مصري حديث معاصر (فن)
EGYPTIAN (ART-) - EGYPTIAN (ART-)
المصري الحديث والمعاصر (الفن ـ)
ظهر الفن التشكيلي بمفهومه الغربي متأخراً في البلاد العربية، ولكن مصر كانت السباقة لاستقبال هذا الفن (التصوير والنحت) منذ عصر محمد علي[ر] وعصر حفيده الخديوي إسماعيل[ر]، حين توافد على مصر عدد من المصورين والنحاتين الأجانب بناء على رغبة الحكام والأثرياء؛ لتزويد قصورهم باللوحات الفنية وتزيين الشوارع بالتماثيل، وكان من أجمل هذه التماثيل تمثال إبراهيم باشا وتمثال الأسود.
أقام هؤلاء الفنانون في شارع الخرنفش، ومن أبرز المصورين فورشيلا الإيطالي Forcella والفرنسيون غاستيه Gasté وإميل برنار É.Bernard وفرومنتان Fromentin وغيوم Guillaume؛ وهم من أشهر المصورين المستشرقين في تاريخ الفن الحديث، وفي مجموعة محمد محمود خليل لوحات ثمينة من أعمالهم أهداها إلى متحف الفن الحديث.
وأول معرض أعده هؤلاء المصورون كان برعاية الخديوي سنة 1897، وفي عام 1906 أقيم المعرض الثاني في محل «نخمان» التجاري في شارع شريف. وقد اقتنيت جميع الأعمال المعروضة في هذين المعرضين بأسعار عالية؛ مما شجع على انتقال الاهتمام بهذا الفن إلى الناشئة من الموهوبين المصريين.
مدرسة الفنون الجميلة
أحدثت مدرسة الفنون الجميلة بفضل الأمير يوسف كمال ومؤازرة النحات الفرنسي غيوم لوبلان G.Leblanc، الذي أصبح أول مدير لهذه المدرسة، وقد افتتحت في عام 1908 بإشراف فنانين أجانب، وكان النحات محمود مختار[ر] الطالب رقم 1 بين 180 طالباً مصرياً.
ولم يمض زمن طويل على إنشاء هذه المدرسة حتى أقام طلابها أول معرض فني مصري عام 1911 بشارع شريف، وكان من أبرز العارضين يوسف كامل[ر] ومحمد حسن وراغب عياد[ر] وبرزت في هذا المعرض منحوتات محمود مختار. ثم كان أوائل المتابعين للدراسة في الغرب مختار وراغب عياد ويوسف كامل وأحمد صبري.
وكان الاهتمام بدراسة الفن قد دفع وزارة المعارف إلى إنشاء «المرسم الحر» في عام 1942 لدعم الخريجين في دراسة عالية مدة عامين، كما أُنشئ القسم الحر في العام ذاته تابعاً للمدرسة، يستقبل الموهوبين دون شرط الشهادة الثانوية، وفي عام 1952 عدّل اسم المدرسة إلى «كلية الفنون الجميلة».
الحركة الفنية في الإسكندرية
ظهرت في الإسكندرية قبل إنشاء كلية الفنون الجميلة مراسم خاصة بإشراف كبار الفنانين الأجانب لتدريس الموهوبين، ومن أبرز المصورين الذين لم يدرسوا الفن نظامياً كان محمد ناجي[ر] الدبلوماسي، ومحمود سعيد[ر] القاضي المستشار، وسيف وانلي وأخوه أدهم [ر. وانلي (الأخوان ـ)].
وفي العصر الحديث ظهر من مشاهير المصورين محمد حامد عويس والنحات محمود موسى والنحات جمال السجيني.
وفي عام 1949 أنشئ في الإسكندرية متحف خاص للفنون الجميلة، وفي عام 1957 افتتحت كلية الفنون الجميلة، وكان أول عميد فيها النحات أحمد عثمان[ر]. وكان من طلابها فاروق حسني، وقد صار وزيراً للثقافة زمناً طويلاً.
النشاط الثقافي الفني وتكوّن المؤسسات الفنية
في عام 1922 حمل المعرض السنوي اسم «صالون القاهرة»؛ مما دفع محمد محمود خليل إلى الدعوة إلى إنشاء جمعية ترعى هذا المعرض، وهكذا أنشئت «جمعية الفنون الجميلة» وغرضها الأساسي تشجيع الفنون وترقية الذوق الفني؛ وذلك بإقامة المعارض وإلقاء المحاضرات.
