بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
( التصوير الضوئى ) هو غاية حققها الإنسان لينقل الأفكار ، وليسجل الحقائق المرئية وغير المرئية كى يمكن لعالم الغد أن يعلم عن عالم اليوم ويتعلم منه .
وقد أصبح التصوير الضوئى من أهم الملامح المميزة لوجه العصر ، فلقد شارك علماؤه في المد الحضاري الضارب بجذوره في جميع الميادين ، وأتيح لهم - بفضل الأصول العلمية التي أرساها رواد العلم الأوائل والمناهج السديدة التي وضعها فلاسفته - أن ينهضوا بمسئولياتهم كاملة في خدمة المجتمع الإنساني حتى بلغ أسمى مراتب التقدم فى مضار الكشوف العلمية على اختلاف مجالاتها ، ومن ثم ، ارتبط التصوير علماً وعملاً - بكافة الخدمات التي يفيد منها الإنسان في العالم اليوم ، تلك الخدمات المتشعبة الوثيقة الصلة بحاضر البشرية ومستقبلها .
وبين طرفي النقيض : التصوير الميكروسكوبي الذي حقق المعجزات بتسجيله صوراً مكبرة لأصغر الكائنات ، والتصوير الفلكي بتسجيله لصور صغيرة لأبعد وأكبر الأجرام السماوية ، نجد أن علم التصوير الضوئي يقف عاملاً شامخاً بناء فى تطوير المجتمع والإنسان نحو حياة أفضل ويفتح أبعاداً جديدة تفوق ما يتصوره الخيال ( أشكال ا ، ب ، ج ، د ) .
ففي أبحاث الفضاء امتدت معرفة الإنسان نحو الكون اللانهائي بفضل الدور الحيوى الذي قام به التصوير الضوئى والذى نلمسه اليوم، فهو الطليعة التي سبقت الإنسان نحو غزو الفضاء الخارجى ، فسجل شكل سطح القمر ليعلم. الإنسان خصائصه قبيل أن يهبط عليه بإذن الله ، كما سجلت آلات التصوير أيضاً شكل جانبه المظلم .
وفى مجال الفلك تعمل كل من الكاميرا والتليسكوب معاً على تسجيل صور أجرام سماوية تبعد عن الأرض بمسافة خمسمائة مليون سنة ضوئية ، فالأشعة التي تنعكس من هذه الأجرام ونسجلها اليوم بالتصوير الضوئى تكون قد غادرت مصدرها كانت أرضنا التي نعيش عليها لم تزل في الحالة الغازية .
وفى الأبحاث الطبية ، وبواسطة التصوير السينمائى على فترات متقطعة Time Lapse Motion Picture ) قد تكون دقائق أو ساعات ) وبالاستعانة بالميكروسكوب ، يمكن أن نشاهد مثلاً على الشاشة عرضاً سريعاً لكيفية تطور وانقسام الأورام السرطانية الخبيثة Cancer Cells .
وبواسطة رسام القلب الكهربى ، وبمعاونة التصوير الضوئى ، يمكن أن نحصل على تسجيل فوتوغرافى للكيفية التي يعمل بها القلب لتشخيص المرض ثم العلاج .
ولم يعد التصوير الراديو جرافى بأشعة X مجرد وسيلة للكشف عن مكان كسور العظام بالإنسان كما كان قديماً ، بل صار أيضاً عاملاً للكشف عن مرض السل المبكر ، ولتشخيص أمراض القلب والكثير من الأمراض الباطنية ، كما تيسر بواسطته أن تفحص مومياء أحد الفراعنة قد توفى صاحبها منذ ثلاثة آلاف سنة ) وهى داخل لفائفها ويقرر الأطباء أن صاحبها كان يعاني من مرض البيوريا Pyorreha !
وفي مجال العلم صارت آلة التصوير عينا جديدة يستخدمها الباحث في كشف أسرار الطبيعة ، فبواسطتها يقيس الضوء والحرارة على سطح الشمس، ويقدر كمية الأوزون Ozone في الغلاف الجوى المحيط بالأرض ، ويقرر سرعة الرياح ومكان وساعة وقوع الهزات الأرضية البعيدة ...
