مدفعيه
Artillery - Artillerie
المدفعية
المدفعيةartillery صنف رئيسي من صنوف القوات يملك الوسائل النارية التدميرية الأساسية المعدة لدعم أعمال قتال الصنوف الأخرى بنيرانها. ومصطلح المدفعية يشمل المدافع وقواعد إطلاق القذائف الصاروخية الموجهة من مختلف الأنواع والحجوم والعيارات، إلى جانب القوات المتخصصة باستخدام هذه الأسلحة. والسلاح المدفعي أو قطعة المدفعية artillery piece سلاح أكبر وأثقل بكثير من أن يُصنَّف سلاحاً صغيراً أو خفيفاً. ويختلف الحد الأدنى للحجم والعيار باختلاف تسليح القوات المعنية، لكن المصطلح يطلق عموما على أي مدفع أو قاذف يستخدم ذخيرة يزيد عيارها على 25.4مم (1 بوصة) وغير مخصص للرمي يدوياً أو من الكتف.
لمحة تاريخية
عدت المدفعية من حيث مفهومها العام، ومنذ أن وجدت «إلهة الحرب» لقوتها النارية الكبيرة وتأثيرها الفعّال على أهدافها. وكانت القذائف المُحرقة تُقذف قديماً بالمنجنيق إلى مسافات محدودة إلى أن اخترع البارود[ر] وطُورِّت وسائط القذف. ويتفق معظم المؤرخين على أن اختراع البارود كان على يد الصينيين، وأنهم استخدموه أول الأمر في الألعاب النارية. كما استخدم البارود في نوع من الصواريخ والمقذوفات والشهب النارية منذ القرن السابع (القرن الثالث عشر الميلادي). ومن المؤرخين من يعطي العرب دوراً أساسياً في تطوير البارود واستخدامه في الأسلحة النارية، ولا شك في أنه انتقل إلى أوربا عن طريق المغرب والأندلس، وعن طريق الحروب الصليبية في أواخر ذلك القرن. وهناك مخطوطات عربية تفيد أن عرب الأندلس استخدموا المدافع منذ أوائل القرن الثامن الهجري (الرابع عشر الميلادي). وقد سبقت المدافع الأسلحة النارية الأخرى إلى تسليح القوات المتحاربة.
ومع تطور وسائل التعدين وتزايد الاعتماد على الأسلحة النارية ظهر نوعان من المدافع الأساسية؛ الأول مركب على عجلة لها دواليب لمرافقة الجيوش في الميدان، والثاني ثقيل جداً ولا يرمي إلا من على قاعدة ثابتة، ويُستخدم أساساً لدك الحصون والأسوار. وقد أطلق على هذين النوعين من المدافع فيما بعد اسم مدفعية الميدان. وكان أول استخدام فعال لمدفعية الميدان وبكثافة في حرب المئة عام (1337-1453). ويُعد ملك فرنسا شارل السابع أول من نظم إدارة خاصة بالمدفعية في الجيش يرأسها «كبير المدفعيين» master of artillery. وكان للمدفعية العثمانية دور كبير في سقوط القسطنطينية وإنهاء الامبراطورية البيزنطية على يد السلطان العثماني محمد الثاني سنة 1453م.
المدفع
كانت المدافع في بادئ الأمر تصنع من النحاس أو البرونز، ثم صارت من الحديد الصب. وكانت تتألف أساساً من أنبوب معدني مجوف ومفتوح من الفوهة فقط، ويشبه البرميل الأسطواني التقليدي في تلك الأزمنة، وإليه تنسب تسمية السبطانة بالإنكليزية barrel. أما التسمية العربية للسبطانة (الماسورة) فتعني قناة مجوفة من قصب كانت تستعمل لرمي البندق. وكانت قذائف المدافع مجرد كرات من الحجارة أو من الحديد تلقّم في المدفع من فوهته بعد وضع شحنة كافية من البارود، ثم صارت تصنع من قذيفة مجوفة تملأ بكريات صغيرة أو قطع معدنية وتنفجر في الهواء أو عند اصطدامها بالأرض، وكان تأثيرها شديداً في الفرسان والمشاة المكشوفة.
في القرن السابع عشر للميلاد طرأ تطور كبير على استخدام المدفعية بوضع أنظمة الرمي وتوحيد مواصفات المدافع والقذائف والتدريب. ويعد البلجيكيون (الفلمنغ) والألمان خاصة أصحاب اليد الطولى في تطوير صناعة المدافع وتحسين مواصفاتها حتى غدت سلاحاً فعالاً يملك قوة تدميرية شديدة. وتحول استخدام المدافع والقذائف إلى علم قائم بذاته منذ القرن التاسع عشر يدعى «القِذافة» أو علم المقذوفات ballistics، ومايزال في تطور إلى اليوم.
تنوعت المدافع بحسب أهدافها واستخداماتها وأنواع قذائفها، ورُكِّبت على عجلات، وصارت تلقم من مؤخرتها عن طريق كتلة المغلاق، وأضيف إليها المغلاق وموانع الارتداد ومواسك الفوهة، وأدخلت الحلزنة على قناة السبطانة لإحكام ضغط غازات البارود خلف القذيفة، زيادة في المدى. وعدل شكل القذيفة وبنيتها ونوعية الحشوة المتفجرة لتناسب الغرض منها، فصارت أسطوانية متطاولة ذات نطاقات إحكام من المعدن الطري لإحكام الضغط وتسهيل دوران القذيفة داخل السبطانة لتحافظ على توازنها في الهواء. وزودت القذيفة بصمامة متفجرة موقوتة أو تصادمية تنفجر عند الهدف، وتنوعت أشكالها ومبادئ عملها واستخداماتها بحسب الغاية منها. وصُنِّفت المدافع في أنواع ثلاثة هي: الهواوين والقذّافات والمدافع. وزيد في تخصصها فظهرت المدفعية المضادة للدبابات والمضادة للطائرات ومدافع الاقتحام ومدافع التخريب ومدفعية السفن ومدافع الطائرات، إضافة إلى المدفعية الصاروخية.
