هذه الكائنات الأربعة تعيش في ظروف قادرة على قتل معظم أشكال الحياة الأخرى.
إذًا فماذا يمكننا أن نتعلم منها؟يبدو أنه بغض النظر عن كون البيئة غير مناسبة، إلا أنه هناك دائمًا كائنٌ قادرٌ على التكيف على الحياة فيها.
وجد العلماء أنواعًا من الحياة في كل البيئات القاسية التي يمكن تصورها، من مراجل البراكين إلى البحار عالية القاعدية.
هذه الكائنات المحبة للظروف المتطرفة ليست هامةً من باب الفضول فقط، بل بإمكان هذه الكائنات التوضيح لنا كيفية إمكانية تواجد الحياة على كواكب أخرى بظروف أكثر عدائية من كوكب الأرض.
بعض هذه الكائنات أدت إلى ابتكارات في علم المواد وعلم الأدوية وتوليد الطاقة، وهنا سنستعرض أربعة كائنات تعيش في ظروف قادرة على قتل معظم الأشكال الأخرى من الحياة ونرى ما بإمكاننا أن نتعلم منها.
● الميكروبات الباحثة عن الحرارة
مع تسخينها بالبراكين تحت الأرضية الهائلة، فإن ينابيع يلوستون الساخنة يمكن أن تتخطى حرارتها 90 درجة مئوية وهي حارة للغاية للكائنات العادية.
في عام 1969 أثناء دراسة الجراثيم المحبة للظروف القاسية التي تعيش في ينابيع يلوستون الساخنة -والتي تعطيها لونها أيضًا- توصّل كلٌ من توماس بروك وهدسون فريز من جامعة إنديانا لاكتشاف الجراثيم المستحرّة المائية.
هذه الجراثيم دعمت تقريبًا كل الاكتشافات الجينية التي تم اكتشافها.
تحتوي المستحرة المائية على إنزيم حمض نووي يتحمل الحرارة والذي بمجرد عزله، يصبح حجر زاوية في تفاعل سلسلة البلمرة.
وعن طريق تفاعل البوليميريز المتسلسل يمكن تضخيم عينة صغيرة من الحمض النووي لأغراض التحليل وهو شيءٌ ضروري لكثيرٍ من الأمور، من تحليل مسرح الجريمة إلى قراءة الجينوم.
هذا واحد من الاستخدامات التي بدأ العلماء -أو يأملون قريبًا- تطويرها عن طريق دراسة كائنات الظروف المتطرفة.
● المستقبِل المتجمد
عندما يحل الشتاء في ألاسكا، تتجمد الضفادع المحلية، وبعد سبعة شهور عندما يحل الربيع، تقفز الضفادع الذائبة هنا وهناك.
التجمد لمرة يقتل أي كائن فقاري آخر، إذ تخترق بلورات الجليد أعضاءه.
إلا أنه مع حلول الخريف، بإمكان ضفادع الغابة في ألاسكا البقاء على قيد الحياة لأسبوعين من سلسلة تجمد وذوبان في الليل والنهار حتى التجمد النهائي.
الضفادع -كبعض الحشرات والأسماك الأخرى التي تتحمل التجمد- تنتج مواد كيميائية توقف تكون بلورات الجليد.
يأمل الباحثون أن بدراسة هذه الأنواع قد نتعلم كيفية تقليد قدرتها في حفظ الأعضاء البشرية لنقل الأعضاء.
حاليًا، تتلف الأعضاء عند التجمد ويمكن إبقاؤها عدة ساعات فقط في الثلاجات.
● البكتريا كونان
بإمكان بكتريا داينوكوكس راديودورانسيس النجاة من ضربات من أشعة جاما أكبر بثلاثة آلاف ضعف من الجرعة المميتة للبشر.
في عام 1999، موّلت إدارة الولايات المتحدة للطاقة بحثًا من أجل اكتشاف تسلسل الجينوم الخاص بالبكتيريا آملين في تطوير جراثيم مستهلكة للفضلات من أجل تنظيف المواقع النووية شديدة التلوّث.
بشكل مفاجئ، فإن الحمض النووي الخاص ببكتريا د. راديودورانسيس أثبت قابليةً للتأثّر بالإشعاعات كـ بكتيريا إ.كولاي العادية.
سر البكتيريا هو مجموعة من مضادات الأكسدة والتي تحمي البروتين الخاص بها من الضرر الإشعاعي.
ثم تقوم هذه البروتينات بعلاج الحمض النووي المتضرّر.
العام الماضي، أوضح الباحثون أن نوعًا من الببتيد قائمًا على مضادات الأكسدة هذه بإمكانه حماية الفئران من الجرعات المميتة من الإشعاع عادة.
وهي خطوة أولى واعدة نحو تطوير حبوب علاج من الإشعاع فعالة للبشر.
● مُحبّو الظروف المتطرفة
يستطيع التارديغارد المجهري أو دب الماء مقاومة الحرارة والبرودة والجفاف ونقص الأكسجين والإشعاع.
الحيوان الصغير استطاع النجاة حتى من رحلة لعشرة أيام في الفضاء، مما أدى إلى اقتراح البعض أن هذا الكائن بإمكانه العيش على المريخ.
وليستطيع النجاة، يقوم دب الماء بوضع نفسه في حالةٍ غير تناسلية وعديمة الحركة.
بعض الكائنات المحبة للظروف المتطرفة تبدو مجهزةً للعيش على الكوكب الأحمر.
فالكائنات المجهرية تحت الأرضية الموجودة في أعمق المناجم والكهوف تمتلك ما يلزم للنجاة تحت سطح المريخ.
دراسة الكائنات المحبة للظروف المتطرفة على كوكب الأرض تقدّم لمحةً محتملةً لشكل الحياة الفضائية وأين يجب علينا البحث عنها.