سلطيكوف شيدرين (ميخائيل) (Saltykov-Shchedrin (Mikhail

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • سلطيكوف شيدرين (ميخائيل) (Saltykov-Shchedrin (Mikhail

    سلطيكوف ـ شيدرين (ميخائيل-)
    (1826ـ1889)

    دخل ميخائيل سلطيكوف Mikhail Saltykov المعروف بالاسم المستعار نيقولاي سلطيكوف شيدرين Nikolai Saltykov Shchedrin تاريخ الأدب الروسي والعالمي من بوابة الأدب الساخر، الذي كان واحداً من الأدوات التي استخدمها الديمقراطيون ـ الثوريون الروس في الصراع ضد النظام القيصري وجهازه البوليسي ـ البيروقراطي، من أجل غرس الحقد والكراهية تجاه ممارسات الظلم والاسترقاق في نفوس أبناء الشعب.
    ولد ميخائيل يفغرافوفيتش سلطيكوف في قرية سباس أوغُل Spas Ugol، التابعة لمنطقة تْفير Tver. ومع أنه ولد في أسرة إقطاعية، فقد ذاق مرارة الجوع والحرمان منذ نعومة أظفاره، وتعرف على ضروب الظلم والاستبداد حتى في جو الأسرة، حيث كان وأخوته غالباً ما ينامون على الطوى، وتنزل بهم أقسى العقوبات لأتفه الأسباب، ويتلقون أصول التربية على يد مربيات غير مؤهلات.
    أنهى سلطيكوف معهد النبلاء في موسكو بامتياز، ثم انتسب إلى المدرسة القيصرية، التي تخرج منها بوشكين. وفي سنوات الدراسة تأثر بأدب بوشكين وليرمنتوف وغوغول وبمقالات بلنسكي، كما تأثر بطروحات حلقة بيتراشيفسكي الاشتراكية الطوباوية. وانكب على المطالعة والتأليف وهو بعد في سن الشباب.
    أصدر سلطيكوف في عام 1848 قصته الطويلة «مسألة عويصة» Zaputannoye deloالمفعمة بالنقد اللاذع للنظام الاجتماعي القائم، وبالتعاطف مع المُذَلين المهانين. وقد جرَّت هذه القصة على الكاتب الشاب غضب النظام، وعوقب بالنفي، مما أنقذه من مصير أعضاء حلقة بيتراشيفسكي الذين حكم على بعضهم بالإعدام في العام التالي، ثم استبدل به السجن والنفي إلى سيبيريا. أمضى قرابة الثمانية أعوام في المنفى، ذاق خلالها الأمرين، لكنها بالمقابل، صقلت شخصيته ورفدته بكم كبير من الملاحظات والوقائع التي شكلت المادة الخام لمؤلفاته اللاحقة، وجعلته على احتكاك مباشر مع معاناة الشعب البسيط المغلوب على أمره، الذي كرس له الكاتب حياته وأدبه.
    مع بداية عام 1856 عاد سلطيكوف إلى العاصمة بطرسبورغ، وفي صيف العام نفسه بدأ بنشر المقالات اللوائية Gubernskiye ocherki التي يفضح فيها تعسف السلطة وظلمها، ويعري الحياة المخزية لطبقة الموظفين الطفيلية ويصور حياة الشعب المحروم من كل شيء، باستثناء الجور والاضطهاد. ونشر بعد ذلك الكثير من القصص القصيرة والمقالات في مجلة «المعاصر» Sovremennik، كما شارك الشاعر نيكراسوف رئاسة تحرير مجلة «النشرات الوطنية» Otechestvennye zapiski ونشر فيها روايته الساخرة «قصة إحدى المدن» (1869-1870) Istoriya odnogo goroda، فند فيها عيوب النظام الروسي، وأكد أن «البلهاء الكئيبين» و«الأذناب» و«الأزلام» (حكام المدينة «الحمقاء») هم تجسيد حي وواقعي للاستبداد والجهل والتعسف في روسيا آنذاك. استمر الكاتب بالإشراف على تحرير هذه المجلة إلى أن أغلقتها السلطات عام 1884، أي بعد أن عمل فيها ستة عشر عاماً، وقد كان إغلاقها ضربة موجعة له، تركت صدى أليماً في أوساط الأدباء والقراء على حد سواء.
    تعدّ رواية سلطيكوف «السادة آل غولوفيوف» Gospda Golovyovy من أوسع مؤلفاته شهرة. وقد وقفها لموضوع الضيعة الإقطاعية، وهو الموضوع الذي تناوله كثير من الأدباء الروس، أمثال إيفان تورغينيف في روايته «عش النبلاء» وأنطون تشيخوف في مسرحيته «بستان الكرز» وغيرهما. يصور في هذه الرواية حياة الأسرة الإقطاعية في روسيا قبل إصلاحات عام 1861 وبعدها، ويرصد مسيرة هذه الأسرة الحتمية نحو التدهور والزوال، مؤكداً أن ما أحاق بها شيء بدهي وموضوعي، وأن هذا هو مصير الطبقات الطفيلية، فالتربة العفنة لا يمكن أن تنجب الإنسان السليم، النافع لأسرته ومجتمعه. وكتب حول الموضوع نفسه في أحد آخر وأهم أعماله «الأيام الغابرة في بوشيخونا» (1887-1889)Poshekhonskaya starina.
    إضافة إلى القصة القصيرة والطويلة والرواية، كتب شيدرين الكثير من الحكايات الشعبية التي يربو عددها على الثلاثين، وكلها ذات نَفَس ديمقراطي ـ ثوري، وتعالج الموضوعات التي يتناولها في أعماله القصصية والروائية الأخرى.
    ظل شيدرين منكباً على التأليف إلى أن وافته المنية في سان بطرسبورغ مخلفاً موروثاً لا يزال يشغل واحدة من المراتب الأولى في الأدب العالمي، وترقى مؤلفاته الساخرة إلى مصاف عيون هذا الأدب وروائعه.
    هاشم حمادي
يعمل...
X