استخدمت الهواوين والأسلحة المضادة للدبابات والمدفعية الصاروخية إبان الحرب العالمية الثانية على نطاق واسع، وفي نهاية تلك الحرب وما بعدها ظهرت الصواريخ أرض ـ أرض التي أخذت على عاتقها تنفيذ مهام المدفعية لمسافات بعيدة تجاوزت مدى المدافع.
الوظيفة العامة للمدفعية وخصائصها القتالية
تعد المدفعية القوة النارية الضاربة الأساسية للقوات البرية، وهي قادرة على التأثير في مختلف الأهداف المكشوفة والملتجئة (ضمن مساتر)، وكذلك الأهداف الثابتة والمتحركة، الأرضية والعائمة، المرئية (المرصودة) وغير المرئية.
يُحدد دور المدفعية ومكانها في المعركة المشتركة الحديثة استناداً إلى المهام التي تنفذها، وهي مرهونة أساساً بمواصفاتها وخواصها القتالية، التي تتلخص في سرعة الرمي المقدّرة بعدد الطلقات التي يطلقها المدفع في الدقيقة الواحدة، ومدى الرمي الكبير، والقوة النارية، والمرونة في المناورة بالنيران ونقل الرمي من هدف إلى آخر وتركيزها، مع دقة الإصابة، إضافة إلى القدرة الكبيرة على التنقل والمناورة في حقل المعركة، وتنوع التأثير في الأهداف وطول مدته، وتنسيق نيران المدفعية ومناورتها مع وحدات الصنوف الأخرى وقطعاتها، ودعمها نارياً في أي وقت وفي جميع أحوال الطقس.
مبادئ استخدام المدفعية
تستخدم الكتلة الأساسية من المدفعية ونيرانها على الاتجاهات الأكثر أهمية في ميدان القتال، وهي قادرة على فتح رمايات فورية وفعّالة على أهم الأهداف المعادية، وتقديم الدعم الناري للقوات العاملة في الميدان والتعاون معها ومع الطيران ونيران الأسطول البحري.
تصنيف المدفعية
1ـ بحسب المهام ونوع العتاد: تصنف المدفعية على أساس المهام التي تكلف بها ونوعية الوسائط التي تستخدمها، ولمّا كان من المتعذر تنفيذ تلك المهام بنوع واحد من المدافع وبنوع واحد من الذخيرة فقد صُنفت المدافع في أنواع رئيسية لكل منها خصائصه وميزاته الفنية:
أ- العتاد ذو السبطانة المحلزنة ويقسم إلى:
- المدافع: وتتميز بسبطانات طويلة، ورمي متوتر (محرك القذيفة شبه مستقيم) أو رمي سابح (مِحرَك القذيفة شبه منحنٍ)، وسرعة ابتدائية كبيرة للقذيفة تراوح بين 600-1000م/ثا للمدافع المضادة للدبابات والطائرات ومدافع الميدان الكبيرة العيار، ومدى رمي كبير. أما عيار المدفع (قطر الجف) فيراوح بين 37-155مم.
- القذّافات: وتتميز بسبطانات قصيرة، ترمي رمياً منحنياً (مِحرَك القذيفة منحنٍ)، السرعة الابتدائية للقذيفة غير كبيرة (تراوح بين 100- 600م/ثا)، ومدى الرمي صغير نسبياً.
- المدافع القذَّافة: وهي مدافع تجمع بين خصائص المدافع الطويلة والقذَّافات من حيث شكل محرك القذيفة والمدى والسرعة الابتدائية.
ب - العتاد ذو السبطانة الملساء:
- الهاون: ويتميز بجف أملس، وسبطانة قليلة السماكة، خفيف الوزن نسبياً، سهل الصنع والاستعمال. مِحرَك قذائفه منحنٍ، وسرعتها الابتدائية قليلة. يستخدم الهاون للرمي على الأهداف غير المرصودة، والموجودة خلف المساتر كالأودية والخنادق وغيرها.
وتراوح عيارات الهواوين بين 61مم (في تسليح جماعات المشاة) و240مم للهواوين الثقيلة.
- المدافع عديمة الارتداد: وهي عادة مدافع ملساء السبطانة ونادراً ما تكون محلزنة السبطانات، خفيفة الوزن ترمي قذائف صاروخية، وتستخدم في الرمي المباشر للصراع ضد الدبابات والأهداف المدرعة، وتجمعات المشاة المكشوفة.
ج- المدفعية الصاروخية: وهي نوع من المدفعية يعمل وفق مبدأ الدفع الارتكاسي النفاث (الفعل ورد الفعل). وتتميز غالباً بتعدد سبطانات القذف. وهذا النوع من المدفعية سريع المناورة، غزير النيران، كبير مدى الرمي، ويعتمد على مساحة التناثر الكبيرة في التدمير لقلة دقة الإصابة.
2- بحسب العيار والقدرة النارية:
- مدفعية صغيرة العيار (أقل من 80 مم).
