روبسبيير (ماكسميليان)
روبسبيير (ماكسميليان)
Robespierre (Maximilien-) - Robespierre (Maximilien-)
روبسبيير (ماكسميليان ـ)
(1758 ـ 1794)
ماكسميليان روبسبيير Maximillien Robespierre محام وقاض فرنسي، أصبح شخصية بارزة في الثورة الفرنسية. ولد في مقاطعة أراس Arras، توفيت أمه وهو في السادسة من عمره، ثم جاء خبر وفاة أبيه (المحامي اللامع) في جزيرة نائية، فقام برعايته وتربيته مع أخوته جده لأمه، وعمته، فكانت نشأتهم جميعاً في ظلال البؤس والفاقة. وقد لاحظ أساتذة روبسبيير فيه النباهة والجلد وقوة العزيمة، فأوصوا له بإعانة تساعده على مواصلة دراسته في مدرسة «لويس الكبير» بباريس للحصول على شهادة الحقوق، وفيها تعرف عدداً من الشباب المتحررين المتحمسين، وأولع بكتابات جان جاك روسو[ر].
نال روبسبيير شهادة الحقوق بتفوق وهو في الرابعة والعشرين، وعاد إلى مدينته (أراس) لممارسة المحاماة، وليتبوأ مركزه في القضاء ـ وكان ذلك تقليداً في أسرته ـ وفتحت لـه أكاديمية أراس أبوابها؛ وكان يكره الثروة ومفاسد النظام السائد، وعندما وافق الملك لويس السادس عشر[ر] على دعوة المجالس العمومية إلى الانعقاد في فرساي (أيار 1789)، بعد انقضاء نحو قرنين على إلغائها، انتخب نائباً، فسافر إلى فرساي حيث استأجر منزلاً صغيراً مع بعض زملائه.
وتطورت الأحداث بسرعة، فقد حاول الملك منع النواب المنتخبين من الاجتماع ففشل، وسقط سجن الباستيل Bastille وتم تدميره، وألغيت امتيازات النبلاء وهرب الكثيرون منهم، وأعلنت وثيقة حقوق الإنسان، واشترك روبسبيير في هذه الأحداث، وكان يقف موقفاً وسطاً بين اليساريين المتطرفين واليمينيين، فأعجب نادي اليعاقبة Club des Jacobinsبقدراته وآرائه وقبله عضواً فيه.
ولما حاول الملك لويس السادس عشر الهرب من فرنسا، وقبض عليه، وأُعيد إلى باريس في 25/6/1791، طالب روبسبيير أمام المجلس بإعدام الملك. وفي أوائل أيلول 1971م أنجز المجلس الدستور وانتخبت فرنسا على أساسه مجلسها الجديد. وكان البورجوازيون قد ألفوا حزباً عرف باسم «الجيرونديين»Les Girondins الذين قرروا إعلان الحرب على أوربا ونشر مبادئ الثورة فيها، فانتخب نادي اليعاقبة روبسبيير رئيساً له، فازداد نفوذه، وحاول تخفيف حماس الجماهير للحرب، ولكن المجلس اتخذ قرار الحرب وأعلن الحكم الجمهوري في البلاد، وكان هذا المجلس يضم الجيرونديين، وحزب الجبل الذي انشق عن اليعاقبة وعلى رأسه روبسبيير ودانتون ومارا، وكان ينادي بالثورة إلى النهاية؛ وفي 2 حزيران ـ ترك دانتون رئاسة المجلس البلدي، أو (كومونة باريس Commune de Paris) فحل روبسبيير مكانه، وبعد قتل «مارا» سنة 1793، وإعدام الملك لويس السادس عشر، كانت بريطانيا قد ألبت أوربا كلها على فرنسا، فأنشأ المجلس البلدي لجنة لقيادة البلاد سميت «لجنة الإنقاذ العام»، ولجنة أخرى «لجنة الإثني عشر» لقمع الاضطرابات، وكانت نقمة الشعب على الجيرونديين البورجوازيين تتعاظم، وخاصة بعد محاولتهم إنقاذ الملك، وفي 2/6/1793م حاصر ثمانون ألف رجل مجلس النواب وحملوه على اتخاذ قرار باعتقال زعماء الجيرونديين، وبذلك أوصلوا حزب اليعاقبة إلى الحكم، وعلى رأسه روبسبيير الذي أصبح المحرك الأول للمجلس الذي سمي بـ «المؤتمر» Convention.
