ريتسوس (يانيس) Ritsos (Yannis-) - Ritsos (Yannis-) ريتسوس (يانيس ـ) (1909 ـ 1991) يعد يانيس ريتسوس Jannis Ritsos أحد أهم الشعراء اليونانيين في القرن العشرين ممن وصلوا إلى الشهرة العالمية، إذ تُرجمت قصائده إلى أكثر من خمسين لغة، ونال عدة جوائز وطنية وعالمية ورُشح لجائزة نوبل للأدب. ينحدر ريتسوس من عائلة شبه إقطاعية ذات تقاليد عريقة، لكنها آلت إلى التدهور بسبب هوس والده بالقمار، ونتيجة للأمراض التي نزلت بأفراد العائلة فأودت بهم الواحد تلو الآخر. ولد في مدينة مونيمفاسيا Monemvassia جنوب شرقي منطقة البِلوبونيز. وعندما بلغ السادسة عشرة من عمره كان قد تعلم الرسم والعزف على البيانو وأنهى المرحلة الإعدادية وحفظ الكثير من الشعر. ولكونه قد صار وحيداً ومن دون معيل، توجه في عام 1925 إلى العاصمة أثينا بحثاً عن المستقبل، في مدينة تشهد أزمة خانقة بعد الحرب العالمية الأولى، فمارس أعمالاً متنوعة، ضارباً على الآلة الكاتبة وناسخاً في البنك الوطني وأمين مكتبة في نقابة المحامين، إلا أن إصابته بالسل اضطرته إلى دخول المشافي عدة مرات طويلة. وقد ظهرت انطباعاته وتجاربه الحياتية في قصائده المبكرة ذات الأسلوب التقليدي. وفي عام 1930 التحق ريتسوس بالقسم الفني من «النادي العمالي» حيث تدرب على التمثيل والرقص والإلقاء، ثم انتقل إلى مسرح «كيبسيلي» المحترف وبقي فيه ممثلاً وراقصاً حتى اندلاع الحرب العالمية الثانية. وتعرف في هذه المرحلة غوفوستيس Govostis الذي صار من أهم ناشري الأدب اليساري في اليونان، وعمل معه ريتسوس طوال عشرين عاماً مصححاً وقارئاً للبروفات الطباعية الأدبية والسياسية. أصدر ريتسوس في عام 1934، سنة عودة الملك جورج الثاني إلى عرشه، ديوانه «تركتورات» Tracteurs الذي تغنى فيه بحركة البناء الاشتراكي في الاتحاد السوفييتي، والذي صدم القراء بجعله موضوع Théme التقانة مادة شعرية لأول مرة في الشعر اليوناني. وفي العام التالي صدر ديوانه «أهرامات» (1935) Pyramides مع بداية دكتاتورية ميتاكساس Metaxas الذي أمر بإطلاق النار على عمّال التبغ المضربين في مدينة سالونيكي عام 1936. وفي اليوم التالي للحدث رأى ريتسوس في صحيفة «ريزوسباستيس» الشيوعية صورة أم وسط الشارع تركع أمام جثمان ابنها القتيل، فاعتكف في بيته يومين وليلتين، وفي صباح اليوم الثالث كان بين يديه قطعة حية من دمه، أي قصيدة «رثاء الموتى» Epitaphios المؤلفة من عشرين نشيداً جنائزياً للأم. إنها القصيدة التي انعطف بها ريتسوس عن شكلية وتعليمية أعماله الأولى؛ فهنا انبثق خيط من السخرية في غنائية عارية من الزينة، بل من دم حار، ومن لغة أليفة وثرية في الوقت نفسه، غنائية مشدودة إلى الذاكرة الجمعية بوشائجها الشعورية، بالغناء العامي والأسطورة الوثنية والطقس الأرثوذكسي. وقد نشرت القصيدة في كتيب، بيع منه في أسبوع عشرة آلاف نسخة. ونتيجة لتأثير القصيدة البالغ داهم جهاز الأمن المطبعة وصادر الكتيب وضمه إلى مؤلفات غوركي[ر] وفرانس[ر] وغيرهم، ونفذ بها محرقة بالأسلوب النازي أمام معبد زيوس الأولمبي في أثينا. وفي السنوات التالية حتى نشوب الحرب العالمية الثانية، نشر ريتسوس لدى غوفوستيس ثلاثة دواوين هي «أغنية شقيقتي» (1937) Chant de ma s ur و«سمفونية الربيع» (1938) Symphonie du pritemps و«زحف المحيط» La Marche de l’océan، وكان قد انتكس صحياً في عام 1937 فبقي في المصحة حتى 1938، والتحق حال شفائه بالمسرح الغنائي التابع للمسرح القومي الحديث النشأة، كي يعيل نفسه. ومع أنه كاد يموت جوعاً في المجاعة الكبرى عام 1940 فقد رفض قبول أموال تبرعات المناصرين والأصدقاء وطلب تحويلها إلى جمعية