قد يكون اختلال العضلات بسيطًا مثل الإجهاد الطفيف بعد ممارسة الرياضة، أو خطيرًا مثل فشل القلب والضمور العضليّ. طُوِّرَت تقنيّةٌ جديدةٌ في جامعة «ماكجيل-McGill» تجعل من الممكن أن ننظرَ بشكلٍ أعمقَ في كيفيّة عمل القُسَيمات العضليّة معًا؛ والقُسيمات العضليّة-Sarcomeres هي اللبنات الأساسيّة في عضلة القلب وجميع العضلات الهيكليّة. ينبغي أن يساعدَ هذا الاكتشاف في تقدُّم الأبحاث القائمة على مجموعةٍ واسعةٍ من اختلالات وظائف العضلات.
الحديث عن عملٍ صعبٍ:
القُسيمات العضليّة هي أصغر وحدةٍ عضليّةٍ يمكن العثور فيها على جميع الجزيئات المسؤولة عن عمل العضلة. هذه الهياكل الضئيلة (والتي قطرُها أصغرُ بحوالي مئة مرّةٍ من متوسّط قطر شعرة الإنسان) تعمل بشكلٍ تعاونيٍّ لإنتاج القوّة حين تتقلّص العضلات. وقد عرف العلماء لبعض الوقت أنَّ العديدَ من الملايين من القُسيمات العضلية تعمل معًا عندما تنشَط العضلات، وأنّ الخللَ العضليَّ يمكن أن يكونَ راجعًا إلى سوء الاتّصال بين تلك القُسيمات، جزئيًّا على الأقلّ.
ولكنَّ كيفيّة حدوث هذا التواصل بالضبط بقيت لغزًا حتّى الآن؛ لأنَّه لم يستطِعْ أحدٌ من قبلُ أن يعزلَ قُسَيمةً واحدةً أو يشاهدَها وهي تعمل ويقيسَ ما يجري.
«لقد كان الأمر صعبًا جدًّا وأحيانًا مُحبطًا بالنسبة للطلّاب الذين يعملون في هذا المشروع على مدى السنوات القليلة الماضية، وقد استخدمنا إبرًا مصنوعةً بدقّةٍ لقياس القوّة واستخدمنا أيضًا الفحصَ المجهريَّ عالي التقنيّة لعزل القُسيمات العضليّة ثم مشاهدتها تتقلّص، وطوَّر أحد المتعاونين لدينا نموذجًا رياضيًّا لتحليل البيانات لأنّ الأرقامَ المعنيّةَ كانت صغيرةً ودقيقةً جدًا»؛ ذلك ما قاله «ديلسون راسيير- Dilson Rassier» المدرّسُ في قسم علم الحركة في جامعة «ماكجيل» وهو الباحث الرئيسيّ في الدراسة التي نُشِرت مؤخّرًا في المجلّة المرموقة «وقائع الأكاديميّة الوطنيّة للعلوم في الولايات المتّحدة الأمريكيّة Proceedings of the National Academy of Sciences of the United States of America ».
التكبير على العضلات المجهريّة أثناءَ فترة عملها:
هناك ما بين 2000 – 2500 قُسيمةٍ عضليّةٍ توجد معًا في لفائفَ مترابطةٍ في كل 10 ملم من الألياف العضليّة.
ولمشاهدة القُسيمات العضليّة أثناء عملها، كان الباحثون يعزلون لُيَيْفًا عضليًّا-Myofibril واحدًا (الوحدة الأساسيّة المشكِّلة للأنسجة العضليّة) ثم يكبِّرون على قُسيمةٍ فرديّةٍ. وقد أجرَوا تجاربَهم باستخدام تراكيز مختلفةٍ من الكالسيوم (وهو المسؤول عن تحفيز تنشيط العضلات وارتخائها) ليتسبّبَ في انقباض القُسيمات وقياس قوّتها.
والشيء الذي اكتشفوه هو أنَّ جميعَ القُسيماتِ تتكيّف مع تفعيل قسيمةٍ واحدةٍ مجاورةٍ لها في لُيَيفٍ عضليٍّ سليمٍ.
هذه النتيجة جديدةٌ ومحفّزةٍ، وتبيّن آليّةً تعاونيّةً – تكون مرتبطةً بالخصائص المحدّدة للجزيئات القُسيميّة- بين القُسيمات المكونة للُّيَيف. هذه الديناميكا بين القسيمات أمرٌ بالغُ الأهميّة لفهم الآليّة الجزيئيّة للتقلّص.
يبدو «راسيير» مبتهجًا حول النتائج ويقول: «كان على مجموعتي العملُ بجدٍّ لإتمام هذه الدراسة، ولكنَّ النتائجَ كانت تستحقُّ ذلك.
تفتح التقنية العديدَ من الإمكانات في مجال العضلات، ومنذ أن نشرنا النتائجَ التي توصّلنا إليها قبل بضعةِ أسابيعَ بدأ علماء الفيزياء الحيويّة والفيزيولوجيا من جميع أنحاء العالم بالتواصل معي مُظهرين حماسَهم حول الموضوع. و خطوتنا التالية هي أن ننظرَ في ما يحدث في قصور القلب وأمراضٍ أخرى تصيب الجهازَ العضليَّ عندما تفشلُ القُسيمات في التعاون».