وكذلك تمكن العلماء من تصوير أفلام سينمائية تصل فيها سرعة تسجيل الصورة إلى جزء واحد من ألف مليون من الثانية ( ١ على مليار من الثانية ) لدراسة الحركات السريعة للغاية . وبواسطة التصوير يمكن معرفة مدى تجمع الذرات Grouping of atoms في كل من الصلب والحرير ، وأن يكتشف سر مرونة المطاط . وبواسطة التصوير الرديوجرافي في مجال الصناعة يكشف عن أجزاء الطائرات للتحقق من سلامتها قبيل طيرانها .
ولن يتسع . حجم هذا الكتاب لمجرد تعديد ما يؤديه التصوير الضوئي من خدمات للإنسان ، بل لا يعدو ما ذكرناه أن يكون أمثلة طفيفة لما يؤديه في المجالات المختلفة كخدمة أمن الدولة الخارجي والداخلى وفى الأغراض الترفيهية ، والتعليمية ، والتسجيلية، وفي أغراض تطوير الصناعة، والإعلان عن المنتجات ، وفى مجال الصحافة، وفى تحقيق شخصية الأفراد، وفى إقرار العدالة وتحقيقها ، وفى مجال تنظيم العمل ، ورفع الكفاية الإنتاجية للفرد ... الخ .
والآن نتساءل : أين نقف اليوم نحن أبناء العالم العربي من هذا التطور في هذا العلم ؟ وما الدور الذى قمنا به المسايرة ركب هذا التطور ؟ . أم أننا قد قصرنا في ذلك ؟
سوف أكتفى – ردا على التساؤل السابق بالقول أن المكتبات ( غير العربية ) تضم عشرات الألاف من مراجع هذا العلم فضلا عن أضعاف هذا العدد من البحوث والنشرات والمجلات الدورية التي تتناسب مع جميع المستويات بادئة بما يلزم للنش. اليانع لبث هواية التصوير فيهم ، ومنتهية إلى آخر ما يتطلبه فطاحل علماء العالم .
أما عن المكتبة العربية فقد خلت من أي مرجع يعتد به في هذا العلم ، ولقد أحسست بقصورها المخل، فبدأت بعون الله وفضله منذ عام ١٩٥٨ أعمل لسد ثغرة في هذا الفراغ ، فوفقني الله فى وضع كتابي الاول « أسس التصوير الضوئى ثم الطبعة الأولى من كتابى هذا «آلة التصوير» في عام ١٩٦١، تم كتابي الثالث التحميض والطبع والتكبير ، في عام ١٩٦٢ ، ثم الرابع التصوير بالأشعة غير المنظورة فى عام ١٩٦٤، ثم الخامس « التصوير الملون ) في عام ١٩٦٥ .
وبرغم أن الطبعة الأولى من الكتابين الأولين قد نفدت منذ . سنوات ، إلا أني لم أر إعادة طبعها آنئذ حتى يتاح لى الوقت اللازم لمراجعتها مراجعة شاملة كي تكون الطبعة الجديدة لكل منها مسايرة لركب التطور فى هذا ا هذا العلم.
وها أنذا اليوم أقدم للقارىء العربي هذه الطبعة الثانية المنقحة من هذا الكتاب، واقدر أيت أن أبدأها بمقدمة تاريخية للتصوير الضوئى أسجل فيها أن هذا العلم . وإن كان قد نسب فضل كشفه خطأ إلى علماء من الدول الغربية ، إلا أن الحقيقة الثابتة التى لا جدال فيها هى أن الفضل الأول في كشفه كان لعلماء العرب ، وأن أول من كتب عن فكرة آلة التصوير كان عالم الطبيعة العربي أبو الحسن ابن الهيثم » . وليس هذا التقرير مجرد نزعة قومية دفعتني لأغير في التاريخ وأنسب فضلا إلى أحد أجدادنا دون غيره ، بل هذه حقيقة لاجدال فيها قد قررها من قبلى المنصفون من الباحثين الغربيين وأيدتها مخطوطات أبي الحسن ابن الهيثم المحفوظة في إنجلترا و لعل التاريخ يدور دورته ونرى في القريب - بفضل عزيمتنا وإرادتنا أن علماء العرب المعاصرين قد قاموا بدورهم المطالبين به في خدمة المجتمع كما فعل أجدادنا .
