الشعر العربي في القرن الثاني للهجرة يُمثل القرن الثاني للهجرة العصر العباسي الأول والثاني، وكما نعلم فإن هذا العصر يتميز بالتطور الذي طرأ على الآداب من النواحي المختلفة من الشعر والنثر، فدخول الكثير من الشعوب والقبائل في ظل الدولة الإسلامية ساعدت على دخول الكثير من الألفاظ والمعاني الجديدة التي استعان بها الشعراء، وقد لمع عدد من أسماء الشعراء الذين ساعدوا في التطور الشعري في هذا العصر ومن أشهرهم أبو نواس، وبشار بن برد، وهنا وفي هذا المقال سنتطرق إلى مظاهر هذا التطور.[١] مظاهر التجديد في الشعر العربي هذه أبرز مظاهر التجديد في العصر العباسي:[٢] ازدهار وتفرع الأغراض الشعرية التي نظم فيها الشعراء، من المدح الذي برعوا فيه وخاصة للسلاطين العباسيين الذين أغدقوا الشعراء بالعطايا والهدايا، والوصف، والرثاء، والهجاء، والغزل. ظهور الطرديات، وهو فن من فنون الأدب، وقصائد شعرية يصف فيها الشاعر الصيد، ومطاردة الفرائس المختلفة، ومن أشهر من نظم فيها أبو نواس. الشعر التعليمي، حيثُ ظهر هذا اللون من الشعر في هذا العصر، ويتميز بخلوه وافتقاره للعاطفة والخيال، كما ويتميز بطول النفس الشعري، وتنوع القوافي، ومن أبرز من نظم فيه أبّان اللاحقي. التطور في المعاني والأفكار، فالصور الشعرية تتميز بالجِدة والطرافة، وذلك نظراً لحياة الرفاهية والنعيم التي عاش فيها أبناء هذا القرن. تطور الأساليب والألفاظ، فقد تجاوزت الألفاظ في هذا العصر إلى استخدام التراكيب الأعجمية الداخلة عليها من الامتزاج بين الأعراق، إلى جانب ظهور المصطلحات الفقهية، والعلمية، والفلسفية، ولكن هذا أدى إلى ظهور ظاهرة اللحن والخروج عن المقياس الصرفي. ظهور البديع وتطوره على يد أبو نواس، فقد أصبح على يده علماً بحد ذاته، وقد أكثر من التشبيهات والمحسنات اللفظية والمعنوية في الكثير من القصائد، وكان يتفنن في ذلك لإظهار براعته وقدرته. ظهور الخمريات، ونتيجة للترف وانتشار دور النخاسة، ومجالس اللهو في هذا العصر أدى بالكثير من الشعراء إلى التعلق بالخمرة ووصفها على أنها غذاء للروح ومن هؤلاء الشعراء أبو نواس الذي رأى فيها أنها المنفذ الوحيد على العالم، والخمريات هي قصائد طويلة يكتبها الشاعر في وصف الخمر والنبيذ. ظهور الكثير من الحركات السياسية، والمناهضة للعرب والعروبة، ومنها الشعوبية والزندقة، مما حدا بالكثير من الشعراء والأدباء والكُتَّاب بالتصدي لمثل هذه النزعات وكان من أشهرهم الجاحظ. تطور مفهوم الغزل، وتعديه للمعنى العفيف والراقي، حيثُ ذهب بعض الشعراء إلى الغزل الفاحش والبذيء، وقد ارتبط اسم بشار بن برد بهذا اللون من الغزل بالرغم من أنه كان أعمى لا يرى شيئاً، ولكن سخطه وعتابه على الحياة والواقع دفعه لذلك أحياناً، وقتل بتهمة الزندقة.