج أول فيلم روائي. وقد تزامن هذا الاحتفال مع مناسبتين أُخريَين هما مرور أربعين سنة على تأسيس المؤسسة العامة للسينما، والدورة الثالثة عشرة لمهرجان دمشق السينمائي الدولي.
أنتجت المؤسسة خلال هذه العقود الأربعة, أربعين فيلماً روائياً فقط، وهو إنتاج ضعيف من حيث الكم. ومع ذلك, كانت متميزة بمستواها العالي والجاد, فنالت استحسان النقاد, وحازت جوائز عديدة في المهرجانات العربية والدولية بحيث ظلت المعقل الوحيد لسينما القطاع العام في الوطن العربي, مع الإشارة إلى أن عدداً كبيراً من الأفلام التي أنتجتها المؤسسة كانت عن القضية الفلسطينية. ونذكر على سبيل المثال لا الحصر عدداً من الأفلام التي أنتجتها المؤسسة:
«رجال تحت الشمس» ثلاثية من إخراج محمد شاهين [ر], ومروان مؤذن, ونبيل المالح, و«الفهد» إخراج نبيل المالح, و«المخدوعون» إخراج توفيق صالح, و«كفر قاسم» إخراج برهان علوية, و«بقايا صور» إخراج نبيل المالح, و«الشمس في يوم غائم» إنتاج محمد شاهين, و«الترحال» إخراج ريمون بطرس, و«تراب الغرباء» إخراج سمير ذكرى, و«صندوق الدنيا» إخراج أسامة محمد, و«رؤى حالمة» إخراج واحة الراهب, و«ما يطلبه المستمعون» إخراج عبد اللطيف عبد الحميد.
سينما القطاع الخاص
تزامن إنتاج سينما القطاع الخاص مع إنتاج المؤسسة العامة للسينما، وامتد حتى عقد التسعينات من القرن العشرين حيث توقف عن الإنتاج. وقد أنتج خلال العقود الثلاثة التي نشط فيها أكثر من مئة فيلم, أي ثلاثة أضعاف ما أنتجه القطاع العام من حيث العدد. وقد تكونت سينما القطاع الخاص في مناخ غير صحي, إذ كانت تقليداً للأفلام التجارية المصرية، أي كانت سينما للتسلية فقط. وكانت نتيجةً لتعاون غير مدروس وبجهود فردية بين المنتجين السوريين وبعض كتاب السيناريو أو المخرجين أو الممثلين المصريين واللبنانيين. وفشلت تلك السينما وتوقف الإنتاج فيها تماماً. ونذكر من تلك الأفلام على سبيل المثال لا الحصر:
«عقد اللولو»، إخراج يوسف المعلوف, و«الشريدان» إخراج رضا ميسر, و«عاريات بلا خطيئة» إخراج كوستانوفا, و«فندق الأحلام» إخراج ألبير نجيب, و«غرام في استانبول» إخراج سيف الدين شوكت, و«النصابين الثلاثة» إخراج نيازي مصطفى, و«خياط للسيدات» إخراج عاطف سالم [ر], و«امرأة تسكن وحدها» إخراج نجدي حافظ, و«قطط شارع الحمراء» إخراج سمير الغصيني, و«زوجتي من الهيبيز» إخراج عاطف سالم.
البانوراما في مدينة دمشق |
أقيمت الدورة الأولى للمهرجان عام 1979، وكان عام 2003 موعد الحلقة الثالثة عشرة لهذا المهرجان الذي غدا دولياً منذ دورته الثانية عشرة. وهو يقام مرة كل عامين, وقد أعلنت أهدافه كما يلي:
1- تطوير السينما الوطنية العربية والنهوض بها ودعم اتجاه السينما الشابة الملتصقة بواقع الجماهير والمعبرة عن قضاياها وتطلعاتها الأساسية.
2- تدعيم الاتجاهات الجادة في السينما الآسيوية خصوصاً، وسينما العالم الثالث عموماً والتعريف بها.
3- خلق علاقة متجددة مشتركة بين السينما والسينمائيين من جهة، والجمهور من جهة أخرى.
4- بناء جسور ثقافية وفكرية بين السينمائيين العرب, وبينهم وبين السينمائيين في بلدان العالم الثالث والعالم من جهة أخرى.
5- تنفيذ مهمات ثقافية وفنية وتربوية والإسهام في نشر الثقافة السينمائية.
وقد حقق المهرجان عبر دوراته الثلاث عشرة الكثير من هذه الأهداف، حتى نال الصفة الدولية. وكان من إنجازاته الإعلان في إحدى دوراته عن تأسيس اتحاد السينمائيين العرب.
مرحلة متطورة
كان عقد السبعينات من القرن العشرين, مرحلة مزدهرة للسينما السورية، إذ أُنتج فيه عدد كبير من الأفلام. ثم تعرضت هذه السينما ولاسيما في عقد التسعينات، ولأسباب عديدة، إلى كبوات إنتاجية أدت إلى ما يمكن أن يكون مراوحة في المكان، ولكن أفلامها - على قلتها- ظلت في المستوى العالي الذي بدأت واستمرت فيه. وقد تنادى السينمائيون السوريون مؤخراً إلى تدارس وضع هذه السينما لتتجاوز مرحلة الركود والانتقال إلى مرحلة نوعية متطورة, ووضعوا ورقة عمل تفصيلية بهذا الشأن استجاب لها المسؤولون، وشكلت لجنة وزارية لتدارسها، واتخذت عدة إجراءات منها:
- إلغاء حصر استيراد الأفلام بالمؤسسة العامة للسينما.
- دعوة القطاع الخاص لمعاودة الإنتاج ضمن معايير موضوعية يبتعد فيها عن الإنتاج التجاري ليكون رديفاً للقطاع العام.
- إعلان حوافز عملية تشجيعية لأصحاب دور العرض السينمائي لتجديد صالاتهم.
- تخصيص ميزانية مناسبة لإنتاج الأفلام الروائية الطويلة والقصيرة.
- إفساح المجال أمام سينمائيي القطاع الخاص لاستخدام التقانات الموجودة في المؤسسة.
- تسهيل انتقال الفيلم السوري إلى الأقطار العربية الشقيقة.
- تفعيل العمل في المؤسسة وتشغيل كادر المخرجين المتخصصين.
- الانفتاح على الإنتاج المشترك السوري والعربي والعالمي.
- تصنيف صالات العرض بعد إجراء الإصلاحات عليها.
- إعادة النظر في أسعار تذاكر الدخول إلى السينما.
- تنشيط الأندية السينمائية.
- طبع المزيد من الكتب والمنشورات السينمائية (أصدرت المؤسسة العامة للسينما في السنوات القليلة الماضية حوالي مئة كتاب في شؤون وقضايا السينما المحلية والعربية والعالمية، بين مؤلَّف ومترجم).
جان ألكسان