سينغ (جون ميلنغتون ـ)
(1871 ـ 1909)
جون ميلنغتون سينغ John Millington Synge كاتب مسرحي أيرلندي ولد في راثفارنام Rathfarnham بالقرب من مدينة دبلن Dublin لأسرة بروتستنتية وثيقة الصلة بالكنيسة. تلقى تربية دينية صارمة ولّدت لديه ردة فعل معاكسة، وجاءت قراءته لمؤلفات تشارلز داروين Charles Darwin لتعزز ردة الفعل هذه مما حمله على إعلان «فك ارتباطه» بالكنيسة وهو في السادسة عشرة من عمره. انتسب سينغ إلى كلية ترينيتيTrinity College في دبلن عام 1888 حيث درس الآداب واللغات. وقد قاده ولعه بالموسيقى للدراسة في الأكاديمية الملكية الأيرلندية للموسيقى Royal Irish Academy of Music في الفترة الواقعة بين عامي 1889 و1892 مما أثار حفيظة بعض أفراد أسرته المتزمتين. سافر عام 1893 إلى ألمانيا لإتمام دراسته للموسيقى بيد أنه تراجع عن قراره هذا لعدم قناعته بتوافر الموهبة لديه بما يؤهله لأن يصبح موسيقياً متميزاً. تنقل سينغ بين ألمانيا وفرنسا وإيطاليا عاكفاً على دراسة آدابها ولغاتها وفارضاً على نفسه برنامجاً تثقيفياً مكثفاً.
كان عام 1896منعطفاً مهماً في مسار حياة سينغ إذ التقى بالشاعر والكاتب المسرحي الأيرلندي وليم بتلر ييتس William Butler Yeats، وتنبع أهمية هذا اللقاء المصيري من محاولة ييتس إشراكه فيما يمكن وصفه بمشروع قومي يهدف إلى إحياء التراث الثقافي الأيرلندي بتأسيس حركة مسرحية نهضوية تبعث في الشعب الأيرلندي الوعي بهويته القومية والثقافية التي هددها المستعمر البريطاني بالاندثار. ومن أجل هذه الغاية أسس ييتس وآخرون مسرح آبي[ر]Abbey Theatre في دبلن عام 1904. استهدف ييتس في المقام الأول مخيلة الإنسان الأيرلندي الخصبة وحبه للبلاغة وأصر على أن تتميز الأعمال المعروضة على خشبة هذا المسرح بالبعد الشعري الجمالي والفكري المستمد من تصويرها للواقع الأيرلندي المعاش. وانطلاقاً من توخيه توافر هذه المقومات حثَّ ييتس سينغ على زيارة جزر آران الواقعة قبالة الساحل الغربي لأيرلندا ومعايشة أهلها البسطاء الذين يتمتعون بالخيال البكر والعفوية التي لم تفسدها المدنية بعد. وفي عام 1898 تبنى سينغ اقتراح ييتس ووثَّق فيما بعد انطباعاته عن الحياة في هذه الجزر في مجموعة مقالات وصفية أطلق عليها عنوان «جزر آران» Aran Islands ونشرها عام 1907. لم يجد سينغ في هذه المنطقة النائية من أيرلندا طبيعة ساحرة وحكايات شعبية وأساطير قديمة وخرافات غريبة أطلقت العنان لخياله فحسب، بل وجد أيضاً فرصة لإشباع ولعه بالموسيقى التي تجسدت في اللغة الأنغلوـ أيرلندية Anglo-Irish، التي جاءت نتيجة التعايش الطويل بين اللغتين الإنكليزية والأيرلندية وتمخض عنها أسلوب يزاوج بين التعابير الإنكليزية والغيلية Gaelicليولد لغة ذات جرْس موسيقي عذب.
