غزه (مدينه)
Gaza - Gaza
غزَّة (مدينة ـ)
تقع مدينة غزة في جنوبي فلسطين على ساحل البحر المتوسط عند تقاطع 30 َ 31 ْ عرضاً شمالاً و 28 َ 34 ْ طولاً شرقاً، وتعد عاصمة للقِطاع المسمَّى باسمها، والذي يشكّل شريطاً أرضياً محاذياً للبحر، طوله 40كم وعرضه يراوح بين 5 ـ 8كم، ولاتزيد مساحته على 324 كم2، وقد أطلق الفرس عليها اسم هازاتو، وسُمِّيت غزة زمن العبرانيين، وأصبحت غزَّةَ هاشم زمن العرب نسبةً إلى هاشم بن عبد مناف جدّ الرسولr.
إن وقوع غزة عند التقاء إقليمين جغرافيين متباينين؛ هما إقليم البحر المتوسط وإقليم الصحراء يؤثر في مناخها، فمن حيث درجات الحرارة تكون مرتفعة، ويصل معدلها السنوي إلى20 ْ مئوية، ويبلغ في أشهر الصيف 25 ْ مئوية وينخفض في أشهر الشتاء إلى 14.5 ْ مئوية. أمطارها شتوية كافية لممارسة الزراعة البعلية، ويصل معدلها الوسطي إلى373مم سنوياً، والرطوبة النسبية نحو70% على مدار السنة. وقد حفرت في غزَّة وقطاعها الكثير من آبار كثيرة للحصول على مياه الشرب وري المزروعات بسبب انعدام المجاري المائية الدائمة، وقد أدى ذلك إلى انخفاض مستوى المياه الجوفية أو نضوبها أو تملحها في أحيان كثيرة.
طبوغرافية المدينة
كان بناء غزَّة في بدايتها على تل ارتفاعه 45م فوق سطح البحر، ويذكر المؤرخون أن ذلك يعود إلى منتصف الألف الثالثة قبل الميلاد، وقد أُحيطت بسور، وعندما نمت المدينة امتد العمران خارج السور باتجاه الشمال والشرق والجنوب ومؤخراً باتجاه الغرب، ونتيجةً لتكرار البناء والهدم على مر التاريخ ارتفع التل بتفاوت، ويعد تل المنطار البالغ ارتفاعه 83م فوق سطح البحر الواقع إلى جنوب شرق المدينة أعلى بقعة فيها وخطها الدفاعي الحصين. كان امتداد غزة باتجاه الغرب في ثلاثينات القرن الماضي، بعد أن ثُبِّتَ زحف الكثبان الرملية، وتُعرف هذه المنطقة اليوم بغزَّة الجديدة.
جمع المخطط الهندسي للمدينة أشكالاً متعددة نتيجة طبوغرافية أرضها، ففي المدينة القديمة داخل السور الذي لم يبق منه حالياً سوى آثار أبوابه؛ يُلحظ المخطط الشعاعي والطرق الدائرية التي تتمركز حول نواة يمثلها الجامع العُمري الكبير والسوق الرئيسة، وتحصر هذه الشوارع فيما بينها مساحات من الأرض أُقيمت عليها البيوت والأسواق.
ويسود المخطط الشطرنجي الجزء الشمالي الغربي من المدينة أو غزة الجديدة ، ويتميز بالشوارع المتعامدة، أما المخطط النجمي ففي أطراف المدينة، حيث الشوارع الرئيسة المؤدية إلى الطرق الخارجية وسكة الحديد، وتنتشر المساكن هنا على امتداد هذه الطرق عامةً.
