مركزيه اداريه
Administrative centralization - Centralisation administrative
المركزية الإدارية
تعريفها
يقصد بالمركزية الإدارية La centralisation administrative وحدة السلطة التي تباشر الوظيفة الإدارية في الدولة، أي حصر مظاهر النشاط الإداري بصوره المتعددة وأنماطه المختلفة في يد سلطة إدارية واحدة، غالباً ما يطلق عليها تسمية الحكومة المركزية، تباشرها بذاتها من عاصمة البلاد أو مشاركة مع ممثليها في الأقاليم.
وقد ساد نظام المركزية الإدارية في المجتمعات القديمة، حيث كانت حاجات الجماعة محدودة، كما كانت وظيفة الدولة قاصرة على حفظ الأمن والنظام وفقاً لفكرة الدولة الحارسة، وبالتالي فقد كان سهلاًَ في ظل هذه الظروف أن تتركز سلطة التقرير والبت النهائي فيما يتعلق بشؤون الجماعة في يد رئيس الدولة (الملك) أو ممثليه أو نوابه التابعين له، الذين يتصرفون باسمه، وبعد الرجوع إليه.
وإذا كانت المتغيرات السياسية والاقتصادية التي طرأت على المجتمعات المختلفة قد جعلت من الصعب الاقتصار على الأسلوب المركزي في التنظيم الإداري للدولة الحديثة، إلا أن معظم الدول مازالت تحتفظ ببعض التطبيقات المهمة لهذا النظام.
أركان المركزية الإدارية
للمركزية الإدارية ركنان أساسيان يتعين توافرهما لكي يتحقق هذا الأسلوب من أساليب التنظيم الإداري:
1ـ حصر الوظيفة الإدارية في يد الحكومة المركزية: ويتحقق هذا الركن عندما تنفرد الأجهزة الإدارية بسلطة البت النهائي في جميع الشؤون التي تتضمنها الوظيفة الإدارية، وحصر الوظيفة الإدارية قد يكون كاملاً مطلقاً، وعندئذ نكون أمام ما يسمى بالمركزية المطلقة، أو أن يكون مرناً نسبياً، حيث تمنح بعض الاختصاصات الإدارية لهيئات إدارية إقليمية تكون لها سلطة البت النهائي في هذه الاختصاصات المحدودة من دون الرجوع إلى الوزراء أو الأجهزة المركزية، ويسمى هذا الشكل من المركزية بعدم التركيز الإداري.
والأداة القانونية لتحقيق عدم التركيز الإداري تتمثّل في أسلوب التفويض في الاختصاص، وذلك عندما يعهد الرئيس الإداري ببعض اختصاصاته إلى مرؤوسيه التابعين له، لمباشرتها تحت إشرافه ورقابته، مما يخفف العبء عنه، ويضمن كفاءة وفعالية العمل الإداري، ويحقق السرعة والمرونة في مباشرة نشاط السلطة الإدارية.
2ـ التدرج الإداري: وذلك يعني أن المصالح والإدارات العامة كافة في السلطة الإدارية يجمعها بناء واحد أو جهاز واحد هو الجهاز الإداري، هذا الجهاز يتم ترتيبه وتصنيفه في صورة سلم متدرج أو هرم على قمته رئيس السلطة الإدارية في الدولة، يليه بعض الدرجات الإدارية العليا إلى أن تصل إلى أقل الدرجات الإدارية، وذلك في تتابع متدرج للمستويات بعضها فوق بعض، يقيد الأعلى منها الأدنى ويعلوه مرتبة. ويؤدي هذا التدرج الهرمي إلى ربط وحدات الجهاز الإداري بعضها ببعض حتى يبدو ذلك الجهاز سلسلة متماسكة الحلقات. وفي الحقيقة فالتدرج الإداري يتبلور في أمرين لا يتصور انفصالهما عن بعضهما بعضاً:
1ـ واجب الطاعة لأوامر الرؤساء: ومؤدى ذلك أن يلتزم كل مرؤوس في الجهاز الإداري تنفيذ الأوامر الصادرة إليه من رؤسائه حتى تتحقق وحدة الجهاز الإداري وترابط تصرفاته، وتسوده روح واحدة. إلا أن هذا الالتزام له حدود تتمثل في إعمال حكم القانون، فإذا كان أمر الرئيس الإداري مخالفاً للقانون وجب على المرؤوس تنبيهه خطياً إلى ذلك، فإذا أصر خطياً، وجب على المرؤوس التنفيذ، وعلى مسؤولية رئيسه الإداري.