- مدفعية خفيفة العيار (81-122مم).
- مدفعية كبيرة العيار (ثقيلة) (122-155مم).
- مدفعية من عيارات استثنائية (أكبر من 155مم).
3- بحسب الغاية المخصصة لها:
- مدفعية ميدان: تعمل لمصلحة القوات البرية في ميدان المعركة.
- مدفعية ساحلية: تستخدم لحماية السواحل ضد القطع البحرية والإنزالات البحرية المعادية، وتعمل غالباً من مرابض وقواعد ثابتة.
- مدفعية بحرية: وهي المدفعية المحمولة أو المركبة على سفن السطح والمراكب البحرية.
- مدفعية مضادة للطائرات: وهي مخصصة أساساً للرمي على الأهداف الجوية، ومزودة بالعتاد المناسب لإدارة الرمي وكشف الأهداف وتمييزها، وغالباً ما تكون ذاتية الحركة ومؤتمتة.
- مدفعية مضادة للدبابات: هي مخصصة أساساً للصراع مع الأهداف المدرعة.
قذائف المدفعية: تختلف قذائف المدفعية وعياراتها ومبادئ عملها باختلاف الغاية منها وهي نوعان:
- القذائف الأساسية: وأهمها القذائف المتفجرة المتشظية، وتستخدم للتأثير في القوى الحية والوسائط النارية المكشوفة أو ضمن المساتر الخفيفة. والقذائف الشديدة الانفجار وتستخدم لتخريب المنشآت الدفاعية وتدمير القوات الملتجئة فيها. والقذائف الخارقة للدرع وهي على أنواع، فمنها القذائف الخارقة المصمتة، ومنها القذائف ذات الحشوة الجوفاء أو المخففة العيار. وهناك أيضاً القذائف الخارقة للخرسانة، التي تستخدم لتخريب المنشآت المحصنة. والقذائف الحارقة، وهي تحوي حشوة حارقة لنشر الحرائق على مساحات كبيرة.
- القذائف ذات الوظيفة الخاصة: ومنها القذائف المضيئة لإنارة أرض المعركة. والقذائف الدخانية التي تستخدم لنشر الستائر الدخانية وإعماء العدو. والقذائف الملغمية والموقوتة وتستخدم لزرع الألغام في عمق العدو. ومنها أيضاً قذائف الدعاية وتستخدم لبث المنشورات التي تحث جنود العدو على التخاذل وتثبط من إرادة القتال لديهم [ر. الحرب النفسية].
الرمايات التي تنفذها المدفعية
تختلف رمايات المدفعية وأساليب تنفيذها وأنواع القذائف التي تستخدمها بحسب بعد العدو وقربه وإمكانية رصد الأهداف المعادية ونوعية تلك الأهداف والغاية من الرمي. وتصنف في نوعين أساسيين: رمي مباشر ورمي غير مباشر. يتم الرمي الأول بالتسديد إلى الهدف المرئي من الرامي بالعين المجردة وبالاستعانة بمنظار التسديد أو بأجهزة التسديد المطورة مع مراعاة المسافة التي تفصل الهدف وطبيعته وحركته واتجاه الريح وسرعتها. أما النوع الثاني فيتم على أهداف مرئية أو غير مرئية بعد حسابات معقدة لتحديد مسافة الهدف ونوعيته واتجاه حركته وسرعة تحركه وسرعة الريح واتجاهها وشروط الطقس وارتفاع المِحرَك عن الأرض وعن أعلى عائق على اتجاه الرمي وغير ذلك.
رمايات الدعم المدفعي: وهي نيران منسَّقة وبتوقيتات محددة تنفذها المدفعية بالرمي غير المباشر لدعم أعمال قتال القوات ومناورتها في الميدان، ومن أنواعها الرمي المعاكس ورمي المنع ورمي الإيقاف لتدمير قوات العدو وأسلحته وعتاده أو إبطالها أو تحييدها.
- تصنف رمايات المدفعية بحسب تأثيرها إلى رمي تدمير، والغاية منه تدمير الأهداف المنيعة وتخريبها كالمدرعات والمواقع المحصنة وغيرها. ورمي تحييد أو إيقاف أو منع، والغاية منه حرمان العدو من القدرة على استعمال أسلحته ووسائطه ومن إبداء مقاومة فعالة. ورمي إبطال، والغاية منه الحد من مقدرة العدو على المقاومة أو إعاقة حركته ونشاطه في المنطقة المستهدفة.
- يصنف الرمي غير المباشر بحسب طريقة التنفيذ إلى رمي مرصود، ورمي غير مرصود. فالرمي المرصود هو الرمي المنفذ بتوجيه من رصاد يرون الهدف وينقلون المعلومات عنه إلى الوحدات المنفذة لتحكم رماياتها على ذلك الأساس. أما في حال عدم إمكانية رصد الرمي، فيتم الحصول على المعطيات الأساسية الضرورية من الخرائط وتنفيذ الرمي بالاعتماد على الحسابات التقديرية.