وكانت السلطة في فرنسا موزعة بين أربع هيئات:
ـ لجنة الإنقاذ العام، وتمثل القوة.
ـ مجلس المؤتمر، ويمثل القانون.
ـ المجلس البلدي، ويمثل الشعب.
ـ نادي اليعاقبة ويمثل المبدأ، وكان روبسبيير قطب الرحى بينها جميعاً كرجل عظيم القوة والجرأة والدهاء، لأنه بمساعدة اليساريين المتطرفين، تمكن من إسقاط زعماء الجيرونديين والسيطرة على مجلس المؤتمر، ثم أسقط اليساريين بمساعدة دانتون فسيطر على المجلس البلدي، ثم قضى على دانتون فسيطر على لجنة الإنقاذ، وكان هو رئيس نادي اليعاقبة أصلاً، وهكذا سيطر على السلطات الأربع جميعها، وأصبح زعيم الثورة الفرنسية ورجلها الأول.
ويبدأ عهد الإرهاب بصدور 1285حكماً بالإعدام بين تاريخي 1/6/ و27/7/1794م، بينما غصت سجون باريس بأكثر من 7800 سجين ينتظرون حلول نهايتهم الفاجعة، وكانت الاعتقالات والأحكام تصدر أحياناً لمجرد الشبهة، مما جعل الاستياء والرعب يعمان جميع طبقات الشعب، بما فيها النواب والبورجوازيون على السواء، لأن كل فرد ينتظر نهايته يوماً ما.
وهكذا جاء يوم 9 ترميدور ـ بحسب تأريخ الثورة ـ أي 27/7/1794م، في ظل مؤامرة تم تدبيرها بإحكام، بدأت باجتماع لمجلس المؤتمر، وفيه استطاع خصوم روبسبيير إسكات أنصاره كلما حاولوا الكلام بعبارة «ليسقط الطاغية». ثم أصدر المجلس قراراً بتوقيف اثنين من أهم أنصار روبسبير هما: رئيس الحرس الوطني، ورئيس المحكمة الثورية، وانتهى الأمر بتوقيف روبسبيير نفسه وسان جوست وآخرين وإرسالهم جميعاً إلى قاعة لجنة الأمن العام. ولكن أنصارهم نجحوا في تحريرهم وإجبار حراسهم على الفرار، وأعلن المجلس البلدي تمرده على مجلس المؤتمر، وعبثاً حاول اليعاقبة ورجال المجلس البلدي وقائد الحرس الوطني إقناع روبسبيير باقتحام مجلس المؤتمر فُجاءة، وتنادت الجماهير إلى السلاح، ولكنه تردد وقتاً طويلاً كان كافياً لكي يستعيد مجلس المؤتمر زمام المبادرة، ويحشد أنصاره، وينذر بالموت كل من يعطي أمراً بالهجوم على مجلس المؤتمر وكل من يشترك في هذا الهجوم، فارتاع الناس، وبدأت ساحات باريس تخلو من الجماهير. وفي الساعة الثانية بعد منتصف الليل اقتحم رجال الأمن غرفة روبسبيير وهم يطلقون النار فأصابوه في فكه واعتقلوه، وفي اليوم التالي حكمت محكمة الثورة بالإعدام على روبسبيير وأنصاره وسيقوا جميعاً في الساعة السادسة إلى المقصلة التي أنهت حياتهم، وبذلك وصلت المؤامرة عليهم إلى أهدافها.