2ـ السلطة الرئاسية: فالرئيس الإداري مسؤول عن أعمال وتصرفات مرؤوسيه، وهذه المسؤولية تستلزم حتماً أن يكون لهذا الرئيس سلطة تجاه مرؤوسيه سواء من حيث حياتهم الوظيفية (تعيين - ترقية - نقل - تأديب…)، أو من حيث أعمالهم وتصرفاتهم، حيث يقوم بإلغاء هذه الأعمال أو سحبها أو تعديلها أو الحلول محل المرؤوسين في إصدارها، علماً أن هذه السلطة ليست حقاً شخصياً للرئيس الإداري، إنما هي نوع من الاختصاص الذي تقتضيه المصلحة العامة، وحسن سير الجهاز الإداري.
مميزات وعيوب النظام المركزي
من مميزات النظام المركزي أنه يساعد الدولة الحديثة عند بدء نشأتها على تثبيت سلطات الحكومة، وتدعيم وحدتها السياسية، وبث هيبتها في النفوس، علاوة على توحيد الأساليب الإدارية المتبعة في الدولة الواحدة، ومن ثم سهولة التنسيق بين الهيئات الإدارية المنتشرة في أرجاء البلاد، وضمان وصول الخدمات القومية كافة إلى جميع أفراد الشعب في أقاليمها المختلفة.
أما عيوب النظام المركزي، ولاسيما في صورته المطلقة، فتتمثل في بطء العمل، وطول الإجراءات، وإرهاق المتعاملين مع الإدارة نتيجة التعقيدات المكتبية والروتين الإداري، وفي إغراق الرئيس الإداري بعبء ضخم من العمل وما يستلزمه من توافر معلومات لاحصر لها، وبيانات لازمة لاتخاذ القرار النهائي، وفي صعوبة تكوين الكوادر والقيادات الإدارية، لأن تركيز السلطة بيد الرئيس الإداري الأعلى، مع عدم ثقته الكاملة فيمن يليه، سوف يحرم القيادات الأدنى منه فرصة التدريب واكتساب الخبرات اللازمة لشغل المناصب الأعلى.
مهند نوح
Administrative centralization - Centralisation administrative
المركزية الإدارية
تعريفها
يقصد بالمركزية الإدارية La centralisation administrative وحدة السلطة التي تباشر الوظيفة الإدارية في الدولة، أي حصر مظاهر النشاط الإداري بصوره المتعددة وأنماطه المختلفة في يد سلطة إدارية واحدة، غالباً ما يطلق عليها تسمية الحكومة المركزية، تباشرها بذاتها من عاصمة البلاد أو مشاركة مع ممثليها في الأقاليم.
وقد ساد نظام المركزية الإدارية في المجتمعات القديمة، حيث كانت حاجات الجماعة محدودة، كما كانت وظيفة الدولة قاصرة على حفظ الأمن والنظام وفقاً لفكرة الدولة الحارسة، وبالتالي فقد كان سهلاًَ في ظل هذه الظروف أن تتركز سلطة التقرير والبت النهائي فيما يتعلق بشؤون الجماعة في يد رئيس الدولة (الملك) أو ممثليه أو نوابه التابعين له، الذين يتصرفون باسمه، وبعد الرجوع إليه.
وإذا كانت المتغيرات السياسية والاقتصادية التي طرأت على المجتمعات المختلفة قد جعلت من الصعب الاقتصار على الأسلوب المركزي في التنظيم الإداري للدولة الحديثة، إلا أن معظم الدول مازالت تحتفظ ببعض التطبيقات المهمة لهذا النظام.
أركان المركزية الإدارية
للمركزية الإدارية ركنان أساسيان يتعين توافرهما لكي يتحقق هذا الأسلوب من أساليب التنظيم الإداري:
1ـ حصر الوظيفة الإدارية في يد الحكومة المركزية: ويتحقق هذا الركن عندما تنفرد الأجهزة الإدارية بسلطة البت النهائي في جميع الشؤون التي تتضمنها الوظيفة الإدارية، وحصر الوظيفة الإدارية قد يكون كاملاً مطلقاً، وعندئذ نكون أمام ما يسمى بالمركزية المطلقة، أو أن يكون مرناً نسبياً، حيث تمنح بعض الاختصاصات الإدارية لهيئات إدارية إقليمية تكون لها سلطة البت النهائي في هذه الاختصاصات المحدودة من دون الرجوع إلى الوزراء أو الأجهزة المركزية، ويسمى هذا الشكل من المركزية بعدم التركيز الإداري.