وكان الفنان والمفكر حبيب جورجي (1892- 1965) قد أمضى زمناً يشجع الفن التلقائي عند الأطفال، ويضع أسس التربية الفنية، وكان من تأثيره إنشاء «بيت الفن بالحرانية»، الذي أسسه صهره رمسيس ويصا واصف.
ومن رعاة الفنون الجميلة فؤاد عبد الملك، وقد أنشأ متحف الشمع في صيف 1934 الذي احتوى ثلاثين مشهداً تاريخياً أنجزه فنانون مصريون، من أمثال حسين بيكار[ر] ومصطفى نجيب ومحمود حسني.
كما أسست في عام 1953 «جمعية أتيليه القاهرة» من لفيف من الفنانين المصريين والأجانب لدعم الفنانين ونشر الثقافة الفنية، وكانت «جمعية النقاد» 1989 برئاسة كمال الجويلي قد كفلت تنظيم نشاط النقاد.
ابتدأ منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ظهور اتجاهات فكرية يسارية يرافقها اتجاه الحداثة[ر] Modernisme، وقاد هذه الاتجاهات الثورية الشاعر المصري جورج حنين والفنانون فؤاد كامل ورمسيس يونان وسمير رافع وكامل التلمساني الذين وقعوا بياناً فنياً ثورياً أصدرته مجلة «الفن الحر». وعلى إثر ذلك تكونت «جماعة الفن والحرية» التي أقامت معرضها الأول في عام 1940، واستمرت بإقامة معارضها السنوية بدءاً من عام 1948.
وفي عام 1976 صدر قانون خاص بإنشاء «نقابة الفنانين التشكيليين» وكان أول نقيب لها المصور عباس شهدي، وتضم النقابة خمس شعب للنحت والتصوير، والحفر، والزخرفة، والخزف.
وفي عام 1982 أسس فرع للنقابة في الإسكندرية برئاسة محمد حامد عويس. وفي وزارة الثقافة أُحدثت إدارة عامة للفنون الجميلة ترعى الحركة الفنية في جميع أنحاء مصر.
تنوع المسارات الفنية
سار الفن التشكيلي الحديث في مصر بتطور واعٍ لرسالته الفنية والثقافية، فقد ابتدأ أولاً متأثراً بالحركات الفنية في أوربا، ولكن جيل الرواد ـ مختار وسعيد وناجي ـ أسس لفن تشكيلي أكثر تحرراً من التيارات الغربية وأقرب إلى الأصالة؛ مستوحياً من الفن المصري العريق أو من البيئة الشعبية التي تحدد هوية المجتمع المصري.
ولم يلبث اتجاه جيل الرواد أن تعرض للتصدي من جيل الحداثة الذي دعا إلى السريالية والتجريدية وعدم الالتزام، وعندما انحرفت اتجاهات الحداثة عادت إلى الظهور الدعوة إلى الأصالة والاستلهام من التراث الفني؛ هذه الدعوة التي شغلت جميع الفنانين في الأقطار العربية من دون سابق اتفاق.
وتمثلت دعوة الأصالة بأشكال مختلفة، منها الاتجاه الشعبي الذي بدا في أعمال سيد عبد الرسول التي عبر فيها عن الفلاحين البسطاء والتقاليد المصرية، وفي بعض أعمال عبد الهادي الجزار وسعد كامل. وكما في أعمال محمد حامد عويس وجاذبية سري وأنجي أفلاطون وفاروق شحاتة المصور والحفار التعبيري الملتزم. وعلى نحو موازٍ ظهر الفن الفطري الساذج في أعمال تحية حليم خاصة، وأعمال النحات عبد البديع عبد الحي والنحات محمود موسى.
كما تمثلت الأصالة في الدعوة إلى الحروفية؛ أي في استغلال الحرف العربي أو الكلمة، كما في أعمال حامد عبد الله وعطية مصطفى والنحات محمد الشعراوي عبد الوهاب وكمال السراج. أو استلهام الإيقاع التشكيلي الإسلامي كما في أعمال مصطفى عبد المعطي والفنان الحفار أحمد نوار.
