فرضيات النظرية النسبية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • فرضيات النظرية النسبية

    فرضيات النظرية النسبية

    توجد في النظرية النسبية فرضيتان، الأولى متعلقة بالأثير والثانية تتعلق بالضوء.

    الفرضية الأولى:

    تنفي هذه الفرضية وجود الأثير، وذلك لأن نسبية آينشتاين لا تحتوي على عنصر مطلق يمكن إسناد كل شيء إليه مثلما فعل العلماء بفرضية الأثير، فقد كان العلماء يعتقدون أن الأثير موجود حتما، واعتبروا أنه مثل الماء الراكد بالنسبة للأسماك فهو ثابت ثباتًا مطلقا في الكون، وبالتالي يمكن أن نحدد المكان المطلق لأي شيء بالاستنادا للأثير، وهنا نريد أن نوضح مرة أخرى أن الأثير عبارة عن وسط غير مرئي يتخلل كل شيء فى الكون وكل شيء يسبح فيه [بالنسبة لمن امنوا بوجوده طبعا].

    توضح الفرضية الأولى للنظرية النسبية أن الأثير لا وجود له، وهذا مخالف لكافة نظريات علماء ذلك الوقت. وبفرض أن الأثير غير موجود فإن المكان المطلق لا وجود له، ولا يوجد إلا المكان النسبي والسرعة النسبية. ويوضح اينشتاين ذلك بمثال يتعلق بوجود مركبتين فضائيتين في الكون فلا يستطيع رواد المركبة الأولى تحديد سرعة مركبتهم إلا بمقارنتها بالنسبة للأجرام المتناثرة حولها أو بالنسبة للمركبة الثانية إذا مرت بالجوار وكذلك الحال بالنسبة للمركبة الثانية، وأي شخص يحاول إيجاد سرعة المركبة فإنه سيجدها بالنسبة لسرعة أخرى. وحيث أن كل شيء في الكون يتحرك حركة دائمة ومعقدة فإن أي سرعة تتحدد على أساس مقارنتها بسرعة اخرى.

    مثال: إذا كنت في سفينة فضائية تسير بسرعة 10 ألاف كيلومتر في الساعة بالنسبة للأرض ولاحظت أن سفينة أخرى تقترب منك وتجاوزت سفينتك، فإن أجهزة الرصد لديك سوف تقدر سرعة السفينة التى مرت بقربك على أنها 2000 كيلو متر فى الساعة وبما أن سرعتك بالنسبة للأرض معروفة (10 ألاف كيلومتر فى الساعة) فإن سرعة السفينة الفضائية الأخرى بالنسبة للأرض ستكون 12 الف كيلو متر في الساعة. لاحظ هنا أننا أرجعنا قياساتنا للسرعات بالنسبة للأرض فما بالك لو أننا أصبحنا لا نرى الأرض فى هذا الكون الفسيح وأن السرعة التى انطلقنا بها تغيرت، فكل ما نستطيع قوله هو أن سرعة السفينة الأخرى هو 2000 كيلو متر فى الساعة. ولكن هذا الرقم يعبر عن احتمالات عديدة كأن تكون أنت واقف والسفينة مرت عنك بسرعة 2000 كيلو متر في الساعة أو أن تكون أنت متحرك بسرعة 1000 كيلو متر في الساعة وهي بسرعة 3000 كيلو متر في الساعة أو أن تكون تلك السفينة واقفة وأنت متحرك باتجاه الأرض بسرعة 2000 كيلو متر في الساعة وهكذا. وهذا يعني أنك بحاجة إلى شيء ثابت ليرشدك الى من هو المتحرك وكم هي سرعتك واتجاهك ولهذا أسند العلماء كل ذلك إلى الأثير ليهربوا من حقيقة النسبية.

    ولكن آينشتاين لم يهرب من الإعتراف بأن الأثير مجرد وهم، وأقر بأن كل حركة نسبية. ولكن ماذا عن السرعة على الأرض؟ هنا نذكر ما قاله العالم نيوتن بأننا لا نعرف هل ان السفينة تتحرك فى البحر أم انها واقفة، بأي اختبار نجريه داخل السفينة ويجب علينا أن نلجأ لاختبارات تصلنا بخارج السفينة كأن نراقب من على سطحها حركة الماء أو حركة الجبال لنحدد ما إذا كانت متحركة أم ثابتة أو هل هي تقترب من الشاطئ أم تبتعد عنه. كما أننا عندما نقول أن سرعة السيارة 100 كيلو متر فى الساعة فهذا يكون بالنسبة للأرض فإذا لم نجد الشيء الذى نقيس بالنسبة له فحديثنا عن السرعة لا معنى له وفي هذه الحالة لا يمكننا باستخدام كل وسائل التكنولوجيا معرفة ما إذا كنا نتحرك أو لا. وذلك لأن كل حركة نسبية، ولا يمكن أن نتكلم عن حركة مطلقة.