الأدباء والشباب. اعتقل ريتسوس في عام 1948 في أثينا ونقل إلى معسكر الاعتقال في جزيرة ليمنوس Limnos، ومع تصاعد إرهاب النظام نُقل إلى معسكر جزيرة ماكرونيسوس Macronissos عام 1949الذي كان نموذجاً كابوسياً للبربرية. ولكن نتيجة الحملة العالمية للأدباء والمفكرين التي قادها لوي أراغون[ر] ومجلة «الآداب الفرنسية» تهيّب النظام من صنع لوركا[ر] جديد، فنُقل ريتسوس إلى معسكر آيس سترانيس Ais Stranis حيث سُمح له بالكتابة والرسم. وعندما أفرج عنه عام 1952 كان في حوزته قرابة خمسمئة رسم بألوان الأكواريل والقصائد الكبرى لتلك الحقبة والتي عُرفت بـ«الزمن الحجري» (1949) Petrinos Chronos ومجموعة قصائد «يقظة» (1954) Veille التي تضم القصيدة الشهيرة «الهيلينية» (1947) Grécité المهداة إلى المناضلين في سبيل يونان حرة كريمة، رابطاً تاريخها بين أوليس هوميروس[ر] مروراً بأساطير البطولة البيزنطية والأعمال النبيلة للمتمردين والأنصار، إلى حرب تحرير عام 1821، وحتى التاريخ الراهن، مبرزاً ارتباط الإنسان اليوناني بأرضه وطبيعته. بعد عامين من الحرية النسبية تزوج ريتسوس من فاليتسا غورغياديس خريجة جامعة أثينا التي أنجبت لهما في العام التالي ابنتهما الوحيدة أيرا Aira. وحصل عام 1956، لأول مرة، على جواز سفر فزار الاتحاد السوفييتي ورومانيا وتشيكوسلوفاكيا، وترجم في أثناء رحلته قصائد لماياكوفسكي[ر] وناظم حكمت[ر] وإيليا إيرنبورغ[ر] ونيكولا غيين وهنري ميشو[ر]. وتتالت كذلك دواوينه الجديدة، مثل «سوناتا ضوء القمر» (1956) Sonate du clair de lune الذي فاز بالجائزة الهيلينية الوطنية الكبرى والذي افتتح مرحلة جديدة في أسلوب ريتسوس الشعري. وتلاه ديوان «عندما يأتي الغريب» (1958) Quand vient l’étranger و«الجسر» (1959) Le Pont. وبدءاً بعام 1962 صدرت دواوين ما سمي بالمرحلة التراثية اليونانية، كما في «البيت الميت» (1962) La Maison morte و«تحت ظلال الجبل» (1962) Sous l‘ombre de la mongtagne و«فيلوكتيت» (1965) Philoctet و«أورست» (1966) Oreste. ولكن مع الانقلاب العسكري عام 1967 اعتقل ريتسوس مجدداً مع جميع القيادات السياسية والثقافية والنقابية الليبرالية والتقدمية، وبقي في معتقل ياروس Jarros «جزيرة الشيطان» ممنوعاً من الكتابة حتى أفرج عنه عام 1970 بسبب تدهور وضعه الصحي وضغط الحملة التي قادها الأدباء. وقد خرج وهو يحمل حقيبتين هائلتين متخمتين بالحجارة التي نقشها وحفر عليها، مستفيداً من تكنيك صديقه الفنان السجين فاسو كاتراكي Vasso Catraki. وتوافق عام الإفراج عنه مع تخفيف السلطة قيود الرقابة على المطبوعات جزئياً. ولتحاشي الإقدام على مواجهة فردية مع النظام، قرر الشعراء نشر ديوان جماعي ضم ثماني عشرة قصيدة، لاقى إقبالاً واسعاً. وبعد شهور قليلة نشروا ديواناً جديداً تصدرته قصيدة ريتسوس الشهيرة «مذبحة ميلو» (1971) la Massacre de Milo . وفي العام التالي نشر ريتسوس ديواني «إسمينه» Ismène و«غراغاندا» Graganda متابعاً فيهما مرحلته التراثية. وبسقوط النظام العسكري عام 1974 تنتهي سنوات عذاب ريتسوس، وكان قد حصل عام 1972 على الجائزة الدولية الكبرى للشعر، التي سبق أن منحت لأونغاريتي[ر] وسان جون بيرس[ر] وأوكتافيو باث[ر]. وفي عقد الثمانينات كتب ريتسوس قصائد حب وغزل نشرها في ديوان «إيروتيكا» (1981) Erotique ، وكذلك تأملات فلسفية في ديوان «يالغرابة هذه الأمور» (1983) Ti paraxena paramata ، إلى جانب كثير من الدراسات النقدية حول كبار الشعراء العالميين مثل ماياكوفسكي وبلوك وإيلوار ولوركا. نبيل الحفار
ريتسوس (يانيس) Ritsos Yannisأحد أهم الشعراء اليونانيين
تقليص
X