وأنا نفسي أجدها صعبة كذلك، فلمعرفة الأسباب التي جعلت من فهمها أمرًا عصيبًا قد أمضيت 40 عامًا في تعليم الفيزياء.
لماذا يجد الطلاب، الذين يجدون الرياضيات سهلة على الفهم، الفيزياء صعبة؟
أولًا، يعني الطلاب بعبارة “فهم شيء ما” ملاءمة ذلك الشيء داخل نطاق فهمهم الصحيح لما يوجد حولهم.
وبما أن فهم الطلاب الحالي للكون هو في الحقيقة غير صحيح؛ وبما أن ما هو صحيح في الواقع من المستحيل أن يصدقه الشخص العادي؛ فبالتالي هناك عقبة كبيرة يجب اجتيازها لفهم الفيزياء.
ثانيًا، الفيزياء التي تُدرّس لهم ليست فيزياء صحيحة، بل هي قيم تقريبية هندسية فقط. ل
ذلك، فهي ليست فقط غير منطقية بالنسبة لرؤية الطلاب غير الصحيحة للكون، بل هي أيضًا غير منطقية بالنسبة للرؤية الصحيحة لميكانيكا الكم.
الفيزياء الصحيحة هي بالطبع ميكانيكا الكم.
فقد انتصرت ميكانيكا الكم على كمّ كبير من الهجمات ضدها بواسطة أكبر علماء الفيزياء، وهي القاعدة الفكرية التي يبدأ عندها إدراكنا وفهمنا للكون.
ميكانيكا الكم غير النسبية تقود إلى معادلات ماكسويل، والتي لم تتغير في عهد لورينتز.
أما توحيد الزمان والمكان بواسطة مينكاوسكي إلى الزمكان فهي خطوة كبيرة للأمام نحو فهم طبيعة الكون.
لم أجد قط كتابًا دراسيًا واحدًا يشرح الزمكان وفقًا لمينكاوسكي، كما لم أجد نصًا للنسبية العامة يذكر “مسلّمتا أينشتاين”.
في صفحة 1155 من كتاب “University Physics” لـR. L. Reese نجد أن النظرية الخاصة تأتي من مسلّمتين:
المسلّمة الأولى هي أن سرعة الضوء في الفراغ لها نفس القيمة العددية c عند قياسها في أي إطار مرجعي قصوري (عطالي)، مستقلة عن حركة المصدر أو/و الملاحظ.
المسلمّة الثانية هي أن قوانين الفيزياء الأساسية لا تتغير في جميع الإطارات المرجعية القصورية.
لا شك، تاريخيًا، أن ألبرت أينشتاين في عام 1905 قدّم مسلّمتين.
لكن المسلّمة الأولى لم تستمر خلال هذه السنة.
ففي سبتمبر 1905، نشر أينشتاين ورقة بحثية من النسبية – والتي كان فيها معادلته الشهيرة E=mc^2، وذكر في تلك الورقة مسلّمة واحدة فقط.
كما احتوت الورقة على ملحوظة: “بالطبع مبدأ ثبات سرعة الضوء موجود في معادلات ماكسويل.
” كم أحب ذلك، “بالطبع”، يا لتواضع أينشتاين!
لا أعلم إن كان ذلك صحيحًا، لكنني أتذكر أنه قيل لي أثناء العصور الوسطى تعلّم الطلاب القسمة والضرب باستخدام الأعداد الرومانية، بينما الأعداد العربية كانت للطلاب في المستويات المتقدمة.
هذا تمامًا ما يحدث اليوم عند شرح النسبية الخاصة.
المسلّمات القديمة التي لا تمثل سوى اهتمامات الفيزيائيين بالتاريخ تُقدم إلى الطلاب على أنها “النسبية الخاصة”.
بعض الكتب تحذر الطلاب من استحالة المسلّمة الأولى؛ إلا أن جميع الكتب تجعل الطلاب يصلون إلى نتائج صحيحة ولكنها غير منطقية (كمثال: نسبية التزامن) باستخدام التجارب الفكرية وبالطبع المسلّمة الأولى.
بعض الكتب على الأقل تتّبع الورقة البحثية الثانية لأينشتاين والتي يستخدم بها مسلّمة واحدة؛ لكن لا يقوم أي منها بعمل المطلوب حقًا، وهو الاستغناء عن أينشتاين وتبنّي أفكار مينكاوسكي.
أجد أن الوقت قد حان للاستغناء عن المسلّمتين وتعليم الطلاب النسبية الخاصة بطريقة مينكاوسكي.
إن المفهوم الذي يتبعه النظام المتري لمينكاوسكي في وصف الزمكان مقبول جدًا بالنسبة للطلاب، فهو ليس غريبًا أو غيرمنطقي.
وعند اتفاق الطلاب أن النظام المتري لمينكاوسكي قد يساعد في وصف الكون، فسيكون من السهل جدًا استنتاج – إذا كان هذا ما يجب أن يكون عليه عالمنا -أنه لابد من وجود سرعة حدية.
وبعدئذ يبدأ كل شيء بالتتابع في سهولة ويُسر.