غاندي (انديرا)
Gandhi (Indira-) - Gandhi (Indira-)
غاندي (أنديرا ـ)
(1917 ـ 1984)
أنديرا بريا دارشيني نهرو Indira Priyadarshini Nehru هي الابنة الوحيدة للزعيم الهندي البارز جواهر لال نهرو، أول رئيس للوزراء في الهند المستقلة. ويعني اسمها «الفتاة التي يحبّ الناسُ النظر إليها»، ولدت في مدينة الله آباد، في وسط أرستقراطي عريق وفي جو عائلي تطغى عليه الاهتمامات الوطنية. تلقت علومها في جامعة ڤيشڤا ـ بهراتي Visva- Bharati الهندية ثم غادرت إلى سويسرا مرافقة أمها في رحلة علاجها من مرض السل، فأعجبت بحضارتها وتعلمت الفرنسية، والتحقت بعدها بجامعة أكسفورد البريطانية. في عام 1941 تزوجت من فيروز غاندي Feroze Gandhi (لا علاقة تربطه بالمهاتما غاندي)، زميل دراستها في أكسفورد، الذي كان يدرس الاقتصاد، وأصبح صاحب دار نشر بعد تخرجه. وقد عارضت أسرتها هذا الزواج لأن فيروز كان مزدكياً من أتباع زرادشت. أنجبت أنديرا ولدين: راجيف وسانجي. ثم لم يعمر زواجها طويلاً إذ طُلِّقتْ عام 1946.
تأثرت شخصية أنديرا بأبيها نهرو إلى حد كبير، خاصة بعد أن كانت سكرتيرة ومستشارة ومرافقة في كل نضالاته من أجل استقلال الهند. عرفت السجن مرات عدة في أثناء نضالها في العمل الوطني. وعن هذا تقول أنديرا في كتابها «حقيقتي»: «لقد جعلني السجن أقدر معنى الحرية». واستفادت كثيراً من الرسائل التي خصّها بها والدها في فترات اعتقاله (جمعت هذه الرسائل وترجمت إلى العربية بعنوان «رسائل إلى ابنتي»). ومن هذه الرسائل تعلّمت كثيراً من دروس السياسة وفلسفة الحكم، وكيفية التعامل مع الآخرين.
بعد اغتيال المهاتما غاندي أصبح والدها رئيساً لوزراء الهند، فتولت إدارة مكتبه ورافقته في أسفاره ومهماته حتى وفاته سنة 1964، انتخبت بعدها عضوا في البرلمان لأول مرة، وتسلمت وزارة الإعلام في وزارة بها دور شاستري L. B. Shastri؛ الذي خلف والدها في رئاسة حزب المؤتمر والوزارة. وبعد وفاة شاستري في عام 1966 انتخبت أنديرا رئيساً لحزب المؤتمر الهندي، ثم رئيساً لمجلس الوزراء، في هذه الفترة أصبح ابنها سانجي Sanji مستشارها السياسي. وبعد مصرعه في حادث تحطم طائرة عام 1980 حل محله أخوه راجيف.
خاضت أنديرا، على رأس حزب المؤتمر، انتخابات مبكرة عام 1971، تحت شعار «اقضوا على الفقر» نجح فيها حزبها نجاحاً باهراً. وبلغت أوج مجدها عام 1972. وفي السنوات التالية شهدت البلاد بعض الاضطرابات الطائفية، وساءت الأوضاع الاقتصادية، وتعثر البرنامج الذي طرحته أنديرا للإصلاح. وشنت القوى المعارضة حملة شديدة ضدها وضد قادة حزب المؤتمر واتهمتهم بالفساد وسوء استغلال السلطة. وفي عام 1975 أدانتها إحدى المحاكم باستخدام وسائل غير مشروعة في أثناء حملتها الانتخابية في عام 1971. وطالبت المعارضة باستقالتها لكنها رفضت، وأعلنت الطوارئ، واعتقلت رؤوس المعارضة وفرضت الرقابة على الصحف. في عام 1975 جددت المحكمة العليا الهندية إدانة أنديرا غاندي، فأدى ذلك إلى مزيد من التدهور في أوضاعها. وعندما جرت الانتخابات العامة عام 1977 مُنِي حزب المؤتمر بهزيمة كبيرة، وفقدت أنديرا رئاسة الوزارة ومقعدها في البرلمان. بعد هذه الهزيمة تفرغت أنديرا لإعادة تنظيم حزب المؤتمر، ورأب الصدع الذي تعرض له، وتمكنت من تحقيق النصر في انتخابات عام 1980، وعادت إلى رئاسة الوزارة مرة أخرى وأخيرة.