- يصنف الرمي المدفعي بحسب الغاية التكتيكية إلى رمي دعم قريب، للاشتباك مع قوات العدو على الاتجاهات التي تهدد القوات الصديقة أو يمكن أن تهددها في الهجوم والدفاع. ورمي التمهيد، وهو رمي دعم قريب ينفذ قبل بدء الهجوم مباشرة ويهدف إلى تحييد العدو في مواقعه وتسهيل تقدم القوات الصديقة. ورمي معاكس التمهيد، ويخصص للصراع مع وسائط الرمي غير المباشر المعادية وإبطال مقرات قيادة العدو ومراصده. ورمي المنع، الذي يهدف إلى منع العدو من استخدام قواته غير الموجودة على تماس مباشر مع القوات الصديقة. ورمي التركيز ، وتنفذه مجموعة مدفعية (أكثر من مدفع) على هدف واحد لتدميره. ورمي كثيف، وتنفذه مجموعات مدفعية على هدف كبير ذي أهمية (تجمعات مشاة أو دبابات أو أهداف خطيرة) بغزارة وإيقاع رمي كبيرين لتدميره. ورمي إزعاج، وهو رمايات إيقاعية تنفذ على فترات لمنع العدو من الراحة وإجباره على البقاء متيقظاً. ورمي تخريب، وهو رمايات مدفعية من عيارات ثقيلة لتدمير تحصينات العدو ومنشآته الإسمنتية ومواقعه الدفاعية ومقرات قياداته وغيرها. ورمي الدعم، وهو رمايات المدفعية المخصصة لدعم تقدم القوات الصديقة وتدمير الأهداف التي تعترض طريقها. والسد الناري، وهو نوع من رمايات الإيقاف ينفذ على خطوط لمنع العدو من التقدم وقطع الطريق عليه، أو إجباره على تبديل اتجاه هجومه.
تنظيم قوات المدفعية
تتألف قوات المدفعية من وحدات وقطعات وتشكيلات تدخل في قوام قطعات وتشكيلات وجحافل المشاة[ر] والمدرعات[ر] أو في احتياط القيادة العامة. ومن الناحية التنظيمية تتألف قوات المدفعية من سرايا (بطاريات) وكتائب وأفواج وألوية. وقد يكون عتاد هذه القوات مقطوراً أو ذاتي الحركة.
تعد السرية (البطارية) أصغر وحدة نارية تكتيكية، وتتألف من عدة فصائل رمي، ووحدة قيادة، ويمكن أن تعمل مستقلة أو تدخل في قوام كتيبة المدفعية.
والكتيبة هي الوحدة النارية التكتيكية الأساسية للمدفعية، وتتألف من قيادة وأركان، وعدد من سرايا المدفعية، مع وحدات استطلاع ورصد وتصحيح نيران وإشارة. و يمكن أن تعمل الكتيبة مستقلة، أو تدخل عضوياً في قوام الفوج أو اللواء.
أما الفوج فيعد قطعة مستقلة إدارياً ويتألف من قيادة وأركان وعدد من كتائب مدفعية مسلحة بمدافع من عيارات مختلفة، مع وحدات استطلاع ورصد وتصحيح نيران وإشارة وتأمين إداري وفني. ويدخل الفوج عادة في قوام الفرقة (مشاة أو مدرعات أو مدفعية) أو يكون مستقلاً تابعاً للقيادة العامة.
وأما اللواء فتشكيل مدفعي مستقل إدارياً وتدريبياً، ويضم في قوامه قيادة وأركاناً وعدداً من كتائب المدفعية من عيارات مختلفة، ووحدات استطلاع ورصد وتصحيح نيران وإشارة وتأمين كاملة، ويكون دائماً من احتياط القيادة العامة.
المهام التي تنفذها المدفعية
تعدّ المعركة الحديثة معركة مشتركة لايمكن بلوغ النصر فيها إلا بالاستخدام المشترك والمنسق لجميع صنوف القوات حيث تحتل المدفعية مكاناً مرموقاً لقدرتها على تنفيذ المهام النارية الضرورية في المعركة المشتركة الحديثة، وأهمها تدمير الأهداف والأغراض المعادية. واستناداً إلى ذلك فالمدفعية يمكن أن تنفذ مايلي:
- تدمير وإبطال سرايا المدفعية والهاون ووسائط الدفاع الجوي وغيرها من الوسائط النارية المعادية.
- تدمير وإبطال القوى الحية المعادية المكشوفة والمتوضعة في مختلف المساتر، ومنع مناورة القوى الحية والوسائط النارية المعادية وعرقلة تنفيذ الأعمال الهندسية.
- تخريب المنشآت المعادية الدفاعية الدائمة والميدانية.
- الصّراع ضد الدبابات والأهداف المدرعة.
- تدمير محطات الرادار والوسائط اللاسلكية والفنية المعادية ومقرات الرصد والقيادة وشل عملها.
- التأثير في احتياطات العدو ومنعها من التدخل في القتال.
- إضاءة أرض المعركة وإعماء العدو.
تعاون المدفعية مع صنوف وأنواع القوات:
إن الحركية العالية التي تتمتع بها القوات البرية الحديثة في ميادين القتال تتيح لها القدرة على الاندفاع والمناورة السريعة بالنار والحركة، وهذا ما يفرض توافر السرعة والمرونة في قيادة القوات، وتنظيم التعاون فيما بينها، والمحافظة عليه إبان كامل المعركة.
ينظم قائد القوات المشتركة التعاون بين صنوف القوات المختلفة بما فيها المدفعية، فينسق نيرانها ومناورتها بحسب المهام والاتجاهات والخطوط، وبحسب توقيت عمل المشاة والدبابات والإنزالات الجوية والطيران والحوامات، ومع القوى البحرية عند العمل على الاتجاهات الساحلية لمصلحة تنفيذ المهام القتالية بنجاح.
ولتحقيق التعاون بنجاح لابد من وجود اتصال مستمر ومضمون، ونظام موحد للدلالة على الأهداف والإشارات، وتبادل المعلومات.
