مريبط (تل)
Mureybet hill - Mureybet
المريبط (تل ـ)
تل أثري على الضفة اليسرى لنهر الفرات الأوسط، على بعد 80كم تقريباً جنوب شرق حلب، مساحته نحو 3 هكتارات وارتفاعه 12م. تغمره اليوم مياه بحيرة الأسد. نقبت التل في السبعينات من القرن الماضي بعثة فرنسية بإدارة جاك كوفان J.Cauvin، كشفت عن أربع سويات أثرية رئيسية أظهرت استيطاناً مستمراً مدة قاربت الألفي سنة.
السوية الأولى (phase I) تؤرخ بين 10400-9800 سنة ق.م، كُشف فيها عن بيوت بسيطة محفورة في الأرض، بعضها كبير أشكاله دائرية، قطره 6م، ومعها مواقد ومستودعات تخزين. الأدوات الحجرية كانت من النوع الميكروليتي النطوفي، وهناك الرحى والفؤوس والأواني الحجرية. مارس الناس في هذه المرحلة الصيد المائي والصيد البري وخاصة صيد الغزال وحمار الوحش والماعز البري والأرانب والخنـزير، والتقطوا الحبوب والثمار البرية والبقول. والكشف المتميز من هذه السوية هو قرون الثور، التي وجدت مدفونة في جدران المنازل وهي دليل ممارسة باكرة لعقيدة «تقديس الثور».
السوية الثانية (phase II) تقع بين 9800-9200 سنة ق.م. أصبحت فيها البيوت أكبر، بُني بعضها فوق الأرض، كما تطور تصنيع الأدوات الحجرية وخاصة رؤوس النبال المستخدمة في الصيد، والأدوات الزراعية، وظهرت أول مرة تماثيل بشرية من الحجر. تُنسب هذه السوية إلى ما يُعرف بـ«الحضارة الخيامية» نسبة إلى موقع الخيام في فلسطين، ويعد المريبط الموقع الوحيد المعروف حتى اليوم الذي كُشفت فيه استمرارية استيطانية بين نهاية العصر النطوفي وبداية العصر الخيامي.
السوية الثالثة (phase III) فيها بلغت المستوطنة أكبر اتساع لها في الجزء الأول من هذه السوية المؤرخ بين 9200-9000 سنة ق.م (phase III A)، أصبحت البيوت أكبر وأقوى وأفضل تنظيماً وظهرت البيوت الدائرية الواسعة والمقسمة من الداخل؛ لممارسة أنشطة مختلفة في البيت الواحد. وحصل تطور كبير للأدوات الحجرية، وخاصة رؤوس السهام والمناجل وأدوات الطحن والجرش، كما ظهرت الأواني الحجرية والأسلحة المصقولة. مارس السكان الصيد البري خاصة، على مختلف أنواع الخيليات والبقريات، كما استمر صيد الغزلان والقوارض، في حين تراجع الصيد النهري، وتصاعد التقاط الثمار والنباتات والحبوب والبقول البرية، وخاصة القمح والشعير والعدس. ومن أهم ميزات هذه المرحلة ظهور الفنون ذات الدلالة الدينية وعلى رأسها تماثيل «الربة الأم» التي استمرت عبادتها حتى العصور الكلاسيكية. كما دلت الجماجم والعظام - التي دُفنت تحت أرضيات بيوت السكن، وتحت الممرات المرصوفة بالحجارة - على ممارسة عقيدة تقديس الجماجم أو «عبادة الأسلاف». في الجزء الثاني الأحدث في السوية الثالثة المؤرخ بين 9000- 8600 سنة ق.م؛ (phase III B) ظهرت أول مرة البيوت المستطيلة، العائلية والكبيرة، ومارس السكان أول مرة الزراعة البدائية للحبوب، وهذا أقدم دليل على معرفة الزراعة في المشرق العربي القديم والعالم. نسب الباحثون مرحلة المريبط الثالثة إلى ما أصبح يُعرف بالحضارة المريبطية Mureybétien للإبداعات المتميزة التي حصلت فيها.
تُؤرخ المرحلة الرابعة والأخيرة في المريبط (phase IV) بين 8600 - 8000 سنة ق.م تقريباً، وأهم ما يميزها تدجين الحيوانات (الثور) أول مرة، وتطور الأنشطة الزراعية وتبلور عقيدة «عبادة الأسلاف» التي دلت عليها الجماجم البشرية التي نُصبت على قواعد طينية ووضعت في بيوت السكن.
يعد المريبط من أهم المواقع المشرقية والعالمية التي دلت مكتشفاتها على الانعطاف الاقتصادي والاجتماعي الكبير الذي حصل في عصور ما قبل التاريخ وأصبح يعرف باسم «ثورة إنسان العصر الحجري الحديث» أو«الثورة الزراعية» neolithic revolution التي تميزت بتحول الإنسان من حياة التنقل والصيد والتقاط النباتات إلى البناء والاستقرار وممارسة الزراعة وتدجين الحيوانات، وقد رافق ذلك ابتكارات في مجال العمارة والتقانات والتنظيم والمعتقدات والفنون وغيرها من الإنجازات التي مهدت الطريق للحضارات التاريخية الكبرى فيما بعد.
