عرِفَ العلماء منذ ثلاثينيات القرن الماضي أن النباتات تتحسس لطول النهار، وتستخدم هذه المعلومات بطريقةٍ ما لتقرر متى عليها الإزهار.
بعد ذلك اعتقد علماء روس بأن هنالك مادة غامضة يجب أن تُنقل من الأوراق إلى ذروة النسيج الإنشائي* ، محرِّضةً تشكيل براعم الأزهار، وأطلقوا عليها اسم الفلوريجين (Florigen).
كيف يعمل الفلوريجين؟ ولماذا تخرج الأزهار بشكل تصاعدي في بعض البقع من النبات؟
يقول أوف نيلسون Ove Nilsson من مركز أوميا لعلم النبات Umea Plant Science Center في الجامعة السويدية للعلوم الزراعية: «لقد أظهرنا بأن المورثة التي تدعى FT، والتي تكون فعّالة في الورقة وتُنظم فعاليتها بحسب طول النهار، تنتج جزيء مرسال يُنقل بدوره إلى ذروة النسيج الإنشائي*» وذلك في بحثٍ أجراه مع فريقه.
وقد توصّل بحثٌ آخر بقيادة فريق بحثي آخر إلى كيفية عمل الجزيء المرسال لتفعيل “برامج المورثة” والتي تؤدي إلى تشكيل براعم الأزهار.
باختصار، تتشكل البروتينات وتخبر بروتينات أخرى موجودة فقط في مواقع مستقبلية من البراعم، وتتفتح الأزهار في الوقت الصحيح فقط في موقع مُبرمج مُسبقًا.
يقول العلماء أن الحرارة والتربة تلعب دورًا في التوقيت أيضًأ.
يقول نيلسون: «بجمع هذه المعلومات تبين أن هذا الجريء المرسال المُنتج من قبل مورثة FT هو الفلوريجين نفسه، أو مكوّن هام جدًّا من الفلوريجين».
ما أهمية ذلك بالنسبة للعلماء؟
تُزهر أزهار النرجس البري في الربيع عندما يطول النهار، بينما تنتظر الورود حتى مجيء الصيف، أما الأرُزّ فيُزهر في الخريف عندما يقصر النهار.
الطبيعة تٌحسِن ما تصنع، لكن البشر في بعض الأحيان يعملون على إخفاقها.
يقول نيلسون: «من الجيد أن نتوقع بإن هذه النتائج يمكن أن تٌستخدم لجعل الأرُز يُزهر باكرًا، في حين أن الكثير من المحاصيل الكبيرة المتنوعة تُزهر بموعدٍ متأخّر، فبهذه الطريقة يمكن أن نجعل الإنتاج يصبح في أكثر من موعد حصاد واحد في السنة وذلك في بعض أجزاء العالم».
لا نعرف بشكل واضح كيف تجمع النباتات كل المعلومات اللازمة لتبني أزهارها، لكن بفضل الأبحاث الجديدة في هذا الموضوع تُمكنا من فهم بعض الآلية الجزيئية التي تتم من خلالها هذه العملية.
*الجزء من النبات الذي يتكون من خلايا غير متمايزة بعد، ويمكن أن لها أن تنمو وتتمايز لنسيج ما.