و بعد تلك المقدمة التاريخية يجىء سردا سريعا لأنواع الآت التصوير الدارجة وأجزائها الرئيسية ولوازمها الإضافية كي يلم القارى، في بادى. الأمر إلماما سريعاً بالموضوعات التى سوف يأتى شرحها تفصيلا في الأبواب التالية في الكتاب . وقد رأيت أن يكون الشرح بلغه علمية بسيطة سهلة ومدعما بصور وأشكال بيانية عددها ٢٢٥ شكلا كي يحقق الكتاب الغرض منه في التدرج مع المبتدىء . سواء من الهواة أو المحترفين من أول ما يتطلب أن يعرفه عن آلة التصوير حتى يصير قادراً على الإلمام بخصائصها والاستفادة منها إلى أبعد حد ممكن مها كانت بساطتها .
وتبحث الأبواب التالية فى عدسة آلة التصوير ، وخصائصها ، وعيوبها، و اختبارها ، وزاوية رؤيتها ، وفى العلاقة بين بعد الجسم عن الصورة عنها لما لهذا الموضوع من أهمية فى ضبط المسافة ، وفي عمق الميدان في الصورة ، وفى مقياس النقال ، وفى التصوير الماكرو فوتوجرا في ، والتصوير عن قرب ، وما يلزم لها من عدسات إضافية ، ثم دراسة مقارنه بين العين وآلة التصوير، وفى منظور الصورة ومدى اتفاقه مع المنظور فى الطبيعة ، وفي وسائل التحكم فى منظور الصورة بحيث يكون مؤديا للأغراض المطلوبة عن طريق استخدام آلات تصوير خاصة ذات ظهر متأرجح وقاعدة عدسة متحركة ، وفى دلالات العمق فى الصورة بحيث يشعر الرائى بالبعد الثالث فيها برغم أنها مسطح لا يتميز إلا يبعدين فقط Two Diemensional ثم دراسة مستوفاة لغالق آلة التصوير بأنواعه ومدى دقة أدائه للعمل ، وهو ما يعرف علميا باسم كفاءة الغالق ، ، ثم في وسائل حساب سرعة الأجسام المتحركة من دراسة الصورة نفسها وهو أمر له أهميته القصوى في التطور العلمي الحديث ، ثم دراسة لأسس تقدير التعريض الصحيح باستخدام مقاييس الضوء الكهربية Phots Electric Exposure Meter بنوعيها : ذاك الذي يقيس الضوء الساقط ، والآخر الذى يقيس الضوء المنعكس ، مع شرح تفصيلى مدعم بصور فوتوغرافية لأمثلة تلائم كل حالة ، وأخيراً نبحث في استخدام الضوء الخاطف Flash Light مع آلة التصوير .
وقد ووجهت كما ووجه كثيرون من قبلى بمشكلة قصور المصطلحات العربية عن آداء بعض المعانى فى الموضوعات العلمية ولاسما الحديث منها ، لذلك أخذت بعض الاصطلاحات التي سبق أن عربها مجمع اللغة العربية ، أما تلك التي لم يتعرض لها، فرأيت أن أضع بجوار ماعربته منها أصول الاصطلاحات باللغة الإنجليزية .
وأخيراً وليس آخراً، أقدم شكرى الجزيل للسيد عبد المتعال محمد إبراهيم المفتش بمصلحة المساحة لتفضله بكتابة البيانات على الأشكال بخطة الجميل .
كما نشكر القائمين بالعمل فى المطبعة الفنية الحديثة لما بذلوه من جهد مع اتقان في طبع الكتاب . والله ولي التوفيق
أول نوفمبر ١٩٦٦ ،. عبد الفتاح رياض
مقدمة
( التصوير الضوئى ) هو غاية حققها الإنسان لينقل الأفكار ، وليسجل الحقائق المرئية وغير المرئية كى يمكن لعالم الغد أن يعلم عن عالم اليوم ويتعلم منه .