وقد استطاع روبسبيير مع نادي اليعاقبة في تلك المدة القصيرة الضرب على أيدي المحتكرين والمتلاعبين بقوت الشعب، وتنظيم الإدارة، وتشجيع الثقافة، وإلغاء استعباد الزنوج في المستعمرات الفرنسية، وإضافة مبدأ «عدم التدخل في شؤون الآخرين» على الدستور، كما أضيفت المادة 120 إلى الدستور التي نصت على أن الشعب الفرنسي «لا يهادن ولا يسالم عدواً يحتل بلاده». وكان أهم أعمال اليعاقبة بقيادته إلغاء النظام الإقطاعي، وحقوق النبلاء وجعلهم مواطنين عاديين، كما صادروا جميع أملاك الأجانب والمهاجرين من النبلاء وأعداء الثورة، ووزعوها مجاناً على الفقراء، وثبتوا قيمة المسيحية ضد من كانوا ينادون بعبادة العقل، وهكذا أكملت الثورة الفرنسية مهمتها، واتخذت تلك القيمة التاريخية الكبرى.
محمد نادر العطار
وتطورت الأحداث بسرعة، فقد حاول الملك منع النواب المنتخبين من الاجتماع ففشل، وسقط سجن الباستيل Bastille وتم تدميره، وألغيت امتيازات النبلاء وهرب الكثيرون منهم، وأعلنت وثيقة حقوق الإنسان، واشترك روبسبيير في هذه الأحداث، وكان يقف موقفاً وسطاً بين اليساريين المتطرفين واليمينيين، فأعجب نادي اليعاقبة Club des Jacobinsبقدراته وآرائه وقبله عضواً فيه.
ولما حاول الملك لويس السادس عشر الهرب من فرنسا، وقبض عليه، وأُعيد إلى باريس في 25/6/1791، طالب روبسبيير أمام المجلس بإعدام الملك. وفي أوائل أيلول 1971م أنجز المجلس الدستور وانتخبت فرنسا على أساسه مجلسها الجديد. وكان البورجوازيون قد ألفوا حزباً عرف باسم «الجيرونديين»Les Girondins الذين قرروا إعلان الحرب على أوربا ونشر مبادئ الثورة فيها، فانتخب نادي اليعاقبة روبسبيير رئيساً له، فازداد نفوذه، وحاول تخفيف حماس الجماهير للحرب، ولكن المجلس اتخذ قرار الحرب وأعلن الحكم الجمهوري في البلاد، وكان هذا المجلس يضم الجيرونديين، وحزب الجبل الذي انشق عن اليعاقبة وعلى رأسه روبسبيير ودانتون ومارا، وكان ينادي بالثورة إلى النهاية؛ وفي 2 حزيران ـ ترك دانتون رئاسة المجلس البلدي، أو (كومونة باريس Commune de Paris) فحل روبسبيير مكانه، وبعد قتل «مارا» سنة 1793، وإعدام الملك لويس السادس عشر، كانت بريطانيا قد ألبت أوربا كلها على فرنسا، فأنشأ المجلس البلدي لجنة لقيادة البلاد سميت «لجنة الإنقاذ العام»، ولجنة أخرى «لجنة الإثني عشر» لقمع الاضطرابات، وكانت نقمة الشعب على الجيرونديين البورجوازيين تتعاظم، وخاصة بعد محاولتهم إنقاذ الملك، وفي 2/6/1793م حاصر ثمانون ألف رجل مجلس النواب وحملوه على اتخاذ قرار باعتقال زعماء الجيرونديين، وبذلك أوصلوا حزب اليعاقبة إلى الحكم، وعلى رأسه روبسبيير الذي أصبح المحرك الأول للمجلس الذي سمي بـ «المؤتمر» Convention.