الآفاق المستقبلية
يشهد العالم اليوم قفزات متسارعة في تطور التسليح عامة، والمدفعية خاصة، من حيث البنية التنظيمية والعتاد المتطور ووسائط الاستطلاع والقيادة. والاستخدام الأمثل لما هو موجود ومتوافر وتطويره لتحسين دقة الإصابة، وزيادة المدى، وتطوير منظومات قيادة النيران وأتمتتها وتزويدها بمنظومات استطلاع متطورة. والتوجه نحو استخدام الأسلحة الصاروخية المتطورة والمقذوفات الموجهة الذكية للتوفير من استخدام الذخيرة والعتاد، وتحقيق دقة عالية في الإصابة. وكذلك استخدام العتاد الموجه بالليزر.
وفي الوقت نفسه تجرى دراسات متأنية لتطوير البنية التنظيمية للقوات، وتعميم خبرات الاستخدام والتعاون والقيادة.
فؤاد محمد شهيب، محمد وليد الجلاد
Artillery - Artillerie
المدفعية
المدفعيةartillery صنف رئيسي من صنوف القوات يملك الوسائل النارية التدميرية الأساسية المعدة لدعم أعمال قتال الصنوف الأخرى بنيرانها. ومصطلح المدفعية يشمل المدافع وقواعد إطلاق القذائف الصاروخية الموجهة من مختلف الأنواع والحجوم والعيارات، إلى جانب القوات المتخصصة باستخدام هذه الأسلحة. والسلاح المدفعي أو قطعة المدفعية artillery piece سلاح أكبر وأثقل بكثير من أن يُصنَّف سلاحاً صغيراً أو خفيفاً. ويختلف الحد الأدنى للحجم والعيار باختلاف تسليح القوات المعنية، لكن المصطلح يطلق عموما على أي مدفع أو قاذف يستخدم ذخيرة يزيد عيارها على 25.4مم (1 بوصة) وغير مخصص للرمي يدوياً أو من الكتف.
لمحة تاريخية
عدت المدفعية من حيث مفهومها العام، ومنذ أن وجدت «إلهة الحرب» لقوتها النارية الكبيرة وتأثيرها الفعّال على أهدافها. وكانت القذائف المُحرقة تُقذف قديماً بالمنجنيق إلى مسافات محدودة إلى أن اخترع البارود[ر] وطُورِّت وسائط القذف. ويتفق معظم المؤرخين على أن اختراع البارود كان على يد الصينيين، وأنهم استخدموه أول الأمر في الألعاب النارية. كما استخدم البارود في نوع من الصواريخ والمقذوفات والشهب النارية منذ القرن السابع (القرن الثالث عشر الميلادي). ومن المؤرخين من يعطي العرب دوراً أساسياً في تطوير البارود واستخدامه في الأسلحة النارية، ولا شك في أنه انتقل إلى أوربا عن طريق المغرب والأندلس، وعن طريق الحروب الصليبية في أواخر ذلك القرن. وهناك مخطوطات عربية تفيد أن عرب الأندلس استخدموا المدافع منذ أوائل القرن الثامن الهجري (الرابع عشر الميلادي). وقد سبقت المدافع الأسلحة النارية الأخرى إلى تسليح القوات المتحاربة.
ومع تطور وسائل التعدين وتزايد الاعتماد على الأسلحة النارية ظهر نوعان من المدافع الأساسية؛ الأول مركب على عجلة لها دواليب لمرافقة الجيوش في الميدان، والثاني ثقيل جداً ولا يرمي إلا من على قاعدة ثابتة، ويُستخدم أساساً لدك الحصون والأسوار. وقد أطلق على هذين النوعين من المدافع فيما بعد اسم مدفعية الميدان. وكان أول استخدام فعال لمدفعية الميدان وبكثافة في حرب المئة عام (1337-1453). ويُعد ملك فرنسا شارل السابع أول من نظم إدارة خاصة بالمدفعية في الجيش يرأسها «كبير المدفعيين» master of artillery. وكان للمدفعية العثمانية دور كبير في سقوط القسطنطينية وإنهاء الامبراطورية البيزنطية على يد السلطان العثماني محمد الثاني سنة 1453م.
المدفع
الشكل (1) مدافع قديمة من النماذج الأولى |
في القرن السابع عشر للميلاد طرأ تطور كبير على استخدام المدفعية بوضع أنظمة الرمي وتوحيد مواصفات المدافع والقذائف والتدريب. ويعد البلجيكيون (الفلمنغ) والألمان خاصة أصحاب اليد الطولى في تطوير صناعة المدافع وتحسين مواصفاتها حتى غدت سلاحاً فعالاً يملك قوة تدميرية شديدة. وتحول استخدام المدافع والقذائف إلى علم قائم بذاته منذ القرن التاسع عشر يدعى «القِذافة» أو علم المقذوفات ballistics، ومايزال في تطور إلى اليوم.
