هُنا ثماني حقائق صادمة نتعلّمها من قراءة كتاب الفيزيائيّ ستيفن هوكينج “التصميم العظيم”، الذي ألّفه بالاشتراك مع زميله الفيزيائيّ ليوناردو ملودينوف من معهد كاليفورنيا للتّكنولوجيا.
الكتاب يغطّي الأسئلة الكُبرى حول طبيعة وأصل الكون، وتمّ نشره في 7 سبتمبر 2010.
أوّلًا: الكون هو خالق نفسه.
واحِدة من التّأكيدات التي أكثَرَ الحديث عنها في الكتاب كلّه، هو أنَّنا لسنا بحاجةٍ إلى فكرة الإله لشرح ماهيّةآثار خلق الكون.
ليس من الضّروري إشراك الإله في الموضوع برمّته لإشعال الفتيل لبداية الكون، بدلًا من ذلك، يمكن لقوانين العلم وحدها تفسير بداية الكون، ولماذا بدأ الكون.
فهمُنا الحديث للوقت، يوحي بأنّهُ مجرّد بعدٍ آخر، مثل الفضاء.
وبالتّالي، فإنّ الزمن ليس له بداية.
“لأنّ هناك قانون مثل الجاذبيّة، يُمكن للكون أن يخلُق نفسه من العدم”، “الخلق العفويّ هو السّبب، هناك دائمًا شيء بدلًا من لا شيء، لماذا الكون موجود، لماذا نحن موجودون”.
ثانيًا: الكواركات ليست وحيدةً أبدًا.
الكواركات، هي بمثابة اللبنات الأساسيّة للبروتونات والنيوترونات، وتكون فقط في مجموعات، ولا تأتِ وحدها مُنفردة أبدًا على ما يبدو، فإنّ القوّة التي تربط الكواركات معًا تزيد مع المسافة.
لذلك؛ يحاول الأبعد مسافة إبعاد الكوارك المُنفرد بعيدًا، كلّما ازدادت صعوبة التّراجع.
لذلك؛ الكواركات لا توجد في الطّبيعة أبدًا.
البروتونات والنيوترونات مصنوعة من ثلاثة كواركات.
(البروتونات تتكوّن من كواركين علويّين، وكوارك سفليّ، في حين النيوترونات تتكون من اثنين سفليّين، وواحد علويّ.)
ثالثًا: مفخرة فيثاغورس الكاذبة.
بشكلٍ عابر، يؤكّد الكتاب عرَضًا أنّ عالم الرّياضيات الإغريقي الشّهير ‘فيثاغورس’لم يكتشف فعلًا نظريّة فيثاغورس (Pythagorean theorem).
ويُشير بأنّه من خلال القليل من التنقيب والبحث،فإنّ الصّيغة (أ^2 + ب^2 = ج^2)؛ والتي تصف العلاقة بين الأطراف الثّلاثة لمثلّثٍ قائمِ الزّاوية، كانت معروفة بالفعل في وقتٍ سابق عند البابليّين مثلًا، و يبدو أنّ الفكرة الأساسيّة وُثِّقت في أقراص رياضيّة قديمة، قبل أن يأتي فيثاغورس إلى السّاحة (570 ق.م).
رابعًا: الأسماك مظلومة.
قبل بضع سنوات، منع مجلس مدينة مونزا (إيطاليا)، أصحاب الحيوانات الأليفة من حفظ الأسماك الذّهبيّة في أوعية منحنية.
كان القصد من هذا القانون، حماية الأسماك من طبيعةِ الواقع المُشوّهة؛ لأنّ الضّوء المُنحني يُظهر لهم صورةً غريبةً عن محيطهم.
طرح هوكينج وملودينوف هذا الموضوع للإشارة على أنَّه من المُستحيل معرفة طبيعة الواقع الحقيقيّة.
ونحن دائمًا ما نعتقد أنّنا ملَكنا صورة دقيقة عمّا يحدث، ولكن كيف لنا أن نعرف في حالِ وجودنا مجازًا في حوض سمكٍ ضخمٍ خاصٍّ بنا، طالما نحن غير قادرين على تخطّي وجهات نظرنا المُبتدعة، لنقارنها بأخرى؟
خامسًا: النّسبيّة العامّة.
إذا كان معظم النّاس يفكّرون في النّسبيّة العامّة، فإنّهم سيجتمعون على أنّ هذه الفكرة البديعة التي تَشي بعبقريّة آينشتاين، تنطبق فقط على الأجسام فائقة الكبر، خارج نطاق الحياة الطّبيعيّة تمامًا، مثل المجرّات والثّقوب السوداء.
