الباب الأول ( مقدمة تاريخية )
فكرة آلة التصوير – في أصلها – كشف عربي ثم طوره علماء آخرون
من المعتاد أن يعزى بده اكتشاف التصوير الضوئى ، إلى التاريخ الذي فيه نجح الباحثون في الحصول على صور فوتوغرافية لها صفة الدوام والبقاء . غير أن آلة التصوير. كأداة للحصول على صورة مرئية ليس لها صفة البقاء - قد اكتشفت قبيل ذلك بقرون عديدة، ولكنه لم يكن كشفاً ذا قيمة عملية إلا بعد أن تقدمت البحوث الكيميائية الضوئية ، واكتشفت الأسطح الحساسة للضوء التي يمكن أن تسجل عليها الصورة الضوئية ، ثم اكتشفت الوسائل التي تكفل بأن تجعل لها صفة الدوام والثبات .
وقد نبتت فكرة آلة التصوير عن ظاهرة رؤية صورة ضوئية مقلوبة لمصادر الضوء أو الأجسام ( التى تضاء بغيرها ) إذا وقعت هذه الأجسام أمام ثقب ضيق في سقف أو جدران أو نافذة حجرة مظلمة إظلاما تاماً ، إذ لوحظ أن الأشعة تنفذ عندئذ خلال الثقب ، مكونة صورة مرئية على أى سطح أبيض أو فاتح اللون قد يقع فى الجانب الداخلى المواجه للثقب في الحجرة المظلمة التي ( أسميت آنئذ باسم Camera Obscura ) .
والاعتقاد الخاطىء الذي يردده الكثيرون هو أن كشف فكرة آلة التصوير بوصفها السابقي يرجع إلى روجر بيكون Roger Bacon ( في أواخر القرن الثالث عشر ) ، أو يرجع إلى ألبرتي Alberti 1
أو إلى ليوناردو دافنشي Leonardo da Vinci
أو إلى جيوفاني باتستا بورتا Giovanni Battista Della Porta
والحقيقة التى لاشك فيها هى أن فكرة آلة التصوير - بوصفها السابق - والظاهرة التي أشرنا إليها بعاليه قد جاء وصفها مكتوباً منذ تسعة قرون فيما كتبه العالم العربي ( أبو الحسن بن الهيثم » فى عام ١٠٣٨ الميلادي
(أي قبيل روجر بيكون بقرنين و نصف قرن ) . وإذ لم يظهر فيما كتبه هذا العالم العربى أن هذه الظاهرة كانت كشفاً جديداً . فضله إليه شخصياً، لذلك فانه من المعتقد أن فكرة آلة التصوير - بوصفها السابق - كانت أمراً معروفاً لدى العرب قبيل هذا التاريخ أيضاً (۱) . ولعلنا لا نلتمس العذر لمن نسبوا هذا الكشف إلى غير ابن الهيثم إذا علمنا أن مخطوطاته المحفوظة في لندن(۲) قد عرف ما فيها في عام ١٩١٠.
وقد جاء في هذه المخطوطات شرحاً وافياً لأثر ضيق الفتحة التي ينفذ منها الضوء في زيادة حدة الصورة Sharpness of Image
وفي عام ١٥٥٠ طور جاردانو Garlano الفكرة السابقة ووضع عدسة محدبة الوجهين - في مكان الثقب .
وفى عام ١٥٥٨ أوصى جيوفانی با تستا بورتا Giovanni Battista Porta بالاستفادة من الظاهرة السابقة لمعاونة الرسامين في رسم لوحاتهم . ولكى الاستفادة منها لرسم المناظر الطبيعية اقترح إعداد خيام متنقلة تقوم على أعمدة تنتقل إلى الأماكن المطلوب رسمها . وفى هذا التاريخ وضع «بورتا » أول وصف كامل لما عرف آنئذ باسم ال Camera Obscura ( عقب ما كتبه أبو الحسن ابن الهيثم ) ومن هنا نشأ الاعتقاد الخاطى، أو المحرف عن نسبة کشف فكرة آلة التصوير إليه .
