إذا كنتَ قد درستَ أساسات علم الرّياضيّات المنطقيّة، أو ربّما هندسة الحاسوب والكهرباء، ربّما كان عليك أن تتعلّم كيف تستخدم جداول الحقيقة (Truth Tables)، لتحدّد النّتيجة المنطقيّة لتعبيرٍ معيّن عن طريق إعتبار جميع الحالات المنطقيّة التي تتّخذها مكوّنات هذا التّعبير.
ولكن من كان أوّل من أتى بفكرة إستخدام جداول الحقيقة لتحديد النّتيجة المنطقيّة للتّعابير المختلفة؟
بحسب بعض المصادر، أوّل من أتى بهذا الأسلوب السّهل والعبقري كان الفيلسوف وعالم المنطق الشّهير لودفيج فيتكينشتاين، أحد أهمّ الفلاسفة في القرن العشرين.
فيتكينشتاين كان أبعد ما يكون عن الشّخص الإعتيادي.
فلقد بدأ حياته الأكاديميّة كمهندس طيران، وهناك إصطدم بجمال وأناقة علم الرّياضيّات، فأراد أن يفهم الأسس المنطقيّة التي يقوم عليها العلم.
لم يجد فيتكينشتاين أيّ شخص قادر على تعليمه أسس علم الرّياضيّات أفضل من الفيلسوف الشّهير وعالم الرّياضيّات بيرتراند راسل، الذي كان ما زال أستاذًا في جامعة كامبريدج في ذلك الوقت.
فيتكينشتاين تعلّم كلّ ما بإستطاعته أن يتعلّم من راسل، ولكنّه أحسّ أنّ هنالك أمورٌ كثيرة في فلسفة راسل التي لم تقنعه.
ولذلك بعد ذلك، قرّر فيتكينشتاين أن يُشارك كجنديّ في الحرب العالميّة الأولى.
وهناك، في الجوّ العاصف للحرب والإقتتال كتب كتابه الأوّل: (Tractatus Logico-Philosophicu)
الكتاب اعتبر لفترة طويلة أحد أهمّ الكتب في علم المنطق، كما أنّ فيتكينشتاين ظنّ بدايةً، ربّما بثقة زائدة بعض الشّيء، أنّ الكتاب سيحلّ جميع إشكاليّات الفلسفة.
وفي هذا الكتاب كانت هي المرّة الأولى التي شهدنا فيها إستخدام فيتكينشتاين لجداول الحقيقة.
تلك الجداول التي ستصاحب كلّ طالب هندسة ورياضيّات وعلم حاسوب حتّى يومنا هذا.