كتب سينغ مجموعة قصائد غنائية يتضح فيها تأثره بالكاتب الفرنسي فرانسوا فيّون François Villon يندب فيها زوال الشباب والجمال والمشاعر الرقيقة. وتُظهر بعض قصائده تأثر أسلوبه بالشاعر الإيطالي بتراركاPetrarca، كذلك عمل سينغ في مجال الترجمة، إلا أن المسرح كان هاجسه الأول. لم تتعدَ نتاجات سينغ المسرحية السبعة نظراً لقصر حياته التي بترها مرض عضال، وتتمحور في مجملها حول الصراع بين المخيلة الحرة الفوضوية الثائرة وبين الواقع الاجتماعي الرتيب الجائر. كتب باكورة مسرحياته «عندما غاب القمر» When the Moon Has Set ت(1903) إلا أنها لم تحظَ بموافقة إدارة مسرح الآبي. في العام ذاته، كتب مسرحية «في ظل الوادي» In the Shadow of the Glen التي ترصد الصراع بين الحلم والواقع بحبكة كوميدية تصور ثورة زوجة شابة على واقعها المعاش مع زوجها الكهل الغيور الذي بلغت غيرته من الشدة ما دفعه لافتعال الموت كي يختبر إخلاصها. تختار الزوجة في النهاية عالمها التخيلي الحر مع عابر سبيل يمثل الفطرية والتلقائية، وبالتالي إمكانية التمرد على الأطر الاجتماعية المصادِرة للحرية الفردية. في عام 1904 كتب سينغ مسرحية «ركاب نحو البحر» Riders to the Sea، ويراها بعض النقّاد أفضل مسرحية من فصل واحد في اللغة الإنكليزية. المسرحية صورة مصغَّرة للنمط المأساوي اليوناني، وكان للطبيعة متمثلة بالبحر دور القدر من حيث انتصارها على أم تفقد الابن تلوَ الآخر في أثناء اصطيادهم لقمة العيش. عاد سينغ عام 1905 إلى فكرة الصراع بين الخيال والواقع في مسرحيته الشهيرة «بئر القديسين» The Well of the Saints، حيث تتمحور الحبكة حول زوجين كفيفين يعيش كل منهما واهماً أن شريك حياته جميل المحيَّا. وحين يستعيدان بصرهما من خلال ماء البئر المقدس يصطدم كل منهما بواقع بشاعة الآخر لدرجة تجعلهما يرفضان نعمة البصر والحقيقة المُّرة ويؤثران العودة إلى حالة العمى والوهم الجميل. ويكتسب البئر معاني مجازية من خلال إيحائه ببئر المخيلة الذي لا ينضب. تعرض المسرحية الطبيعة المزدوجة للمخيِّلة، أي قدرتها على ابتداع الوهم الكاذب من جهة وعلى تحرير الإنسان من واقعه من جهة أخرى. كذلك تبحث في العلاقة التفاعلية بين الموضوعية والذاتية وتبين الدور الذي تقدمه اللغة المحكية في بناء منظور الشخصيات لواقعها التخيُّلي والموضوعي.
شهد عام 1907 ولادة أبرز مسرحيات سينغ، «فتى الغرب المدلل» The Playboy of the Western World التي تدور أحداثها في مجتمع مصغَّر في منطقة مايو Mayo النائية الرازحة تحت سيطرة السلطة الأبوية بمدلولاتها الحرفية والمجازية. وحين يلتجئ إليها فتى هارب من العدالة لزعمه أنه قتل أباه تؤوي المجموعة القاتل وتخلق منه بطلاً أسطورياً لكونه قد حقق أمنية جماعية دفينة بقتل رموز السلطة الأبوية والتحرر من هيمنتها. وحين يظهر الأب الذي لم تطله - على ما يبدو- يد الموت ويحاول الفتى قتل أبيه بالفعل لاسترجاع موقعه البطولي، ينقلب أهل مايو ضده ويقررون تسليمه للسلطات للفرق الشاسع، على حد تعبيرهم، بين جمال رواية خيالية وبشاعة فعلة حقيقية. وتتعرى حقيقة المجتمع المنافق الجبان الذي يكيل الأمور بمكيالين ويعيش ازدواجية تجعله يقتل الأب بالتمني فقط. وقد أثارت المسرحية لدى عرضها في مسرح الآبي سخُط المتفرجين واستُدعيت الشرطة لفك الاشتباك بين الجمهور والممثلين وعلت أصوات تطالب بقتل الكاتب. فقد انتقد بعضهم استخدام الكاتب ألفاظاً نابية لم يعهد الجمهور سماعها ورأى بعضهم الآخر أن في تأليه فتى تعدى على إحدى المحرَّمات طعناً بالشعب الأيرلندي ومنافاة لأهداف مسرح يهدف إلى خلق هوية قومية وثقافية. أما الكاتب فقد كان فخوراً باستياء الجمهور ووجد في ذلك صدمة ضرورية ترغم الأمة الأيرلندية على رؤية وجهها الحقيقي في مرآة المسرح، وجه أمة تنتظر مخلّصاً غريباً يحررها، على الأقل مجازياً، من القهر. كتب سـينغ مسرحية «عرس السـمكري» The Tinker’s Wedding ت(1908) التي يتناول فيها حياة الناس البسطاء بحبكة كوميدية، وبدأ كتابة «ديردره فتاة الأحزان» Dierdre of the Sorrows ت(1909) التي لم ينهها وعُرضت بعد وفاته.