وكان الاهتمام بدعم الذائقة الفنية سبباً لانتشار الفنون الغرافية (الحفر بجميع وسائله) والتي تعتمد على استنساخ الصورة الأولى؛ كي يتاح توزيعها على أكثر المتذوقين، كما ظهرت الحرف الفنية الخزفية والنسيجية فناً إبداعياً.
النحت الحديث والعمارة
اتبع فن النحت في مصر التقاليد المصرية القديمة، وكان محمود مختار أول من استلهم من تراثه القديم؛ إضافة إلى استلهامه من تقاليد الحياة المصرية المعاشة كما فعل فيما بعد أنور عبد المولى، وتابع جيل النحاتين هذا الاتجاه، وعلى رأسهم جمال السجيني، وقد حفلت أعماله بكثير من العناصر العربية والشعبية، وتميز بعض نحته بالطرق على المعدن أو الضغط عليه.
واشترك منصور فرج وأحمد عثمان بأعمال نهضت في المرافق العامة، واشتهر من النحاتين صلاح عبد الكريم باستعماله خردة المعدن.
واستعادت مصر فن الخزف التقليدي على يد فتحي محمود وحسن حشمت. وزاول عدد كبير من المصورين فن الغرافيك؛ الحفر على الزنك أو اللينوليوم أو الرسم على الحجر.
وحتى عصر محمد علي كانت العمارة السائدة قريبة من الطراز المعماري العثماني، فيما عدا الأوابد الضخمة كالمساجد والمدافن والقصور الفاطمية والمملوكية الرائعة.
ولكن الإصلاح الذي قاده هذا الوالي اعتمد على الأخذ بالمنجزات العلمية والفنية في الغرب ولاسيما في باريس، وهكذا أنشئ في عهده كثير من القصور الضخمة والبرك والحدائق العامة ذات الطراز الباروكي الفرنسي. وتأكد هذا الاتجاه في عصر الخديوي إسماعيل حيث ظهرت أبنية ضخمة في الشوارع الرئيسية مستعيناً بالمعماريين الأجانب، وكان النقاشون والمزخرفون المصريون يمارسون تزويق هذه الأبنية. ثم ظهر من المهندسين الإيطالي ماريو روسي (1895-1961) الذي طور العمارة المصرية الحديثة، كما في بناء جامعي الرفاعي وعمر مكرم في القاهرة، وجامع المرسي أبي العباس في الإسكندرية 1945 ومسجد محطة الرمل ومسجد محمد كريم. ومن تلاميذ هذا المعمار علي ثابت وعلي خيرات، وقد تابعا أسلوبه المعماري في بناء المساجد.
على أن أشهر المعماريين المعاصرين في مصر والعالم العربي هو حسن فتحي الذي استوحى عمارته من بيوت الفقراء كما يقول، وسار على طريقته تلميذه عبد الواحد الوكيل، وأعمالهما منتشرة في مصر وخارجها.
المتاحف الفنية
كان محمد محمود خليل رئيس جمعية محبي الفنون الجميلة من أبرز مشجعي الفن ومن هواة جمع الروائع الفنية. وإلى جانبه كانت وزارة المعارف قد أسهمت في عملية الاقتناء منذ عام 1925، وأصبح مقر الجمعية نواة لمتحف الفن الحديث، وفي عام 1991 افتتح رئيس الجمهورية المتحف في بنائه الجديد على أرض الجزيرة بجوار دار الأوبرا الجديدة.
وفي المدن الكبرى كانت متاحف مماثلة، في المنصورة 1960 وطنطا 1967 ودنشواي 1960. كما أقيمت متاحف لكبار الفنانين في الإسكندرية متحف محمود سعيد عام 1972؛ وفي منطقة الهرم بالقاهرة متحف محمد ناجي عام 1967. ومن أبرز المتاحف الشخصية متحف محمود مختار.
وقبل وفاته أهدى محمد محمود خليل الدولة قصره وما فيه من روائع الفنون والتحف. وفي حديقة القصر قام ثروت عكاشه وزير الثقافة بمباشرة بناء قصر الفنون، ولكن بناء القصر توقف، وأصبح قصر محمد محمود خليل منذ عام 1984 متحفاً لمقتنياته الخاصة.
ويبدو واضحاً أن حركة الفن المصري الحديث والمعاصر تقدمت عن مثيلاتها في الدول العربية، وكانت حركة مكثفة تفاعلت مع تطور الثقافة والتحولات السياسية والاجتماعية في مصر والعالم العربي.