السكان
تأرجح عدد سكان غزة بين الزيادة والنقصان، تبعاً للظروف السياسية والاقتصادية التي مرت بها المدينة ومنطقتها، فعندما تستقبل أفواج المهاجرين يرتفع عدد سكانها على نحو ملحوظ، وعندما تدفع بهم إلى مغادرتها ينخفض عددهم. وتذكر المصادر أن أول تقدير لعدد سكان المدينة يعود إلى عام 1840م، إذ بلغوا 2000 نسمة، وارتفع عددهم في بدايات القرن العشرين إلى 26000 نسمة، ثم 32000 نسمة قبيل الحرب العالمية الأولى، إلا أن ويلات الحرب والعمليات العسكرية التي صاحبتها أدت إلى انخفاض هذا العدد إلى 4000 نسمة، ثم عاد عدد السكان إلى الارتفاع مجدداً بعد انتهاء الحرب، فوصل إلى 17000 نسمة في عام 1927م و40000 نسمة في عام 1947م. وإثر نكبة فلسطين وتدفق اللاجئين على المدينة ارتفع العدد ليصل إلى 102500 نسمة في عام 1954، وواصل ارتفاعه حتى وصل إلى 150000نسمة في عام 1965م وإلى 175000 نسمة في عام 1978 وإلى 414741 نسمة في عام 2000م.
إن اقتطاع قسم كبير من ظهير غزة الجغرافي بسبب الاحتلال الصهيوني لفلسطين؛ أدى إلى عدم تمكن المدينة من ممارسة وظائفها كاملة، أو بمعنى آخر إلى محدودية هذه الوظائف، ويمكن ذكر النشاطات التي يمارسها سكان المدينة التي أكسبتها وظائفها الآتية:
ـ الوظيفة الزراعية:
انخفض كثيراً عدد العاملين في الزراعة نتيجة اقتطاع مساحات واسعة من أراضي غزة الزراعية بعد النكبة، وقد أدى ذلك إلى عجز الإنتاج الزراعي عن قضاء حاجات سكان المدينة وإلى إجبارهم على استيراد ما يحتاجونه من الخارج، وأبرز المحاصيل التي تنتجها المدينة الحبوب والحمضيات والفواكه، وعندما يكون هناك فائض في الإنتاج يواجه سكان المدينة القيود التي يفرضها الاحتلال على عملية التصدير لهذا الفائض إلى خارج القطاع، فضلاً عن الأساليب التي يتبعها الاحتلال من إتلاف المحاصيل الزراعية وقطع الأشجار ومصادرة الأراضي في زيادة العجز المذكور أعلاه.
ـ الوظيفة الصناعية:
تحول قسم كبير من العاملين في الزراعة إلى العمل في الصناعة للأسباب التي ذكرت سابقاً، وزاد من ارتفاع أعداد العاملين في هذا المجال توافدُ المهاجرين من اللاجئين الذين لايملكون أراضَ زراعية، ويعمل القسم الكبير من السكان في صناعة النسيج وفي نسج البسط والسجاد وما يُلحق بها من صباغة وتطريز، وهذه الصناعة تحت إشراف اتحاد مصانع النسيج. وهناك صناعات الفخار والصابون ولفائف التبغ وبعض الصناعات المرتبطة بأعمال البناء كصناعة البلاط والآجر وصناعة المفروشات والمياه الغازية واستخراج زيت السمسم والدباغة وغيرها.
تشكل حرفة الصيد البحري مورداً آخر للرزق، إذ يعمل بها كثيرٌ من السكان، ولاسيما بعد وفود كثير من المهاجرين إلى القطاع بعد عام 1948م. وتنشط حركة الصيد على مدار السنة، لكنها تزداد بين شهري أيار/مايو وتشرين الثاني/نوفمبر، ويمكن أن تُلحق بالصيد حرفة صنع القوارب الشراعية اللازمة لها.
ـ الوظيفة التجارية:
تقع غزة على أبرز طرق التجارة في العالم القديم، تلك القادمة من الهند إلى اليمن وحضرموت والمتجهة من غزة إلى البتراء وتدمر وبلاد الشام، وقد زاد من أهمية هذا الموقع بناء السكة الحديدية المتجهة من حيفا إلى مصر، لكن الاحتلال الصهيوني لفلسطين وعزل غزة عن محيطها المحلي والعربي قلَّص هذا الدور كثيراً، وما زاد من ذلك قلة الموارد الاقتصادية وازدحام المدينة بالسكان وضعف القوة الشرائية لديهم وانتشار البطالة والفقر، وقد جرى تعويض ذلك جزئياً من الأموال التي يرسلها المغتربون إلى ذويهم، وميزان غزة التجاري خاسر وفي عجزٍ دائم. وتستورد المدينة المنتجات الغذائية والمواد المصنعة وتصدِّر ما يفيض عن حاجتها من إنتاجها الزراعي، ويحتكر ميناء غزة 60% من حركة التبادل التجاري، ويتم الباقي عن طريق السيارات وسكة الحديد. وتكون الحركة التجارية في المدينة ناشطة حيث تشتمل على كثير من الأسواق التخصصية، مثل أسواق الحبوب والخضار والماشية، إضافةً إلى السوق الرئيسة في وسط المدينة.
