سنغور (ليوبولد سيدار ـ)
( 1906ـ2001)
ليوبولد سيدار سنغور Léopold Sédar Senghor رجل دولة وأديب سنغالي، يُعد من الأفارقة البارزين الذين كتبوا باللغة الفرنسية في القرن العشرين. وُلد في مدينة جول Joalالصغيرة جنوبي العاصمة دكار وسط أسرة كاثوليكية ثرية. كان والده من أصل سيريرSérère أي من الشعوب التي كانت تقطن في منطقة سينيه ـ سَلوم Siné-Saloum في جزر الرأس الأخضر Cap Vert غربي السنغال، ويُقال إنهم أول سكان السنغال. وكانت والدته واحدة من النسوة الخمس اللواتي تزوجهن والده بازيلا ديوغوي سنغور Bazile Diogoye Senghor، وقضى ليوبولد طفولته في دارها. وعندما بلغ السابعة خطا خطواته الأولى في مدرسة للبيض حيث تعلّم الفرنسية والتعليم الديني المسيحي. أما اليونانية واللاتينية فدرسهما في معهد ليبرمان Libermann في دكار (1923ـ1927). وعندما نال الشهادة الثانوية عام 1927 حصل على منحة دراسية هي الأولى من نوعها التي تمنح لطالب إفريقي، فتابع دراسته في معهد لويس لوغران Louis-le-Grand في باريس (1928) حيث التقى شخصيات بارزة منها جورج بومبيدو والأديب إيميه سيزير الذي ترأس معه حركة الزنوجة.
تابع سنغور دراسة الأدب والشعر في جامعة السوربون وحصل على دبلوم دراسات عليا. وفي عام 1934 أسس صحيفة «الطالب الأسود» L’Étudiant noir بهدف الدفاع عن فكرة الزنوجة، ونجح في امتحان الأستاذية agrégation لتدريس مادة القواعد عام 1935. وهذه هي المرة الأولى التي ينال فيها إفريقي هذه الشهادة، وقد منحته عدة جامعات درجة الدكتوراه الفخرية، كما حصل على الجنسية الفرنسية. درّس في معهد في ضاحية باريس، كما درّس في مدينة تورTours. وعند اندلاع الحرب العالمية الثانية توقف عن التدريس وحارب ضد الألمان وسجن عام 1940. وعندما أطلق سراحه عاد إلى التدريس عام 1942، وفي مؤتمر عُقد في برازافيل (1944) Brazzaville قرر الفرنسيون أن تكون الدول الإفريقية ممثلة في الجمعية الوطنية الفرنسية، فانتخب سنغور (1945) ممثلاً عن السنغال في الجمعية التأسيسية ودخل المعترك السياسي. أما على الصعيد الأدبي، فقد حصل عام 1945 على منحة من المركز الوطني للبحوث لدراسة الشعر في السنغال وصدرت مجموعة قصائده الأولى تحت عنوان «أناشيد من الظل» (1945) Chants d’ombre تناول فيها موضوعي المنفى والحنين. وفي عام 1947 شارك في ترويج مجلة «بريزانس أفريكين»Présence africaine (الحضور الإفريقي) التي أسسها أليون ديوب Alioune Diop ودعمها مفكرون فرنسيون منهم سارتر وكامو وأندريه جيد.
صدر لسنغور «قرابين سوداء» (1948)Hosties noires و«مختارات من الشعر الزنجي الحديث» (1948) L’anthologie de la nouvelle poésie nègre، و«أثيوبيات» (1958) Éthiopiques، و«ليليات» (1961)Nocturnes. انتخب سنغور في 20 أب 1960 رئيساً للسنغال، فشجع في مدة رئاسته (1960ـ1981) التقارب السياسي مع فرنسا ونادى بتعدد الأحزاب وإن اقتصرت على ثلاثة: اشتراكي وشيوعي وحر أو ليبرالي، وسعى إلى وضع أسس لديمقراطية حديثة تسمح بمشاركة المعارضة، كما شجع الحوار بين الحضارات، ونظّم عام 1966 أول مهرجان للفنون الزنجية في دكار. ومع ذلك واجه معارضة وانتقادات ونشب خلاف بينه وبين رئيس حكومته مامادو ديا Mamadou Dia الذي اختلف وإياه في الرأي حول مستقبل السنغال، فأدى الخلاف إلى صراع انتهى باعتقال ديا بتهمة محاولة انقلاب والإساءة لأمن الدولة وحكم عليه بالسجن المؤبد. وسجّل النقاد بذلك نقطة سلبية في سجل سنغور الذي أيّد مشاركة المعارضة ثم سعى إلى قمعها.
