المراهقة adolescenceالتدرج نحو النضج البدني والجنسي والعقلي والانفعالي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • المراهقة adolescenceالتدرج نحو النضج البدني والجنسي والعقلي والانفعالي

    مراهقه

    Adolescence - Adolescence

    المراهقة

    المراهقة adolescence لغة مشتقة من الفعل اللاتيني adolescere ومعناه التدرج نحو النضج البدني والجنسي والعقلي والانفعالي، وترجع إلى الفعل العربي (راهق) الذي يعني الاقتراب من الشيء، فراهق الغلام، فهو مراهق؛ أي قارب الاحتلام، وهذا يشير إلى الاقتراب من النضج والرشد. ويطلق مصطلح المراهقة على المرحلة التي تبتدئ بالبلوغ puberty، وتنتهي بالرشد، أي إنها مرحلة انتقال بين الطفولة والرشد. وتتضمن هذه المرحلة إعادة تنظيم القوى النفسية والعقلية؛ لتمتلك كفاية أفضل لمواجهة حياة الرشد. ولابد من التفريق بين البلوغ والمراهقة، حيث إن البلوغ هو نضوج الغدد التناسلية واكتساب معالم جنسية جديدة تنتقل بالطفل من فترة الطفولة إلى الشباب، في حين أن المراهقة أوسع من ذلك؛ لأنها نسيج متشابك وبنية متفاعلة العناصر، ويتفاعل فيها الجانب العضوي مع الجانب النفسي والاجتماعي وفق ثقافة المجتمع السائدة.
    تمتد فترة المراهقة عموماً بين سن (12ـ 18)؛ إذ تطول هذه الفترة وتقصر باختلاف الأجناس والمجتمعات والمناخات والثقافات التي يعيش فيها المراهق، وتبدأ مراهقة البنت عادة قبل مراهقة الصبي، وهذا يعني أنه لايمكن الحديث عن المراهق إلا بصورة عامة، أو عن طريق مراهق مرتبط بمجتمع محدد بثقافة سائدة. كما أن فترة المراهقة ليست مستقلة عن الماضي والمستقبل، فهي متداخلة مع ما قبلها وما بعدها، وهذا يعني أن خصائص مرحلة المراهقة ومشكلاتها ترتبط بخبرات الطفولة وبالنمو الحالي والمستقبلي.
    تعدُّ فترة المراهقة مرحلة انبثاق النمو الجسمي والوجداني والنضج الاجتماعي والانسلاخ عن الأطر والعلاقات الاجتماعية التي كانت سائدة في مرحلة الطفولة، وما التغيرات الجسمية والنفسية والاجتماعية التي تطرأ على المراهق إلا نتاج التفاعلات المختلفة التي يتعرض لها الفرد، وتستهدف تحقيق النضج والكمال في تكوين الشخصية؛ لأن المراهق لا يترك عالم الطفولة فجأة، ويصبح مراهقاً، ولكنه ينتقل انتقالاً تدريجياً نحو النضج.
    خصائص المراهقة:
    خصائص المراهقة كثيرة؛ أبرزها:
    ـ النمو الجسمي: تظهر قفزة سريعة في زيادة الطول والوزن، مع ملاحظة الاختلاف بين الذكور والإناث، إذ يتسع الكتفان، وتنمو العضلات، ويخشن الصوت عند الذكور، في حين يتسع الوركان، ويبرز الصدر عند الإناث، كما يظهر الشعر ـ عند الجنسين ـ تحت الإبطين وفي منطقة الأعضاء التناسلية، وينتشر حب الشباب على الوجه. وعندما يطمئن المراهق إلى سلامة تكوينه الجسمي ينقلب طاووساً يقف أمام المرآة معتزاً بجسمه وشعره وعضلاته وثيابه بالنسبة للذكور، وتميل الإناث إلى الثياب التي تبرز مفاتن جسدها.
    ـ النضج الجنسي: تنضج الغدد الجنسية، وتبدأ في تأدية وظائفها، وتنمو أعضاء الجهاز التناسلي. ويتضح هذا النضوج بظهور العادة الشهرية عند الإناث، وإنتاج النطاف ضمن السائل المنوي والاحتلام عند الذكور.
    ـ التغيرات النفسية: تترك التغيرات الجسمية والجنسية آثاراً واضحة على نفسية المراهق، فيبدو مضطرباً قلقاً، وتزداد حساسيته حيال ما على جسمه وصوته وصورته، كما يثور، ويغضب لأتفه الأسباب، ويتعرض لحالات من اليأس والحزن والتشاؤم نتيجة ما يلاقيه من إحباط بسبب التعارض بين رغباته وتقاليد المجتمع.
    ـ النمو العقلي: تنمو الوظائف العقلية نمواً واضحاً من انتباه وتذكر وتفكير وخيال… وقد ينزع المراهق إلى الهرب من واقعه ناسجاً عالماً من الأخيلة والصور التي تحقق دوافعه، وتنفس عن انفعالاته. كما تظهر عنده القدرة على البحث والنقد والتعليل.