والأداة القانونية لتحقيق عدم التركيز الإداري تتمثّل في أسلوب التفويض في الاختصاص، وذلك عندما يعهد الرئيس الإداري ببعض اختصاصاته إلى مرؤوسيه التابعين له، لمباشرتها تحت إشرافه ورقابته، مما يخفف العبء عنه، ويضمن كفاءة وفعالية العمل الإداري، ويحقق السرعة والمرونة في مباشرة نشاط السلطة الإدارية.
2ـ التدرج الإداري: وذلك يعني أن المصالح والإدارات العامة كافة في السلطة الإدارية يجمعها بناء واحد أو جهاز واحد هو الجهاز الإداري، هذا الجهاز يتم ترتيبه وتصنيفه في صورة سلم متدرج أو هرم على قمته رئيس السلطة الإدارية في الدولة، يليه بعض الدرجات الإدارية العليا إلى أن تصل إلى أقل الدرجات الإدارية، وذلك في تتابع متدرج للمستويات بعضها فوق بعض، يقيد الأعلى منها الأدنى ويعلوه مرتبة. ويؤدي هذا التدرج الهرمي إلى ربط وحدات الجهاز الإداري بعضها ببعض حتى يبدو ذلك الجهاز سلسلة متماسكة الحلقات. وفي الحقيقة فالتدرج الإداري يتبلور في أمرين لا يتصور انفصالهما عن بعضهما بعضاً:
1ـ واجب الطاعة لأوامر الرؤساء: ومؤدى ذلك أن يلتزم كل مرؤوس في الجهاز الإداري تنفيذ الأوامر الصادرة إليه من رؤسائه حتى تتحقق وحدة الجهاز الإداري وترابط تصرفاته، وتسوده روح واحدة. إلا أن هذا الالتزام له حدود تتمثل في إعمال حكم القانون، فإذا كان أمر الرئيس الإداري مخالفاً للقانون وجب على المرؤوس تنبيهه خطياً إلى ذلك، فإذا أصر خطياً، وجب على المرؤوس التنفيذ، وعلى مسؤولية رئيسه الإداري.
2ـ السلطة الرئاسية: فالرئيس الإداري مسؤول عن أعمال وتصرفات مرؤوسيه، وهذه المسؤولية تستلزم حتماً أن يكون لهذا الرئيس سلطة تجاه مرؤوسيه سواء من حيث حياتهم الوظيفية (تعيين - ترقية - نقل - تأديب…)، أو من حيث أعمالهم وتصرفاتهم، حيث يقوم بإلغاء هذه الأعمال أو سحبها أو تعديلها أو الحلول محل المرؤوسين في إصدارها، علماً أن هذه السلطة ليست حقاً شخصياً للرئيس الإداري، إنما هي نوع من الاختصاص الذي تقتضيه المصلحة العامة، وحسن سير الجهاز الإداري.
مميزات وعيوب النظام المركزي
من مميزات النظام المركزي أنه يساعد الدولة الحديثة عند بدء نشأتها على تثبيت سلطات الحكومة، وتدعيم وحدتها السياسية، وبث هيبتها في النفوس، علاوة على توحيد الأساليب الإدارية المتبعة في الدولة الواحدة، ومن ثم سهولة التنسيق بين الهيئات الإدارية المنتشرة في أرجاء البلاد، وضمان وصول الخدمات القومية كافة إلى جميع أفراد الشعب في أقاليمها المختلفة.
أما عيوب النظام المركزي، ولاسيما في صورته المطلقة، فتتمثل في بطء العمل، وطول الإجراءات، وإرهاق المتعاملين مع الإدارة نتيجة التعقيدات المكتبية والروتين الإداري، وفي إغراق الرئيس الإداري بعبء ضخم من العمل وما يستلزمه من توافر معلومات لاحصر لها، وبيانات لازمة لاتخاذ القرار النهائي، وفي صعوبة تكوين الكوادر والقيادات الإدارية، لأن تركيز السلطة بيد الرئيس الإداري الأعلى، مع عدم ثقته الكاملة فيمن يليه، سوف يحرم القيادات الأدنى منه فرصة التدريب واكتساب الخبرات اللازمة لشغل المناصب الأعلى.
مهند نوح