مريخ
Mars - Mars
المريخ
المريخ Mars هو رابع الكواكب في المنظومة الشمسية[ر] من حيث بعده عن الشمس, وغالباً ما يعرف بالكوكب الأحمر. وتاريخياً أطلق عليه الروم اسم مارس تمجيداً لإله الحرب عندهم Mars. في حين سمَاه المصريون القدماء الكوكب الأحمر.
لدى مقارنة المريخ بكوكبي عطارد والزهرة، يبدو المريخ أكثر شبهاً بالأرض. ومع أن قطره لا يتجاوز نصف قطر الأرض، وكتلته تقارب عُشر كتلتها فإن سطحه وغلافه الجوي أقل اختلافاً عن مثيليهما على كوكب الأرض. ففي يوم حار مثلاً تبلغ درجة الحرارة عند خط استواء المريخ 10 درجات مئوية. وبصرف النظر عن الرياح التي تسوق الغبار ونُتف السحب المكونة من بلورات الجليد عبر سمائه، فإن الغلاف الجوي صافٍ بدرجة تسمح للفلكيين على الأرض بمراقبة سطحه بوضوح. وتبين الصور المأخوذة للكوكب من سطح الأرض، ومن مركبات الفضاء ـ التي تدور حوله ـ عالمًا من المظاهر المألوفة. لكن الصور التي التقطتها مركبتا الفضاء مارينر Mariner وفايكنغ Viking هي التي تكشف في الواقع عجائب كوكب المريخ وبدائعه. فعلى طول خط الاستواء يمتد الصدع المريخي العظيم وادي مارينر Mariner’s Valley مسافة خمسة آلاف كيلومتر طولاً، و100 كيلومتر عرضاً، و10 كيلومتر عمقاً. وقد اُشتق اسم هذا الصدع من اسم مركبة الفضاء مارينر التي أفضت صورها إلى اكتشافه.
الغلاف الجوي
تعد السحب والغبار الذي تذروه الرياح دليلاً مرئياً على وجود غلاف جوي atmosphere لكوكب المريخ، وتؤكد الأطياف ذلك، ولكن الغلاف الجوي للمريخ يختلف تمامًا عن الغلاف الجوي للأرض. فهو يتألف من ثنائي أكسيد الكربون وقليل من غازات أخرى وبخار الماء.
والغازات الستة الرئيسة المكونة لغلافه الجوي هي:
1) ثنائي أكسيد الكربون (CO2) carbon dioxide بنسبة 95.32%.
2) آزوت (نتروجين) (N2) nitrogen بنسبة 2.7%.
3) أرغون (Ar) argon بنسبة 6.1%.
4) أكسجين (O2) oxygen بنسبة 0.13%.
5) بخار الماء (H2O) water بنسبة 3.03%.
6) نيون (Ne) neon بنسبة 2.5×10 -4%.
ويستطيع الفلكيون قياس كثافة الغازات عن طريق قياس شدة الخطوط الطيفية في الغلاف الجوي. وتشير القياسات إلى أن كثافتها ضئيلة لا تتجاوز 1% من كثافتها حول الأرض. وقد أكدت مركبات الفضاء التي حطت على سطح المريخ التركيب والكثافة المنخفضة، وخرجت بنتائج رصد عديدة للمريخ، لا تقتصر على خصائص غلافه الجوي فحسب، بل تتناول أحواله المناخية كذلك.
يحتوي هواء المريخ من بخار الماء ما نسبته 1/1000 ما يحويه هواء كوكب الأرض، ومع هذه النسبة الضئيلة فهو يتكاثف مكوناً الغيوم التي ترتفع عالياً في سماء المريخ، أو تلتف كالدوامة حول قمم البراكين. وقد أظهرت مركبة الفضاء فايكنغ طبقات ثخينة من الماء المتجمد على بقعة من سطح المريخ. كما أصبح معلوماً أن طبقة ثخينة من الماء المتجمد تغطي أرض المريخ في الشتاء. ويعتقد العلماء أنه كان للمريخ في الماضي غلاف جوي أكثف، ربما ساعد على تدفق الماء على أرضه, حيث بعض المعالم الطبيعية من مجاري أنهار riverbeds وحفر وجزر تشير كلها إلى أن أنهاراً كبيرة كانت على سطحه.