وفى عام ١٥٦٨ وضع دانييل باربارو Daniel Barbaro دیافراجم ملحقاً بالعدسة للتحكم في كمية الضوء المار خلالها ولزيادة حدة الصورة .
وفي عام ١٥٧٣ اقترح دانتي Danti أن يستفاد بالمرايا العاكسة لعكس وضع الصورة المرئية فتصير صورة معدولة ، فما هو أعلى في الطبيعة يظل في أعلى الصورة ، وما كان في اليمين يظل في اليمين أيضاً .
وفى عام ١٦١٤ اكتشف Angelo Sala أن نترات الفضة تصير قابلة للاسوداد لو أنها عرضت للضوء .
وفى عام ١٦٧٦ صمم جوهان شتروم Johann Strum . - وهو من علماء الرياضة - أول آلة تصوير عاكسة سهلة الحمل بأن وضع مرآة ( بزاوية ٠٤ ) خلف العدسة .
وقبيل التاريخ السابق لم تكن ال Camera Obscura إلا حجرة داخل منزل أو خيمة متنقلة . وقد استخدم المشعوذون وفاتحى البخت أسس هذه الظاهرة لتضليل زبائنهم بأن جعلوا صور الأجسام المتحركة (خارج حجرة مظلمة والتي تنفذ الأشعة المنعكسة منها خلال ثقب بالحجرة ) متجمعة على مستوى يوضع فيه زجاجة أو كوبة ماء داخل الحجرة، ولجهل الزبائن بأسس هذه الظاهرة ، لذلك فإنهم كانوا يظنون أن حركة هذه الأجسام الآدميين والحيوانات منبعثة من داخل الكوبة أو الزجاجة .
وفي عام ١٦٨٥ أدخل جوهان تسان Johann Zahn تعديلات جوهرية بقيت إلى اليوم ومن بينها : تصغير حجم آلة التصوير ، واستخدام مجموعة من العدسات مثبتة في اسطوانة نحاسية لتحل محل عدسات النظارات ( التي استخدمت من قبل ) ، واستخدام زجاج مصنفر Ground Glass لاستقبال الصورالمرئية بدلاً من استخدام الورق المطلي بالزيت ، وظلت هذه التحسينات باقية حتى القرن التاسع عشر حيث بدأ التطور الحقيقى السريع في التصوير الضوئي .
ومن الواضح أنه فى خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر ، لم يجد الباحثون والمصورون وسيلة لتثبيت Fixing الصور كي يكون لها القدرة على البقاء .
وفى عام ۱۸۲٦ صمم نيسيفور
( Nicephore Niépre » أجزاؤها المعدنية من الزنك ولها منفاخ مربع يشبه منفاخ آلة الاكورديون الموسيقية، ووضع فيها الديا فراجم الدقى Iris Diaphragm. ولو أنه لم يعثر على العدسات التي استخدمها ، إلا أنه قد عرف بعدئذ - عن طريق خطاباته - أن حدة الصور قد زادت كثيراً في عام ۱۸۲۸ نتيجة لتحسينات في النظام. البصري الذي استخدمه. ويعتبر Niépce صاحب الفضل الأول في التصوير الضوئي الحديث إذ هو أول من تمكن من تثبيت الصور الضوئية المسجلة على خامات حساسة للضوء بمعاملات كيميائية جعلتها قابلة للبقاء دون تلف .
وفى عام ١٨٣٩ صنع داجير Daguerre آلة تصوير من جزئين من الخشب ويحمل الجزء الأمامى عدسة ، ويحمل الخافى زجاج مصنفر. وجعل الجزء الخلفى قابلا للانزلاق داخل الجزء الأمامى بشكل محكم كى يمكن التحكم في ضبط المسابة . وقد تعاون مع داجير أحد أقارب زوجته يدعى ألفونس جيرو Alphonse Giroux واحتكرا صناعة هذه الآلات لمدة قصيرة . وكانت الآلات تحمل توقيع داجير وضماناً من قريبه ! ! (۱) وكان ارتفاع الآلة ١٢٥ بوصة ، وعرضها ٥ ١٤ بوصة ، وطولها ۱۰٫٥ بوصة . ويعزى إلى داجير الفضل الأول في وضع خطوات عملية في التصوير الضوئي(٢) .