يحتل سينغ مركز الصدارة بين الكتاب المسرحيين الذين شاركوا مشاركة حيوية وفعالة في إحياء النهضة المسرحية الأيرلندية. إذ تمكن من خلال مسرحه المغرق بالمحلية من تناول صفات إنسانية عامة مرتقياً به إلى العالمية، بيد أنه لا يمكن القول إن مسرحياته تبحث منهجاً حياتياً متكاملاً على الرغم من شموليتها. ويعدّ سينغ شاعراً مسرحياً سعى إلى إحداث التفاعل بين الشكل الدرامي والرؤية الشعرية التخيلية وتحقيق التمازج بين الغنائية والواقعية.
تنبأ سينغ بظهور كاتب يوقظ في أيرلندا الإحساس بأنها جزء من أوربا وبأن شعبها قادر على التفكير المستقل وعلى توظيف مخيلته توظيفاً إيجابياً في تغيير الواقع، وربما تحققت نبوءته هذه وكان ذاك الكاتب. ولعل في كلمات ييتس في مَعرِض رثائه له «لقد صمتت بموته روح إيرلندا» اختزال لمسيرة سينغ.
ندى زين الدين
(1871 ـ 1909)
جون ميلنغتون سينغ John Millington Synge كاتب مسرحي أيرلندي ولد في راثفارنام Rathfarnham بالقرب من مدينة دبلن Dublin لأسرة بروتستنتية وثيقة الصلة بالكنيسة. تلقى تربية دينية صارمة ولّدت لديه ردة فعل معاكسة، وجاءت قراءته لمؤلفات تشارلز داروين Charles Darwin لتعزز ردة الفعل هذه مما حمله على إعلان «فك ارتباطه» بالكنيسة وهو في السادسة عشرة من عمره. انتسب سينغ إلى كلية ترينيتيTrinity College في دبلن عام 1888 حيث درس الآداب واللغات. وقد قاده ولعه بالموسيقى للدراسة في الأكاديمية الملكية الأيرلندية للموسيقى Royal Irish Academy of Music في الفترة الواقعة بين عامي 1889 و1892 مما أثار حفيظة بعض أفراد أسرته المتزمتين. سافر عام 1893 إلى ألمانيا لإتمام دراسته للموسيقى بيد أنه تراجع عن قراره هذا لعدم قناعته بتوافر الموهبة لديه بما يؤهله لأن يصبح موسيقياً متميزاً. تنقل سينغ بين ألمانيا وفرنسا وإيطاليا عاكفاً على دراسة آدابها ولغاتها وفارضاً على نفسه برنامجاً تثقيفياً مكثفاً.
