كوجيكي Kojikiأول أثر تراثي أدبي ديني في تاريخ اليابان(كتاب)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • كوجيكي Kojikiأول أثر تراثي أدبي ديني في تاريخ اليابان(كتاب)

    كوجيكي Kojiki - Kojiki
    كوجيكي

    (القرن 7ـ 8 الميلادي)



    يعد كتاب «كوجيكي» Kojiki أول أثر تراثي أدبي ديني في تاريخ اليابان، وله في ديانة الشينتو Shinto التي تعتنقها غالبية اليابانيين مكانة تقارب القداسة. يعود تاريخ تدوين الكتاب إلى عهد الامبراطور الأربعين تِنْمُ ـ تِنّو Tenmu-Tenno (حكم بين 673 ـ 686م) الذي أراد تجنب الوقوع في الخطأ أو التحريف فيما يتعلق بالتراث من أنساب ووقائع، فأمر بجمع كل ما هو محفوظ شفهياً من أنساب وأساطير وحكايات بطولية وأشعار وأخبار تاريخية، لكي تُصنف وتُرتب، فيضمن بذلك توثيقاً حقيقياً لتاريخ اليابان القديمة، وكان ذلك عام 682م عندما اختار للمهمة هيدا نو آرِه Hieda No Are التي كانت حكواتية محترفة Katari-be من مقام رفيع، فشرعت بتنفيذ المشيئة الامبراطورية. إلا أن التدوين الفعلي للمادة لم يبدأ إلا في عهد الامبراطورة الثانية والأربعين غِنْمَي Genmei (حكمت بين 707 ـ 715م)، التي وقع اختيارها على العالِم أُو نو ياسُمارو O No Yasumaro (توفي 723م) الذي نفذ المهمة في أربعة شهور، وسلّم المخطوط للامبراطورة معتمداً على إملاء آرِه وعلى مصادر أخرى في الوقت نفسه، وبذلك ظهرت إلى الوجود النسخة الأولى من كتاب «كوجيكي» من وجهة نظر البلاط الامبراطوري. يضم الكتاب بين دفتيه لغوياً مواد تعود إلى بدايات التاريخ الياباني متدرجة زمنياً حتى أواخر القرن السابع الميلادي. وبعد بضع سنوات شارك ياسُمارو بقسط كبير في جمع كتاب «نيهون شوكي» Nihon - Shoki أي «الحوليات»، وبسبب أفضاله المؤثرة عبر الزمن، قام البلاط بعد اثني عشر قرناً (في عام 1911) برفع ياسُمارو إلى المرتبة الثالثة في نظام البلاط الهرمي.

    يتألف الكتاب من ثلاثة أجزاء، ويبدأ تسلسله زمنياً بقصة الخلق (انفصال السماء عن الأرض)، لينتقل بعد مجموعة أخبار إلى أنساب الآلهة، ووصف طبيعة حياتها في السماء، ثم إلى هبوط حفيد إلهة الشمس إلى الأرض ثم إلى ولادة أول امبراطور على الأرض (اليابان) باسم جينْمُ Jinmu. ويبدأ الجزء الثاني بالحملة العسكرية لاحتلال الجزر اليابانية كافة وتأسيس امبراطورية حفيد الإلهة وحتى وفاة الامبراطور الخامس عشر أُوجين Ojin (حكم بين 270 ـ 310م). أما الجزء الثالث فيضم حشداً من أخبار الأباطرة الذين تتالوا على العرش حتى عهد الامبراطورة سويكو Suiko (حكمت بين 592 ـ 628). وبينما جاء الجزء الأول مخصصاً كلياً للأساطير التي تثبت الأصل السماوي لليابان، والأصل الإلهي لسلالة أباطرتها. ينتقل الجزء الثاني إلى الزمن التاريخي على الرغم من بعض السمات الخرافية، ويخصص جزءاً كبيراً لتفاصيل الأنساب. ولقد دُوِّن الكتاب كله بعلامات الكتابة الصينية، إذ لم تكن اللغة اليابانية حينذاك قد طورت كتابتها الخاصة بها.

    لا ينطوي كتاب «كوجيكي» على تسلسل زمني دقيق بالمفهوم العلمي، كالذي بنيت وفقه «الحوليات» أو «نيهون يوكي»، كما أنه لا ينطوي على موقف نقدي من الأحداث والشخصيات كما في «الحوليات» أيضاً. فالأساطير المذكورة فيه مثلاً ترد في صيغة أحادية، في حين يورد «نيهون شوكي» مختلف الصيغ المتداولة للأسطورة الواحدة. وعلى نقيض الأخير يقارب «كوجيكي» من حيث عموده الفقري أن يشبه «شجرة العائلة» بتفاصيل أفعال المذكورين على وريقاتها المتعددة. وإضافة إلى ذلك يتضمن «كوجيكي» (111) قصيدة من نوع تَنْكا Tanka ذي الأبيات الخمسة. وعلى الرغم من أهمية الكتاب كسجل للأساطير والأنساب والأعمال فقد نُسي قروناً عدة حتى جـاء الباحث مُوتوري نوريناغا Motoori Norinaga (1730 - 1801) الذي أمضى خمسة وثلاثين عاماً من عمره في دراسة الـ«كوجيكي» وتأويله وأصدر نتائج أبحاثه في أربعة وأربعين مجلداً بعنوان «كوجيكيدن» Kojikiden أي «تفسير كوجيكي»، فلفت الأنظار إليه ورفع مكانته عند اليابانيين إلى مصاف الكتاب المقدس، كي يحافظ على الروح اليابانية من حيث الربط بين الدين والدولة والفرد الذي يقدس امبراطوره، في مواجهة فكر الحداثة الغربية وتقاناتها التي دخلت اليابان من بابها الأوسع.

    نبيل الحفار
يعمل...
X