عفيف البهنسي
EGYPTIAN (ART-) - EGYPTIAN (ART-)
المصري الحديث والمعاصر (الفن ـ)
ظهر الفن التشكيلي بمفهومه الغربي متأخراً في البلاد العربية، ولكن مصر كانت السباقة لاستقبال هذا الفن (التصوير والنحت) منذ عصر محمد علي[ر] وعصر حفيده الخديوي إسماعيل[ر]، حين توافد على مصر عدد من المصورين والنحاتين الأجانب بناء على رغبة الحكام والأثرياء؛ لتزويد قصورهم باللوحات الفنية وتزيين الشوارع بالتماثيل، وكان من أجمل هذه التماثيل تمثال إبراهيم باشا وتمثال الأسود.
أقام هؤلاء الفنانون في شارع الخرنفش، ومن أبرز المصورين فورشيلا الإيطالي Forcella والفرنسيون غاستيه Gasté وإميل برنار É.Bernard وفرومنتان Fromentin وغيوم Guillaume؛ وهم من أشهر المصورين المستشرقين في تاريخ الفن الحديث، وفي مجموعة محمد محمود خليل لوحات ثمينة من أعمالهم أهداها إلى متحف الفن الحديث.
وأول معرض أعده هؤلاء المصورون كان برعاية الخديوي سنة 1897، وفي عام 1906 أقيم المعرض الثاني في محل «نخمان» التجاري في شارع شريف. وقد اقتنيت جميع الأعمال المعروضة في هذين المعرضين بأسعار عالية؛ مما شجع على انتقال الاهتمام بهذا الفن إلى الناشئة من الموهوبين المصريين.
مدرسة الفنون الجميلة
أحدثت مدرسة الفنون الجميلة بفضل الأمير يوسف كمال ومؤازرة النحات الفرنسي غيوم لوبلان G.Leblanc، الذي أصبح أول مدير لهذه المدرسة، وقد افتتحت في عام 1908 بإشراف فنانين أجانب، وكان النحات محمود مختار[ر] الطالب رقم 1 بين 180 طالباً مصرياً.
ولم يمض زمن طويل على إنشاء هذه المدرسة حتى أقام طلابها أول معرض فني مصري عام 1911 بشارع شريف، وكان من أبرز العارضين يوسف كامل[ر] ومحمد حسن وراغب عياد[ر] وبرزت في هذا المعرض منحوتات محمود مختار. ثم كان أوائل المتابعين للدراسة في الغرب مختار وراغب عياد ويوسف كامل وأحمد صبري.
وكان الاهتمام بدراسة الفن قد دفع وزارة المعارف إلى إنشاء «المرسم الحر» في عام 1942 لدعم الخريجين في دراسة عالية مدة عامين، كما أُنشئ القسم الحر في العام ذاته تابعاً للمدرسة، يستقبل الموهوبين دون شرط الشهادة الثانوية، وفي عام 1952 عدّل اسم المدرسة إلى «كلية الفنون الجميلة».
الحركة الفنية في الإسكندرية
ظهرت في الإسكندرية قبل إنشاء كلية الفنون الجميلة مراسم خاصة بإشراف كبار الفنانين الأجانب لتدريس الموهوبين، ومن أبرز المصورين الذين لم يدرسوا الفن نظامياً كان محمد ناجي[ر] الدبلوماسي، ومحمود سعيد[ر] القاضي المستشار، وسيف وانلي وأخوه أدهم [ر. وانلي (الأخوان ـ)].
وفي العصر الحديث ظهر من مشاهير المصورين محمد حامد عويس والنحات محمود موسى والنحات جمال السجيني.
وفي عام 1949 أنشئ في الإسكندرية متحف خاص للفنون الجميلة، وفي عام 1957 افتتحت كلية الفنون الجميلة، وكان أول عميد فيها النحات أحمد عثمان[ر]. وكان من طلابها فاروق حسني، وقد صار وزيراً للثقافة زمناً طويلاً.
النشاط الثقافي الفني وتكوّن المؤسسات الفنية
في عام 1922 حمل المعرض السنوي اسم «صالون القاهرة»؛ مما دفع محمد محمود خليل إلى الدعوة إلى إنشاء جمعية ترعى هذا المعرض، وهكذا أنشئت «جمعية الفنون الجميلة» وغرضها الأساسي تشجيع الفنون وترقية الذوق الفني؛ وذلك بإقامة المعارض وإلقاء المحاضرات.