وفي أثناء السنوات الأربع الأخيرة من حكمها (1980ـ 1984) واجهت أنديرا غاندي حزب السيخ الهندي المتطرف، الذي نظم مظاهرات في جميع أنحاء البلاد ضد حكومتها مطالباً منح السيخ دولة ذات حكم ذاتي في منطقة خالستان. كما قام بتسليح أفراده، وحوّل المعبد الذهبي في أمريتسار إلى حصن قوي، فأمرت أنديرا القوات الهندية النظامية بمهاجمة المعبد والاستيلاء عليه. وأثارت هذه المعركة حفيظة طائفة السيخ عليها، وانتهى ذلك باغتيالها خارج مقر إقامتها في دلهي على يد حارسها الخاص الذي كان ينتمي إلى طائفة السيخ نفسها.
نجحت أنديرا في أثناء فترة حكمها للهند في إدخال بلادها عصر التكنولوجيا والعلوم، وفي تعزيز قدرتها العسكرية وبناء جيش قوي. وقامت الهند إبّان حكمها بأول تفجير نووي عام 1974، كذلك نجحت في تعزيز مكانة الهند الدولية بمواصلة سياسة عدم الانحياز، التي كان والدها أحد أقطابها، وبدعم حركات التحرر الوطني في العالم. وفي أثناء سنوات حكمها تطورت علاقات التعاون بين الهند والبلدان العربية في مختلف المجالات. واتخذت أنديرا موقفاً مسانداً لحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، وقامت بإصلاحات اقتصادية في الداخل مست في بعض الأحيان مصالح الإقطاعيين وكبار الرأسماليين. وقد أثارت سياساتها الداخلية والخارجية عداوات شديدة لها في الداخل والخارج، وتعرضت أكثر من مرة لمحاولات اغتيال. وأظهرت التحقيقات التي جرت لبعض المتآمرين ارتباطهم بقوى معادية من خارج البلاد.
وبعيد اغتيالها اختار مجلس الوزراء ولدها راجيف Rajiv ت(1944ـ 1991) رئيساً لوزراء الهند، وشهدت البلاد بعدها اضطرابات عنيفة بين السيخ والهندوس، استلزمت نزول الجيش إلى الشوارع للسيطرة عليها، قاد راجيف حزب المؤتمر في الانتخابات النيابية وفاز فوزاً ساحقاً (80% من المقاعد) لم يسبق منذ الاستقلال، كما نجح في التوصل إلى اتفاق مع زعماء السيخ المعتدلين، وبدأ بانتهاج سياسة اقتصادية طموحة مستعيناً بالعناصر الشابة منتهجاً الأساليب الحديثة في الإدارة، لكنه تورط في النزاع الحاصل بين حكومة سري لانكا ومتطرفي التاميل، المطالبين بحكم ذاتي في مناطقهم، حينما أرسل قوات من الجيش الهندي لمساعدة الحكومة على قمع التمرد، كما أنه قمع تمرد مسلمي كشمير بشدة.
وفي انتخابات عام 1989 لم يحقق حزب المؤتمر الأغلبية اللازمة لقيامه بتشكيل الوزارة، فانتقل إلى صفوف المعارضة ضد حكومة شاندراشيخار Chandrasekhar، وبينما كان يحضر لحملته الانتخابية عام 1991 في ولاية تاميل نادو Tamil Nadu اغتيل على أيدي المتطرفين التاميل انتقاماً لمشاركته في قمع ثورتهم في سري لانكا.
أحمد مكيّـس
Gandhi (Indira-) - Gandhi (Indira-)
غاندي (أنديرا ـ)
(1917 ـ 1984)
تأثرت شخصية أنديرا بأبيها نهرو إلى حد كبير، خاصة بعد أن كانت سكرتيرة ومستشارة ومرافقة في كل نضالاته من أجل استقلال الهند. عرفت السجن مرات عدة في أثناء نضالها في العمل الوطني. وعن هذا تقول أنديرا في كتابها «حقيقتي»: «لقد جعلني السجن أقدر معنى الحرية». واستفادت كثيراً من الرسائل التي خصّها بها والدها في فترات اعتقاله (جمعت هذه الرسائل وترجمت إلى العربية بعنوان «رسائل إلى ابنتي»). ومن هذه الرسائل تعلّمت كثيراً من دروس السياسة وفلسفة الحكم، وكيفية التعامل مع الآخرين.
بعد اغتيال المهاتما غاندي أصبح والدها رئيساً لوزراء الهند، فتولت إدارة مكتبه ورافقته في أسفاره ومهماته حتى وفاته سنة 1964، انتخبت بعدها عضوا في البرلمان لأول مرة، وتسلمت وزارة الإعلام في وزارة بها دور شاستري L. B. Shastri؛ الذي خلف والدها في رئاسة حزب المؤتمر والوزارة. وبعد وفاة شاستري في عام 1966 انتخبت أنديرا رئيساً لحزب المؤتمر الهندي، ثم رئيساً لمجلس الوزراء، في هذه الفترة أصبح ابنها سانجي Sanji مستشارها السياسي. وبعد مصرعه في حادث تحطم طائرة عام 1980 حل محله أخوه راجيف.