وكانت السلطة في فرنسا موزعة بين أربع هيئات:
ـ لجنة الإنقاذ العام، وتمثل القوة.
ـ مجلس المؤتمر، ويمثل القانون.
ـ المجلس البلدي، ويمثل الشعب.
ـ نادي اليعاقبة ويمثل المبدأ، وكان روبسبيير قطب الرحى بينها جميعاً كرجل عظيم القوة والجرأة والدهاء، لأنه بمساعدة اليساريين المتطرفين، تمكن من إسقاط زعماء الجيرونديين والسيطرة على مجلس المؤتمر، ثم أسقط اليساريين بمساعدة دانتون فسيطر على المجلس البلدي، ثم قضى على دانتون فسيطر على لجنة الإنقاذ، وكان هو رئيس نادي اليعاقبة أصلاً، وهكذا سيطر على السلطات الأربع جميعها، وأصبح زعيم الثورة الفرنسية ورجلها الأول.
ويبدأ عهد الإرهاب بصدور 1285حكماً بالإعدام بين تاريخي 1/6/ و27/7/1794م، بينما غصت سجون باريس بأكثر من 7800 سجين ينتظرون حلول نهايتهم الفاجعة، وكانت الاعتقالات والأحكام تصدر أحياناً لمجرد الشبهة، مما جعل الاستياء والرعب يعمان جميع طبقات الشعب، بما فيها النواب والبورجوازيون على السواء، لأن كل فرد ينتظر نهايته يوماً ما.
وهكذا جاء يوم 9 ترميدور ـ بحسب تأريخ الثورة ـ أي 27/7/1794م، في ظل مؤامرة تم تدبيرها بإحكام، بدأت باجتماع لمجلس المؤتمر، وفيه استطاع خصوم روبسبيير إسكات أنصاره كلما حاولوا الكلام بعبارة «ليسقط الطاغية». ثم أصدر المجلس قراراً بتوقيف اثنين من أهم أنصار روبسبير هما: رئيس الحرس الوطني، ورئيس المحكمة الثورية، وانتهى الأمر بتوقيف روبسبيير نفسه وسان جوست وآخرين وإرسالهم جميعاً إلى قاعة لجنة الأمن العام. ولكن أنصارهم نجحوا في تحريرهم وإجبار حراسهم على الفرار، وأعلن المجلس البلدي تمرده على مجلس المؤتمر، وعبثاً حاول اليعاقبة ورجال المجلس البلدي وقائد الحرس الوطني إقناع روبسبيير باقتحام مجلس المؤتمر فُجاءة، وتنادت الجماهير إلى السلاح، ولكنه تردد وقتاً طويلاً كان كافياً لكي يستعيد مجلس المؤتمر زمام المبادرة، ويحشد أنصاره، وينذر بالموت كل من يعطي أمراً بالهجوم على مجلس المؤتمر وكل من يشترك في هذا الهجوم، فارتاع الناس، وبدأت ساحات باريس تخلو من الجماهير. وفي الساعة الثانية بعد منتصف الليل اقتحم رجال الأمن غرفة روبسبيير وهم يطلقون النار فأصابوه في فكه واعتقلوه، وفي اليوم التالي حكمت محكمة الثورة بالإعدام على روبسبيير وأنصاره وسيقوا جميعاً في الساعة السادسة إلى المقصلة التي أنهت حياتهم، وبذلك وصلت المؤامرة عليهم إلى أهدافها.