    ـ التفكير المثالي: لا يخلو تفكير المراهق من منحى فلسفي مثالي يتجاوز فيه الواقع اليومي والحسي إلى المفاهيم العقلية المجردة والمثل العليا، فيفكر بالخير والشر والعدالة وبالوجود وأسراره، كما يفكر بالنفس وطبيعتها، وقد يعد نفسه مصلحاً اجتماعياً.
    ـ التغيرات الاجتماعية: إن فترة المراهقة فترة تغير فجائي في الجماعة التي ينتمي إليها المراهق، إذ إنه لم يعد طفلاً، ولا يريد أن يُعامل على أنه طفل، إنه يسعى إلى الاستقلالية واتخاذ القرارات، ويلجأ إلى عالم الأقران؛ لتتوطد العلاقة معهم. كما تتصف هذه المرحلة بتبلور الوعي الاجتماعي، وتصبح القيم إحدى محركات السلوك، لذلك فإن انتماء المراهق للجماعة يقوم على مدى ما تتميز به هذه الجماعة من قيم وأهداف يوافق عليها؛ لهذا يميل إلى الانتماء إلى التنظيمات الشبابية والسياسية، ويهتم بالمشكلات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المحيطة. كما يتمنى أن يعاد تشكيل العالم وسيادة العدالة والقانون ومحو الظلم والتخلص من حالات التجاوز في البيت والمدرسة والمجتمع.
    ـ التفكير بالمستقبل: يفكر المراهق بالمهنة والاستعداد لها، ويحلم بالمستقبل، ويتحدث عن الحب والتفكير بالجنس الآخر والاهتمام به والرغبة في الزواج.
    ينظر بعضهم إلى فترة المراهقة بأنها واحدة من أكثر مراحل الحياة صعوبة وتأزماً، وهي كالعاصفة العاتية التي تهز المراهق هزاً عنيفاً، ويعيش في أثنائها حالة من القلق والاضطراب والاكتئاب والحيرة، كما يتعرض بعض المراهقين إلى صدمات نفسية وأخلاقية وصراعات ومشكلات متنوعة، ويتسببون في إحراجات عديدة لأسرهم ومدارسهم.
    تظهر في مرحلة المراهقة بعض المشكلات التي تؤثر في عملية توافق المراهق مع نفسه وتكيفه مع بيئته، وأبرزها:
    ·قلق انفعالي يكون مصحوباً بالحساسية الشديدة والشك فيمن يتعامل معهم.
    ·الصراع بين عجز المراهق المالي في تحقيق رغباته والاستقلال عن الأسرة وبين حاجته لمساعدة الأهل.
    ·الصراع بين مخلّفات الطفولة ومتطلبات الشباب.
    ·سوء التكيف نتيجة التغيرات السريعة التي تطرأ على مجالات النمو المختلفة للمراهق.
    ·القيود الاجتماعية التي تفرضها بيئة المراهق وتحول بينه وبين تطلعه إلى الحرية والاستقلالية؛ ولذلك يعد كل نصيحة أو توجيه اعتراضاً لحريته واستقلاليته.
    ·عدم فهم الأهل لطبيعة المراهق وكيفية التعامل معه، وهذا يؤدي إلى خلخلة التوازن النفسي للمراهق، وقد ينطوي على ذاته ويميل إلى الخجل وأحلام اليقظة.
    ·الحكم على قيم المراهق وتصرفاته بمعايير الكبار وآرائهم وتقاليدهم دون الاهتمام بطبيعة هذه المرحلة العمرية ومتطلباتها والعصر الذي هي فيه.
    ·عدم قدرة المراهق على التعامل مع البيئة التي يعيش فيها، إذا كانت بيئة الأسرة والمدرسة والمجتمع لا تأبه له، ولا تعترف بنضجه وشخصيته المستقلة. ويفسر مساعدة أهله له على أنها تدخل في أموره والتقليل من شأنه؛ ولهذا يعترض على هذا التدخل بأشكال العناد والسلبية وعدم الاستقرار والاضطراب الانفعالي.
    ·مشكلة الفراغ ولاسيما عندما لا يكون للمراهق أهداف حقيقية تستحوذ على اهتمامه.
    ·أزمة الهوية التي تنشأ من عدم قدرة المراهق على فهم ذاته الجديدة وتقبلها والتعامل معها.
    ·الاغتراب النفسي، حيث يشعر المراهق بالانفصال النسبي عن ذاته أو مجتمعه أو كليهما.
    إن المراهق ليس مشكلاً، وإنما يعيش ـ في غالب الأحيان ـ في بيئة مشكلة، فمشكلات المراهق ليست سوى أزمة نفسية من خصائص مرحلة عمرية معينة يتم تجاوزها بمجرد تخطيها، ويمر فيها جميع البشر، وهذه الأزمة ليست استجابة لتغييرات داخل الفرد نفسه فقط؛ وإنما هي نتيجة لاستجابة المجتمع الذي يعيش فيه أيضاً.
    ولهذا فإن المراهقة مرحلة طبيعية في حياة الإنسان ولا تتطلّب بالضرورة مظاهر التوتر أو الانحراف إذا استطاع المربون ولاسيما الأهل التعامل مع المراهق بموضوعية وفي جو آمن ينال فيه الحب والفهم والاحترام وإثبات الذات.
    كمال يوسف بلان

يعمل...
X