خاضت أنديرا، على رأس حزب المؤتمر، انتخابات مبكرة عام 1971، تحت شعار «اقضوا على الفقر» نجح فيها حزبها نجاحاً باهراً. وبلغت أوج مجدها عام 1972. وفي السنوات التالية شهدت البلاد بعض الاضطرابات الطائفية، وساءت الأوضاع الاقتصادية، وتعثر البرنامج الذي طرحته أنديرا للإصلاح. وشنت القوى المعارضة حملة شديدة ضدها وضد قادة حزب المؤتمر واتهمتهم بالفساد وسوء استغلال السلطة. وفي عام 1975 أدانتها إحدى المحاكم باستخدام وسائل غير مشروعة في أثناء حملتها الانتخابية في عام 1971. وطالبت المعارضة باستقالتها لكنها رفضت، وأعلنت الطوارئ، واعتقلت رؤوس المعارضة وفرضت الرقابة على الصحف. في عام 1975 جددت المحكمة العليا الهندية إدانة أنديرا غاندي، فأدى ذلك إلى مزيد من التدهور في أوضاعها. وعندما جرت الانتخابات العامة عام 1977 مُنِي حزب المؤتمر بهزيمة كبيرة، وفقدت أنديرا رئاسة الوزارة ومقعدها في البرلمان. بعد هذه الهزيمة تفرغت أنديرا لإعادة تنظيم حزب المؤتمر، ورأب الصدع الذي تعرض له، وتمكنت من تحقيق النصر في انتخابات عام 1980، وعادت إلى رئاسة الوزارة مرة أخرى وأخيرة.
وفي أثناء السنوات الأربع الأخيرة من حكمها (1980ـ 1984) واجهت أنديرا غاندي حزب السيخ الهندي المتطرف، الذي نظم مظاهرات في جميع أنحاء البلاد ضد حكومتها مطالباً منح السيخ دولة ذات حكم ذاتي في منطقة خالستان. كما قام بتسليح أفراده، وحوّل المعبد الذهبي في أمريتسار إلى حصن قوي، فأمرت أنديرا القوات الهندية النظامية بمهاجمة المعبد والاستيلاء عليه. وأثارت هذه المعركة حفيظة طائفة السيخ عليها، وانتهى ذلك باغتيالها خارج مقر إقامتها في دلهي على يد حارسها الخاص الذي كان ينتمي إلى طائفة السيخ نفسها.
نجحت أنديرا في أثناء فترة حكمها للهند في إدخال بلادها عصر التكنولوجيا والعلوم، وفي تعزيز قدرتها العسكرية وبناء جيش قوي. وقامت الهند إبّان حكمها بأول تفجير نووي عام 1974، كذلك نجحت في تعزيز مكانة الهند الدولية بمواصلة سياسة عدم الانحياز، التي كان والدها أحد أقطابها، وبدعم حركات التحرر الوطني في العالم. وفي أثناء سنوات حكمها تطورت علاقات التعاون بين الهند والبلدان العربية في مختلف المجالات. واتخذت أنديرا موقفاً مسانداً لحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، وقامت بإصلاحات اقتصادية في الداخل مست في بعض الأحيان مصالح الإقطاعيين وكبار الرأسماليين. وقد أثارت سياساتها الداخلية والخارجية عداوات شديدة لها في الداخل والخارج، وتعرضت أكثر من مرة لمحاولات اغتيال. وأظهرت التحقيقات التي جرت لبعض المتآمرين ارتباطهم بقوى معادية من خارج البلاد.
وبعيد اغتيالها اختار مجلس الوزراء ولدها راجيف Rajiv ت(1944ـ 1991) رئيساً لوزراء الهند، وشهدت البلاد بعدها اضطرابات عنيفة بين السيخ والهندوس، استلزمت نزول الجيش إلى الشوارع للسيطرة عليها، قاد راجيف حزب المؤتمر في الانتخابات النيابية وفاز فوزاً ساحقاً (80% من المقاعد) لم يسبق منذ الاستقلال، كما نجح في التوصل إلى اتفاق مع زعماء السيخ المعتدلين، وبدأ بانتهاج سياسة اقتصادية طموحة مستعيناً بالعناصر الشابة منتهجاً الأساليب الحديثة في الإدارة، لكنه تورط في النزاع الحاصل بين حكومة سري لانكا ومتطرفي التاميل، المطالبين بحكم ذاتي في مناطقهم، حينما أرسل قوات من الجيش الهندي لمساعدة الحكومة على قمع التمرد، كما أنه قمع تمرد مسلمي كشمير بشدة.
وفي انتخابات عام 1989 لم يحقق حزب المؤتمر الأغلبية اللازمة لقيامه بتشكيل الوزارة، فانتقل إلى صفوف المعارضة ضد حكومة شاندراشيخار Chandrasekhar، وبينما كان يحضر لحملته الانتخابية عام 1991 في ولاية تاميل نادو Tamil Nadu اغتيل على أيدي المتطرفين التاميل انتقاماً لمشاركته في قمع ثورتهم في سري لانكا.
أحمد مكيّـس