وقد استطاع روبسبيير مع نادي اليعاقبة في تلك المدة القصيرة الضرب على أيدي المحتكرين والمتلاعبين بقوت الشعب، وتنظيم الإدارة، وتشجيع الثقافة، وإلغاء استعباد الزنوج في المستعمرات الفرنسية، وإضافة مبدأ «عدم التدخل في شؤون الآخرين» على الدستور، كما أضيفت المادة 120 إلى الدستور التي نصت على أن الشعب الفرنسي «لا يهادن ولا يسالم عدواً يحتل بلاده». وكان أهم أعمال اليعاقبة بقيادته إلغاء النظام الإقطاعي، وحقوق النبلاء وجعلهم مواطنين عاديين، كما صادروا جميع أملاك الأجانب والمهاجرين من النبلاء وأعداء الثورة، ووزعوها مجاناً على الفقراء، وثبتوا قيمة المسيحية ضد من كانوا ينادون بعبادة العقل، وهكذا أكملت الثورة الفرنسية مهمتها، واتخذت تلك القيمة التاريخية الكبرى.
محمد نادر العطار
روبسبيير (ماكسميليان)
Robespierre (Maximilien-) - Robespierre (Maximilien-)
روبسبيير (ماكسميليان ـ)
(1758 ـ 1794)
ماكسميليان روبسبيير Maximillien Robespierre محام وقاض فرنسي، أصبح شخصية بارزة في الثورة الفرنسية. ولد في مقاطعة أراس Arras، توفيت أمه وهو في السادسة من عمره، ثم جاء خبر وفاة أبيه (المحامي اللامع) في جزيرة نائية، فقام برعايته وتربيته مع أخوته جده لأمه، وعمته، فكانت نشأتهم جميعاً في ظلال البؤس والفاقة. وقد لاحظ أساتذة روبسبيير فيه النباهة والجلد وقوة العزيمة، فأوصوا له بإعانة تساعده على مواصلة دراسته في مدرسة «لويس الكبير» بباريس للحصول على شهادة الحقوق، وفيها تعرف عدداً من الشباب المتحررين المتحمسين، وأولع بكتابات جان جاك روسو[ر].
نال روبسبيير شهادة الحقوق بتفوق وهو في الرابعة والعشرين، وعاد إلى مدينته (أراس) لممارسة المحاماة، وليتبوأ مركزه في القضاء ـ وكان ذلك تقليداً في أسرته ـ وفتحت لـه أكاديمية أراس أبوابها؛ وكان يكره الثروة ومفاسد النظام السائد، وعندما وافق الملك لويس السادس عشر[ر] على دعوة المجالس العمومية إلى الانعقاد في فرساي (أيار 1789)، بعد انقضاء نحو قرنين على إلغائها، انتخب نائباً، فسافر إلى فرساي حيث استأجر منزلاً صغيراً مع بعض زملائه.
ولما حاول الملك لويس السادس عشر الهرب من فرنسا، وقبض عليه، وأُعيد إلى باريس في 25/6/1791، طالب روبسبيير أمام المجلس بإعدام الملك. وفي أوائل أيلول 1971م أنجز المجلس الدستور وانتخبت فرنسا على أساسه مجلسها الجديد. وكان البورجوازيون قد ألفوا حزباً عرف باسم «الجيرونديين»Les Girondins الذين قرروا إعلان الحرب على أوربا ونشر مبادئ الثورة فيها، فانتخب نادي اليعاقبة روبسبيير رئيساً له، فازداد نفوذه، وحاول تخفيف حماس الجماهير للحرب، ولكن المجلس اتخذ قرار الحرب وأعلن الحكم الجمهوري في البلاد، وكان هذا المجلس يضم الجيرونديين، وحزب الجبل الذي انشق عن اليعاقبة وعلى رأسه روبسبيير ودانتون ومارا، وكان ينادي بالثورة إلى النهاية؛ وفي 2 حزيران ـ ترك دانتون رئاسة المجلس البلدي، أو (كومونة باريس Commune de Paris) فحل روبسبيير مكانه، وبعد قتل «مارا» سنة 1793، وإعدام الملك لويس السادس عشر، كانت بريطانيا قد ألبت أوربا كلها على فرنسا، فأنشأ المجلس البلدي لجنة لقيادة البلاد سميت «لجنة الإنقاذ العام»، ولجنة أخرى «لجنة الإثني عشر» لقمع الاضطرابات، وكانت نقمة الشعب على الجيرونديين البورجوازيين تتعاظم، وخاصة بعد محاولتهم إنقاذ الملك، وفي 2/6/1793م حاصر ثمانون ألف رجل مجلس النواب وحملوه على اتخاذ قرار باعتقال زعماء الجيرونديين، وبذلك أوصلوا حزب اليعاقبة إلى الحكم، وعلى رأسه روبسبيير الذي أصبح المحرك الأول للمجلس الذي سمي بـ «المؤتمر» Convention.