تنوعت المدافع بحسب أهدافها واستخداماتها وأنواع قذائفها، ورُكِّبت على عجلات، وصارت تلقم من مؤخرتها عن طريق كتلة المغلاق، وأضيف إليها المغلاق وموانع الارتداد ومواسك الفوهة، وأدخلت الحلزنة على قناة السبطانة لإحكام ضغط غازات البارود خلف القذيفة، زيادة في المدى. وعدل شكل القذيفة وبنيتها ونوعية الحشوة المتفجرة لتناسب الغرض منها، فصارت أسطوانية متطاولة ذات نطاقات إحكام من المعدن الطري لإحكام الضغط وتسهيل دوران القذيفة داخل السبطانة لتحافظ على توازنها في الهواء. وزودت القذيفة بصمامة متفجرة موقوتة أو تصادمية تنفجر عند الهدف، وتنوعت أشكالها ومبادئ عملها واستخداماتها بحسب الغاية منها. وصُنِّفت المدافع في أنواع ثلاثة هي: الهواوين والقذّافات والمدافع. وزيد في تخصصها فظهرت المدفعية المضادة للدبابات والمضادة للطائرات ومدافع الاقتحام ومدافع التخريب ومدفعية السفن ومدافع الطائرات، إضافة إلى المدفعية الصاروخية.
الشكل (2) مدافع فرنسية من القرن الخامس عشر جاهزة للرمي على حصن |
الشكل (3) هاون من القرن السابع عشر يرمي كرات متفجرة |
الوظيفة العامة للمدفعية وخصائصها القتالية
تعد المدفعية القوة النارية الضاربة الأساسية للقوات البرية، وهي قادرة على التأثير في مختلف الأهداف المكشوفة والملتجئة (ضمن مساتر)، وكذلك الأهداف الثابتة والمتحركة، الأرضية والعائمة، المرئية (المرصودة) وغير المرئية.
الشكل (4) مدفع محلزن من مدافع الحرب الأهلية الأمريكية | الشكل (5) المدفع الطويل السوفييتي م- 46 عيار 130مم |
مبادئ استخدام المدفعية
تستخدم الكتلة الأساسية من المدفعية ونيرانها على الاتجاهات الأكثر أهمية في ميدان القتال، وهي قادرة على فتح رمايات فورية وفعّالة على أهم الأهداف المعادية، وتقديم الدعم الناري للقوات العاملة في الميدان والتعاون معها ومع الطيران ونيران الأسطول البحري.
تصنيف المدفعية
1ـ بحسب المهام ونوع العتاد: تصنف المدفعية على أساس المهام التي تكلف بها ونوعية الوسائط التي تستخدمها، ولمّا كان من المتعذر تنفيذ تلك المهام بنوع واحد من المدافع وبنوع واحد من الذخيرة فقد صُنفت المدافع في أنواع رئيسية لكل منها خصائصه وميزاته الفنية:
أ- العتاد ذو السبطانة المحلزنة ويقسم إلى:
- المدافع: وتتميز بسبطانات طويلة، ورمي متوتر (محرك القذيفة شبه مستقيم) أو رمي سابح (مِحرَك القذيفة شبه منحنٍ)، وسرعة ابتدائية كبيرة للقذيفة تراوح بين 600-1000م/ثا للمدافع المضادة للدبابات والطائرات ومدافع الميدان الكبيرة العيار، ومدى رمي كبير. أما عيار المدفع (قطر الجف) فيراوح بين 37-155مم.
الشكل (6) قذاف بريطاني إيطالي مشترك ف هـ 70 عيار 155مم |
الشكل (7) قذاف ذاتي الحركة م.109 أمريكي من عيار 155مم |
- المدافع القذَّافة: وهي مدافع تجمع بين خصائص المدافع الطويلة والقذَّافات من حيث شكل محرك القذيفة والمدى والسرعة الابتدائية.
ب - العتاد ذو السبطانة الملساء:
- الهاون: ويتميز بجف أملس، وسبطانة قليلة السماكة، خفيف الوزن نسبياً، سهل الصنع والاستعمال. مِحرَك قذائفه منحنٍ، وسرعتها الابتدائية قليلة. يستخدم الهاون للرمي على الأهداف غير المرصودة، والموجودة خلف المساتر كالأودية والخنادق وغيرها.
الشكل (8) الهاون السوفييتي الثقيل عيار 240مم | الشكل (9) المدفع الصيني م/د عديم الارتداد عيار 82 مم |
- المدافع عديمة الارتداد: وهي عادة مدافع ملساء السبطانة ونادراً ما تكون محلزنة السبطانات، خفيفة الوزن ترمي قذائف صاروخية، وتستخدم في الرمي المباشر للصراع ضد الدبابات والأهداف المدرعة، وتجمعات المشاة المكشوفة.
ج- المدفعية الصاروخية: وهي نوع من المدفعية يعمل وفق مبدأ الدفع الارتكاسي النفاث (الفعل ورد الفعل). وتتميز غالباً بتعدد سبطانات القذف. وهذا النوع من المدفعية سريع المناورة، غزير النيران، كبير مدى الرمي، ويعتمد على مساحة التناثر الكبيرة في التدمير لقلة دقة الإصابة.
الشكل (10) القاذف الصاروخي الوفييتي ب م21 |
الشكل (11) الهاون الفنلندي ت أ م - 18 عيار 60مم |
- مدفعية صغيرة العيار (أقل من 80 مم).
- مدفعية خفيفة العيار (81-122مم).
- مدفعية كبيرة العيار (ثقيلة) (122-155مم).
- مدفعية من عيارات استثنائية (أكبر من 155مم).
3- بحسب الغاية المخصصة لها:
- مدفعية ميدان: تعمل لمصلحة القوات البرية في ميدان المعركة.
- مدفعية ساحلية: تستخدم لحماية السواحل ضد القطع البحرية والإنزالات البحرية المعادية، وتعمل غالباً من مرابض وقواعد ثابتة.
- مدفعية بحرية: وهي المدفعية المحمولة أو المركبة على سفن السطح والمراكب البحرية.