كما يعزى الفضل إلى Fox Talbot لكونه أول من وضع أسس الطريقة السالبة - الموجبة Negative. Positive Process التي نسير على نهجها إلى اليوم . . وهى الطريقة التى تعنى وجوب البدء بعمل صور سالبة أولا ثم طبعها أو نقلها أو تكبيرها على خامات حساسة أخرى للحصول على صور موجبة .
وفى عام ۱۸۸۹ أنتج جورج ايستمان (۱) George Eastman مؤسس مصانع كوداك لأول مرة الأفلام الملفوفة الشفافة Transparent Roll Films من نترات السليلوز Cellulose nitrate ، وكانت الطبقة الحساسة تطلى على هذه الدعامة وهى مسطحة على ألواح من الزجاج أطوالها ۲۰۰ قدم . ونظراً لأن الدعامة المصنوعة من هذه المادة ( نترات السليلوز ) كانت قابلة للالتهاب بسهولة ، لذلك كان من الواجب مراعاة احتياطات أمن كثيرة سواء في مراحل إنتاجها أو استخدامها غير أن مصانع إيستمان كوداك في روشيستر بالولايات المتحدة قد نجحت بعدئذ في عام ۱۹۰۸ فى إنتاج دعامة جديدة للأفلام غير قابلة للالتهاب باستخدام مادة أسيتات السليلوز Acetate Cellulose ويعتبر إنتاج الأفلام الشفافة الملفوفة من أهم التطورات التي ساعدت على تقدم التصوير السينمائى ذلك لأنه عقب اكتشاف هذا النوع من الأفلام استخدمه المخترع العالمي توماس إديسون فى أول آلة تصوير سينمائي حديثة أنتجت في العالم . وكان نجاح الآلة والفيلم الحديثان نقطة تحول كبير في هذا المجال .
وقد كان من شأن اختراع الأفلام السابقة أن تيسر تصغير حجم التصوير، واخترعت لأول مرة في عام ۱۸۹۰ أول آلة تصوير منفاخ صغيرة وفى عام ١٨٩١ أنتجت مصانع كوداك أول آلة تصوير يمكن أن يعبأ بها الفيلم في ضوء النهار Daylight Kodak Folding Camera loading Camera .
ولعله يبدو فيما تقدم أنه من العسير أن يفصل بين التطور والتحسينات التي جاءت على مر الأيام فى المجال البصرى، أو الميكانيكي في صناعة الآلات، أو التطور في مجال صناعة الخامات الحساسة التى تسجل عليها الصور ، وكذلك لا شك أنه من العسير أن ينسب فضلا إلى شخص واحد فقط قام التصوير الضوئى على اكتافه ، سواء فى تاريخه الأول أو المعاصر ، وسواء في مجال الاكتشافات البصرية Optical لتحسين العدسات و لقط الصورة ، أو الميكانيكية لتحسين تصميمات آلات التصوير وقدرتها على الأداء ، أو الكيميائية لاختيار أنسب الخامات التي تسجل عليها الصورة ثم تثبيتها ليكون لها القدرة على البقاء دون تلف ولو إلى حين ، بل يرجع الفضل إلى آلاف عديدة من الباحثين العلماء في مختلف فروع المعرفة ، فهؤلاء جميعهم قد وضعوا أسس هذا البناء ثم أقاموه حتى صار شامخاً يخدم المجتمع فى أغلب نواحيه . وليست هذه الأسماء التي ذكرناها في هذه المقدمة إلا للقليل البارزين من هؤلاء الباحثون .