    الفرضية الثانية

    تقول الفرضية الثانية أن سرعة الضوء فى الفراغ ثابتة ولا تعتمد على سرعة المشاهد وهذه الفرضية هي التي أثارت جدل وحيرة العلماء والناس، فهي من أغرب فرضيات علم الفيزياء وتترتب عليها أمور كثيرة.

    لم يكن من الصعب فهم المقصود من الفرضية الأولى للنظرية النسبية، بالرغم من صعوبة قبول هذه الفرضية من قبل العلماء فى ذلك الوقت حيث ان العديد من الظواهر التى قابلت العلماء فسرت على أساس وجود الأثير ونسب كل شيء إليه، ولهذا كان من الصعب الإعتراف بفشل فرضية الأثير وهدم كل استنتاجاتهم، فحاول الكثير من العلماء إثبات خطأ النظرية النسبية.

    أما الفرضية الثانية والمتعلقة بثبات سرعة الضوء، فأنها تقول ان سرعة الضوء ثابتة فى الفراغ مهما تغير مكان المشاهد أو الراصد لسرعة الضوء. لتوضيح الجملة الأخير سوف نضرب مثالين من واقع الحياة اليومية.

    مثال 1

    عندما نكون في سيارة سرعتها 100 كم/ساعة فإننا نرى الأجسام الثابتة وكأنها هي التي تتحرك بنفس السرعة وفي الاتجاه المعاكس. ولكن عندما تأتي سيارة من الاتجاه المعاكس تسير بسرعة 100 كم/ساعة فإن سرعتها بالنسبة لنا تكون 200 كم/ساعة [لاحظ هنا أننا جمعنا السرعتين فى حالة اقتراب السيارة منا] وإذا تجاوزنا سيارة سرعتها 80 كم/ساعة نقيس سرعتنا بالنسبة لهذه السيارة على أنها 20 كم/ساعة [لاحظ هنا أننا طرحنا السرعتين فى حالة ابتعادنا عن السيارة الأخرى] وإذا كانت السيارة الأخرى تسير بنفس سرعة سيارتنا فإننا نقيس سرعة تلك السيارة بالنسبة لنا على أنها صفر أي أنها ثابتة بالنسبة لنا.

    مثال 2

    لنفرض وجود سيارة تسير بسرعة 100 كم/ساعة وقام شخص يركب بالسيارة بإطلاق رصاصة من مسدس في اتجاه حركة السيارة علماً بأن سرعة الرصاصة بالنسبة للمسدس هي 1000 كم/ساعة ثم استدار نفس الشخص وأطلق رصاصة أخرى فى اتجاه معاكس لحركة السيارة. فإذا قاس شخص ما على الطريق سرعة الرصاصة فى الحالة الأولى سيجد أنها 1100 كم/ساعة، وفي الحالة الثانية سيجد سرعة الرصاصة 900 كم/ساعة. وهذا يعود إلى أن سرعة السيارة تجمع مع سرعة الرصاصة في الحالة الأولى وتطرح منها فى الحالة الثانية. هذا التسلسل المنطقي للموضوع محسوس لنا ونعرفه جيداً ولا غرابة فى ذلك، ولكن ماذا يحدث إذا استبدل المسدس بمصدر ضوئي؟ هنا يتدخل آينشتاين ويقول أن الوضع مختلف فسرعة الضوء تبقى ثابتة فى كلا الحالتين وتساوي 300 ألف كم/الثانية، وهذا لا يتغير مهما بلغت سرعة السيارة ولو فرضنا جدلاً أن السيارة تسير بسرعة الضوء فإن الضوء المنبعث من المصباح سينطلق أيضا بنفس سرعة الضوء.

    بالطبع هذا غريب على مفاهيمنا الاعتيادية، ويتحدى أينشتين بذلك مفاهيم العلماء السابقين، وقد أجابهم عندما سألوه كيف يمكن تصديق هذا “ما العمل إذا كان هذا من قوانين الكون الأساسية؟”.

    لم يتوصل أينشتين لهذه الفرضية بإجراء التجارب وتحليل النتائج، وإنما توصل إليها بعد طرح الاسئلة على نفسه، حول ثبات الكون والتفكير فيه ليصل إلى هذه الفرضية التى طلب من العلماء التسليم بها ليبنوا عليها العديد من التفسيرات للظواهر الكونية.

    ولكن العلماء كانوا بحاجة إلى أدلة وبراهين للاقتناع بهذه الفرضية فقام الفلكيون برصد الضوء الواصل إلى الأرض من أحد النجوم فى الفضاء وكان الهدف من هذه التجربة إثبات خطأ فرضية ثبات سرعة الضوء. وذلك بالاعتماد على أن النجم عندما يدور حول مركزه يكون مرة مبتعدا عنا ومرة أخرى يكون النجم مقتربا منا وعلى هذا الأساس توقع العلماء أن يرصدوا سرعتين مختلفتين للضوء فى حالة اقتراب النجم وابتعاده [توقع العلماء أن تكون سرعة الضوء وهو مقترب أكبر منها وهو مبتعد] ولكن المراصد الفلكية لم تجد أي تغير فى سرعة الضوء!
يعمل...
X