درجة الحرارة والضغط
مع أن معظم الغلاف الجوي لكوكب المريخ مكون من غاز ثنائي أكسيد الكربون، لكن كثافته منخفضة جداً، بدرجة لا يولد معها إلا مفعول دفيئة ضعيفٌ جداً. إن انعدام انحباس الحرارة المترتب على ذلك، إضافة إلى بعد المريخ عن الشمس يجعل المريخ بارداً جداً، فلا تزيد درجة الحرارة عند خط استوائه عند الظهيرة على درجة تجمد الماء إلا قليلاً. ومن ثم فإن متوسط درجات الحرارة على سطح المريخ هي -63 درجة مئوية ودرجة الحرارة العظمى هي 20 درجة مئوية والصغرى هي -140 درجة مئوية. إذاً مع وجود الماء على المريخ، فإن معظمه في حالة تجمد، وهو محتبس إما تحت السطح وإما في القطبين على هيئة جليد مائي صلب.
تحمل الرياح المريخية سحب الجليد الجاف (أي CO2 المتجمد) وبلورات الماء المتجمد فيعج بها الغلاف الجوي للمريخ. وتنشأ هذه الرياح ـ شأن الرياح العاتية على الأرض ـ من ارتفاع درجة حرارة الهواء قرب خط الاستواء وحركته باتجاه القطبين. إن الرياح على المريخ لطيفة عموماً، لكنها تتحول موسمياً، وبالقرب من القطبين إلى رياح هوجاء تحمل في بعض الأحيان كميات كبيرة من غبار السطح. تغطي العواصف الغبارية الناتجة الكوكب من آن لآخر تغطية كاملة وتلون سماءه بلون أحمر وردي.
وليس ثمة أمطار تسقط من سماء المريخ؛ لأن سحبه باردة جداً، ولا تحوي إلا النزر اليسير من الماء. وعلى الرغم من جفاف الغلاف الجوي للمريخ فإن الضباب يتكون في بعض أوديته ويتكاثف الصقيع على سطحه في الليالي الباردة، أضف إلى ذلك أن ثلجاً من ثنائي أكسيد الكربون المتجمد يتساقط في شتاء المريخ على قطبيه.
والضغط الجوي متغير على سطح المريخ من بقعة إلى أخرى, ومتوسطه 0.007 بار.
خصائص المريخ
انظر الجدول (1).
أقمار المريخ
للمريخ قمران صغيران هما فوبوس Phobos وديموس Deimos، تم اكتشافهما عام 1877، سميا كذلك نسبة إلى نصفي الإلهين المنسوبين للخوف والفزع. ولا يزيد قطر كل منهما على عشرة كيلو مترات، وربما كانا كويكبين[ر: الكويكبات] أسرهما المريخ، وهما من الصغر بحيث لم يأخذا شكلاً كروياً بفعل ثقالتهما، ويحمل كل منهما فوهات شبيهة بالفوهات البركانية، مما يوحي بأنهما تعرضا للصدم من أجرام سماوية أصغر حجماً. ويحمل القمر فوبوس صدوعاً وتشققات تشير إلى احتمال تعرضه للصدم بجرم كبير كاد أن يشطره.
الحياة على كوكب المريخ
ظل علماء الفلك وقتاً طويلاً حيارى بشأن وجود كائنات حية على سطح المريخ. وقد نشأت هذه الحيرة من تفسيرات خاطئة لحوادث رصد جرت عام 1877 قام بها الفلكي الإيطالي جوڤاني سكياباريلي Giovanni Schiaparelli الذي رصد مظاهر بدت له على شكل خطوط مستقيمة على كوكب المريخ، أطلق عليها اسم «كنالي» canali أي قنوات. وذهب الناس إلى الظن أن بناء هذه القنوات تم على يد مخلوقات حية ذكية. وغدا الاهتمام بهذه القنوات كبيراً عام 1894 حتى إن الثري بيرسيفال لويل Percival Lowell من بوسطن بأمريكا أقام مرصداً في شمالي أريزونا لدراسة المريخ والبحث عن دلائل حياة عليه.
لكن معظم الفلكيين لم يتمكنوا من رؤية أي أثر للقنوات المزعومة، إلا أنهم لاحظوا فعلاً تغيرات موسمية على هيئة مناطق قاتمة، وهي تغيرات فسرها بعضهم بانتشار حياة نباتية على كوكب المريخ في الربيع. وفي بداية السبعينيات من القرن العشرين أثار اهتمام العلماء صورٌ فوتوغرافية التقطها قمر صناعي لقنوات حفرتها المياه، ولمجاري أنهار قديمة، ذلك لأن الماء ـ على كوكب الأرض على الأقل ـ هو قوام الحياة. وزيادة في البحث عن الحياة على كوكب المريخ قامت الولايات المتحدة الأمريكية بإنزال مركبتي فايكنغ فضائيتين على سطح الكوكب عام 1976 مزودتين بتجهيزات لاستقصاء آثار لمركبات كربونية في تربته، ولاقتفاء أي نشاط استقلابي من خلال اختبار عينات من التربة أضيفت إلى حساء محمول على متن المركبتين. وجاءت نتائج الاختبارات كلها إما سلبية وإما ملتبسة. ومن ثم فقد انتهى العلماء إلى عدم وجود دلائل حياة على سطح المريخ على الأقل في المواقع التي تم سبرها. ومع ذلك وبالنظر إلى المناخ الرطب والدافئ الذي كان يسود الكوكب في ماضي عهده فلا يزال الاحتمال قائماً في أن نوعاً من الحياة قد وجد عليه في عصور سابقة. ويبقى الخبر اليقين منوطاً بمزيد من البحوث والدراسات التي تتناول سطحه.