فكرة آلة التصوير – في أصلها – كشف عربي ثم طوره علماء آخرون
من المعتاد أن يعزى بده اكتشاف التصوير الضوئى ، إلى التاريخ الذي فيه نجح الباحثون في الحصول على صور فوتوغرافية لها صفة الدوام والبقاء . غير أن آلة التصوير. كأداة للحصول على صورة مرئية ليس لها صفة البقاء - قد اكتشفت قبيل ذلك بقرون عديدة، ولكنه لم يكن كشفاً ذا قيمة عملية إلا بعد أن تقدمت البحوث الكيميائية الضوئية ، واكتشفت الأسطح الحساسة للضوء التي يمكن أن تسجل عليها الصورة الضوئية ، ثم اكتشفت الوسائل التي تكفل بأن تجعل لها صفة الدوام والثبات .
وقد نبتت فكرة آلة التصوير عن ظاهرة رؤية صورة ضوئية مقلوبة لمصادر الضوء أو الأجسام ( التى تضاء بغيرها ) إذا وقعت هذه الأجسام أمام ثقب ضيق في سقف أو جدران أو نافذة حجرة مظلمة إظلاما تاماً ، إذ لوحظ أن الأشعة تنفذ عندئذ خلال الثقب ، مكونة صورة مرئية على أى سطح أبيض أو فاتح اللون قد يقع فى الجانب الداخلى المواجه للثقب في الحجرة المظلمة التي ( أسميت آنئذ باسم Camera Obscura ) .
والاعتقاد الخاطىء الذي يردده الكثيرون هو أن كشف فكرة آلة التصوير بوصفها السابقي يرجع إلى روجر بيكون Roger Bacon ( في أواخر القرن الثالث عشر ) ، أو يرجع إلى ألبرتي Alberti 1
أو إلى ليوناردو دافنشي Leonardo da Vinci
أو إلى جيوفاني باتستا بورتا Giovanni Battista Della Porta
والحقيقة التى لاشك فيها هى أن فكرة آلة التصوير - بوصفها السابق - والظاهرة التي أشرنا إليها بعاليه قد جاء وصفها مكتوباً منذ تسعة قرون فيما كتبه العالم العربي ( أبو الحسن بن الهيثم » فى عام ١٠٣٨ الميلادي
(أي قبيل روجر بيكون بقرنين و نصف قرن ) . وإذ لم يظهر فيما كتبه هذا العالم العربى أن هذه الظاهرة كانت كشفاً جديداً . فضله إليه شخصياً، لذلك فانه من المعتقد أن فكرة آلة التصوير - بوصفها السابق - كانت أمراً معروفاً لدى العرب قبيل هذا التاريخ أيضاً (۱) . ولعلنا لا نلتمس العذر لمن نسبوا هذا الكشف إلى غير ابن الهيثم إذا علمنا أن مخطوطاته المحفوظة في لندن(۲) قد عرف ما فيها في عام ١٩١٠.
وقد جاء في هذه المخطوطات شرحاً وافياً لأثر ضيق الفتحة التي ينفذ منها الضوء في زيادة حدة الصورة Sharpness of Image
وفي عام ١٥٥٠ طور جاردانو Garlano الفكرة السابقة ووضع عدسة محدبة الوجهين - في مكان الثقب .
وفى عام ١٥٥٨ أوصى جيوفانی با تستا بورتا Giovanni Battista Porta بالاستفادة من الظاهرة السابقة لمعاونة الرسامين في رسم لوحاتهم . ولكى الاستفادة منها لرسم المناظر الطبيعية اقترح إعداد خيام متنقلة تقوم على أعمدة تنتقل إلى الأماكن المطلوب رسمها . وفى هذا التاريخ وضع «بورتا » أول وصف كامل لما عرف آنئذ باسم ال Camera Obscura ( عقب ما كتبه أبو الحسن ابن الهيثم ) ومن هنا نشأ الاعتقاد الخاطى، أو المحرف عن نسبة کشف فكرة آلة التصوير إليه .