وكانت السلطة في فرنسا موزعة بين أربع هيئات:
ـ لجنة الإنقاذ العام، وتمثل القوة.
ـ مجلس المؤتمر، ويمثل القانون.
ـ المجلس البلدي، ويمثل الشعب.
ـ نادي اليعاقبة ويمثل المبدأ، وكان روبسبيير قطب الرحى بينها جميعاً كرجل عظيم القوة والجرأة والدهاء، لأنه بمساعدة اليساريين المتطرفين، تمكن من إسقاط زعماء الجيرونديين والسيطرة على مجلس المؤتمر، ثم أسقط اليساريين بمساعدة دانتون فسيطر على المجلس البلدي، ثم قضى على دانتون فسيطر على لجنة الإنقاذ، وكان هو رئيس نادي اليعاقبة أصلاً، وهكذا سيطر على السلطات الأربع جميعها، وأصبح زعيم الثورة الفرنسية ورجلها الأول.
ويبدأ عهد الإرهاب بصدور 1285حكماً بالإعدام بين تاريخي 1/6/ و27/7/1794م، بينما غصت سجون باريس بأكثر من 7800 سجين ينتظرون حلول نهايتهم الفاجعة، وكانت الاعتقالات والأحكام تصدر أحياناً لمجرد الشبهة، مما جعل الاستياء والرعب يعمان جميع طبقات الشعب، بما فيها النواب والبورجوازيون على السواء، لأن كل فرد ينتظر نهايته يوماً ما.
وهكذا جاء يوم 9 ترميدور ـ بحسب تأريخ الثورة ـ أي 27/7/1794م، في ظل مؤامرة تم تدبيرها بإحكام، بدأت باجتماع لمجلس المؤتمر، وفيه استطاع خصوم روبسبيير إسكات أنصاره كلما حاولوا الكلام بعبارة «ليسقط الطاغية». ثم أصدر المجلس قراراً بتوقيف اثنين من أهم أنصار روبسبير هما: رئيس الحرس الوطني، ورئيس المحكمة الثورية، وانتهى الأمر بتوقيف روبسبيير نفسه وسان جوست وآخرين وإرسالهم جميعاً إلى قاعة لجنة الأمن العام. ولكن أنصارهم نجحوا في تحريرهم وإجبار حراسهم على الفرار، وأعلن المجلس البلدي تمرده على مجلس المؤتمر، وعبثاً حاول اليعاقبة ورجال المجلس البلدي وقائد الحرس الوطني إقناع روبسبيير باقتحام مجلس المؤتمر فُجاءة، وتنادت الجماهير إلى السلاح، ولكنه تردد وقتاً طويلاً كان كافياً لكي يستعيد مجلس المؤتمر زمام المبادرة، ويحشد أنصاره، وينذر بالموت كل من يعطي أمراً بالهجوم على مجلس المؤتمر وكل من يشترك في هذا الهجوم، فارتاع الناس، وبدأت ساحات باريس تخلو من الجماهير. وفي الساعة الثانية بعد منتصف الليل اقتحم رجال الأمن غرفة روبسبيير وهم يطلقون النار فأصابوه في فكه واعتقلوه، وفي اليوم التالي حكمت محكمة الثورة بالإعدام على روبسبيير وأنصاره وسيقوا جميعاً في الساعة السادسة إلى المقصلة التي أنهت حياتهم، وبذلك وصلت المؤامرة عليهم إلى أهدافها.