سلطان محيسن
Mureybet hill - Mureybet
المريبط (تل ـ)
السوية الأولى (phase I) تؤرخ بين 10400-9800 سنة ق.م، كُشف فيها عن بيوت بسيطة محفورة في الأرض، بعضها كبير أشكاله دائرية، قطره 6م، ومعها مواقد ومستودعات تخزين. الأدوات الحجرية كانت من النوع الميكروليتي النطوفي، وهناك الرحى والفؤوس والأواني الحجرية. مارس الناس في هذه المرحلة الصيد المائي والصيد البري وخاصة صيد الغزال وحمار الوحش والماعز البري والأرانب والخنـزير، والتقطوا الحبوب والثمار البرية والبقول. والكشف المتميز من هذه السوية هو قرون الثور، التي وجدت مدفونة في جدران المنازل وهي دليل ممارسة باكرة لعقيدة «تقديس الثور».
السوية الثانية (phase II) تقع بين 9800-9200 سنة ق.م. أصبحت فيها البيوت أكبر، بُني بعضها فوق الأرض، كما تطور تصنيع الأدوات الحجرية وخاصة رؤوس النبال المستخدمة في الصيد، والأدوات الزراعية، وظهرت أول مرة تماثيل بشرية من الحجر. تُنسب هذه السوية إلى ما يُعرف بـ«الحضارة الخيامية» نسبة إلى موقع الخيام في فلسطين، ويعد المريبط الموقع الوحيد المعروف حتى اليوم الذي كُشفت فيه استمرارية استيطانية بين نهاية العصر النطوفي وبداية العصر الخيامي.
السوية الثالثة (phase III) فيها بلغت المستوطنة أكبر اتساع لها في الجزء الأول من هذه السوية المؤرخ بين 9200-9000 سنة ق.م (phase III A)، أصبحت البيوت أكبر وأقوى وأفضل تنظيماً وظهرت البيوت الدائرية الواسعة والمقسمة من الداخل؛ لممارسة أنشطة مختلفة في البيت الواحد. وحصل تطور كبير للأدوات الحجرية، وخاصة رؤوس السهام والمناجل وأدوات الطحن والجرش، كما ظهرت الأواني الحجرية والأسلحة المصقولة. مارس السكان الصيد البري خاصة، على مختلف أنواع الخيليات والبقريات، كما استمر صيد الغزلان والقوارض، في حين تراجع الصيد النهري، وتصاعد التقاط الثمار والنباتات والحبوب والبقول البرية، وخاصة القمح والشعير والعدس. ومن أهم ميزات هذه المرحلة ظهور الفنون ذات الدلالة الدينية وعلى رأسها تماثيل «الربة الأم» التي استمرت عبادتها حتى العصور الكلاسيكية. كما دلت الجماجم والعظام - التي دُفنت تحت أرضيات بيوت السكن، وتحت الممرات المرصوفة بالحجارة - على ممارسة عقيدة تقديس الجماجم أو «عبادة الأسلاف». في الجزء الثاني الأحدث في السوية الثالثة المؤرخ بين 9000- 8600 سنة ق.م؛ (phase III B) ظهرت أول مرة البيوت المستطيلة، العائلية والكبيرة، ومارس السكان أول مرة الزراعة البدائية للحبوب، وهذا أقدم دليل على معرفة الزراعة في المشرق العربي القديم والعالم. نسب الباحثون مرحلة المريبط الثالثة إلى ما أصبح يُعرف بالحضارة المريبطية Mureybétien للإبداعات المتميزة التي حصلت فيها.
تُؤرخ المرحلة الرابعة والأخيرة في المريبط (phase IV) بين 8600 - 8000 سنة ق.م تقريباً، وأهم ما يميزها تدجين الحيوانات (الثور) أول مرة، وتطور الأنشطة الزراعية وتبلور عقيدة «عبادة الأسلاف» التي دلت عليها الجماجم البشرية التي نُصبت على قواعد طينية ووضعت في بيوت السكن.
يعد المريبط من أهم المواقع المشرقية والعالمية التي دلت مكتشفاتها على الانعطاف الاقتصادي والاجتماعي الكبير الذي حصل في عصور ما قبل التاريخ وأصبح يعرف باسم «ثورة إنسان العصر الحجري الحديث» أو«الثورة الزراعية» neolithic revolution التي تميزت بتحول الإنسان من حياة التنقل والصيد والتقاط النباتات إلى البناء والاستقرار وممارسة الزراعة وتدجين الحيوانات، وقد رافق ذلك ابتكارات في مجال العمارة والتقانات والتنظيم والمعتقدات والفنون وغيرها من الإنجازات التي مهدت الطريق للحضارات التاريخية الكبرى فيما بعد.
سلطان محيسن