وقد أصبح التصوير الضوئى من أهم الملامح المميزة لوجه العصر ، فلقد شارك علماؤه في المد الحضاري الضارب بجذوره في جميع الميادين ، وأتيح لهم - بفضل الأصول العلمية التي أرساها رواد العلم الأوائل والمناهج السديدة التي وضعها فلاسفته - أن ينهضوا بمسئولياتهم كاملة في خدمة المجتمع الإنساني حتى بلغ أسمى مراتب التقدم فى مضار الكشوف العلمية على اختلاف مجالاتها ، ومن ثم ، ارتبط التصوير علماً وعملاً - بكافة الخدمات التي يفيد منها الإنسان في العالم اليوم ، تلك الخدمات المتشعبة الوثيقة الصلة بحاضر البشرية ومستقبلها .
وبين طرفي النقيض : التصوير الميكروسكوبي الذي حقق المعجزات بتسجيله صوراً مكبرة لأصغر الكائنات ، والتصوير الفلكي بتسجيله لصور صغيرة لأبعد وأكبر الأجرام السماوية ، نجد أن علم التصوير الضوئي يقف عاملاً شامخاً بناء فى تطوير المجتمع والإنسان نحو حياة أفضل ويفتح أبعاداً جديدة تفوق ما يتصوره الخيال ( أشكال ا ، ب ، ج ، د ) .
ففي أبحاث الفضاء امتدت معرفة الإنسان نحو الكون اللانهائي بفضل الدور الحيوى الذي قام به التصوير الضوئى والذى نلمسه اليوم، فهو الطليعة التي سبقت الإنسان نحو غزو الفضاء الخارجى ، فسجل شكل سطح القمر ليعلم. الإنسان خصائصه قبيل أن يهبط عليه بإذن الله ، كما سجلت آلات التصوير أيضاً شكل جانبه المظلم .
وفى مجال الفلك تعمل كل من الكاميرا والتليسكوب معاً على تسجيل صور أجرام سماوية تبعد عن الأرض بمسافة خمسمائة مليون سنة ضوئية ، فالأشعة التي تنعكس من هذه الأجرام ونسجلها اليوم بالتصوير الضوئى تكون قد غادرت مصدرها كانت أرضنا التي نعيش عليها لم تزل في الحالة الغازية .
وفى الأبحاث الطبية ، وبواسطة التصوير السينمائى على فترات متقطعة Time Lapse Motion Picture ) قد تكون دقائق أو ساعات ) وبالاستعانة بالميكروسكوب ، يمكن أن نشاهد مثلاً على الشاشة عرضاً سريعاً لكيفية تطور وانقسام الأورام السرطانية الخبيثة Cancer Cells .
وبواسطة رسام القلب الكهربى ، وبمعاونة التصوير الضوئى ، يمكن أن نحصل على تسجيل فوتوغرافى للكيفية التي يعمل بها القلب لتشخيص المرض ثم العلاج .
ولم يعد التصوير الراديو جرافى بأشعة X مجرد وسيلة للكشف عن مكان كسور العظام بالإنسان كما كان قديماً ، بل صار أيضاً عاملاً للكشف عن مرض السل المبكر ، ولتشخيص أمراض القلب والكثير من الأمراض الباطنية ، كما تيسر بواسطته أن تفحص مومياء أحد الفراعنة قد توفى صاحبها منذ ثلاثة آلاف سنة ) وهى داخل لفائفها ويقرر الأطباء أن صاحبها كان يعاني من مرض البيوريا Pyorreha !
وفي مجال العلم صارت آلة التصوير عينا جديدة يستخدمها الباحث في كشف أسرار الطبيعة ، فبواسطتها يقيس الضوء والحرارة على سطح الشمس، ويقدر كمية الأوزون Ozone في الغلاف الجوى المحيط بالأرض ، ويقرر سرعة الرياح ومكان وساعة وقوع الهزات الأرضية البعيدة ...