وقد استطاع روبسبيير مع نادي اليعاقبة في تلك المدة القصيرة الضرب على أيدي المحتكرين والمتلاعبين بقوت الشعب، وتنظيم الإدارة، وتشجيع الثقافة، وإلغاء استعباد الزنوج في المستعمرات الفرنسية، وإضافة مبدأ «عدم التدخل في شؤون الآخرين» على الدستور، كما أضيفت المادة 120 إلى الدستور التي نصت على أن الشعب الفرنسي «لا يهادن ولا يسالم عدواً يحتل بلاده». وكان أهم أعمال اليعاقبة بقيادته إلغاء النظام الإقطاعي، وحقوق النبلاء وجعلهم مواطنين عاديين، كما صادروا جميع أملاك الأجانب والمهاجرين من النبلاء وأعداء الثورة، ووزعوها مجاناً على الفقراء، وثبتوا قيمة المسيحية ضد من كانوا ينادون بعبادة العقل، وهكذا أكملت الثورة الفرنسية مهمتها، واتخذت تلك القيمة التاريخية الكبرى.
محمد نادر العطار
ولما حاول الملك لويس السادس عشر الهرب من فرنسا، وقبض عليه، وأُعيد إلى باريس في 25/6/1791، طالب روبسبيير أمام المجلس بإعدام الملك. وفي أوائل أيلول 1971م أنجز المجلس الدستور وانتخبت فرنسا على أساسه مجلسها الجديد. وكان البورجوازيون قد ألفوا حزباً عرف باسم «الجيرونديين»Les Girondins الذين قرروا إعلان الحرب على أوربا ونشر مبادئ الثورة فيها، فانتخب نادي اليعاقبة روبسبيير رئيساً له، فازداد نفوذه، وحاول تخفيف حماس الجماهير للحرب، ولكن المجلس اتخذ قرار الحرب وأعلن الحكم الجمهوري في البلاد، وكان هذا المجلس يضم الجيرونديين، وحزب الجبل الذي انشق عن اليعاقبة وعلى رأسه روبسبيير ودانتون ومارا، وكان ينادي بالثورة إلى النهاية؛ وفي 2 حزيران ـ ترك دانتون رئاسة المجلس البلدي، أو (كومونة باريس Commune de Paris) فحل روبسبيير مكانه، وبعد قتل «مارا» سنة 1793، وإعدام الملك لويس السادس عشر، كانت بريطانيا قد ألبت أوربا كلها على فرنسا، فأنشأ المجلس البلدي لجنة لقيادة البلاد سميت «لجنة الإنقاذ العام»، ولجنة أخرى «لجنة الإثني عشر» لقمع الاضطرابات، وكانت نقمة الشعب على الجيرونديين البورجوازيين تتعاظم، وخاصة بعد محاولتهم إنقاذ الملك، وفي 2/6/1793م حاصر ثمانون ألف رجل مجلس النواب وحملوه على اتخاذ قرار باعتقال زعماء الجيرونديين، وبذلك أوصلوا حزب اليعاقبة إلى الحكم، وعلى رأسه روبسبيير الذي أصبح المحرك الأول للمجلس الذي سمي بـ «المؤتمر» Convention.
وكانت السلطة في فرنسا موزعة بين أربع هيئات:
ـ لجنة الإنقاذ العام، وتمثل القوة.
ـ مجلس المؤتمر، ويمثل القانون.
ـ المجلس البلدي، ويمثل الشعب.
ـ نادي اليعاقبة ويمثل المبدأ، وكان روبسبيير قطب الرحى بينها جميعاً كرجل عظيم القوة والجرأة والدهاء، لأنه بمساعدة اليساريين المتطرفين، تمكن من إسقاط زعماء الجيرونديين والسيطرة على مجلس المؤتمر، ثم أسقط اليساريين بمساعدة دانتون فسيطر على المجلس البلدي، ثم قضى على دانتون فسيطر على لجنة الإنقاذ، وكان هو رئيس نادي اليعاقبة أصلاً، وهكذا سيطر على السلطات الأربع جميعها، وأصبح زعيم الثورة الفرنسية ورجلها الأول.