ـ الوظيفة الإدارية والثقافية:
إن اتخاذ غزة مقراً للسلطة الفلسطينية في القطاع أدى إلى ارتفاع أعداد الموظفين والإداريين فيه، وإذا أضيف إليهم أعداد العاملين في سلك التربية والتعليم بمراحله المختلفة، الذي شهد توسعاً ملحوظاً بعد الاحتلال، يتضح الدور الإداري لمدينة غزة، وفي المدينة كثير من الجمعيات الخيرية، مثل لجنة الزكاة والمجمع الإسلامي والجمعية الإسلامية وجمعية الوفاء وجمعية الرحمة وجمعية الشابات المسلمات وغيرها، وفي المدينة كثير من النوادي مثل النادي الرياضي والنادي القومي ونادي الشباب العربي والنادي الشعبي والنادي الأرثوذكسي وفيها جمعية الاتحاد النسائي وجمعية النهضة النسائية وجمعية التقدم النسائي. وتعمل جميع هذه الجمعيات والنوادي على نشر الوعي الثقافي والسياسي لدى السكان وإذكاء روح المقاومة ورفض الاحتلال ودعم صمود الشعب الفلسطيني في مواجهة ظروفه الصعبة.
لمحة تاريخية
تذكر المصادر التاريخية أن نشأة غزة تعود إلى 4000 ـ 3500 سنة ق.م، وكان أول من سكنها القبائل الكنعانية التي نزحت من الجزيرة العربية ونزلت في فلسطين وساحل بلاد الشام، وعانت غزة من المصريين القدماء، إما في أثناء فتحها أو أثناء العبور منها إلى بلاد الشام. وخضعت المدينة لسيطرة الهكسوس وتلاهم الفلسطينيون ثم الآشوريون. وفي عام 609ق.م أصبحت تحت سيطرة البابليين، واستمر ذلك حتى عام 535ق.م حين احتُلت من الفرس الذين حكموها حتى عام 332ق.م، لتصبح تحت سيطرة الإسكندر المقدوني. وفي عام 96ق.م احتلها الرومان، وشهدت في زمنهم ازدهاراً تجارياً وعمرانياً.
فتح العرب المسلمون غزة في عام 634م على يد القائد عمرو بن العاص، وفي عام 1100م، احتلها الصليبيون الذين حاولوا تحويل أهميتها التجارية إلى مدينة عسقلان. غير أن المسلمين استرجعوا المدينة منهم في عام 1187م بعد معركة حطين، وعندما غزا المغول بلاد الشام أصبحت غزة تحت سيطرتهم إلى أن تمكن الظاهر بيبرس من الانتصار عليهم في معركة عين جالوت، وبقيت المدينة تحت سيطرة المماليك حتى مجيء العثمانيين في عام 1516م، الذين أخلوا المنطقة كاملةً في عام 1917م لمصلحة الانتداب البريطاني والفرنسي.
استمرت غزة تحت الانتداب البريطاني حتى عام 1948م الذي سمح بقيام الكيان الصهيوني وانتقلت غزة وقطاعها إلى السيادة المصرية حتى عام 1967م، حين احتلت من قبل العدو حتى قيام السلطة الفلسطينية في عام 1994م التي تسلمت إدارة القطاع. وتم إبِّان الانتفاضة الأخيرة اجتياح غزة وقطاعها مرات عديدة، وقُسِّم القطاع إلى أجزاء وفُرضت القيود والعراقيل على حركة السكان الذين تعرَّضوا للتنكيل بهم وتعذيبهم وإذلالهم.