وفى عام ١٥٦٨ وضع دانييل باربارو Daniel Barbaro دیافراجم ملحقاً بالعدسة للتحكم في كمية الضوء المار خلالها ولزيادة حدة الصورة .
وفي عام ١٥٧٣ اقترح دانتي Danti أن يستفاد بالمرايا العاكسة لعكس وضع الصورة المرئية فتصير صورة معدولة ، فما هو أعلى في الطبيعة يظل في أعلى الصورة ، وما كان في اليمين يظل في اليمين أيضاً .
وفى عام ١٦١٤ اكتشف Angelo Sala أن نترات الفضة تصير قابلة للاسوداد لو أنها عرضت للضوء .
وفى عام ١٦٧٦ صمم جوهان شتروم Johann Strum . - وهو من علماء الرياضة - أول آلة تصوير عاكسة سهلة الحمل بأن وضع مرآة ( بزاوية ٠٤ ) خلف العدسة .
وقبيل التاريخ السابق لم تكن ال Camera Obscura إلا حجرة داخل منزل أو خيمة متنقلة . وقد استخدم المشعوذون وفاتحى البخت أسس هذه الظاهرة لتضليل زبائنهم بأن جعلوا صور الأجسام المتحركة (خارج حجرة مظلمة والتي تنفذ الأشعة المنعكسة منها خلال ثقب بالحجرة ) متجمعة على مستوى يوضع فيه زجاجة أو كوبة ماء داخل الحجرة، ولجهل الزبائن بأسس هذه الظاهرة ، لذلك فإنهم كانوا يظنون أن حركة هذه الأجسام الآدميين والحيوانات منبعثة من داخل الكوبة أو الزجاجة .
وفي عام ١٦٨٥ أدخل جوهان تسان Johann Zahn تعديلات جوهرية بقيت إلى اليوم ومن بينها : تصغير حجم آلة التصوير ، واستخدام مجموعة من العدسات مثبتة في اسطوانة نحاسية لتحل محل عدسات النظارات ( التي استخدمت من قبل ) ، واستخدام زجاج مصنفر Ground Glass لاستقبال الصورالمرئية بدلاً من استخدام الورق المطلي بالزيت ، وظلت هذه التحسينات باقية حتى القرن التاسع عشر حيث بدأ التطور الحقيقى السريع في التصوير الضوئي .
ومن الواضح أنه فى خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر ، لم يجد الباحثون والمصورون وسيلة لتثبيت Fixing الصور كي يكون لها القدرة على البقاء .
وفى عام ۱۸۲٦ صمم نيسيفور
( Nicephore Niépre » أجزاؤها المعدنية من الزنك ولها منفاخ مربع يشبه منفاخ آلة الاكورديون الموسيقية، ووضع فيها الديا فراجم الدقى Iris Diaphragm. ولو أنه لم يعثر على العدسات التي استخدمها ، إلا أنه قد عرف بعدئذ - عن طريق خطاباته - أن حدة الصور قد زادت كثيراً في عام ۱۸۲۸ نتيجة لتحسينات في النظام. البصري الذي استخدمه. ويعتبر Niépce صاحب الفضل الأول في التصوير الضوئي الحديث إذ هو أول من تمكن من تثبيت الصور الضوئية المسجلة على خامات حساسة للضوء بمعاملات كيميائية جعلتها قابلة للبقاء دون تلف .
وفى عام ١٨٣٩ صنع داجير Daguerre آلة تصوير من جزئين من الخشب ويحمل الجزء الأمامى عدسة ، ويحمل الخافى زجاج مصنفر. وجعل الجزء الخلفى قابلا للانزلاق داخل الجزء الأمامى بشكل محكم كى يمكن التحكم في ضبط المسابة . وقد تعاون مع داجير أحد أقارب زوجته يدعى ألفونس جيرو Alphonse Giroux واحتكرا صناعة هذه الآلات لمدة قصيرة . وكانت الآلات تحمل توقيع داجير وضماناً من قريبه ! ! (۱) وكان ارتفاع الآلة ١٢٥ بوصة ، وعرضها ٥ ١٤ بوصة ، وطولها ۱۰٫٥ بوصة . ويعزى إلى داجير الفضل الأول في وضع خطوات عملية في التصوير الضوئي(٢) .