وكان الفنان والمفكر حبيب جورجي (1892- 1965) قد أمضى زمناً يشجع الفن التلقائي عند الأطفال، ويضع أسس التربية الفنية، وكان من تأثيره إنشاء «بيت الفن بالحرانية»، الذي أسسه صهره رمسيس ويصا واصف.
ومن رعاة الفنون الجميلة فؤاد عبد الملك، وقد أنشأ متحف الشمع في صيف 1934 الذي احتوى ثلاثين مشهداً تاريخياً أنجزه فنانون مصريون، من أمثال حسين بيكار[ر] ومصطفى نجيب ومحمود حسني.
كما أسست في عام 1953 «جمعية أتيليه القاهرة» من لفيف من الفنانين المصريين والأجانب لدعم الفنانين ونشر الثقافة الفنية، وكانت «جمعية النقاد» 1989 برئاسة كمال الجويلي قد كفلت تنظيم نشاط النقاد.
ابتدأ منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ظهور اتجاهات فكرية يسارية يرافقها اتجاه الحداثة[ر] Modernisme، وقاد هذه الاتجاهات الثورية الشاعر المصري جورج حنين والفنانون فؤاد كامل ورمسيس يونان وسمير رافع وكامل التلمساني الذين وقعوا بياناً فنياً ثورياً أصدرته مجلة «الفن الحر». وعلى إثر ذلك تكونت «جماعة الفن والحرية» التي أقامت معرضها الأول في عام 1940، واستمرت بإقامة معارضها السنوية بدءاً من عام 1948.
وفي عام 1976 صدر قانون خاص بإنشاء «نقابة الفنانين التشكيليين» وكان أول نقيب لها المصور عباس شهدي، وتضم النقابة خمس شعب للنحت والتصوير، والحفر، والزخرفة، والخزف.
وفي عام 1982 أسس فرع للنقابة في الإسكندرية برئاسة محمد حامد عويس. وفي وزارة الثقافة أُحدثت إدارة عامة للفنون الجميلة ترعى الحركة الفنية في جميع أنحاء مصر.
تنوع المسارات الفنية
سار الفن التشكيلي الحديث في مصر بتطور واعٍ لرسالته الفنية والثقافية، فقد ابتدأ أولاً متأثراً بالحركات الفنية في أوربا، ولكن جيل الرواد ـ مختار وسعيد وناجي ـ أسس لفن تشكيلي أكثر تحرراً من التيارات الغربية وأقرب إلى الأصالة؛ مستوحياً من الفن المصري العريق أو من البيئة الشعبية التي تحدد هوية المجتمع المصري.
ولم يلبث اتجاه جيل الرواد أن تعرض للتصدي من جيل الحداثة الذي دعا إلى السريالية والتجريدية وعدم الالتزام، وعندما انحرفت اتجاهات الحداثة عادت إلى الظهور الدعوة إلى الأصالة والاستلهام من التراث الفني؛ هذه الدعوة التي شغلت جميع الفنانين في الأقطار العربية من دون سابق اتفاق.
وتمثلت دعوة الأصالة بأشكال مختلفة، منها الاتجاه الشعبي الذي بدا في أعمال سيد عبد الرسول التي عبر فيها عن الفلاحين البسطاء والتقاليد المصرية، وفي بعض أعمال عبد الهادي الجزار وسعد كامل. وكما في أعمال محمد حامد عويس وجاذبية سري وأنجي أفلاطون وفاروق شحاتة المصور والحفار التعبيري الملتزم. وعلى نحو موازٍ ظهر الفن الفطري الساذج في أعمال تحية حليم خاصة، وأعمال النحات عبد البديع عبد الحي والنحات محمود موسى.
كما تمثلت الأصالة في الدعوة إلى الحروفية؛ أي في استغلال الحرف العربي أو الكلمة، كما في أعمال حامد عبد الله وعطية مصطفى والنحات محمد الشعراوي عبد الوهاب وكمال السراج. أو استلهام الإيقاع التشكيلي الإسلامي كما في أعمال مصطفى عبد المعطي والفنان الحفار أحمد نوار.