أنور توفيق اللحام
Mars - Mars
المريخ
لدى مقارنة المريخ بكوكبي عطارد والزهرة، يبدو المريخ أكثر شبهاً بالأرض. ومع أن قطره لا يتجاوز نصف قطر الأرض، وكتلته تقارب عُشر كتلتها فإن سطحه وغلافه الجوي أقل اختلافاً عن مثيليهما على كوكب الأرض. ففي يوم حار مثلاً تبلغ درجة الحرارة عند خط استواء المريخ 10 درجات مئوية. وبصرف النظر عن الرياح التي تسوق الغبار ونُتف السحب المكونة من بلورات الجليد عبر سمائه، فإن الغلاف الجوي صافٍ بدرجة تسمح للفلكيين على الأرض بمراقبة سطحه بوضوح. وتبين الصور المأخوذة للكوكب من سطح الأرض، ومن مركبات الفضاء ـ التي تدور حوله ـ عالمًا من المظاهر المألوفة. لكن الصور التي التقطتها مركبتا الفضاء مارينر Mariner وفايكنغ Viking هي التي تكشف في الواقع عجائب كوكب المريخ وبدائعه. فعلى طول خط الاستواء يمتد الصدع المريخي العظيم وادي مارينر Mariner’s Valley مسافة خمسة آلاف كيلومتر طولاً، و100 كيلومتر عرضاً، و10 كيلومتر عمقاً. وقد اُشتق اسم هذا الصدع من اسم مركبة الفضاء مارينر التي أفضت صورها إلى اكتشافه.
الغلاف الجوي
تعد السحب والغبار الذي تذروه الرياح دليلاً مرئياً على وجود غلاف جوي atmosphere لكوكب المريخ، وتؤكد الأطياف ذلك، ولكن الغلاف الجوي للمريخ يختلف تمامًا عن الغلاف الجوي للأرض. فهو يتألف من ثنائي أكسيد الكربون وقليل من غازات أخرى وبخار الماء.
والغازات الستة الرئيسة المكونة لغلافه الجوي هي:
1) ثنائي أكسيد الكربون (CO2) carbon dioxide بنسبة 95.32%.
2) آزوت (نتروجين) (N2) nitrogen بنسبة 2.7%.
3) أرغون (Ar) argon بنسبة 6.1%.
4) أكسجين (O2) oxygen بنسبة 0.13%.
5) بخار الماء (H2O) water بنسبة 3.03%.
6) نيون (Ne) neon بنسبة 2.5×10 -4%.
ويستطيع الفلكيون قياس كثافة الغازات عن طريق قياس شدة الخطوط الطيفية في الغلاف الجوي. وتشير القياسات إلى أن كثافتها ضئيلة لا تتجاوز 1% من كثافتها حول الأرض. وقد أكدت مركبات الفضاء التي حطت على سطح المريخ التركيب والكثافة المنخفضة، وخرجت بنتائج رصد عديدة للمريخ، لا تقتصر على خصائص غلافه الجوي فحسب، بل تتناول أحواله المناخية كذلك.
يحتوي هواء المريخ من بخار الماء ما نسبته 1/1000 ما يحويه هواء كوكب الأرض، ومع هذه النسبة الضئيلة فهو يتكاثف مكوناً الغيوم التي ترتفع عالياً في سماء المريخ، أو تلتف كالدوامة حول قمم البراكين. وقد أظهرت مركبة الفضاء فايكنغ طبقات ثخينة من الماء المتجمد على بقعة من سطح المريخ. كما أصبح معلوماً أن طبقة ثخينة من الماء المتجمد تغطي أرض المريخ في الشتاء. ويعتقد العلماء أنه كان للمريخ في الماضي غلاف جوي أكثف، ربما ساعد على تدفق الماء على أرضه, حيث بعض المعالم الطبيعية من مجاري أنهار riverbeds وحفر وجزر تشير كلها إلى أن أنهاراً كبيرة كانت على سطحه.