تابعَ سنغور كتاباته فأصدر «حرية رقم 1» (1965) Liberté 1، و«حرية رقم 2» (1971) Liberté 2، و«رسائل من المشتى» (1973) Lettres d’ hivernage، و«حرية رقم 3» (1979) Liberté 3. وفي 31 كانون الأول 1980 اعتزل السياسة وتخلى عن منصبه الرئاسي تاركاً السلطة لأبدو ديوف Abdou Diouf الذي تولى رئاسة الوزراء منذ عام 1970. وتفرغ سنغور للثقافة والأدب وأصبح عام 1983 عضواً في الأكاديمية الفرنسية وهو الإفريقي الأول الذي يدخلها. ونشر عام 1988 «ما أؤمن به» Ce que je crois موضحاً فكرة الزنوجة. ومن ثم نشر «حرية 5» (1997) Liberté 5.
توفي سنغور في فيرسون Verson في النورماندي شمالي فرنسا حيث كان يقطن مع زوجته الثانية الفرنسية كوليت هوبير Colette Hubert، وخلَّف على الصعيد السياسي صورة لرجل اتّبع نهجاً صارماً في أهدافه، واقعياً ومعتدلاً في تطبيقه وإن كان قد بدا للآخرين رجلاً مثالياً في تقبله للمجتمع الآخر، إلا أنه كان في الواقع يشعر بالعزلة والاغتراب ويبحث عن هويته. وعندما أراد أن يختار بين الوصاية والحرية وبين الانتماء وعدم الانتماء وبين القبول والرفض لحضارة مستوردة اختار السمات الإنسانية. وعلى الصعيد الأدبي تغنى في شعره بإفريقيا جديدة تصحو بعد سبات استمر قروناً، وعظَّم عرقاً تعرّض لإهانات فتجاوز الكراهية وزرع المحبة.
حاول سنغور بلوغ ذروة في الشعر، تتلاقى عندها الثقافات الصديقة مولياً اهتمامه للإيقاع rythme لتقارب الشعر والموسيقى (الجاز). أما فكرة الزنوجة فقد كان رفيق دربه إيميه سيزير، الذي رفع معه الراية في وجه العنصرية التي واجهها المفكرون الأفارقة في الوسط الأوربي، خير من عـبَّـر عنها عندما قال: «إن الزنوجة هي اعتراف المرء بأنه أسود وتقبله لقدره ولتاريخه ولثقافته».
حنان المالكي
( 1906ـ2001)
تابع سنغور دراسة الأدب والشعر في جامعة السوربون وحصل على دبلوم دراسات عليا. وفي عام 1934 أسس صحيفة «الطالب الأسود» L’Étudiant noir بهدف الدفاع عن فكرة الزنوجة، ونجح في امتحان الأستاذية agrégation لتدريس مادة القواعد عام 1935. وهذه هي المرة الأولى التي ينال فيها إفريقي هذه الشهادة، وقد منحته عدة جامعات درجة الدكتوراه الفخرية، كما حصل على الجنسية الفرنسية. درّس في معهد في ضاحية باريس، كما درّس في مدينة تورTours. وعند اندلاع الحرب العالمية الثانية توقف عن التدريس وحارب ضد الألمان وسجن عام 1940. وعندما أطلق سراحه عاد إلى التدريس عام 1942، وفي مؤتمر عُقد في برازافيل (1944) Brazzaville قرر الفرنسيون أن تكون الدول الإفريقية ممثلة في الجمعية الوطنية الفرنسية، فانتخب سنغور (1945) ممثلاً عن السنغال في الجمعية التأسيسية ودخل المعترك السياسي. أما على الصعيد الأدبي، فقد حصل عام 1945 على منحة من المركز الوطني للبحوث لدراسة الشعر في السنغال وصدرت مجموعة قصائده الأولى تحت عنوان «أناشيد من الظل» (1945) Chants d’ombre تناول فيها موضوعي المنفى والحنين. وفي عام 1947 شارك في ترويج مجلة «بريزانس أفريكين»Présence africaine (الحضور الإفريقي) التي أسسها أليون ديوب Alioune Diop ودعمها مفكرون فرنسيون منهم سارتر وكامو وأندريه جيد.