كان عام 1896منعطفاً مهماً في مسار حياة سينغ إذ التقى بالشاعر والكاتب المسرحي الأيرلندي وليم بتلر ييتس William Butler Yeats، وتنبع أهمية هذا اللقاء المصيري من محاولة ييتس إشراكه فيما يمكن وصفه بمشروع قومي يهدف إلى إحياء التراث الثقافي الأيرلندي بتأسيس حركة مسرحية نهضوية تبعث في الشعب الأيرلندي الوعي بهويته القومية والثقافية التي هددها المستعمر البريطاني بالاندثار. ومن أجل هذه الغاية أسس ييتس وآخرون مسرح آبي[ر]Abbey Theatre في دبلن عام 1904. استهدف ييتس في المقام الأول مخيلة الإنسان الأيرلندي الخصبة وحبه للبلاغة وأصر على أن تتميز الأعمال المعروضة على خشبة هذا المسرح بالبعد الشعري الجمالي والفكري المستمد من تصويرها للواقع الأيرلندي المعاش. وانطلاقاً من توخيه توافر هذه المقومات حثَّ ييتس سينغ على زيارة جزر آران الواقعة قبالة الساحل الغربي لأيرلندا ومعايشة أهلها البسطاء الذين يتمتعون بالخيال البكر والعفوية التي لم تفسدها المدنية بعد. وفي عام 1898 تبنى سينغ اقتراح ييتس ووثَّق فيما بعد انطباعاته عن الحياة في هذه الجزر في مجموعة مقالات وصفية أطلق عليها عنوان «جزر آران» Aran Islands ونشرها عام 1907. لم يجد سينغ في هذه المنطقة النائية من أيرلندا طبيعة ساحرة وحكايات شعبية وأساطير قديمة وخرافات غريبة أطلقت العنان لخياله فحسب، بل وجد أيضاً فرصة لإشباع ولعه بالموسيقى التي تجسدت في اللغة الأنغلوـ أيرلندية Anglo-Irish، التي جاءت نتيجة التعايش الطويل بين اللغتين الإنكليزية والأيرلندية وتمخض عنها أسلوب يزاوج بين التعابير الإنكليزية والغيلية Gaelicليولد لغة ذات جرْس موسيقي عذب.
كتب سينغ مجموعة قصائد غنائية يتضح فيها تأثره بالكاتب الفرنسي فرانسوا فيّون François Villon يندب فيها زوال الشباب والجمال والمشاعر الرقيقة. وتُظهر بعض قصائده تأثر أسلوبه بالشاعر الإيطالي بتراركاPetrarca، كذلك عمل سينغ في مجال الترجمة، إلا أن المسرح كان هاجسه الأول. لم تتعدَ نتاجات سينغ المسرحية السبعة نظراً لقصر حياته التي بترها مرض عضال، وتتمحور في مجملها حول الصراع بين المخيلة الحرة الفوضوية الثائرة وبين الواقع الاجتماعي الرتيب الجائر. كتب باكورة مسرحياته «عندما غاب القمر» When the Moon Has Set ت(1903) إلا أنها لم تحظَ بموافقة إدارة مسرح الآبي. في العام ذاته، كتب مسرحية «في ظل الوادي» In the Shadow of the Glen التي ترصد الصراع بين الحلم والواقع بحبكة كوميدية تصور ثورة زوجة شابة على واقعها المعاش مع زوجها الكهل الغيور الذي بلغت غيرته من الشدة ما دفعه لافتعال الموت كي يختبر إخلاصها. تختار الزوجة في النهاية عالمها التخيلي الحر مع عابر سبيل يمثل الفطرية والتلقائية، وبالتالي إمكانية التمرد على الأطر الاجتماعية المصادِرة للحرية الفردية. في عام 1904 كتب سينغ مسرحية «ركاب نحو البحر» Riders to the Sea، ويراها بعض النقّاد أفضل مسرحية من فصل واحد في اللغة الإنكليزية. المسرحية صورة مصغَّرة للنمط المأساوي اليوناني، وكان للطبيعة متمثلة بالبحر دور القدر من حيث انتصارها على أم تفقد الابن تلوَ الآخر في أثناء اصطيادهم لقمة العيش. عاد سينغ عام 1905 إلى فكرة الصراع بين الخيال والواقع في مسرحيته الشهيرة «بئر القديسين» The Well of the Saints، حيث تتمحور الحبكة حول زوجين كفيفين يعيش كل منهما واهماً أن شريك حياته جميل المحيَّا. وحين يستعيدان بصرهما من خلال ماء البئر المقدس يصطدم كل منهما بواقع بشاعة الآخر لدرجة تجعلهما يرفضان نعمة البصر والحقيقة المُّرة ويؤثران العودة إلى حالة العمى والوهم الجميل. ويكتسب البئر معاني مجازية من خلال إيحائه ببئر المخيلة الذي لا ينضب. تعرض المسرحية الطبيعة المزدوجة للمخيِّلة، أي قدرتها على ابتداع الوهم الكاذب من جهة وعلى تحرير الإنسان من واقعه من جهة أخرى. كذلك تبحث في العلاقة التفاعلية بين الموضوعية والذاتية وتبين الدور الذي تقدمه اللغة المحكية في بناء منظور الشخصيات لواقعها التخيُّلي والموضوعي.