ويبدأ عهد الإرهاب بصدور 1285حكماً بالإعدام بين تاريخي 1/6/ و27/7/1794م، بينما غصت سجون باريس بأكثر من 7800 سجين ينتظرون حلول نهايتهم الفاجعة، وكانت الاعتقالات والأحكام تصدر أحياناً لمجرد الشبهة، مما جعل الاستياء والرعب يعمان جميع طبقات الشعب، بما فيها النواب والبورجوازيون على السواء، لأن كل فرد ينتظر نهايته يوماً ما.
وهكذا جاء يوم 9 ترميدور ـ بحسب تأريخ الثورة ـ أي 27/7/1794م، في ظل مؤامرة تم تدبيرها بإحكام، بدأت باجتماع لمجلس المؤتمر، وفيه استطاع خصوم روبسبيير إسكات أنصاره كلما حاولوا الكلام بعبارة «ليسقط الطاغية». ثم أصدر المجلس قراراً بتوقيف اثنين من أهم أنصار روبسبير هما: رئيس الحرس الوطني، ورئيس المحكمة الثورية، وانتهى الأمر بتوقيف روبسبيير نفسه وسان جوست وآخرين وإرسالهم جميعاً إلى قاعة لجنة الأمن العام. ولكن أنصارهم نجحوا في تحريرهم وإجبار حراسهم على الفرار، وأعلن المجلس البلدي تمرده على مجلس المؤتمر، وعبثاً حاول اليعاقبة ورجال المجلس البلدي وقائد الحرس الوطني إقناع روبسبيير باقتحام مجلس المؤتمر فُجاءة، وتنادت الجماهير إلى السلاح، ولكنه تردد وقتاً طويلاً كان كافياً لكي يستعيد مجلس المؤتمر زمام المبادرة، ويحشد أنصاره، وينذر بالموت كل من يعطي أمراً بالهجوم على مجلس المؤتمر وكل من يشترك في هذا الهجوم، فارتاع الناس، وبدأت ساحات باريس تخلو من الجماهير. وفي الساعة الثانية بعد منتصف الليل اقتحم رجال الأمن غرفة روبسبيير وهم يطلقون النار فأصابوه في فكه واعتقلوه، وفي اليوم التالي حكمت محكمة الثورة بالإعدام على روبسبيير وأنصاره وسيقوا جميعاً في الساعة السادسة إلى المقصلة التي أنهت حياتهم، وبذلك وصلت المؤامرة عليهم إلى أهدافها.
وقد استطاع روبسبيير مع نادي اليعاقبة في تلك المدة القصيرة الضرب على أيدي المحتكرين والمتلاعبين بقوت الشعب، وتنظيم الإدارة، وتشجيع الثقافة، وإلغاء استعباد الزنوج في المستعمرات الفرنسية، وإضافة مبدأ «عدم التدخل في شؤون الآخرين» على الدستور، كما أضيفت المادة 120 إلى الدستور التي نصت على أن الشعب الفرنسي «لا يهادن ولا يسالم عدواً يحتل بلاده». وكان أهم أعمال اليعاقبة بقيادته إلغاء النظام الإقطاعي، وحقوق النبلاء وجعلهم مواطنين عاديين، كما صادروا جميع أملاك الأجانب والمهاجرين من النبلاء وأعداء الثورة، ووزعوها مجاناً على الفقراء، وثبتوا قيمة المسيحية ضد من كانوا ينادون بعبادة العقل، وهكذا أكملت الثورة الفرنسية مهمتها، واتخذت تلك القيمة التاريخية الكبرى.
محمد نادر العطار