درجة الحرارة والضغط
تحمل الرياح المريخية سحب الجليد الجاف (أي CO2 المتجمد) وبلورات الماء المتجمد فيعج بها الغلاف الجوي للمريخ. وتنشأ هذه الرياح ـ شأن الرياح العاتية على الأرض ـ من ارتفاع درجة حرارة الهواء قرب خط الاستواء وحركته باتجاه القطبين. إن الرياح على المريخ لطيفة عموماً، لكنها تتحول موسمياً، وبالقرب من القطبين إلى رياح هوجاء تحمل في بعض الأحيان كميات كبيرة من غبار السطح. تغطي العواصف الغبارية الناتجة الكوكب من آن لآخر تغطية كاملة وتلون سماءه بلون أحمر وردي.
وليس ثمة أمطار تسقط من سماء المريخ؛ لأن سحبه باردة جداً، ولا تحوي إلا النزر اليسير من الماء. وعلى الرغم من جفاف الغلاف الجوي للمريخ فإن الضباب يتكون في بعض أوديته ويتكاثف الصقيع على سطحه في الليالي الباردة، أضف إلى ذلك أن ثلجاً من ثنائي أكسيد الكربون المتجمد يتساقط في شتاء المريخ على قطبيه.
والضغط الجوي متغير على سطح المريخ من بقعة إلى أخرى, ومتوسطه 0.007 بار.
خصائص المريخ
|
أقمار المريخ
للمريخ قمران صغيران هما فوبوس Phobos وديموس Deimos، تم اكتشافهما عام 1877، سميا كذلك نسبة إلى نصفي الإلهين المنسوبين للخوف والفزع. ولا يزيد قطر كل منهما على عشرة كيلو مترات، وربما كانا كويكبين[ر: الكويكبات] أسرهما المريخ، وهما من الصغر بحيث لم يأخذا شكلاً كروياً بفعل ثقالتهما، ويحمل كل منهما فوهات شبيهة بالفوهات البركانية، مما يوحي بأنهما تعرضا للصدم من أجرام سماوية أصغر حجماً. ويحمل القمر فوبوس صدوعاً وتشققات تشير إلى احتمال تعرضه للصدم بجرم كبير كاد أن يشطره.
الحياة على كوكب المريخ
ظل علماء الفلك وقتاً طويلاً حيارى بشأن وجود كائنات حية على سطح المريخ. وقد نشأت هذه الحيرة من تفسيرات خاطئة لحوادث رصد جرت عام 1877 قام بها الفلكي الإيطالي جوڤاني سكياباريلي Giovanni Schiaparelli الذي رصد مظاهر بدت له على شكل خطوط مستقيمة على كوكب المريخ، أطلق عليها اسم «كنالي» canali أي قنوات. وذهب الناس إلى الظن أن بناء هذه القنوات تم على يد مخلوقات حية ذكية. وغدا الاهتمام بهذه القنوات كبيراً عام 1894 حتى إن الثري بيرسيفال لويل Percival Lowell من بوسطن بأمريكا أقام مرصداً في شمالي أريزونا لدراسة المريخ والبحث عن دلائل حياة عليه.
لكن معظم الفلكيين لم يتمكنوا من رؤية أي أثر للقنوات المزعومة، إلا أنهم لاحظوا فعلاً تغيرات موسمية على هيئة مناطق قاتمة، وهي تغيرات فسرها بعضهم بانتشار حياة نباتية على كوكب المريخ في الربيع. وفي بداية السبعينيات من القرن العشرين أثار اهتمام العلماء صورٌ فوتوغرافية التقطها قمر صناعي لقنوات حفرتها المياه، ولمجاري أنهار قديمة، ذلك لأن الماء ـ على كوكب الأرض على الأقل ـ هو قوام الحياة. وزيادة في البحث عن الحياة على كوكب المريخ قامت الولايات المتحدة الأمريكية بإنزال مركبتي فايكنغ فضائيتين على سطح الكوكب عام 1976 مزودتين بتجهيزات لاستقصاء آثار لمركبات كربونية في تربته، ولاقتفاء أي نشاط استقلابي من خلال اختبار عينات من التربة أضيفت إلى حساء محمول على متن المركبتين. وجاءت نتائج الاختبارات كلها إما سلبية وإما ملتبسة. ومن ثم فقد انتهى العلماء إلى عدم وجود دلائل حياة على سطح المريخ على الأقل في المواقع التي تم سبرها. ومع ذلك وبالنظر إلى المناخ الرطب والدافئ الذي كان يسود الكوكب في ماضي عهده فلا يزال الاحتمال قائماً في أن نوعاً من الحياة قد وجد عليه في عصور سابقة. ويبقى الخبر اليقين منوطاً بمزيد من البحوث والدراسات التي تتناول سطحه.
أنور توفيق اللحام