لكن أبناء القطاع ظلوا صامدين في مواجهة العدو، وقاوموه بكل الأساليب والإمكانات المتاحة، وسجلوا بطولات سيذكرها التاريخ لهم. وقد أجبرت هذه المقاومة العدو على اتخاذ قرارٍ بالانسحاب من القطاع فكان ذلك في شهر آب من عام 2005م.
بسام حميدة
Gaza - Gaza
غزَّة (مدينة ـ)
إن وقوع غزة عند التقاء إقليمين جغرافيين متباينين؛ هما إقليم البحر المتوسط وإقليم الصحراء يؤثر في مناخها، فمن حيث درجات الحرارة تكون مرتفعة، ويصل معدلها السنوي إلى20 ْ مئوية، ويبلغ في أشهر الصيف 25 ْ مئوية وينخفض في أشهر الشتاء إلى 14.5 ْ مئوية. أمطارها شتوية كافية لممارسة الزراعة البعلية، ويصل معدلها الوسطي إلى373مم سنوياً، والرطوبة النسبية نحو70% على مدار السنة. وقد حفرت في غزَّة وقطاعها الكثير من آبار كثيرة للحصول على مياه الشرب وري المزروعات بسبب انعدام المجاري المائية الدائمة، وقد أدى ذلك إلى انخفاض مستوى المياه الجوفية أو نضوبها أو تملحها في أحيان كثيرة.
طبوغرافية المدينة
كان بناء غزَّة في بدايتها على تل ارتفاعه 45م فوق سطح البحر، ويذكر المؤرخون أن ذلك يعود إلى منتصف الألف الثالثة قبل الميلاد، وقد أُحيطت بسور، وعندما نمت المدينة امتد العمران خارج السور باتجاه الشمال والشرق والجنوب ومؤخراً باتجاه الغرب، ونتيجةً لتكرار البناء والهدم على مر التاريخ ارتفع التل بتفاوت، ويعد تل المنطار البالغ ارتفاعه 83م فوق سطح البحر الواقع إلى جنوب شرق المدينة أعلى بقعة فيها وخطها الدفاعي الحصين. كان امتداد غزة باتجاه الغرب في ثلاثينات القرن الماضي، بعد أن ثُبِّتَ زحف الكثبان الرملية، وتُعرف هذه المنطقة اليوم بغزَّة الجديدة.
جمع المخطط الهندسي للمدينة أشكالاً متعددة نتيجة طبوغرافية أرضها، ففي المدينة القديمة داخل السور الذي لم يبق منه حالياً سوى آثار أبوابه؛ يُلحظ المخطط الشعاعي والطرق الدائرية التي تتمركز حول نواة يمثلها الجامع العُمري الكبير والسوق الرئيسة، وتحصر هذه الشوارع فيما بينها مساحات من الأرض أُقيمت عليها البيوت والأسواق.
ويسود المخطط الشطرنجي الجزء الشمالي الغربي من المدينة أو غزة الجديدة ، ويتميز بالشوارع المتعامدة، أما المخطط النجمي ففي أطراف المدينة، حيث الشوارع الرئيسة المؤدية إلى الطرق الخارجية وسكة الحديد، وتنتشر المساكن هنا على امتداد هذه الطرق عامةً.
السكان
تأرجح عدد سكان غزة بين الزيادة والنقصان، تبعاً للظروف السياسية والاقتصادية التي مرت بها المدينة ومنطقتها، فعندما تستقبل أفواج المهاجرين يرتفع عدد سكانها على نحو ملحوظ، وعندما تدفع بهم إلى مغادرتها ينخفض عددهم. وتذكر المصادر أن أول تقدير لعدد سكان المدينة يعود إلى عام 1840م، إذ بلغوا 2000 نسمة، وارتفع عددهم في بدايات القرن العشرين إلى 26000 نسمة، ثم 32000 نسمة قبيل الحرب العالمية الأولى، إلا أن ويلات الحرب والعمليات العسكرية التي صاحبتها أدت إلى انخفاض هذا العدد إلى 4000 نسمة، ثم عاد عدد السكان إلى الارتفاع مجدداً بعد انتهاء الحرب، فوصل إلى 17000 نسمة في عام 1927م و40000 نسمة في عام 1947م. وإثر نكبة فلسطين وتدفق اللاجئين على المدينة ارتفع العدد ليصل إلى 102500 نسمة في عام 1954، وواصل ارتفاعه حتى وصل إلى 150000نسمة في عام 1965م وإلى 175000 نسمة في عام 1978 وإلى 414741 نسمة في عام 2000م.
