يعد ريش الطيور واحدًا من أكثر خصائص الحيوانات التي يمكن رؤيتها بالعين المجردة والتي تختلف اختلافا لافتًا.
تنتج الأنماط التي نراها في ريش الطيور من تركيباتٍ معقدة من نقاط، قشور جلدية، شرائط وبقع. لكن كيف تتكون هذه الألوان والأنماط؟
من المعروف أنه لم يكن لدى الطيور ريشًا ملونًا، لكن هذا الريش الملون يجعلها أقل عرضة لأن يتم ملاحظتها من قبل المفترسين، أو لمساعدتها على الاندماج مع البيئة المحيطة، أو جعلها أكثر جاذبيةً للشركاء المحتملين، عن طريق تميز الذكور خاصة عن أقرانهم.
كل هذا معروف جيدا. اللغز الأكبر هو كيف تتكون هذه الأنماط على المستوى الخلوي.
قام الدكتور إسماعيل قالفان وفريقه من الباحثين الخبراء، بدراسة تلون ريش الطيور لمعرفة أنواع الصبغات الموجودة في أنماط الريش المعقدة.
بحيث يتم تلوين الريش غالبا بواسطة نوعين من الصبغات: الميلانين، الذي يحدد مدى اللون الأسود، الرمادي، البنى أو البرتقالي، النوع الآخر هو الكاروتينات، والتي تستخدمها تراكيب متخصصة في الريش لتصنع درجات لون فاتحةٍ أكثر.
لا تستطيع الطيور صنع الكاروتينات بمفردها.
بالنسبة للريش ذو الألوان البراقة، يتحتم على الطيور استهلاك مكونات طعام تحتوي على هذه الصبغات الكاروتينية، ثم تسبح الكاروتينات في مجرى دم الطيور إلى أن تصل إلى بصيلات الريش.
ليس لأجسام الطيور تحكمٌ خلويٌ مباشر في تصنيع وتركيب الكاروتينات، كما ليس لديها تحكم في تراكيب الريش المتخصصة، والتى تستجيب للكاروتينات التى تم استهلاكها بطريقة لا يتم تنظيمها من قبل الخلايا المتخصصة (التى تكون التراكيب المتخصصة).
يُصنع الميلانين، من جهة أخرى، في أجسام الطيور، في خلايا متخصصة تعرف بخلايا الميلانين، والتي تعمل مع بصيلات الريش للحصول على تحكم دقيق في صبغة الريش.
بالرغم من أن الدراسات تركز كثيرا على الكاروتينات في تلوين الطيور، يعد الدكتور قالفان وفريقها أول من اختبر ما إذا كان الميلانين بحق هو الصبغة الوحيدة التى تتحكم فيها الطيور بطريقة مباشرة على المستوى الخلوي.
يقول قالفين” نحن نعلم مسبقًا أن الصبغات المختلفة والتراكيب المختلفة تنتج ألوانا مختلفة في الريش، ثم قمنا بفحص مظهر الريش عند كل أنواع الطيور الموجودة وحددنا ما إذا كانت بقع الألوان الموجودة في الريش تنتج بسبب الميلانين أو بواسطة عامل صبغي آخر.
قمنا أيضا بتحديد أنماط الريش المعقدة، وتعريفها على أنها الأنماط التى تنتج من دمج لونين مختلفين أو أكثر وتوجد أكثر من مرتين بدون تقطع خلال الريش.”
كانت هذه الدراسة شاملة جدا، حيث شملت فحص حوالي ٩,٠٠٠ نوع من الطيور، وكان الهدف وضع استنتاج عام لكل الطيور، للإجابة على سؤال كيف تصنع الطيور الأنماط الملونة والدقيقة في ريشها.
وجد الفريق أن حوالي ٣٢%من الأنواع المدروسة لديها أنماط ريش معقدة، تُصنع الغالبية العظمى منها من الميلانين عوضًا عن الكاروتينات.
مجازا، إذا كانت الطيور تمتهن الرسم، فإنها سيستخدم الكاروتينات كفرشاة كبيرة لصنع البقع الملونة، الميلانين كفرشاة دقيقة لتوضيح التفاصيل ورسم التصاميم المعقدة.
يُستثنى القليل من الطيور من هذه القاعدة: ثلاث عائلات من الطيور لديها أنماط ريش معقدة بدون الميلانين.
حمام الفاكهة، طيور الكونتيقا، ونوع من اللقلاق، هؤلاء لديهم ألوان غير اعتيادية، تبدو أنها تصنع من أجسامهم عن طريق تغييرات استقلابية للكاروتينات التى تستهلكها.