كما يعزى الفضل إلى Fox Talbot لكونه أول من وضع أسس الطريقة السالبة - الموجبة Negative. Positive Process التي نسير على نهجها إلى اليوم . . وهى الطريقة التى تعنى وجوب البدء بعمل صور سالبة أولا ثم طبعها أو نقلها أو تكبيرها على خامات حساسة أخرى للحصول على صور موجبة .
وفى عام ۱۸۸۹ أنتج جورج ايستمان (۱) George Eastman مؤسس مصانع كوداك لأول مرة الأفلام الملفوفة الشفافة Transparent Roll Films من نترات السليلوز Cellulose nitrate ، وكانت الطبقة الحساسة تطلى على هذه الدعامة وهى مسطحة على ألواح من الزجاج أطوالها ۲۰۰ قدم . ونظراً لأن الدعامة المصنوعة من هذه المادة ( نترات السليلوز ) كانت قابلة للالتهاب بسهولة ، لذلك كان من الواجب مراعاة احتياطات أمن كثيرة سواء في مراحل إنتاجها أو استخدامها غير أن مصانع إيستمان كوداك في روشيستر بالولايات المتحدة قد نجحت بعدئذ في عام ۱۹۰۸ فى إنتاج دعامة جديدة للأفلام غير قابلة للالتهاب باستخدام مادة أسيتات السليلوز Acetate Cellulose ويعتبر إنتاج الأفلام الشفافة الملفوفة من أهم التطورات التي ساعدت على تقدم التصوير السينمائى ذلك لأنه عقب اكتشاف هذا النوع من الأفلام استخدمه المخترع العالمي توماس إديسون فى أول آلة تصوير سينمائي حديثة أنتجت في العالم . وكان نجاح الآلة والفيلم الحديثان نقطة تحول كبير في هذا المجال .
وقد كان من شأن اختراع الأفلام السابقة أن تيسر تصغير حجم التصوير، واخترعت لأول مرة في عام ۱۸۹۰ أول آلة تصوير منفاخ صغيرة وفى عام ١٨٩١ أنتجت مصانع كوداك أول آلة تصوير يمكن أن يعبأ بها الفيلم في ضوء النهار Daylight Kodak Folding Camera loading Camera .
ولعله يبدو فيما تقدم أنه من العسير أن يفصل بين التطور والتحسينات التي جاءت على مر الأيام فى المجال البصرى، أو الميكانيكي في صناعة الآلات، أو التطور في مجال صناعة الخامات الحساسة التى تسجل عليها الصور ، وكذلك لا شك أنه من العسير أن ينسب فضلا إلى شخص واحد فقط قام التصوير الضوئى على اكتافه ، سواء فى تاريخه الأول أو المعاصر ، وسواء في مجال الاكتشافات البصرية Optical لتحسين العدسات و لقط الصورة ، أو الميكانيكية لتحسين تصميمات آلات التصوير وقدرتها على الأداء ، أو الكيميائية لاختيار أنسب الخامات التي تسجل عليها الصورة ثم تثبيتها ليكون لها القدرة على البقاء دون تلف ولو إلى حين ، بل يرجع الفضل إلى آلاف عديدة من الباحثين العلماء في مختلف فروع المعرفة ، فهؤلاء جميعهم قد وضعوا أسس هذا البناء ثم أقاموه حتى صار شامخاً يخدم المجتمع فى أغلب نواحيه . وليست هذه الأسماء التي ذكرناها في هذه المقدمة إلا للقليل البارزين من هؤلاء الباحثون .
تعليق