شواطئ مدينة غزة |
ـ الوظيفة الزراعية:
انخفض كثيراً عدد العاملين في الزراعة نتيجة اقتطاع مساحات واسعة من أراضي غزة الزراعية بعد النكبة، وقد أدى ذلك إلى عجز الإنتاج الزراعي عن قضاء حاجات سكان المدينة وإلى إجبارهم على استيراد ما يحتاجونه من الخارج، وأبرز المحاصيل التي تنتجها المدينة الحبوب والحمضيات والفواكه، وعندما يكون هناك فائض في الإنتاج يواجه سكان المدينة القيود التي يفرضها الاحتلال على عملية التصدير لهذا الفائض إلى خارج القطاع، فضلاً عن الأساليب التي يتبعها الاحتلال من إتلاف المحاصيل الزراعية وقطع الأشجار ومصادرة الأراضي في زيادة العجز المذكور أعلاه.
ـ الوظيفة الصناعية:
تحول قسم كبير من العاملين في الزراعة إلى العمل في الصناعة للأسباب التي ذكرت سابقاً، وزاد من ارتفاع أعداد العاملين في هذا المجال توافدُ المهاجرين من اللاجئين الذين لايملكون أراضَ زراعية، ويعمل القسم الكبير من السكان في صناعة النسيج وفي نسج البسط والسجاد وما يُلحق بها من صباغة وتطريز، وهذه الصناعة تحت إشراف اتحاد مصانع النسيج. وهناك صناعات الفخار والصابون ولفائف التبغ وبعض الصناعات المرتبطة بأعمال البناء كصناعة البلاط والآجر وصناعة المفروشات والمياه الغازية واستخراج زيت السمسم والدباغة وغيرها.
تشكل حرفة الصيد البحري مورداً آخر للرزق، إذ يعمل بها كثيرٌ من السكان، ولاسيما بعد وفود كثير من المهاجرين إلى القطاع بعد عام 1948م. وتنشط حركة الصيد على مدار السنة، لكنها تزداد بين شهري أيار/مايو وتشرين الثاني/نوفمبر، ويمكن أن تُلحق بالصيد حرفة صنع القوارب الشراعية اللازمة لها.
ـ الوظيفة التجارية:
تقع غزة على أبرز طرق التجارة في العالم القديم، تلك القادمة من الهند إلى اليمن وحضرموت والمتجهة من غزة إلى البتراء وتدمر وبلاد الشام، وقد زاد من أهمية هذا الموقع بناء السكة الحديدية المتجهة من حيفا إلى مصر، لكن الاحتلال الصهيوني لفلسطين وعزل غزة عن محيطها المحلي والعربي قلَّص هذا الدور كثيراً، وما زاد من ذلك قلة الموارد الاقتصادية وازدحام المدينة بالسكان وضعف القوة الشرائية لديهم وانتشار البطالة والفقر، وقد جرى تعويض ذلك جزئياً من الأموال التي يرسلها المغتربون إلى ذويهم، وميزان غزة التجاري خاسر وفي عجزٍ دائم. وتستورد المدينة المنتجات الغذائية والمواد المصنعة وتصدِّر ما يفيض عن حاجتها من إنتاجها الزراعي، ويحتكر ميناء غزة 60% من حركة التبادل التجاري، ويتم الباقي عن طريق السيارات وسكة الحديد. وتكون الحركة التجارية في المدينة ناشطة حيث تشتمل على كثير من الأسواق التخصصية، مثل أسواق الحبوب والخضار والماشية، إضافةً إلى السوق الرئيسة في وسط المدينة.