وكذلك تمكن العلماء من تصوير أفلام سينمائية تصل فيها سرعة تسجيل الصورة إلى جزء واحد من ألف مليون من الثانية ( ١ على مليار من الثانية ) لدراسة الحركات السريعة للغاية . وبواسطة التصوير يمكن معرفة مدى تجمع الذرات Grouping of atoms في كل من الصلب والحرير ، وأن يكتشف سر مرونة المطاط . وبواسطة التصوير الرديوجرافي في مجال الصناعة يكشف عن أجزاء الطائرات للتحقق من سلامتها قبيل طيرانها .
ولن يتسع . حجم هذا الكتاب لمجرد تعديد ما يؤديه التصوير الضوئي من خدمات للإنسان ، بل لا يعدو ما ذكرناه أن يكون أمثلة طفيفة لما يؤديه في المجالات المختلفة كخدمة أمن الدولة الخارجي والداخلى وفى الأغراض الترفيهية ، والتعليمية ، والتسجيلية، وفي أغراض تطوير الصناعة، والإعلان عن المنتجات ، وفى مجال الصحافة، وفى تحقيق شخصية الأفراد، وفى إقرار العدالة وتحقيقها ، وفى مجال تنظيم العمل ، ورفع الكفاية الإنتاجية للفرد ... الخ .
والآن نتساءل : أين نقف اليوم نحن أبناء العالم العربي من هذا التطور في هذا العلم ؟ وما الدور الذى قمنا به المسايرة ركب هذا التطور ؟ . أم أننا قد قصرنا في ذلك ؟
سوف أكتفى – ردا على التساؤل السابق بالقول أن المكتبات ( غير العربية ) تضم عشرات الألاف من مراجع هذا العلم فضلا عن أضعاف هذا العدد من البحوث والنشرات والمجلات الدورية التي تتناسب مع جميع المستويات بادئة بما يلزم للنش. اليانع لبث هواية التصوير فيهم ، ومنتهية إلى آخر ما يتطلبه فطاحل علماء العالم .
أما عن المكتبة العربية فقد خلت من أي مرجع يعتد به في هذا العلم ، ولقد أحسست بقصورها المخل، فبدأت بعون الله وفضله منذ عام ١٩٥٨ أعمل لسد ثغرة في هذا الفراغ ، فوفقني الله فى وضع كتابي الاول « أسس التصوير الضوئى ثم الطبعة الأولى من كتابى هذا «آلة التصوير» في عام ١٩٦١، تم كتابي الثالث التحميض والطبع والتكبير ، في عام ١٩٦٢ ، ثم الرابع التصوير بالأشعة غير المنظورة فى عام ١٩٦٤، ثم الخامس « التصوير الملون ) في عام ١٩٦٥ .
وبرغم أن الطبعة الأولى من الكتابين الأولين قد نفدت منذ . سنوات ، إلا أني لم أر إعادة طبعها آنئذ حتى يتاح لى الوقت اللازم لمراجعتها مراجعة شاملة كي تكون الطبعة الجديدة لكل منها مسايرة لركب التطور فى هذا ا هذا العلم.
وها أنذا اليوم أقدم للقارىء العربي هذه الطبعة الثانية المنقحة من هذا الكتاب، واقدر أيت أن أبدأها بمقدمة تاريخية للتصوير الضوئى أسجل فيها أن هذا العلم . وإن كان قد نسب فضل كشفه خطأ إلى علماء من الدول الغربية ، إلا أن الحقيقة الثابتة التى لا جدال فيها هى أن الفضل الأول في كشفه كان لعلماء العرب ، وأن أول من كتب عن فكرة آلة التصوير كان عالم الطبيعة العربي أبو الحسن ابن الهيثم » . وليس هذا التقرير مجرد نزعة قومية دفعتني لأغير في التاريخ وأنسب فضلا إلى أحد أجدادنا دون غيره ، بل هذه حقيقة لاجدال فيها قد قررها من قبلى المنصفون من الباحثين الغربيين وأيدتها مخطوطات أبي الحسن ابن الهيثم المحفوظة في إنجلترا و لعل التاريخ يدور دورته ونرى في القريب - بفضل عزيمتنا وإرادتنا أن علماء العرب المعاصرين قد قاموا بدورهم المطالبين به في خدمة المجتمع كما فعل أجدادنا .