ولكن في الواقع، “التشويه في الزّمكان يؤثِّر على أشياء نعرفها ونستخدمها”، يُشير المؤلّفون.
“إذا لم تؤخَذ النّسبية العامّة بعين الاعتبار في أنظمة تحديد المواقع والملاحة الفضائيّة (GPS satellite navigation systems)، فإنّ الأخطاء في المواقع العالميّة سوف تتراكم بمعدّل حوالي عشرة كيلومترات لكلّ يوم”،كما ورَدَ في الكتاب.
ذلك لأنّ النّسبيّة العامّة تصف تقلّص الوقت عند الأجسام التي تقترب من أجسام أخرى كتلتها كبيرة.
وهكذا، اعتمادًا على المسافات التي تبعُدها الأقمار الصناعيّة عن الأرض، ستعمل السّاعات المحمولة على متنها بسرعات مُختلفة، وبذا، يُمكن مُعادلة حسابات المواقع ما لم يتمّ اتّخاذ هذه التأثيرات بعين الاعتبار.
سادسًا: نظريّة كلّ شيء.
إذا كان هناك أيّ “نظرية كلّ شيء” يمكنها أن تصف الكون بأكمله، فإنّها على الأرجح نظريّة-إم (M-theory)، وِفقًا لهوكينغ وملودينوف.
هذا النّموذج هو نسخة من نظريّة الأوتار الفائقة، التي تنصّ على أنّ المادّة مُكوّنة من أوتار حلقيّة مفتوحة، وأخرى مُغلقة متناهية في الصّغر لا سُمك لها، وهي أوتار حلقيّة من الطّاقة تهتزّ بتردّدات وتذبذبات مُختلفة.
إذا افترضنا صحّة ذلك، فإنّكلّ المادّة والطّاقةستتصرّف وِفق طبيعة هذه الأوتار.
“نظريّة-إم هي النّموذج الوحيد الذي تجتمع فيه كلّ الخصائص التي نتوقّعها في نظريّة كلّ شيء”، يقول المؤلّفون.
تَخلص لنا هذه النّظريّة بنتيجة واحدة، هي أنّكوننا ليس الوحيد من نوعه – إنّ عددًا لا يُعدّ ولا يُحصى من الأكوان موجودة، بخصائص وقوانين فيزيائيّة مُختلفة.
سابعًا: الماضي هو احتمال.
وِفقًا لهوكينج وملودينوف، فإنّ نظريّة الكمّ تَخلص لنا بنتيجة واحدة، هي أنّ الأحداث التي لم تُلاحَظ مُباشرة في الماضي،لم تقع فعلًابشكلٍ مُؤكَّد أو مُحدَّد.
وبدلًا من ذلك، فإنّها قد حدثت في جميع السُّبل المُمكنة.
ويرتبط هذا بالطّبيعة الاحتماليّة للمادّة والطّاقة التي كَشَفت عنها ميكانيكا الكمّ؛ ما لم تُجبَر المادّة على اختيار حالة مُحدّدة عن طريق التدخّل المُباشرة من الرّاصد الخارجيّ، فإنّ أمر المادّة سيبقى في حالة غامضة وغير يقينيّة.
على سبيل المثال، إذا كان كلّ ما نعرفه هو أنّجُسيمًا سافر من النّقطة (أ) إلى النّقطة (ب)، فإنّه ليس من الصّواب أنّ الجُسيم اتّخذَ مسارًا مُحدّدًا، نحن فقط لا نعرف أيّ مسار قد اتّخذ.
بالأحرى، إنّ الجسيم قد اتّخذ جميع المسارات المُحتملة التي تَصِل النُّقطة (أ) بالنّقطة (ب) في نفس الوقت.
نعم صحيح، نحنُ إلى الآن ما زلنا نُحاول لويَ أدمغتنا لفهم ذلك.
خُلاصة قول المؤلّفين: “لا يهمّ الآن كم هي دقّة مُلاحظاتنا للحاضر، الماضي غير الملحوظ، والمُستقبل، وكم هي غير مُحدّدة، وأنّها مُجرّد طيف من الاحتمالات”.
ثامنًا: قوّة الضّوء.
هذه حقيقة مُمتعة: مِصباح الليل الصغير الذي نستخدمه، ذو الـ1 واط، تنبعث منه مليارات الفوتونات في كلّ ثانية.
إنّ الفوتونات هي الحزم الصغيرة التي تُمثّل الضّوء، وما هوَ مُحيّر، أنّها كجميع الجُزيئات، لها طبيعة موجيّة وجسيميّة.