وكان الاهتمام بدعم الذائقة الفنية سبباً لانتشار الفنون الغرافية (الحفر بجميع وسائله) والتي تعتمد على استنساخ الصورة الأولى؛ كي يتاح توزيعها على أكثر المتذوقين، كما ظهرت الحرف الفنية الخزفية والنسيجية فناً إبداعياً.
النحت الحديث والعمارة
اتبع فن النحت في مصر التقاليد المصرية القديمة، وكان محمود مختار أول من استلهم من تراثه القديم؛ إضافة إلى استلهامه من تقاليد الحياة المصرية المعاشة كما فعل فيما بعد أنور عبد المولى، وتابع جيل النحاتين هذا الاتجاه، وعلى رأسهم جمال السجيني، وقد حفلت أعماله بكثير من العناصر العربية والشعبية، وتميز بعض نحته بالطرق على المعدن أو الضغط عليه.
واشترك منصور فرج وأحمد عثمان بأعمال نهضت في المرافق العامة، واشتهر من النحاتين صلاح عبد الكريم باستعماله خردة المعدن.
واستعادت مصر فن الخزف التقليدي على يد فتحي محمود وحسن حشمت. وزاول عدد كبير من المصورين فن الغرافيك؛ الحفر على الزنك أو اللينوليوم أو الرسم على الحجر.
وحتى عصر محمد علي كانت العمارة السائدة قريبة من الطراز المعماري العثماني، فيما عدا الأوابد الضخمة كالمساجد والمدافن والقصور الفاطمية والمملوكية الرائعة.
ولكن الإصلاح الذي قاده هذا الوالي اعتمد على الأخذ بالمنجزات العلمية والفنية في الغرب ولاسيما في باريس، وهكذا أنشئ في عهده كثير من القصور الضخمة والبرك والحدائق العامة ذات الطراز الباروكي الفرنسي. وتأكد هذا الاتجاه في عصر الخديوي إسماعيل حيث ظهرت أبنية ضخمة في الشوارع الرئيسية مستعيناً بالمعماريين الأجانب، وكان النقاشون والمزخرفون المصريون يمارسون تزويق هذه الأبنية. ثم ظهر من المهندسين الإيطالي ماريو روسي (1895-1961) الذي طور العمارة المصرية الحديثة، كما في بناء جامعي الرفاعي وعمر مكرم في القاهرة، وجامع المرسي أبي العباس في الإسكندرية 1945 ومسجد محطة الرمل ومسجد محمد كريم. ومن تلاميذ هذا المعمار علي ثابت وعلي خيرات، وقد تابعا أسلوبه المعماري في بناء المساجد.
على أن أشهر المعماريين المعاصرين في مصر والعالم العربي هو حسن فتحي الذي استوحى عمارته من بيوت الفقراء كما يقول، وسار على طريقته تلميذه عبد الواحد الوكيل، وأعمالهما منتشرة في مصر وخارجها.
المتاحف الفنية
كان محمد محمود خليل رئيس جمعية محبي الفنون الجميلة من أبرز مشجعي الفن ومن هواة جمع الروائع الفنية. وإلى جانبه كانت وزارة المعارف قد أسهمت في عملية الاقتناء منذ عام 1925، وأصبح مقر الجمعية نواة لمتحف الفن الحديث، وفي عام 1991 افتتح رئيس الجمهورية المتحف في بنائه الجديد على أرض الجزيرة بجوار دار الأوبرا الجديدة.
وفي المدن الكبرى كانت متاحف مماثلة، في المنصورة 1960 وطنطا 1967 ودنشواي 1960. كما أقيمت متاحف لكبار الفنانين في الإسكندرية متحف محمود سعيد عام 1972؛ وفي منطقة الهرم بالقاهرة متحف محمد ناجي عام 1967. ومن أبرز المتاحف الشخصية متحف محمود مختار.
وقبل وفاته أهدى محمد محمود خليل الدولة قصره وما فيه من روائع الفنون والتحف. وفي حديقة القصر قام ثروت عكاشه وزير الثقافة بمباشرة بناء قصر الفنون، ولكن بناء القصر توقف، وأصبح قصر محمد محمود خليل منذ عام 1984 متحفاً لمقتنياته الخاصة.
ويبدو واضحاً أن حركة الفن المصري الحديث والمعاصر تقدمت عن مثيلاتها في الدول العربية، وكانت حركة مكثفة تفاعلت مع تطور الثقافة والتحولات السياسية والاجتماعية في مصر والعالم العربي.
عفيف البهنسي