و بعد تلك المقدمة التاريخية يجىء سردا سريعا لأنواع الآت التصوير الدارجة وأجزائها الرئيسية ولوازمها الإضافية كي يلم القارى، في بادى. الأمر إلماما سريعاً بالموضوعات التى سوف يأتى شرحها تفصيلا في الأبواب التالية في الكتاب . وقد رأيت أن يكون الشرح بلغه علمية بسيطة سهلة ومدعما بصور وأشكال بيانية عددها ٢٢٥ شكلا كي يحقق الكتاب الغرض منه في التدرج مع المبتدىء . سواء من الهواة أو المحترفين من أول ما يتطلب أن يعرفه عن آلة التصوير حتى يصير قادراً على الإلمام بخصائصها والاستفادة منها إلى أبعد حد ممكن مها كانت بساطتها .
وتبحث الأبواب التالية فى عدسة آلة التصوير ، وخصائصها ، وعيوبها، و اختبارها ، وزاوية رؤيتها ، وفى العلاقة بين بعد الجسم عن الصورة عنها لما لهذا الموضوع من أهمية فى ضبط المسافة ، وفي عمق الميدان في الصورة ، وفى مقياس النقال ، وفى التصوير الماكرو فوتوجرا في ، والتصوير عن قرب ، وما يلزم لها من عدسات إضافية ، ثم دراسة مقارنه بين العين وآلة التصوير، وفى منظور الصورة ومدى اتفاقه مع المنظور فى الطبيعة ، وفي وسائل التحكم فى منظور الصورة بحيث يكون مؤديا للأغراض المطلوبة عن طريق استخدام آلات تصوير خاصة ذات ظهر متأرجح وقاعدة عدسة متحركة ، وفى دلالات العمق فى الصورة بحيث يشعر الرائى بالبعد الثالث فيها برغم أنها مسطح لا يتميز إلا يبعدين فقط Two Diemensional ثم دراسة مستوفاة لغالق آلة التصوير بأنواعه ومدى دقة أدائه للعمل ، وهو ما يعرف علميا باسم كفاءة الغالق ، ، ثم في وسائل حساب سرعة الأجسام المتحركة من دراسة الصورة نفسها وهو أمر له أهميته القصوى في التطور العلمي الحديث ، ثم دراسة لأسس تقدير التعريض الصحيح باستخدام مقاييس الضوء الكهربية Phots Electric Exposure Meter بنوعيها : ذاك الذي يقيس الضوء الساقط ، والآخر الذى يقيس الضوء المنعكس ، مع شرح تفصيلى مدعم بصور فوتوغرافية لأمثلة تلائم كل حالة ، وأخيراً نبحث في استخدام الضوء الخاطف Flash Light مع آلة التصوير .
وقد ووجهت كما ووجه كثيرون من قبلى بمشكلة قصور المصطلحات العربية عن آداء بعض المعانى فى الموضوعات العلمية ولاسما الحديث منها ، لذلك أخذت بعض الاصطلاحات التي سبق أن عربها مجمع اللغة العربية ، أما تلك التي لم يتعرض لها، فرأيت أن أضع بجوار ماعربته منها أصول الاصطلاحات باللغة الإنجليزية .
وأخيراً وليس آخراً، أقدم شكرى الجزيل للسيد عبد المتعال محمد إبراهيم المفتش بمصلحة المساحة لتفضله بكتابة البيانات على الأشكال بخطة الجميل .
كما نشكر القائمين بالعمل فى المطبعة الفنية الحديثة لما بذلوه من جهد مع اتقان في طبع الكتاب . والله ولي التوفيق
أول نوفمبر ١٩٦٦ ،. عبد الفتاح رياض
تعليق