شهد عام 1907 ولادة أبرز مسرحيات سينغ، «فتى الغرب المدلل» The Playboy of the Western World التي تدور أحداثها في مجتمع مصغَّر في منطقة مايو Mayo النائية الرازحة تحت سيطرة السلطة الأبوية بمدلولاتها الحرفية والمجازية. وحين يلتجئ إليها فتى هارب من العدالة لزعمه أنه قتل أباه تؤوي المجموعة القاتل وتخلق منه بطلاً أسطورياً لكونه قد حقق أمنية جماعية دفينة بقتل رموز السلطة الأبوية والتحرر من هيمنتها. وحين يظهر الأب الذي لم تطله - على ما يبدو- يد الموت ويحاول الفتى قتل أبيه بالفعل لاسترجاع موقعه البطولي، ينقلب أهل مايو ضده ويقررون تسليمه للسلطات للفرق الشاسع، على حد تعبيرهم، بين جمال رواية خيالية وبشاعة فعلة حقيقية. وتتعرى حقيقة المجتمع المنافق الجبان الذي يكيل الأمور بمكيالين ويعيش ازدواجية تجعله يقتل الأب بالتمني فقط. وقد أثارت المسرحية لدى عرضها في مسرح الآبي سخُط المتفرجين واستُدعيت الشرطة لفك الاشتباك بين الجمهور والممثلين وعلت أصوات تطالب بقتل الكاتب. فقد انتقد بعضهم استخدام الكاتب ألفاظاً نابية لم يعهد الجمهور سماعها ورأى بعضهم الآخر أن في تأليه فتى تعدى على إحدى المحرَّمات طعناً بالشعب الأيرلندي ومنافاة لأهداف مسرح يهدف إلى خلق هوية قومية وثقافية. أما الكاتب فقد كان فخوراً باستياء الجمهور ووجد في ذلك صدمة ضرورية ترغم الأمة الأيرلندية على رؤية وجهها الحقيقي في مرآة المسرح، وجه أمة تنتظر مخلّصاً غريباً يحررها، على الأقل مجازياً، من القهر. كتب سـينغ مسرحية «عرس السـمكري» The Tinker’s Wedding ت(1908) التي يتناول فيها حياة الناس البسطاء بحبكة كوميدية، وبدأ كتابة «ديردره فتاة الأحزان» Dierdre of the Sorrows ت(1909) التي لم ينهها وعُرضت بعد وفاته.
يحتل سينغ مركز الصدارة بين الكتاب المسرحيين الذين شاركوا مشاركة حيوية وفعالة في إحياء النهضة المسرحية الأيرلندية. إذ تمكن من خلال مسرحه المغرق بالمحلية من تناول صفات إنسانية عامة مرتقياً به إلى العالمية، بيد أنه لا يمكن القول إن مسرحياته تبحث منهجاً حياتياً متكاملاً على الرغم من شموليتها. ويعدّ سينغ شاعراً مسرحياً سعى إلى إحداث التفاعل بين الشكل الدرامي والرؤية الشعرية التخيلية وتحقيق التمازج بين الغنائية والواقعية.
تنبأ سينغ بظهور كاتب يوقظ في أيرلندا الإحساس بأنها جزء من أوربا وبأن شعبها قادر على التفكير المستقل وعلى توظيف مخيلته توظيفاً إيجابياً في تغيير الواقع، وربما تحققت نبوءته هذه وكان ذاك الكاتب. ولعل في كلمات ييتس في مَعرِض رثائه له «لقد صمتت بموته روح إيرلندا» اختزال لمسيرة سينغ.
ندى زين الدين