تجوب العديد من الحيوانات، بما في ذلك الخمسة الكبار في أفريقيا، السافانا في محمية سابي ساند غايم (sabi sand game ) في جنوب أفريقيا.
وفي بعض الأحيان، يُعثر على هذه الحيوانات في أماكن غير متوقعة، إذ وجد مرشدو المحمية زرافة شابة ميتة معلقة على غصن شجرة .
على ما يبدو أن ذكر فهد كبير قد قام باصطياد الزرافة، ثم رفعها عدة أمتار على الشجرة، والتهمها خلال بضعة أيام مخلفًا فقط العظام والجلد وأجزاء من اللحم منتشرة في الأنحاء.
يبلغ وزن الزرافة 300 كجم، أي حوالي خمسة أضعاف وزن القاتل.
يمكن مقارنة إنجاز رفع الفهد لطعامه برفع رجل 2000 بيغ ماك لمستوى طابقين دفعة واحدة.
يبدو ما يقوم به الفهد شيئًا غريبًا تمامًا، ولكن لديه سبب وجيه للقيام برفع كل هذا الثقل، فإن لم يكلف هذا الفهد نفسه عناء رفع فريسته على الشجرة، فإنه يخاطر بفقدان وجبته إلى الضباع والأسود.
فوفقًا لدراسة نشرت في فبراير 2017، فإن الحفاظ على الفريسة أعلى الشجرة يساعد الفهد على منع السرقة.
لدى النمر المرقط القدرة على رفع ضحاياه التي يبلغ وزنها بين نصف وزنه ومرة ونصف وزنه الخاص.
وجدت الدراسة التي أجرتها منظمة بانثيرا panthera- وهي منظمة غير ربحية تهدف إلى الحفاظ على القطط البرية- أن الفهود في محمية سابي ساندز غايم sabi sand game تصطاد ما لا يقل عن 40 نوعًا من الفرائس، من الطيور إلى الزرافات الصغيرة.
وترفع الفهود أكثر من نصف فرائسها فوق الشجر لأنها بذلك تكون أقل عرضة للسرقة بنسبة 67%، ومع ذلك تفقد واحدة من أصل خمسة من فرائسها للحيوانات المفترسة الأخرى كالضباع والأسود وحتى ذكور الفهود الأخرى.
يقول الباحث الرئيسي في الدراسة، (غاي بالم Guy Balme): «أعطت ألفة مرشدو المحمية مع الفهود العلماء فرصة فريدة لدراسة هذه الحيوانات».
وأضاف: «يعرف المرشدون الفهود كما نعرف جيراننا، وقد ساعد هذا أنه في معظم الأحيان، كانت الفهود تتقبل عربات المحمية وتتجاهلها».
جمع بالم وفريقه ملاحظات المرشدين عن الفهود وفرائسهم، والتي يسجلونها في نهاية كل يوم.
وقد قاموا إجمالًا بتحليل المعلومات المتعلقة ب 104 فهد و 2215 عملية اصطياد بين عامي 2013 و2015.
غالبًا ما تؤكل الفرائس- الصغيرة منها أو الكبيرة- على الأرض، ولكن ترتفع احتمالات رفع الفريسة على الشجرة إذا ظهرت الضباع أو الأسود.
يقول بالم: «إذا قرر الفهد رفع فريسته بينما لا يوجد منافس في مكان قريب، فإنه سوف يسحبها للعثور على “شجرة مع شوكة أو فرع مناسب ليعلق فريسته عليه”.
ويعني هذا أحيانًا نقلها عدة مئات من الأمتار حتى يصل إلى المكان المنشود، وعندها يقف الفهد على الجذع ويرفع الفريسة إلى 10 أمتار صعودًا.
إن هذه القطط قوية جدًا ومثيرة للإعجاب بشكل لا يصدق».
وقد سجلت الدراسة 39 حالة تقوم فيها الضباع بالفرار بالفريسة التي أوقعتها الفهود عن طريق الخطأ.
يقول بالم: «وأحيانًا تكون الفهود في حالة مستعجلة.
فإذا كان هناك ضبع قريب، فإن الفهد يسحب الفريسة فورًا ويقفز إلى أول شجرة يمكنه العثور عليها للحفاظ على الطعام».
يوضح بالم: «يمكن للضبع الرقطاء رصد أصوات اصطياد الفهود والاقتراب بسرعة.
لكن الضباع لا تجلس و تنتظر بل في كثير من الأحيان نرى الضباع تطارد الفهود لأن فرصة حصولها على وجبة مجانية كبيرة.
إن الضباع مسؤولة عن نصف الفرائس المسروقة من الفهود، ولذلك فإنها تمثل مصدر إزعاج كبير لهم خاصة في هذه المنطقة».
ويضيف بالم: «بخصوص هذا الأمر فإن الضباع وقحة تمامًا.
إنها تتجاهل الفهد تمامًا وتذهب للاستيلاء على فريسته.
لم نرَ كثيرًا أن قام فهد كبير بإخافة الضباع، فعلى الأرض، تهزم الضباع الفهود في معظم الحالات وأحيانًا تقتلها».
لحسن حظ الفهود، فإن الضباع لا يمكنها تسلق الأشجار. وهذا يمكن الفهود من التهام فريستها بينما تعوي الضباع في الأسفل.
ومع ذلك، فإن الضباع لاتزال من يضحك أخيرًا، إذ أشارت الدراسة إلى 39 حالة سرقة للضباع لطعام الفهود الذي يسقط عن طريق الخطأ.
بالإضافة إلى ذلك فإن الأشجار لا توفر إلا القليل من الحماية ضد اللصوص التي يمكنها تسلق الأشجار، مثل الأسود وذكورالفهود.
ففي حين سرقت الأسود واحدة من عشرة من فرائس الفهود، سرقت ذكور الفهود أربعة من عشرة من فرائس إناث الفهود.
فاجأت هذه النتيجة بالم، لكنه يعتقد أن الفهود يمكنها بسهولة أن ترى فهد آخر يلتهم طعامه على الشجرة.
إذ تقوم ذكور الفهود بدوريات في مناطق شاسعة بينما تتغذى الإناث على الشجر خلال العديد من الأيام، مما يجعل من المرجح للذكور العثور عليهم.
بالنسبة لأنثى الفهد، فإن فقدها لفريستها يتسبب في عدة أيام من المجاعة، وبذلك لن تتمكن من رعاية أشبالها.
وتبين دراسة بالم أن الفهود ترفع فرائسها كنتيجة للتهديد المباشر من منافسيها.
في بوتسوانا، حيث تصل أعداد الضباع إلى أرقام كبيرة، ترفع الفهود حوالي 40٪ من فرائسها، وحيث يوجد عدد أقل من المنافسين أو غطاء نباتي كثيف يمكن الفهود من الاختباء- كما هو الحال في الهند- ترفع الفهود فرائسها بشكل أقل.
هناك العديد من الأسباب الأخرى المحتملة لرفع الفهود لفرائسها، فعلى سبيل المثال، تفسد الفريسة المعلقة على الشجرة ببطئ أكثر، أو تمكن الفهد من الاصطياد في مكان آخر ثم العودة ليتغذى، لكن بالم لم يجد تفسيرات لدعم هذه الفرضيات البديلة، لذلك يؤكد بالم أخيرًا: «أنا مقتنع تمامًا أن تجنب سرقة الطعام هو السبب الرئيسي لرفع الفهود لفرائسها أعلى الشجرة».