صدر لسنغور «قرابين سوداء» (1948)Hosties noires و«مختارات من الشعر الزنجي الحديث» (1948) L’anthologie de la nouvelle poésie nègre، و«أثيوبيات» (1958) Éthiopiques، و«ليليات» (1961)Nocturnes. انتخب سنغور في 20 أب 1960 رئيساً للسنغال، فشجع في مدة رئاسته (1960ـ1981) التقارب السياسي مع فرنسا ونادى بتعدد الأحزاب وإن اقتصرت على ثلاثة: اشتراكي وشيوعي وحر أو ليبرالي، وسعى إلى وضع أسس لديمقراطية حديثة تسمح بمشاركة المعارضة، كما شجع الحوار بين الحضارات، ونظّم عام 1966 أول مهرجان للفنون الزنجية في دكار. ومع ذلك واجه معارضة وانتقادات ونشب خلاف بينه وبين رئيس حكومته مامادو ديا Mamadou Dia الذي اختلف وإياه في الرأي حول مستقبل السنغال، فأدى الخلاف إلى صراع انتهى باعتقال ديا بتهمة محاولة انقلاب والإساءة لأمن الدولة وحكم عليه بالسجن المؤبد. وسجّل النقاد بذلك نقطة سلبية في سجل سنغور الذي أيّد مشاركة المعارضة ثم سعى إلى قمعها.
تابعَ سنغور كتاباته فأصدر «حرية رقم 1» (1965) Liberté 1، و«حرية رقم 2» (1971) Liberté 2، و«رسائل من المشتى» (1973) Lettres d’ hivernage، و«حرية رقم 3» (1979) Liberté 3. وفي 31 كانون الأول 1980 اعتزل السياسة وتخلى عن منصبه الرئاسي تاركاً السلطة لأبدو ديوف Abdou Diouf الذي تولى رئاسة الوزراء منذ عام 1970. وتفرغ سنغور للثقافة والأدب وأصبح عام 1983 عضواً في الأكاديمية الفرنسية وهو الإفريقي الأول الذي يدخلها. ونشر عام 1988 «ما أؤمن به» Ce que je crois موضحاً فكرة الزنوجة. ومن ثم نشر «حرية 5» (1997) Liberté 5.
توفي سنغور في فيرسون Verson في النورماندي شمالي فرنسا حيث كان يقطن مع زوجته الثانية الفرنسية كوليت هوبير Colette Hubert، وخلَّف على الصعيد السياسي صورة لرجل اتّبع نهجاً صارماً في أهدافه، واقعياً ومعتدلاً في تطبيقه وإن كان قد بدا للآخرين رجلاً مثالياً في تقبله للمجتمع الآخر، إلا أنه كان في الواقع يشعر بالعزلة والاغتراب ويبحث عن هويته. وعندما أراد أن يختار بين الوصاية والحرية وبين الانتماء وعدم الانتماء وبين القبول والرفض لحضارة مستوردة اختار السمات الإنسانية. وعلى الصعيد الأدبي تغنى في شعره بإفريقيا جديدة تصحو بعد سبات استمر قروناً، وعظَّم عرقاً تعرّض لإهانات فتجاوز الكراهية وزرع المحبة.
حاول سنغور بلوغ ذروة في الشعر، تتلاقى عندها الثقافات الصديقة مولياً اهتمامه للإيقاع rythme لتقارب الشعر والموسيقى (الجاز). أما فكرة الزنوجة فقد كان رفيق دربه إيميه سيزير، الذي رفع معه الراية في وجه العنصرية التي واجهها المفكرون الأفارقة في الوسط الأوربي، خير من عـبَّـر عنها عندما قال: «إن الزنوجة هي اعتراف المرء بأنه أسود وتقبله لقدره ولتاريخه ولثقافته».
حنان المالكي