- مدفعية مضادة للطائرات: وهي مخصصة أساساً للرمي على الأهداف الجوية، ومزودة بالعتاد المناسب لإدارة الرمي وكشف الأهداف وتمييزها، وغالباً ما تكون ذاتية الحركة ومؤتمتة.
- مدفعية مضادة للدبابات: هي مخصصة أساساً للصراع مع الأهداف المدرعة.
قذائف المدفعية: تختلف قذائف المدفعية وعياراتها ومبادئ عملها باختلاف الغاية منها وهي نوعان:
- القذائف الأساسية: وأهمها القذائف المتفجرة المتشظية، وتستخدم للتأثير في القوى الحية والوسائط النارية المكشوفة أو ضمن المساتر الخفيفة. والقذائف الشديدة الانفجار وتستخدم لتخريب المنشآت الدفاعية وتدمير القوات الملتجئة فيها. والقذائف الخارقة للدرع وهي على أنواع، فمنها القذائف الخارقة المصمتة، ومنها القذائف ذات الحشوة الجوفاء أو المخففة العيار. وهناك أيضاً القذائف الخارقة للخرسانة، التي تستخدم لتخريب المنشآت المحصنة. والقذائف الحارقة، وهي تحوي حشوة حارقة لنشر الحرائق على مساحات كبيرة.
- القذائف ذات الوظيفة الخاصة: ومنها القذائف المضيئة لإنارة أرض المعركة. والقذائف الدخانية التي تستخدم لنشر الستائر الدخانية وإعماء العدو. والقذائف الملغمية والموقوتة وتستخدم لزرع الألغام في عمق العدو. ومنها أيضاً قذائف الدعاية وتستخدم لبث المنشورات التي تحث جنود العدو على التخاذل وتثبط من إرادة القتال لديهم [ر. الحرب النفسية].
الشكل (12) المدفع البعيد المدى "بيرتا الكبيرة" استخدمه الألمان في الحرب العالمية الأولى |
الشكل (13) المدفع الفرنسي سيريير المزدوج المضاد للطائرات عيار 20مم |
تختلف رمايات المدفعية وأساليب تنفيذها وأنواع القذائف التي تستخدمها بحسب بعد العدو وقربه وإمكانية رصد الأهداف المعادية ونوعية تلك الأهداف والغاية من الرمي. وتصنف في نوعين أساسيين: رمي مباشر ورمي غير مباشر. يتم الرمي الأول بالتسديد إلى الهدف المرئي من الرامي بالعين المجردة وبالاستعانة بمنظار التسديد أو بأجهزة التسديد المطورة مع مراعاة المسافة التي تفصل الهدف وطبيعته وحركته واتجاه الريح وسرعتها. أما النوع الثاني فيتم على أهداف مرئية أو غير مرئية بعد حسابات معقدة لتحديد مسافة الهدف ونوعيته واتجاه حركته وسرعة تحركه وسرعة الريح واتجاهها وشروط الطقس وارتفاع المِحرَك عن الأرض وعن أعلى عائق على اتجاه الرمي وغير ذلك.
رمايات الدعم المدفعي: وهي نيران منسَّقة وبتوقيتات محددة تنفذها المدفعية بالرمي غير المباشر لدعم أعمال قتال القوات ومناورتها في الميدان، ومن أنواعها الرمي المعاكس ورمي المنع ورمي الإيقاف لتدمير قوات العدو وأسلحته وعتاده أو إبطالها أو تحييدها.
الشكل (14) مدفع ميدان أوربي مشترك 155مم |
- يصنف الرمي غير المباشر بحسب طريقة التنفيذ إلى رمي مرصود، ورمي غير مرصود. فالرمي المرصود هو الرمي المنفذ بتوجيه من رصاد يرون الهدف وينقلون المعلومات عنه إلى الوحدات المنفذة لتحكم رماياتها على ذلك الأساس. أما في حال عدم إمكانية رصد الرمي، فيتم الحصول على المعطيات الأساسية الضرورية من الخرائط وتنفيذ الرمي بالاعتماد على الحسابات التقديرية.
- يصنف الرمي المدفعي بحسب الغاية التكتيكية إلى رمي دعم قريب، للاشتباك مع قوات العدو على الاتجاهات التي تهدد القوات الصديقة أو يمكن أن تهددها في الهجوم والدفاع. ورمي التمهيد، وهو رمي دعم قريب ينفذ قبل بدء الهجوم مباشرة ويهدف إلى تحييد العدو في مواقعه وتسهيل تقدم القوات الصديقة. ورمي معاكس التمهيد، ويخصص للصراع مع وسائط الرمي غير المباشر المعادية وإبطال مقرات قيادة العدو ومراصده. ورمي المنع، الذي يهدف إلى منع العدو من استخدام قواته غير الموجودة على تماس مباشر مع القوات الصديقة. ورمي التركيز ، وتنفذه مجموعة مدفعية (أكثر من مدفع) على هدف واحد لتدميره. ورمي كثيف، وتنفذه مجموعات مدفعية على هدف كبير ذي أهمية (تجمعات مشاة أو دبابات أو أهداف خطيرة) بغزارة وإيقاع رمي كبيرين لتدميره. ورمي إزعاج، وهو رمايات إيقاعية تنفذ على فترات لمنع العدو من الراحة وإجباره على البقاء متيقظاً. ورمي تخريب، وهو رمايات مدفعية من عيارات ثقيلة لتدمير تحصينات العدو ومنشآته الإسمنتية ومواقعه الدفاعية ومقرات قياداته وغيرها. ورمي الدعم، وهو رمايات المدفعية المخصصة لدعم تقدم القوات الصديقة وتدمير الأهداف التي تعترض طريقها. والسد الناري، وهو نوع من رمايات الإيقاف ينفذ على خطوط لمنع العدو من التقدم وقطع الطريق عليه، أو إجباره على تبديل اتجاه هجومه.