صورة بانورامية لمدينة غزة |
سوق التوابل في مدينة غزة |
إن اتخاذ غزة مقراً للسلطة الفلسطينية في القطاع أدى إلى ارتفاع أعداد الموظفين والإداريين فيه، وإذا أضيف إليهم أعداد العاملين في سلك التربية والتعليم بمراحله المختلفة، الذي شهد توسعاً ملحوظاً بعد الاحتلال، يتضح الدور الإداري لمدينة غزة، وفي المدينة كثير من الجمعيات الخيرية، مثل لجنة الزكاة والمجمع الإسلامي والجمعية الإسلامية وجمعية الوفاء وجمعية الرحمة وجمعية الشابات المسلمات وغيرها، وفي المدينة كثير من النوادي مثل النادي الرياضي والنادي القومي ونادي الشباب العربي والنادي الشعبي والنادي الأرثوذكسي وفيها جمعية الاتحاد النسائي وجمعية النهضة النسائية وجمعية التقدم النسائي. وتعمل جميع هذه الجمعيات والنوادي على نشر الوعي الثقافي والسياسي لدى السكان وإذكاء روح المقاومة ورفض الاحتلال ودعم صمود الشعب الفلسطيني في مواجهة ظروفه الصعبة.
لمحة تاريخية
تذكر المصادر التاريخية أن نشأة غزة تعود إلى 4000 ـ 3500 سنة ق.م، وكان أول من سكنها القبائل الكنعانية التي نزحت من الجزيرة العربية ونزلت في فلسطين وساحل بلاد الشام، وعانت غزة من المصريين القدماء، إما في أثناء فتحها أو أثناء العبور منها إلى بلاد الشام. وخضعت المدينة لسيطرة الهكسوس وتلاهم الفلسطينيون ثم الآشوريون. وفي عام 609ق.م أصبحت تحت سيطرة البابليين، واستمر ذلك حتى عام 535ق.م حين احتُلت من الفرس الذين حكموها حتى عام 332ق.م، لتصبح تحت سيطرة الإسكندر المقدوني. وفي عام 96ق.م احتلها الرومان، وشهدت في زمنهم ازدهاراً تجارياً وعمرانياً.
فتح العرب المسلمون غزة في عام 634م على يد القائد عمرو بن العاص، وفي عام 1100م، احتلها الصليبيون الذين حاولوا تحويل أهميتها التجارية إلى مدينة عسقلان. غير أن المسلمين استرجعوا المدينة منهم في عام 1187م بعد معركة حطين، وعندما غزا المغول بلاد الشام أصبحت غزة تحت سيطرتهم إلى أن تمكن الظاهر بيبرس من الانتصار عليهم في معركة عين جالوت، وبقيت المدينة تحت سيطرة المماليك حتى مجيء العثمانيين في عام 1516م، الذين أخلوا المنطقة كاملةً في عام 1917م لمصلحة الانتداب البريطاني والفرنسي.
استمرت غزة تحت الانتداب البريطاني حتى عام 1948م الذي سمح بقيام الكيان الصهيوني وانتقلت غزة وقطاعها إلى السيادة المصرية حتى عام 1967م، حين احتلت من قبل العدو حتى قيام السلطة الفلسطينية في عام 1994م التي تسلمت إدارة القطاع. وتم إبِّان الانتفاضة الأخيرة اجتياح غزة وقطاعها مرات عديدة، وقُسِّم القطاع إلى أجزاء وفُرضت القيود والعراقيل على حركة السكان الذين تعرَّضوا للتنكيل بهم وتعذيبهم وإذلالهم.
لكن أبناء القطاع ظلوا صامدين في مواجهة العدو، وقاوموه بكل الأساليب والإمكانات المتاحة، وسجلوا بطولات سيذكرها التاريخ لهم. وقد أجبرت هذه المقاومة العدو على اتخاذ قرارٍ بالانسحاب من القطاع فكان ذلك في شهر آب من عام 2005م.
بسام حميدة