تنظيم قوات المدفعية
تتألف قوات المدفعية من وحدات وقطعات وتشكيلات تدخل في قوام قطعات وتشكيلات وجحافل المشاة[ر] والمدرعات[ر] أو في احتياط القيادة العامة. ومن الناحية التنظيمية تتألف قوات المدفعية من سرايا (بطاريات) وكتائب وأفواج وألوية. وقد يكون عتاد هذه القوات مقطوراً أو ذاتي الحركة.
تعد السرية (البطارية) أصغر وحدة نارية تكتيكية، وتتألف من عدة فصائل رمي، ووحدة قيادة، ويمكن أن تعمل مستقلة أو تدخل في قوام كتيبة المدفعية.
والكتيبة هي الوحدة النارية التكتيكية الأساسية للمدفعية، وتتألف من قيادة وأركان، وعدد من سرايا المدفعية، مع وحدات استطلاع ورصد وتصحيح نيران وإشارة. و يمكن أن تعمل الكتيبة مستقلة، أو تدخل عضوياً في قوام الفوج أو اللواء.
أما الفوج فيعد قطعة مستقلة إدارياً ويتألف من قيادة وأركان وعدد من كتائب مدفعية مسلحة بمدافع من عيارات مختلفة، مع وحدات استطلاع ورصد وتصحيح نيران وإشارة وتأمين إداري وفني. ويدخل الفوج عادة في قوام الفرقة (مشاة أو مدرعات أو مدفعية) أو يكون مستقلاً تابعاً للقيادة العامة.
وأما اللواء فتشكيل مدفعي مستقل إدارياً وتدريبياً، ويضم في قوامه قيادة وأركاناً وعدداً من كتائب المدفعية من عيارات مختلفة، ووحدات استطلاع ورصد وتصحيح نيران وإشارة وتأمين كاملة، ويكون دائماً من احتياط القيادة العامة.
المهام التي تنفذها المدفعية
تعدّ المعركة الحديثة معركة مشتركة لايمكن بلوغ النصر فيها إلا بالاستخدام المشترك والمنسق لجميع صنوف القوات حيث تحتل المدفعية مكاناً مرموقاً لقدرتها على تنفيذ المهام النارية الضرورية في المعركة المشتركة الحديثة، وأهمها تدمير الأهداف والأغراض المعادية. واستناداً إلى ذلك فالمدفعية يمكن أن تنفذ مايلي:
- تدمير وإبطال سرايا المدفعية والهاون ووسائط الدفاع الجوي وغيرها من الوسائط النارية المعادية.
- تدمير وإبطال القوى الحية المعادية المكشوفة والمتوضعة في مختلف المساتر، ومنع مناورة القوى الحية والوسائط النارية المعادية وعرقلة تنفيذ الأعمال الهندسية.
- تخريب المنشآت المعادية الدفاعية الدائمة والميدانية.
- الصّراع ضد الدبابات والأهداف المدرعة.
- تدمير محطات الرادار والوسائط اللاسلكية والفنية المعادية ومقرات الرصد والقيادة وشل عملها.
- التأثير في احتياطات العدو ومنعها من التدخل في القتال.
- إضاءة أرض المعركة وإعماء العدو.
تعاون المدفعية مع صنوف وأنواع القوات:
إن الحركية العالية التي تتمتع بها القوات البرية الحديثة في ميادين القتال تتيح لها القدرة على الاندفاع والمناورة السريعة بالنار والحركة، وهذا ما يفرض توافر السرعة والمرونة في قيادة القوات، وتنظيم التعاون فيما بينها، والمحافظة عليه إبان كامل المعركة.
ينظم قائد القوات المشتركة التعاون بين صنوف القوات المختلفة بما فيها المدفعية، فينسق نيرانها ومناورتها بحسب المهام والاتجاهات والخطوط، وبحسب توقيت عمل المشاة والدبابات والإنزالات الجوية والطيران والحوامات، ومع القوى البحرية عند العمل على الاتجاهات الساحلية لمصلحة تنفيذ المهام القتالية بنجاح.
ولتحقيق التعاون بنجاح لابد من وجود اتصال مستمر ومضمون، ونظام موحد للدلالة على الأهداف والإشارات، وتبادل المعلومات.
الآفاق المستقبلية
يشهد العالم اليوم قفزات متسارعة في تطور التسليح عامة، والمدفعية خاصة، من حيث البنية التنظيمية والعتاد المتطور ووسائط الاستطلاع والقيادة. والاستخدام الأمثل لما هو موجود ومتوافر وتطويره لتحسين دقة الإصابة، وزيادة المدى، وتطوير منظومات قيادة النيران وأتمتتها وتزويدها بمنظومات استطلاع متطورة. والتوجه نحو استخدام الأسلحة الصاروخية المتطورة والمقذوفات الموجهة الذكية للتوفير من استخدام الذخيرة والعتاد، وتحقيق دقة عالية في الإصابة. وكذلك استخدام العتاد الموجه بالليزر.
وفي الوقت نفسه تجرى دراسات متأنية لتطوير البنية التنظيمية للقوات، وتعميم خبرات الاستخدام والتعاون والقيادة.
فؤاد محمد شهيب، محمد وليد الجلاد